سنغافورة إحدي البلاد التي صنعت معجزة تنموية اقتصادية واجتماعية وإنسانية وبيئية.. تحررت عام 1961 من بريطانيا واستقلت مرة أخري بعد وحدة فشلت مع ماليزيا عام 1965.. سنغافورة جزيرة كانت تعاني من التخلف والفقر والتناقضات والقلاقل والصراعات العرقية في الستينيات من القرن الماضي. وقاد زعيمها لي كوان يو سنغافورة وصنع تاريخا ونموذجا لدولة عصرية ينحني لها الغرب والشرق وتدرس كنموذج في أعرق جامعات العالم وتعتبر مقرا لكبري شركات العالم... عدد سكان سنغافورة خمسة ملايين وإجمالي الإنتاج القومي هو 425 بليون دولار ومتوسط دخل الفرد يزيد علي 55 ألف دولار أي ما يقرب من 400 ألف جنيه مصري... المعجزة السنغافورية كانت أحد النماذج التي سعت لها مصر في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي أي منذ ربع قرن وكان عمرها آنذاك لا يتجاوز عشرين عاما... وطرح ذلك في عهد الدكتورعاطف صدقي رئيس الوزراء المحترم وفي المؤتمر القومي الأول للتنمية المحلية في عصر المعلومات والذي شارك فيه كل مراكز المعلومات ودعم القرار في المحافظات والحكومة بوزارة التنمية المحلية والتنمية الإدارية آنذاك وكافة الوزراء والمحافظين وأذكر أنني تساءلت هل من الممكن أن تكون كل محافظة سنغافورة أو نموذجا تنمويا يماثل أو يتفوق علي سنغافورة ؟ ومن هنا طرحت السنغافوريات والماليزيات كمفهوم ونماذج تنموية تتطلب إطارا سياسيا وتشريعيا وقانونيا، واقتصاديا واجتماعيا، وبشريا وبيئيا... لي كوان يو الزعيم والقائد التنموي الأسطوري لم يؤمن بالمستحيل، وحد الأمة المتنازعة والإضرابات والنزاعات الداخلية، وضع أولويات واضحة أهمها تعليم وبناء الإنسان أفضل تعليم وأفضل منظومة قيم (أولوية أولي ومطلقة)، وأعد نظاما للحكم والقيادة والخدمة العامة علي أرفع مستوي دون رشوة أو بيروقراطية واجتذب حكومة من أفضل الخبرات، وقاد صياغة أفضل قوانين العالم خاصة الجاذبة للاستثمار والشركات متعددة الجنسيات، وجعل سنغافورة الدولة الأنظف في العالم وبيئيا الأجمل، وغرس العدالة والمساواة في المجتمع، والسلام والتعاون مع العالم، وطبق بدقة أن الدين لله وأن سنغافورة للجميع... سنغافورة الآن هي أحد النمور الأربعة الآسيوية وهي الدولة ال 14 في العالم في الصادرات والدولة ال 15 في العالم في الواردات لديها سبعة الاف شركة كبري من الولاياتالمتحدة واليابان وأوروبا وألف وخمسمائة شركة من الصين. قطاع المال والبنوك في سنغافورة الرابع علي مستوي العالم، وهو من أكبر ثلاثة مراكز لتكرير البترول (!!!) في العالم، والأولي لإنتاج الحفارات البترولية وأحد أكبر خمسة موانئ في العالم وهي أكبر مركز لوجيستي علي مستوي العالم. مشروع محور قناة السويس الجديد يبعث الأمل مرة أخري في «السنغافوريات المصرية»... فجره ويقوده الرئيس السيسي ببرنامج عمل تنفيذي يسابق الزمن تكاتف حوله المصريون وتم تعبئة 64 مليار جنيه للمشروع العملاق وهو رقم غير مسبوق تاريخيا. ما أراه الآن من عمل وانجاز واضح وقيادة تنفيذية ناجزة تعمل بإخلاص وعلم وتميز بقيادة الفريق مهاب مميش تشير إلي بداية لنقلة نوعية للمجري الملاحي الجديد وعمليات التكريك التي وصل حجمها إلي 67 مليار متر مكعب أنجزت 75ر27% حتي 20 فبراير الحالي بنسبة انجاز 130 %... ما يحدث في منطقة محور قناة السويس هو مشروع يقوده الرئيس السيسي شخصيا لبناء سنغافورة مصرية علي ضفاف القناة في أقل من عام من توليه المسئولية تكون بداية لسنغافوريات منها ما هو في المنطقة حول السويس والإسماعيلية وعلي ضفاف القناة وامتدادهما ومنها ما هو شرق التفريعة حول بورسعيد ومنها ما بدأ في سيناء... كلنا آمال وعزيمة أن تكون هذه المنطقة الواعدة أساسا وركيزة لانطلاقة مصر في قفزة أولي تليها قفزات في كل محافظة... السنغافوريات المصرية قد بدأت... وعلي جيل 30 يونيو أن يبدأ يحلم ويعمل وأن يسعي لبناء سنغافورة في كل محافظة مصرية بالعلم والمعرفة وبالقيادة الحكيمة وبالعمل الجاد والشاق. الحب والثقة الشعبية في إخلاص وعطاء الرئيس السيسي والنموذج الرائد الذي ينطلق تنفيذه الآن يبشر بقفزات متتالية تدخلنا إلي مفهوم وإستراتيجية «الإسراع بالتنمية» لمصر في منطقة القناة... وكل محافظة وقرية لو أردنا الانطلاقة الحقيقية بقيادة فاعلة ومخلصة... في قناة السويس يصنع نموذج تنموي جديد علي أرض مصر وعلينا أن نبدأ في نشره – بعد ذلك بإذن الله - في الصعيد والدلتا والعلمين والبحر الأحمر... سلمت مصر وسلم كل عقل وقلب ويد تبني من أجل مصر.