يعترف الجميع بعناء الصيام ويقسمون يومهم بين العمل واعداد الطعام الدندراوي «طباخ» الأمر الواقع.. وزملاؤه: مضطرون لأكل طبيخه رغم حرارة الجو التي تتزايد معدلاتها في الصحراء إلا أن العاملين في مشروع قناةالسويس الجديدة تغلبوا علي لهيب الجو. فهم يعلمون أن العد التنازلي قد بدأ، وأن العالم يستعد لمشاهدة المعجزة التي أنهاها المصريون في عام واحد. عندما يشعر أحدهم بالتعب ينظر للأرض التي كانت جرداء قبل 322 يوما لا يصدق أنها الآن أصبحت تضم قناة بحرية شكك البعض في امكانية الانتهاء منها خلال هذه الفترة الزمنية. مجرد نظرة إلي هذا الإنجاز العملاق تكون سببا في تحويل التعب إلي طاقة من التفاؤل والرغبة في الإنجاز. لا يعترف الجميع بعناء الصيام ويقسمون يومهم بين العمل الذي يقتصر حاليا علي تدشين وتكسية المجري الملاحي وبين إعداد الافطار ولا يهملون في الوقت نفسه أداء الشعائر الدينية. في هذا الموضوع تقضي «الأخبار» يوما مع العمال وترصد نشاطهم في أيام رمضان. في كل شبر من شرق قناةالسويس تجد خلية نحل من العمال سواء العاملين بمشروع القناة أو المشروعات المرتبطة بها كمدينة الإسماعيلية الجديدة ومشروعات الطرق ومشروع سحارة سرابيوم لتوصيل المياة لترعة سيناء من 100 ألف عامل ومهندس وفني استطاعوا حتي الآن إنهاء الحفر الجاف للقناة و90% من أعمال التكريك بجانب 50% من أعمال التدبيش والتكسية وأكثر من 80% من أعمال السحارة. في نهار رمضان، تقوم الشركات العاملة بالمشروع بتقسيم العاملين إلي ثلاث دوريات لإتاحة الوقت أمامهم لتجهيز الوجبات وأخذ أقساط من الراحة بجانب الحرص علي عدم المساس بروحانيات رمضان خاصة صلاة العشاء والتراويح. علي شط القناة الجديدة، غابت لمة الأهل والأبناء كما غابت روائح الموائد العامرة بما لذ وطاب من مأكولات ومشروبات، وحضر الجهد والعرق من أجل دولة قوية تعتمد علي مواردها، بتلك الكلمات بدأ وليد مصطفي مشرف عمال من المنصورة حديثه قائلا : نعم نحن بعيدون عن الأهل والأحباب وأنا شخصياً لم أر عائلتي منذ شهر، ويضيف: سعادتي لاتوصف بالعمل هنا فالمنطقة كلها تحولت لخلية من النحل ليس الهدف هو شق قناة جديدة فقط بل ما ستشهده تلك المنطقة بأكملها من مشروعات كالاسماعيلية الجديدة والمناطق الصناعية وغيرها من المشروعات فالهدف الرئيسي هنا خلق حياة جديدة ومجتمع متكامل يستطيع تعمير تلك البقعة الغالية علي كل مصري وهي سيناء. ويقول عبد الحميد مصطفي «سائق لوري» من البحيرة أن أهم مايميز المشروع هو الشباب الذي قاد ملحمة رائعة من التخطيط والعمل حتي يتم انجازه ففي كل موقع تجد المسئول عنه من الشباب لذلك نتمني أن يظل الشباب في مواقع العمل والمسئولية إذا أردنا إنجاح التجربة. وعلي الرغم من تصاعد حرارة الجو إلا أن العمل يستمر بلا توقف حتي أوقات العصر حيث تبدأ الحركة بالمواقع في الهدوء وتلجأ كل مجموعه إلي الخيمة أو الكرفان المخصص لها في الإعاشة حيث يعتمد العمال علي أنفسهم في إعداد وجبة الإفطار. من داخل إحدي الخيام يقول الدندراوي من قنا: بفضل إتقاني للطبخ فإن زملائي أوكلوا إلي مهمة إعداد الطعام وأقوم اليوم بطبخ « صينية بطاطس « وأرز ويساعدني بعض الزملاء في تقطيع البصل والطماطم وأستطيع أن أقول أن طبيخي يستحوذ علي إعجاب الجميع. يقاطعه زميله خالد مداعبا: نحن مرغمون علي أكل دندراوي فنحن لم ننزل أجازات منذ شهرين، ويضيف: لدي طفلتان الكبري 3 سنوات والصغري سنه واحدة أشتاق اليهما جدا ووحشاني لمتهم، ولكن ماذا أفعل وهذا رزقنا ولقمة عيشنا؟ إن شاء الله سوف أراهم في العيد. في المقابل التقينا بعدد من العاملين الذين فضلوا الإستمتاع بوقت الراحة أمام شط القناة الجديدة يطلقون أفكارهم وآمالهم وطموحاتهم علي سطح المياه التي بدأ لونها يكون أكثر زرقه مع زيادة عمقها، ويقول خليل فؤاد عامل تدبيش أن وقت المغرب يعتبر من أفضل أوقات اليوم هنا فحرارة الجو تأخذ بالإنكسار ونبقي في انتظار إعداد الطعام من القائمين عليه ولكل واحد منا مهمة فمن لا يعد الطعام يقوم بإحضار مياه الشرب لكل المجموعة وآخرون يقومون بتنظيف الخيمة عقب الإفطار فالعمل هنا جماعي وكل فرد يقوم بما عليه من واجبات. بعد ساعة واحدة من المغرب عادت خلية النحل للعمل من جديد، عمال التدبيش يقومون بأعمالهم في تدبيش المجري الملاحي، وآخرون يقومون ببناء منصات التماثيل التي سيتم استقدامها لحفل الافتتاح بجانب أعمال التكسيات، بينما يواصل عمال مدينة الإسماعيلية الجديدة بناء 54 ألف وحدة سكنية بها بجانب مشروعات الطرق ومشروع سحارة سرابيوم. وفي طريق العودة رصدت الأخبار معاناة المواطنين العابرين بين ضفتي القناة الجديدة والقديمة فعلي الرغم من قيام هيئة قناةالسويس بتشغيل معديتين في كل قناة علي مدار ال24 ساعة إلا أنها لا تستطيع مواجهه الضغط المتزايد من السيارات والأفراد العابرين بين الشرق والغرب خاصة مع إيقاف العمل بمعديتي الفردان وسرابيوم والإبقاء فقط علي معديتي القنطرة ونمرة 6. وأبدي عدد كبير من المواطنين أستياءهم من طول ساعات الإنتظار بطابور السيارات أمام المعديات التي يمكن أن تصل إلي ساعتين وثلاث ساعات، وطالبوا بإعادة تشغيل كوبري السلام بالقنطرة فهو أسرع الحلول لعبور المواطنين بما لايؤثر علي مصالح الأهالي شرق القناة.