زهرات تشب نحو الضوء، وتصعد صوب النضج، ، إنهن فقط عشرون طالبة في المرحلة الاعدادية، يعشن مع الشعر و قصائد النثر ورسومات الكاريكاتير والأفلام التسجيلية، تتفتح عيونهن علي فنون أخري بخلاف ما تفرضه عليهن وسائل الإعلام والمقررات الدراسية، وما يصدم أعينهن في الشوارع من تلوث سمعي وبصري، يغسلن أعينهن وآذانهن بفنون حديثة، يصل إليهن الشعر حتي المدرسة، وتتفتح مواهب بعضهن، تجربة جديدة خاضتها الشاعرة عبير عبد العزيز في مدرسة الفلكي للبنات، بالمشاركة مع قصر ثقافة الطفل في جاردن سيتي، في محاولة لإعادة الفن إلي دائرة اهتمام الجيل الجديد، ومساعدتهن علي تذوق الفنون، وتشير الشاعرة عبير عبد العزيز المشرفة علي الورشة إلي أنها منذ سنوات يراودها حلم وصول الشعر إلي كل مكان، خاصة وأن الشعر يمر في وطننا العربي بشكل عام، وفي مصر بشكل خاص بأزمة كبيرة في التلقي ، وعلاقة الشاعر بجمهوره حيث غاب الشاعر عن الجمهور، واختفي الجمهور حين حضر الشاعر ومابينهما غاب رونق الشعر وبهاؤه. وتقول عبير عن مشروعها: فكرتُ بمشروع يعيد تلك العلاقة إلي روعتها شيئاً فشيئاً. تعمل تلك الورش علي رفع الشعر إلي موقف أكثر وضوحا وتأثيرا في أجيال جديدة، وتشكيل مناخ مناسب لتقبل الشعر من خلال تطوير جمهور جديد وتشجيع أنواع جديدة من فنونه. وعلي المدي الطويل، تطمح الورش إلي تغيير النظرة الحالية حول الشعر علي أنه فن هامشي. وقد أصدرت العمل الأول في مشروعي وهو دواوين شعرية تخص تلك الفئة العمرية بعنوان ∀ عندما قابلت حجازي∀ عام 2007 برسوم الفنان الكبير حجازي رحمة الله عليه، ولم اكتف بذلك بل أقمت معرض لوحات من الخيامية لرسوم الفنان وقصائد الديوان، وذلك لوجود القصيدة في مساحة بصرية تكون دائما ملازمة للفتي والفتاة علي الحائط، وبعد إصدار ديوان ∀ بيننا سمكة∀ وهو ديواني الثاني في هذا المشروع كان لابد من خطوة الورش المصاحبة لتلك الأعمال لتصل تلك الدواوين إلي جمهورها الخاص بها. وعن تجربتها في مدرسة الفلكي تقول الشاعرة: أطلقت علي البنات تعبير ∀ بنات من الجنة∀ ، لقد اندهشت وخاصة في الجلسة الأولي من تفاعل البنات معي ومع القصائد والشعر، تناولنا نصًا من الديوان تحليلا وتأويلا لمعانيه واستخراج الأصوات منه، حوالي نصف زمن الورشة أي ساعة كامة ولكني استمتعت بذاقة الفتيات ، لقد أضفن لي تصورات وأصوات لم تكن بداخلي أثناء كتابة النص كانت العلاقة بيننا في غاية المرونة والسلاسة. وقد شاهدت الفتيات في الجلسة الثانية فيلم المخرج الرائع علي الغزولي شاعر الأفلام التسجيلية والروائية القصيرة ∀ صيد العصاري∀ وتم قراءة قصائد من الديوان في حالة توازي مع مشاهد الفيلم وعرفن من هو علي الغزولي وما أهمية الأفلام الروائية القصيرة والتسجيلية ، كما تعرفن في نفس الجلسة علي فن الكاريكاتير وهو الفن المصاحب للقصائد في الديوان وقد تحدث إليهن الفنان سمير عبد الغني عن تجربة رسمه للديوان وكان ضيف الجلسة الثانية. كما أقيمت ألعاب شعرية من ابتكار الفتيات تساعدهن علي معرفة طرق لفهم وقراءة النصوص الشعرية في الجلسة الثالثة، وبالجلسة الرابعة سوف يستمعن لقصائد مناسبة لهن من اختياري للرائع أمل دنقل ومحمود درويش ولجيل آخر مثل عماد ابو صالح وتامر فتحي. والاستماع لتجارب قامت الفتيات بكتابتها ونعمل علي مناقشتها. وعن تجربتها السابقة في هذا المجال تقول: أتمني أن تتاح لي الفرصة حتي أدخل كل مدرسة وأكرر تلك التجارب وأطورها بل أتمني أن يصير جمهور الشعر كبيراً وواعياً، وقد حاولت منذ عامين الإتفاق مع مدارس بشكل شخصي لإقامة الورش لكنني لم أنجح إلا بأقامة جلسة هنا وهناك، لكن الورش تحتاج لعدد متتال من الجلسات لمجموعة ثابتة من الفتيات لاتقل عن أربع جلسات للورشة الواحدة بل أتمني أن تزيد، حتي استطعت عمل ورشة مدرسة الفلكي الإعدادية بنات وذلك بدعوة من الشاعر محمود سيف الدين وكان مديرا لقصر ثقافة جاردن سيتي للطفل وشجعني لعمل الورش وبالفعل تم الاتفاق مع المدرسة والتنسيق للجلسات الأربع. ويوضح الشاعر محمود سيف الدين المدير السابق لقصر ثقافة الطفل، ورئيس قسم نادي الأدب أن الورشة تأتي ضمن خطط مسبقة لقصر ثقافة الطفل بجاردن سيتي وقسم ∀نادي الأدب∀ تجاه الرواد، وأطفال وفتيان وفتيات المدارس، وإحداث نقلة في التوعية عبر تجاوز فكرة التلقين المدرسية، إلي ثقافة الحوار وإتاحة الفرصة للإبداع،بصورةٍ غير نمطية، تسهم في تحفيز القدرة علي رصد الملكات الإبداعية وتنميتها، ومسايرة تطور الفنون، وقد لمسنا تطورًا نوعيًا في قدرات الطالبات خلال الورشة، وإقبالهن عليها، حيث فجّرت لديهن حواجز القراءة المنهجية المقررة، وتجاوزها إلي القدرة علي تكوين الجملة والصورة الشعرية عبر الانطلاق في استخدام المُخيلة علي إتساع رؤيتها للأشياء والأماكن وتداخل التفاصيل، وقد استفادت منها أكثر من 20 طالبة، لتمثل الورشة فلسفة مقاومة ضمنية للسائد من أنماط دراسة الأدب في المناهج الدراسية.