بالقرب من محطة مصر وسط الإسكندرية، يقع سوق «باب عمر باشا» أحد أقدم وأشهر أسواق المدينة الساحلية الذي يعد مقصدًا للمواطنين محدودي الدخل لشراء الخضروات والفاكهة واللحوم معظمها رديئة الجودة.. وتصل في بعض الأحيان إلي عدم صلاحيتها للإستهلاك الآدمي. وفي السوق وداخل أحد الأزقة بالقرب من أسوار مستشفي أحمد ماهر وعلي بعد أمتار قليلة من مقر مديرية «الطب البيطري » كشفت «الاخبار» عن الكارثة الأكبر، التي تهدد صحة آلاف المواطنين، وتتمثل في بيع أطنان من الكبدة منتهية الصلاحية بسعر 10 جنيهات للكيلوالواحد. ويأتي ذلك برغم إعلان مسئولي التموين والطب البيطري والصحة، ضبط باعة الكبدة منتهية الصلاحية بالسوق الشهير، فمازال الوضع كما هو، وسط إقبال كبير من المواطنين محدودي الدخل علي مما يهدد شراء تلك المخلفات بشهادة مسئولي الطب البيطري انفسهم. لم تكن الجولة سهلة بل كانت محفوفة بالمخاطر، إلا أننا بعد عدة محاولات من الذهاب والإياب داخل أنحاء السوق نجحنا في إلتقاط صور لباعة الكبدة الفاسدة أثناء إنهماكهم في بيع بضاعتهم التالفة ل «الغلابة« الذين أجبرتهم ظروفهم المعيشية علي شرائها. وكشف تقرير صادر عن مديرية الطب البيطري بالمحافظة، أن كميات الكبدة التي تم ضبطها منذ أيام بالسوق كبدة أمريكي مستوردة ومنتهية الصلاحية منذ ديسمبر عام 2015، محلولة من الثلج، ولونها مائلة للإخضرار وملمسها رخوة ورائحتها «زنخة» ،ويتعين إعدامها لأنها غير صالحة للاستهلاك الآدمي- بحسب التقرير، وكما يقول لنا الدكتور فريد علي جعفر، مدير عام مديرية الطب البيطري بالإسكندرية، فإن كميات الكبدة التي تباع للمواطنين بسوق باب عمر باشا فاسدة وغير صالحة للإستهلاك الآدمي، وأضاف«جعفر«:« من غير المعقول أن يكون سعر كيلوكبدة 10 جنيهات.. أكيد كبدة«بايظة«.. فحتي لوكانت مستوردة فمن المفترض ألا يقل سعرها عن 30 جنيهاً«. ورفض مدير إدارة الطب البيطري بالمحافظة، الرد علي باقي تساؤلات «الأخبار» حول نوعية وأضرار تلك الكبدة وكيفية وصولها للأسواق، مكتفيا بقوله:«إحنا بنعمل حملات دورية لضبطها ومنع تداولها». ومن جانبه، فجر أحمد صقر، سكرتير مجلس إدارة الغرفة التجارية بالإسكندرية، مفاجأة من العيار، قائلا إن مصر هي البلد الوحيد في العالم التي تستورد الكبدة رغم الأضرار التي تسببها لجسم الإنسان. وكشف«صقر» في إتصال هاتفي ل «الأخبار» من ألمانيا، إن مصر تستورد 175 ألف طن كبدة سنويا، تتجاوز قيمتها ال 3 مليارات جنيه، لافتا إلي أن أكثر من 95% من تلك الكمية تستوردها مصر من الولاياتالمتحدةالأمريكية، الغريب أن معظم دول العالم لا تتناول الكبدة ومنها أمريكا أكبر مصدر لمصر وتعتبرها «مخلفات» نظرا لكونها مركز تخزين السموم في جسم الحيوان ويسبب تناولها أضرارا جسيمة لصحة الإنسان»، وأشار «صقر« إلي أن سعر طن الكبدة المستورد منذ 30 سنة، كان يتراوح بين 200 إلي 300 دولار، وتسبب تزايد إقبال المصريين علي إستيرادها إلي إرتفاع سعر الطن ل 2400 دولار، اما بخصوص نوعية الكبدة التي تباع بسعر 10 جنيهات للكيلو، فأوضح صقر أن تأخر إجراءات إفراج الموانيء والجمارك عن رسائل الكبدة الواردة من الخارج لتصل ثلاجات الموزعين قبل أيام قليلة من إنتهاء صلاحيتها، يدفع التجار لبيعها بأقل من نصف الثمن للتخلص منها، وبعضهم يلجأ للتلاعب في تاريخ الصلاحية. وتابع«صقر» قائلا: « صلاحية الكبدة تتراوح ما بين 6 إلي 7 شهور.. مما يعني أن معظم الكبدة الموجودة بالأسواق فاسدة، وتم نقلها بطريقة خاطئة للأسواق حيث تقل درجة الحرارة مما يعطيها لونا أخضر وتفوح منها رائحة كريهة، وطالب سكرتير عام الغرفة التجارية بالإسكندرية، ورئيس لجنة الأسعار، الحكومة بوقف إستيراد الكبدة، لكونها أحد أخطر أسباب تدمير صحة الشعب، واستبدالها بأنواع بروتين أخري أقل سعرا وأكثر جودة مثل الدواجن والأسماك. الإسكندرية سرحان سنارة