لا يكاد يمر يوم حتي يصدمنا ما يرتكبه بعض الإعلاميين من أخطاء تصل أحيانا الي حد الخطايا وبالتالي لا يكاد يمر يوم حتي تتوالي ردود الأفعال المستاءة الغاضبة الحانقة المتسائلة عن السر وراء استمرار حالة الفوضي والعشوائية التي انزلق إليها الإعلام في توقيت بالغ السوء حيث إنه بدلا من ان يكون دعما وسندا للوطن الذي يتعرض لأخطر وأبشع المؤامرات الداخلية والخارجية وبدلا من ان يكون حافظا ومرسخا للقيم والمبادئ التي بدونها تتراجع الهوية الوطنية نراه وقد تحول أحيانا بفعل أكثر من إعلامي الي خنجر في ظهر الوطن المرهق بتصديه للإرهاب والمؤامرات والمخططات والمنهمك في محاولات وجهود مكثفة لإنقاذ الاقتصاد والانطلاق علي طريق البناء والتنمية والتقدم والرخاء. ولعلك - عزيزي القارئ - تنتظر الآن أن أذكر لك أمثلة لما أصاب الاعلام بأيدي بعض الذين انتسبوا إليه وأنني أصدقك القول بأن الأمثلة كثيرة ومؤلمة وهي تتزاحم الآن أمام ذهني فأجدني - مثلا - وقد توقفت أمام ما حدث أثناء المرحلة الأولي من الانتخابات البرلمانية التي ترقبناها باللهفة والحماس كخاتمة لاستحقاقات «خارطة الطريق» فإذا - للأسف - ببعض القنوات وقد تحولت الي منصات لإطلاق قذائف الشتائم والإهانات لهذا المرشح أو ذاك وطبعا وجدها محترفو الردح والسباب فرصة لاستعراض مواهبهم القبيحة مادامت بعض البرامج ترحب بهم ضيوفا للإثارة والتهييج كذلك لم تعبأ بعض القنوات والإذاعات بتعليمات اللجنة العليا للانتخابات حول «الحد الأقصي للانفاق في الدعاية» ثم كانت الطامة الكبري في تسابق أهوج بين القنوات لإذاعة نسب الحضور والمشاركة في الانتخاب دون انتظار لما تعلنه اللجنة المسئولة عن ذلك. وإذا كانت الانتخابات في مرحلتها الاولي قد شهدت بالنسبة لبعض القنوات نوعا من عزوف الناس عن المشاركة فالمؤكد ان الإعلام نفسه يشهد إلان عزوفا عن المهنية وأخلاقيات العمل الاعلامي. ومن الانتخابات وما جري فيها إعلاميا الي التجاوزات التي كادت تضرب الاعلام في مقتل فهذه - مثلا - إعلامية كانت تحظي بنجاح وشعبية تنزلق فجأة الي انتهاك خصوصية إحدي ضيوف برنامجها وتنشر صورا خاصة لها ساخرة منها بدلا من أن تدين ذلك الشاب الذي تحرش بضيفتها هذه التي جاءت إليها لتشكو مما جري منه!! وهذا إعلامي تصور ان خفة الدم لا تتحقق إلا بالسخرية والاستهزاء من مؤسسات الدولة فيطلق أغنية هزلية تسئ الي الإعلام القومي في ماسبيرو مع فبركة صور وحوارات قديمة لمزيد من الاستظراف الأحمق علي حساب مؤسسة تعتبر من أركان الأمن القومي للدولة مهما كانت الملحوظات التي تتصل أحيانا بمستوي الأداء في الفترة الانتقالية التي يمر بها ماسبيرو. هكذا - يا حضرات - يندفع الإعلام أكثر وأكثر في الأخطاء والتجاوزات وكأنه قد توحش فعلا وصار أكبر وأعتي من الدولة وكل مؤسساتها. والسؤال الآن ولعلني أتجه به الي الرئيس السيسي مباشرة: لماذا كل هذا الصبر علي مساوئ وخطايا الإعلام التي لا تمر مناسبة إلا وتعرب فيها عن قلقك واستيائك منها بينما يوجد الحل المثالي العملي الذي يغني سيادتك عن التفكير في دعوة الشعب لمراجعة ومحاسبة الإعلام أو التساؤل عن عدم صدور ميثاق الشرف الاعلامي ذلك لأنه لو قدم مجلس الوزراء «مشروع قانون نقابة الاعلاميين» الذي قدمته أنا شخصيا بنفسي الي الرئاسة ومجلس الوزراء وتم قبوله من لجنة الاصلاح التشريعي ولا يتبقي إلا رفعه إليكم لتصدر فخامتكم قرارا بقانون يتيح الصفة الدستورية لنقابة الاعلاميين تحت التأسيس الموجودة حاليا بما يجعلها تمارس مهماتها فورا في الارتقاء بمستوي المهنة وإصدار ميثاق الشرف الاعلامي وإعادة التوازن للإعلام الذي صار أقوي وأخطر سلاح بما يمتلكه من أحدث إمكانيات التكنولوجيا حتي صار وحشا لابد من ترويضه بالقانون وقوة المجتمع المدني المتمثلة في النقابة المنتظرة. لهذا تفاءلت بالعصار!! عندما قرأت منذ فترة تشكيل حكومة «المهندس شريف إسماعيل» وقد تضمن اسم «اللواء الدكتور محمد العصار» وزيرا للدولة للإنتاج الحربي تفاءلت كثيرا فما أعرفه عن الرجل يؤكد أنه جاء في موعده ومكانه المناسب حيث إن انطلاق مصر علي طريق البناء والتقدم والارتفاع بمستوي مؤسساتنا الوطنية وعلي رأسها القوات المسلحة كان يحتاج فعلا الي وزير بصفات «الدكتور محمد العصار» من ثقافة عامة، وثقافة متخصصة وشخصية متوازنة وخبرة متراكمة في مجال الدراسة والبحث والحوار حول مختلف أنواع الأسلحة مما جعله ينال - عن حق - لقب «رجل التسليح» وقد بدأ الرجل فعلا لقاءاته ومحادثاته المكثفة لاستئناف عمل «مصنع الدبابات» و«الصناعات الثقيلة» كما تفقد «مصانع الانتاج الحربي بحلوان» وناقش مع المسئولين فيها سبل التطوير المستمر ومعدلات الانتاج ولعلنا - مع الوزير الملائم - نستعيد حيوية واندفاعة التصنيع العسكري كما شهدتها فترة عبد الناصر الي أن توقفت بسبب الحروب والمؤامرات التي كان من أهدافها حرمان مصر من أي عناصر للقوة والتقدم عسكريا واقتصاديا وإجتماعيا.