شكل المجلس الأعلي للقوات المسلحة بصفة القائم ادارة شئون البلاد عقب ثورة 52 يناير 1102 لجنة مشكلة من بعض رجال القضاء الدستوري واساتذة القانون والشخصيات العامة بغرض اجراء وصياغة بعض النصوص الدستورية. وكانت اللجنة قد أوكل إليها المجلس اجراء التعديل في عدد من مواد الدستور لايتجاوز 5 أو 6 مواد إلا أن اللجنة ارتأت التعديل في 8 مواد من الدستور والغاء واحدة هي المادة 971 منه والتي تتعلق بمكافحة الارهاب. ولما واجهت اللجنة الكثير من الانتقادات لاقتصار التعديلات التي صاغتها علي بعض مواد الدستور دون البعض الاخر كان تبريرها لهذا المسلك انها مقيدة بامرين اولهما: ان عملها مقصورة علي ما طلبه منها المجلس الأعلي للقوات المسلحة باجراء التعديل علي خمس مواد وثانيهما اجراء أي تعديلات تراها اللجنة مرتبطة بتلك المواد وفي حدودها وبما يضمن نزاهة العملية الانتخابية. وقبل الخوض في ابراز بعض القصور فيما انتهت اليه اللجنة المكلفة باجراء تلك التعديلات علي الدستور نود ان ننوه الي ايجابيات ما ورد في التعديل الوارد علي المادة 57 والمتعلقة بشروط الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية والمادة 67 المتعلقة بشروط قبول الترشيح لرئاسة الجمهورية والتي تتيح الترشيح بقيود ميسرة بعد ان كانت قيودا تعجيزية وتشكيل اللجنة العليا للانتخابات تشكيلا مجردا من اقدم رجال الهيئات القضائية دون تدخل من أي جهة في تعيين رئيسها أو أحد أعضائها وكذلك المادة 77 المتعلقة بمدة الرئاسة بجعلها اربع سنوات ولايجوز اعادة انتخاب رئيس الجمهورية الا لمدة واحدة تالية الا ان تلك المادة لاتخلو من وجود ثغره سوف توردها فيما بعد. وهناك نصوص اخري كان تعديلها مطلبا شعبيا كنص المادة 931 من الدستور والتي اوجبت علي رئيس الجمهورية تعيين نائب له خلال ستين يوما علي الأكثر من مباشرته مهام منصبه إلا أنه يؤخذ علي هذا النص انه أو كل لرئيس الجمهورية تحديد اختصاصات نائبه وان كان من الافضل ان يتضمن النص الدستوري تحديد اختصاصات نائب رئيس الجمهورية حتي لا يتركه الرئيس بلا اختصاصات او يمنحه اختصاصات شكلية كمقابلة رؤساء الدول والوفود الرسمية وتولي مهام المراسم بديوان الرئاسة. كذلك مما قامت اللجنة بتعديل نص المادة 841 من الدستور الخاصة باعلان حالة الطواريء اذ اوجبت موافقة اغلبية اعضاء مجلس الشعب وليس اغلبية عدد الحاضرين وفي حالة تجاوزها ستة اشهر لايجوز مدها الا بعد الموافقة علي ذلك باستفتاء شعبي. ومن سلبيات إعلان حالة الطواريء ما نصت عليه المادة 6 من قانون الاحكام العسكرية رقم 52 لسنة 6691 المعدلة بالقرار رقم 5 لسنة 0791 من أن رئيس الجمهورية متي اعلنت حالة الطواريء أن يحيل الي القضاء العسكري ايا من الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات او اي قانون اخر. ولما كان قانون الاجراءات الجنائية وقانون العقوبات وكذلك التشريعات الجنائية الخاصة فيها ما يكفي للردع دون ضرورة اللجوء للقضاء العسكري وهو قضاء استثنائي ويؤدي إلي ازدواجية في القضاء وقد يساء استعمال هذا النص باحالة متهمين بذواتهم وقد تكون لاسباب سياسية الي القضاء العسكري فضلا عن مخالفة ذلك للمادة العاشرة من الاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر عن الجمعية العامة للامم المتحدة سنة 8491. وتري علاجا لهذه الامور تعديل نص المادة 381 من الدستور ليصبح كالاتي: ينظم القانون القضاء العسكري في حدود المباديء الواردة في الدستور وليس للمحاكم العسكرية أي اختصاص خارج الشئون العسكرية. ونري انه لايمكن التسليم بما ساقه اعضاء لجنة تعديل بعض مواد الدستور من ان التعديل جاء ببعض المواد التي ترتبط بالعملية الانتخابية وصولا الي انتخابات حرة ونزيهة وسندنا في ذلك: أولاً: ان هناك بعض مواد الدستور اقترحت علي اللجنة او كلفت بتعديها وهي منبته الصلة بالعملية الانتخابية وذلك علي النحو التالي:- 1 - ان نص المادة 77 من الدستور يتيح لرئيس الجمهورية فرصة الترشيح لمدة واحدة تالية وبالتالي - وفقا لحكم هذا النص - يمكن لرئيس الجمهورية الترشيح للمدة التالية وهو يمارس جميع سلطاته الدستورية بتعيين رئيس مجلس الوزراء والوزراء وغيرها من الامور وهو ما يؤثر حتما علي نزاهة الانتخابات الرئاسية ويخل بمبدأ تكافؤ الفرص ان يجعل من الصعب لمرشح اخر لا يمارس اي سلطة بالدولة منافسة الرئيس في المدة الثانية وكان يتعين ان يتضمن ذلك النص ما يوجب تقديم رئيس الجمهورية استقالته في الفترة بين فتح باب الترشيح للرئاسة واعلان النتيجة ويحل محله رئيس المحكمة الدستورية العليا في تلك الفترة. 2- ان نص المادة 88 المعدلة من قبل اللجنة جاءت في الفصل الثاني من الباب الخامس الخاص بمجلس الشعب واوجبت المادة 502 من الدستور سريانها في فقرتها الثانية في شأن مجلس الشوري إلا أن نص المادة 88 اصبح ثلاث فقرات مما سوف يثير كثيرا من اللبس والغموض في التفسير حول ما اذا كانت الفقرة الثالثة منها والتي توجب ان يجري الاقتراع والفرز تحت اشراف اعضاء من هيئات قضائية - علي انتخابات مجلس الشوري فضلا عن ما قد يثار مستقبلا حول مدي سريان نص المادة 88 بكاملها علي انتخابات المجالس الشعبية المحلية. هذا فضلا عن ان النص ترك للقانون تشكيل اللجنة العليا المشرفة علي الانتخابات والاستفتاء اذ لم يتضمن معيارا محددا كالاقدمية او الصفة التي يكون عليها رجل القضاء رئيسة او عضو اللجنة العليا ولم يتضمن كذلك من المختص بتعيين تلك اللجنة العليا علي عكس تشكيل اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية. 3 - ان نص المادة 39 من الدستور اناط بالمحكمة الدستورية العليا الفصل في صحة عضوية اعضاء مجلس الشعب ويؤخذ عليه انه تجاوز التحقيق في صحة عضوية اعضاء مجلسي الشعب والشوري بما يجوز معه الفصل في صحة العضوية دون تحقيق وهو امر لايستقيم كما ان عدد مستشاري ونواب رئيس المحكمة الدستورية العليا لايكفي علي وجه الجزم واليقين للفصل في الطعون المقدمة بشأن صحة العضوية خلال التسعين يوما المقررة. ثالثاً: ان هناك نصوصا في الدستور كان يتعين علي اللجنة شمولها بالتعديل لارتباطها بنزاهة العملية الانتخابية وبالتالي تدخل في تفويض المجلس الأعلي للقوات المسلحة للجنة التعديل وهي علي النحو التالي:- 1 - ان نص المادة الخامسة من الدستور والخاص بالاحزاب السياسية لم يحظر علي رئيس الجمهورية رئاسة حزب وهو ما يجب تعديله باضافة فقرة ثالثة تحظر علي الرئيس بمجرد تقدمه للانتخابات الرئاسية او توليه الرئاسة الاستمرار في حزب سياسي حتي لايهرول الكثيرون للانضمام الي ذلك الحزب لجني منافع شخصية كما حدث في الفترة المنصرمة وايضا اضافة فقرة اخيرة الي تلك المادة يحظر بموجبها علي المرشح الفائز بالعضوية والمنتخب علي اساس صفة معينة تغيير صفته خلال الدورة البرلمانية التي انتخب فيها »ظاهرة انضمام المستقلين« اذ كشف العمل تغيير معظم النواب لصفتهم بعد فوزهم الي حزب الاغلبية بقصد الحصول علي منافع وخدمات شخصية وهو ما يمثل سلوكا ينطوي علي غش وتدليس للناخبين الذين انتخبوه علي صفته السابقة ولايمكن ملاحقته. 2 - ان نص المادة 26 فقرة ثانية من الدستور اجاز الجمع بين النظام الفردي ونظام القوائم الحزبية واجاز تخصيص حد ادني لمشاركة المرأة في مجلسي الشعب والشوري. ونري تعديل ذلك النص بالغاء نسبة المرأة او ما يسمي بكوتة المرأة لمخالفته لنص المادة 04 من الدستور والتي تحظر التمييز بين المواطنين بسبب الجنس، ويتعين الاخذ بنظام القوائم النسبية حيث انه يشجع علي اختفاء ظاهرة نائب الخدمات ويأتي بدلا منه نائب أو مجموعة نواب لديهم برنامج سياسي أو اقتصادي يخدم الأمة ويساعد الاحزاب الصغيرة علي الوجود والاستمرار ويمكن للمستقلين خوض الانتخابات بقوائم تضمهم وتنافس القوائم الحزبية ويعطي المرأة والاخوة المسيحيين فرصة الحصول علي عضوية البرلمان. 3 - يتعين اضافة فقرة ثانية للمادة 171 من الدستور تتضمن انشاء جهاز للشرطة القضائية يخضع في تبعيته لمجلس القضاء الأعلي ويحال للقانون تنظيم احكامه واختصاصه التي يشمل تنفيذ الاحكام القضائية وتأمين المحاكم ولجان الاقتراع حتي نمنع الحواجز الامنية والتجاوزات التي حدثت في حق القضاء علي النحو الذي شهدته انتخابات 5002. 4 - اضافة فقرة ثانية للمادة 471 من الدستور يتضمن النص علي تعيين اقدم نواب رئيس المحكمة الدستورية العليا رئيسا بعد موافقة الجمعية العمومية للمحكمة. ونري ضرورة هذا التعديل لان نص المادة 5/1 من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 84 لسنة 9791 يوجب تعيين رئيسها بقرار من رئيس الجمهورية. ولما اصبح رئيس المحكمة الدستورية العليا له وضع مستحدث في الدستور يتعلق برئاسته للجنة العليا للانتخابات الرئاسية فمن غير المقبول ان يعين عن طريق رئيس الجمهورية والذي قد يرشح نفسه للرئاسة لمرة تالية ويكون هو ذات الشخص الذي يرأس المحكمة الدستورية العليا وفي ذات الوقت رئيس اللجنة العليا للانتخابات المرشح فيها ذات رئيس الجمهورية.