الحشد العسكري الروسي الجوي والبري بجانب البحري المتمركز في القاعدة العسكرية الروسية في طرطوس بسوريا، يعيد نفس اجواء التصعيد العسكري والوصول إلي حافة الهاوية الذي شهدته مثل هذه الايام منذ 42 عاما خلال حرب اكتوبر المجيدة، عندما رفعت الولاياتالمتحدة حالة التأهب في جميع قواعدها النووية، ردا علي الجسر الجوي الروسي الذي حشده ما كان يعرف بالاتحاد السوفيتي لدعم مصر وسوريا خلال حرب الايام الستة. وقتها وقف العالم علي اطراف اصابعه كما يحدث اليوم، رعبا وهلعا من ان يفلت الزمام وتنطلق الاسلحة النووية الامريكية التي وضعت علي Aخراب الدنيا. اليوم تلقي روسيا بثقلها وراء بشار الاسد حتي لا يضيع نظامه وبالتالي يضيع حليف غالي وقاعدة بحرية حيوية في شرق المتوسط، في نفس الوقت الذي تشعر فيه الولاياتالمتحدة بمهانة كبري بعد أن فشلت جميع فصائل المعارضة السورية التي قامت واشنطن بتدريبها وامدادها بالسلاح ليقع المسلحون اسري في يد جيش بشار الاسد او ارهابيو داعش، ويسلمون اسلحتهم لإسريهم. وتكون اخبار اذلالهم مضغة في افواه جميع وسائل الاعلام، فهل يمكن ان يتجرع العم سام المهانة والهزيمة علي الملأ وامام الكون باسره؟ المحللون الامريكيون يقولون ان كل هذا التراجع الامريكي والهزائم المتتالية سواء في سوريا او لبيا او العراق او حتي افغانستان يرجع إلي تهاون وجهل ادارة باراك اوباما في كيفية التعامل مع ازمات الشرق الاوسط، واظهار العين الحمرا للدب الروسي، وقالوا ان هذا التردي الامريكي يرجع إلي تخاذل اوباما امام احتلال الروس لجزيرة القرم، وعدم قيامه برد فعال علي كل ما ارتكبه الكرملين في الازمة الاوكرانية. ويشير كل ذلك إلي غياب استراتيجية امريكية بشأن التعامل مع الازمة السورية. في حين يري البعض ان هناك استراتيجية روسية خاصة بالتعامل مع هذه الازمة، فسوريا هي الحليف الرئيسي لروسيا في المنطقة وبالتالي لن تسمح بان يضيع هذا الحليف المهم والمؤثر اذا ما انهار نظام بشار الاسد. كما ان التدخل الروسي في سوريا يجعلها تستبق الخطر اللاحق علي اراضيها في المستقبل القريب عندما يعود المسلحون الذين يحاربون بشار الاسد في سوريا وعدد كبير منهم من الشيشان، عندما يعودون إلي روسيا ليبدأوا عمليتهم الارهابية داخل الارض الروسية. في نفس الوقت الذي توجه فيه موسكو رسالة واضحة إلي الولاياتالمتحدة وجميع دول الاتحاد الاوروبي، لتقول لهم : « انتم جميعا جبناء، فلم يجرؤ احد منكم علي ارسال قوات برية او مشاة البحرية لقتال داعش في سورياوالعراق وليبيا، حتي من منطلق الدفاع عن اراضيكم لانكم ستذوقون الاهوال حين يعود هؤلاء المقاتلين الاجانب إلي دولكم، وهو ما فعلناه نحن الروس». اذن روسيا تعرف ماذا تفعل حين قامت بحشد قواتها في سوريا في حين ان العم سام ضائع،تائه هناك، لا يعرف ماذا يفعل او كيف يرد علي الصفعة التي تلقاها في بلاد الشام، والتي زادت بعد تدفق قوات برية ايرانية علي سوريا لمزيد من تثبيت اقدام بشار الاسد واحكام قبضته علي البلاد وليضيع كل ما انفقته الولاياتالمتحدة علي دعم معارضين هواة لا يجيدون استخدام ابسط انواع السلاح فضلا عن الفضيحة التي تكشفت وتبين ان الشركة إلي عهدت اليها واشنطن تسليح المعارضة السورية، باعت لهم اسلحة فاسدة. فهل تتجرع الولاياتالمتحدة مرارة كاس الهزيمة المذلة في سوريا؟ بالطبع لن تسكت واشنطن وهذا ما ينذر بان الايام القادمة ستحمل المزيد من المؤشرات التي ستهدد سلام الشرق الاوسط ان لم يكن السلام العالمي. ندعو الله الا يصيب الجنون القوتين الاعظم، فالكل سيضار لا محالة واذا انطلقت الاسلحة النووية من عقالها فلن تبقي ولا تذر.