كان أولي بمرشد الجمهورية الاسلامية الايرانية السيد علي خامنئي ان يتوجه في خطبة الجمعة امس الي شعبه يكاشفه فيها ويقدم جردة حساب بالجرائم التي ارتكبها نظام طهران طوال 32 عاما وآخرها قمع الانتفاضة السلمية الديمقراطية احتجاجا علي التزوير المفضوح للانتخابات الرئاسية وحمامات الدم التي افتعلها الحرس الثوري ضد الابرياء العزل من الايرانيين علي مرأي ومسمع العالم اجمع من دون ان يرف جفن لقادة هذا النظام الذي يدعي الآن الدفاع عن الاسلام والمسلمين ويدعو الشعب المصري الي الثورة علي رئيسه الشرعي الذي وصمه خامنئي بالخيانة. ما جاء علي لسان المرشد الايراني هو شر البلية المضحك المبكي في آن معاً لأنه تناسي الحرمان والقمع وتقييد الحريات وملايين الايرانيين المنفيين الي الخارج ورأي التظاهرات المصرية التي انطلقت بموافقة الحكومة وحمتها القوات المسلحة المصرية. لا يحتاج الشعب المصري الي نصائح الانظمة الديكتاتورية في سعيه الي تحقيق مطالبه في ظل قيادة تسمع صوت شعبها جيدا وتحتكم الي المؤسسات الديمقراطية لكن البعض يري القشة في عيون الاخرين ويتعامي عن القذي في عينه وتلك هي مصيبته وليست مصيبة الشعوب الاخري فالديكتاتورية الايرانية تجاوزت كل الديكتاتوريات في العصر الحديث وفاقت بظلاميتها واحتكارها الرأي كل الظلمات وجعلت مكانة البعض في كرسي الحكم شبه مقدسة واعتبرت الخروج عليه خروجا علي الله ورسوله بينما مصر تتمتع بحرية رأي وتعبير لو شهدت إيران واحداً في المائة منها لكانت حمامات الدم قد غطتها من اقصاها الي ادناها ولكانت ابواقها العربية وغير العربية قد صدحت بقصائد المديح للقمع وطبلت باتهامات الخيانة والتدخلات الخارجية ولسمعنا من الشعارات ما لم تأت به ابلغ قصائد العرب علي مر العصور. أين الثريا المصرية في ديمقراطيتها من ثري القمع الايراني!؟ فما يجري في مصر من حراك اعترفت بشرعيته الدولة علي كل الصعد وأصغت لمطالب المحتجين وبدأت حوارا معهم بل انها اعترفت بطريقة غير مباشرة بالجماعة المحظورة »الاخوان المسلمين« الأشبه بحصان طروادة لايران في عدد من الدول العربية واكثر الامثلة وضوحا علي ذلك ذيلها »حماس« الواضعة غزة في سجن كبير فيما يرزح الشعب الايراني تحت اعباء الجوع واليأس من نظام دموي تضخمت فيه الانانية والفساد الي حد يفوق الوصف. قاهرة المعز تدرك تماما انها الارض التي كتبت عليها اول وثيقة لحقوق الانسان في التاريخ منذ اربعة الاف عام والرئيس حسني مبارك يدرك ماذا يعني ان يغض الاب الطرف عن جموح بعض الابناء في سبيل الابقاء علي تماسك البيت الواحد واعادة الضال منهم الي الطريق القويم بالحسني والكلمة الطيبة ولا يوجد في قاموسه ان المعارض خارج علي الله ورسوله لكن ما لم يدركه رموز النظام الايراني والجوقة العربية المطبلة للديكتاتورية الظلامية وعلي رأسها »حزب الله« ان الحول السياسي الذي يعانون منه لا يعني ان غيرهم لا يري الحقائق بوضوح. نعم هؤلاء المدافعون اليوم عما يعتبرونه ديمقراطية في تونس ومصر انتشوا بالطريقة المخالفة لأبسط القواعد الدستورية والديمقراطية التي ابعد بها سعد الحريري من رئاسة الحكومة اللبنانية وهؤلاء الذين باتوا يتغنون بالديمقراطية هم الذين قطعوا الطريق بالارهاب علي وضع نتائج الانتخابات العراقية الاخيرة موضع التنفيذ وحالوا دون وصول الغالبية الي رئاسة الحكومة وهم أنفسهم اكثر الناس الذين هتفوا تأييداً لسحق الانتفاضة السلمية الديمقراطية في ايران وهم من يساعد ليلا ونهارا علي قمع احرار الاحواز المحتلة ويسلمهم الي الاستخبارات الايرانية بعد خطفهم من منافيهم. هؤلاء هم من صفق طويلا لجعل »ربيع دمشق« خريفا دمويا وهللوا لزج انصاره في غياهب السجون فما افصحهم حين يتحدثون عن الديمقراطية التي لا يعترفون بأبسط قواعدها حين لا تكون لمصلحتهم. أليس الاجدر بمن يصدر النصائح الي الآخرين ان ينظر الي اصلاح بيته أولاً!؟. المثير في كل ذلك ان تجتمع النقائض علي امر واحد فتهلل »قوي الاستكبار« تتزعمها الولاياتالمتحدة واعداؤها في المنطقة تتقدمهم ايران للفوضي التي تشهدها شوارع مصر الآن وكأن هذه الدولة العربية الكبيرة فريسة تجتمع عليها وحوش غابة المصالح المتناقضة وكل هؤلاء لم يدركوا ان مصر تبقي عصية بقوة رجالاتها ومؤسساتها وجيشها وديمقراطيتها الحقيقية علي كل ما يدبر لها. ما يؤسف حقا ان بعض المصريين الذين اخذتهم العزة بالاثم لا يدركون ماذا هم فاعلون بأنفسهم ولا يعرفون انهم سيصلون الي يوم يبكون فيه علي عهد الرئيس حسني مبارك كما بكوا علي عهد الملك فاروق لأن التاريخ حين يحكم سيجد ان انجازات حسني مبارك اكثر بكثير من سلبيات بعض البطانة التي حوله فهو الذي وقف امام شعبه وخاطبه بصراحة وجسارة الشجعان من دون ان يترك بلاده طعماً للوحوش التي تريد جعلها خرابا ونهبا للحرب الاهلية. هذه مصر التي قال فيها الله سبحانه وتعالي: »ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين« فهل يذكر المطبلون لتخريبها هذه الآية ام ان الديكتاتورية الايرانية واذنابها والديمقراطية الأمريكية الزائفة صم بكم ايضاً؟ في ثقافة العرب مثل يقول: »القشة أحياناً تقصم ظهر البعير«! كاتب المقال : رئيس تحرير صحيفة السياسة الكويتية