حدث الأسبوع من وجهة نظري كان اعلان الشيخ محمد بن راشد رئيس الوزراء الأماراتي وحاكم دبي استحداث أول وزارة في تاريخ العالم وهي «وزارة السعادة». «نريد حكومة لا تفكر فقط في تقديم الخدمات بل أيضا في بناء مهارات شعبها وتوفير بيئة لتحقيق الإنجازات، وتجعل سعادة الإنسان همها وهمتها وشغلها اليومي». بهذه الكلمات أكد الشيخ محمد بن راشد أن سعادة المواطن هي الشغل الشاغل للحكومة ولذلك استحدث منصبا جديدا لأول مرة في العالم يحمل هذا الإسم «وزير السعادة». اعلن ذلك في مؤتمر القمة العالمية للحكومات بدبي تحت عنوان «استشراف حكومات المستقبل». وشرح الشيخ محمد مهام الوزير الجديد فقال :تتمثل مهمته في مواءمة خطط الحكومة وبرامجها مع رضاء الشعب، وتنمية قدراته من اجل الإرتقاء بذاته. وجاءت المفاجأة الثانية التي فجرها الشيخ محمد بن راشد وهي البحث عن وزير كفء لا يزيد سنه علي خمس وعشرين عاما ليتولي منصب وزير الشباب. شئ مبهر أن يفكر حاكم عربي بهذا التوجه العصري، ويخرج من الصندوق فعلا حتي يدير بلاده بإسلوب أكثر تحضرا وديمقراطية وايجابية. صحيح أن الإمارات دولة بترولية غنية، وصحيح أنها تحتل المركز الأول بين الدول العربية التي يتمتع شعبها بالسعادة حسب المؤشر العالمي للشعوب الأكثر سعادة، كما أنها تحتل المركز العشرين عالميا علي نفس المؤشر، وصحيح أن تحقيق السعادة في بلد كهذا أمر أكثر سهولة من تحقيقه في بلد كمصر عندها تسعين مليون مواطن وتسعين مليون مشكلة، لكن هل يمكن وسط كل هذا أن نبحث عن السعادة ؟ وهل هي أمنية مشروعة لأمثالنا أم أنها مجرد أضغاث أحلام، بعيدة المنال ! جعلتني تلك الخطوة الرائعة من الشيخ محمد بن راشد أفكر في معني السعادة وهل يجب أن ترتبط بالفلوس والثراء ورغد العيش ؟ صحيح أن الراحة المادية والوفرة الإقتصادية سبب من أسباب السعادة وسبب رئيسي أيضا، لكن هناك شيئ آخر أهم من وجهة نظري وهو الرضا الذي يأتي من الإنجاز لشئ مهم مهما كان صغيرا، واحساس المواطن أن وجوده له أهمية وأن عمله مقدرا وحقوقه الإنسانية مكفولة ولو في حدها الأدني، وأن بلاده تفكر فيه ومستقبل أولاده علي الخريطة، وعلي رأس أولويات الحكومة. السعادة يا أصدقائي تتحقق عندما يشعر المواطن بالولاء لوطنه دون دعاية أو أغاني وطنطنة.يشعر أنه جزء منها وأنها جزء منه. يعمل بكل جهد ولا يبخل عليها وهي أيضا تؤمن حياته وتحمي حقوقه وتكافح في مواجهة الفاسدين الإنتهازيين أعداء الحياة من أجله.هل السعادة حلم بعيد المنال لا يستطيع رئيس وزراء وحكومة أي بلد أن تحققه لمواطنيها ؟ أعتقد أنه حلم مشروع لو توفرت الإرادة السياسية والعمل الجاد من الحكومة والإخلاص والإتقان وقيم الوطنية والولاء من المواطن. صباح السعادة !