لحق البعض في اللحظات الأخيرة المرور علي ميدان التحرير وتسجيل اسمه علي قائمة الثورة والإدلاء بتصريحات من أرض الميدان ! خرج هؤلاء من القائمة السوداء التي بدأت تتدحرج مثل كرة ثلج وتكبر لتضم أسماء لم تذهب إلي ميدان التحرير، هكذا أصبح في بلدي مصر الحبيبة قائمتان: أبيض واسود، مع وضد، القائمة السوداء تضم رجال فكر وقلم وفنانين ولاعبي كرة قدم ورجال أعمال ومثقفين، هؤلاء كل مأساتهم أنهم غابوا عن المشهد، لقناعة أن رأيهم كان سيزيد الأمر ثرثرة أو فوضي، أو أنهم كانوا في انتظار تمهيد مختلف لانتقال السلطة، أو ربما ليس لديهم وعي سياسي أو رأي واضح في الأحداث. القائمة السوداء أو للدقة القوائم السوداء التي بدأ البعض بتداولها تبعد تماما عن الروح التي يجب أن تسود في هذه المرحلة، فقد تحركت الحياة بحثا عن المزيد من الديمقراطية في الحوار واحترام الرأي الآخر، وليس مصادرة أراء وأفكار الطرف الآخر ووضعها في قائمة سوداء انقسام بلدي إلي قوائم بيضاء وسوداء ليس مؤشرا علي مستقبل أفضل، وهو فرصة لانقسامات خطيرة في المجتمع، وهو خسارة لطاقة وإبداع وفكر ووجود ملايين الذين يمكن التشكيك في وطنيتهم وحبهم لبلدهم بمجرد كلمة عابرة ، أمر يشبه محاكم التفتيش المريبة التي مرت بالثورة الفرنسية حيث يمكن لكل ثلاثة أشخاص العبث بمصير شخص بالوشاية به ولوكانت كاذبة ! مصر لن تمر من مفترق الطرق الذي تمر به إلا بالجميع، دون التشكيك في نوايا الجميع، ودون تصفية حسابات بدأت بالفعل علي مستويات مختلفة، مصر تحتاج لعمل كل فرد في المجتمع مهما كان موقعه، ومصالحة فورية دون شروط أو انتظار نوايا مع قوات الشرطة، ومنتهي الخطورة وضع رجال الشرطة علي قائمة سوداء، ومنتهي الخطورة وضع كل رجال الأعمال علي قائمة سوداء، رجال الأعمال الشرفاء أكثر بكثير من الفاسدين واللصوص والانتهازيين، والشرفاء يديرون مصانع ويفتحون بيوتا ويقدمون لنا الكثير جدا من السلع الضرورية لحياتنا، مهما كان رأي الآخر يجب احترامه والمضي معا إلي إنقاذ بلدنا الجميلة الكبير القوي، يجب أن لاتصبح الموجة هي تغيير الأراء والأفكار والأقنعة، مصر التي نحلم بها ونحلم لها قوية إلي درجة إستيعاب كل صاحب رأي بشرط ألا يكون صاحب مصلحة . الآن ليس وقت القوائم التي تجعل المجتمع إشلاء، الوقت وقت إحترام الكل للكل، المصري للمصري، الشباب للشيوخ، والشيوخ للشباب، فليس منطقيا أن تصبح هناك نغمة شاذة تنتشر أن الشباب وحده هو الذي تحمل ودفع ثمن التغيير، فهذه أصوات تطالب بإعدام كل من لم يمر بميدان التحرير ولو لثوان، وكل من ليس معه بطاقة تقول أنه من مواليد العام 80 ومافوق . أنا أخشي علي بلدي من الفتنة القادمة بين فئات الشعب، وأخشي علي الشباب القوي المحترم أن يتصور أنه أتم دوره في الحياة باكتمال ثورته، يجب أن يثبت الشباب أنه أكبر من مربع التحرير وشوارعه الجانبية، وأنه سوف يعود سواعد تعمل من أجل بلده، وأن يبدأ باحترام كل رأي فهذا أول دروس الديمقراطية بكل بساطة، وأن ينظر أمامه بحب ولاينظر خلفه في غضب، وأن يفكر .... حان ياأصدقاء وقت التفكير، ماهو الصواب وماهو الخطأ، ماذا يجب أن نفعل وماذا يجب ألا نفعل، كيف نحبط أي محاولة لتفتيت مصر من أصحاب المصالح الخاصة الذين بدأوا باللعب مبكرا علي خشبة المسرح السياسي . مصر بنا جميعا، وإذا كان هناك تغيير قد حدث في أعلي المجتمع، فماذا عن المجتمع ذاته، كيف نتغير وما الأدوار التي يجب أن نقوم بها، كل مواطن منفردا وكل مواطن مع زملائه، المجتمع يجب أن يتغير من العمق وهذه فرصة يجب أن نتمسك بها، المجتمع بكل عيوبه يجب أن نعترف بها وننتظم ونتعامل مع الوقت بحسم لننهض ببلدنا دون أفكار خارجية أو مساعدات خارجية أو شائعات خارجية . كلنا يجب أن نتغير إذا كنا نحب هذا البلد، وأول علامات التغيير أن نقول الحقيقة .. لا أن نرتدي الأقنعة ! عيب أن نقسم مصر أثنين وثلاثة .. وعيب أن نكذب أيضا .