مازال الإنسان يدفع ثمناً بخساً لحريته وحياته، في ظل وجود تجار في البشر، يقبضون ثمن حرية وحياة الآخرين، معظمهم مهاجرون، أطفال ونساء هاربون من وطنهم الذي يقتلون فيه، ويدفعون ما تبقي لديهم من مال حتي يهربوا من الموت إلي الموت، سواء بالقنابل والبراميل المتفجرة، أو تحت الأنقاض، أو ذبحاً علي يد داعش، أو جوعاً ومرضا في الصحراء، أوغرقاً في البحر، لقد لقي أكثر من 2600 مهاجر حتفهم غرقاً منذ بداية هذا العام، في البحر المتوسط الذي أصبح مقبرة المهاجرين، ففي الأسبوع الماضي انتشل 70 غريقا علي سواحل ليبيا، وهناك آلاف في قاع البحر غرقوا، وأخيراً مات 71 مهاجرا سوريا خنقاً داخل شاحنة دجاج علي حدود النمسا، يا إلهي كيف عبر آلاف المهاجرين سيراً علي الأقدام حاملين أمتعتهم وأطفالهم، كل هذه المسافات الطويلة، بدءاً من تركيا نقطة الإنطلاق ثم اليونان بحراً، ثم عبروا حدود مقدونيا التي تعتبر ممر الهجرة عبر البلقان، ثم الصرب ثم المجر ومنها إلي النمسا، ومنها إلي المدن الأوروبية، أي عزيمة جعلتهم يصلون سيراً علي الأقدام إلي هذه الدول، مما أفزع أوروبا كلها، وخاصة الدول المحورية بل القوية والفاعلة في الإتحاد الأوروبي، مثل ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، وإيطاليا، حيث تعد أزمة المهاجرين التي تواجهها أوروبا الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية، ولكن اختلف موقف المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل حين قالت» إن موقف أوروبا تجاه اللاجئين لا يليق بها»، لقد ألقت الأزمة السورية بظلالها علي دول الإتحاد الأوروبي، والذي كان هدفه الأول عقد اتفاقيات مع دول الجوار المطلة علي البحر المتوسط جنوب أوروبا وشمال أفريقيا، للحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية، وتوفير فرص عمل مناسبة، لقد حان دوره الآن، فهذه الدول ضحيته.