البغدادى الآن- البغدادى زمان قبل أيام معدودة نقلت الصحف الإسرائيلية عن موقع «بزنس إنسايدر» تفاصيل جديدة وصورا نادرة لزعيم تنظيم داعش الإرهابي ابو بكر البغدادي. كما نشرت قراءتها الخاصة لدلالات الصور التي بثها التنظيم الإرهابي داعش بعد جريمة قتل المصريين في ليبيا. المعلومات المنشورة مؤخراً تلقي الضوء علي جزء من الجانب الخفي من شخصية البغدادي، والتفاصيل الجديدة المتعلقة به مأخوذة عن وثائق سرية من القوات المسلحة الأمريكية أثناء التحقيق معه، وكشفت عن اسمه الحقيقي وعمره وحالته الاجتماعية. كانت هذه المعلومات قد احتُفِظ بها نتيجة للتحقيقات التي جرت معه عندما وقع البغدادي في يد القوات الأمريكية قبل أكثر من عشر سنوات أثناء احتلالها للعراق بمدينة الفلوجة. علي أن الأهم مما جاء في التفاصيل المعلنة، تلك الثغرات الموجودة في بيانات الوثائق، والفجوات في المعلومات والحقائق الغائبة – أو بالأحري – المغيبة عمداً من الوثائق التي سمح مؤخراً بنشرها. الأمر الذي يثير التساؤل عن الهدف من السماح بنشر تلك المعلومات تحديداً وتغييب الباقي منها، لا سيما وان نشرها الآن وبعد عشر سنوات من جمعها يأتي بذريعة الخضوع لقانون الحق في تدفق المعلومات. بداية الخيط كان البغدادي قد احتجز عام 2004 بالعراق وقضي في السجن العسكري الأمريكي جنوبالعراق عشرة شهور ثم أفرجت عنه السلطات الأمريكية لأنها رأت أنه لا يشكل خطرا ! فقد ذكر أثناء التحقيق معه انه يعمل في وظيفة إدارية مكتبية كسكرتير يقوم بترتيب الملفات وإرسال البريد والرد علي المكالمات الهاتفية وعلي هذا الأساس اعتبروه لا يمثل خطراً، وفي تلك الآونة وصفته سلطات التحقيق بأنه شاب مدني لا عضو ميليشيا أو حتي معارض لنظام الحكم في بغداد. البغدادي واسمه الحقيقي هو ابراهيم عواد ابراهيم البدري كان وقتها متزوجاً ولديه إبن صغير يفترض انه أصبح علي مشارف الشباب الآن حسب عمره وقت تدوين تلك البيانات عن أبيه. زملاء البغدادي قالوا عنه انه شخص هادئ وغيرمرح بطبيعته وكان لاعبا ماهراً لكرة القدم لدرجة أنهم اعتبروه بالنسبة لفريقه بمثابة اللاعب الدولي الشهير ليونيل ميسي. وقالوا إنه بدأ يولي اهتماماً خاصاً للدراسات الإسلامية قبل أن يتحول إلي التشدد الفكري.علي أن البغدادي لم يكتف بالتحول الفكري لكنه أخذ منحي مختلفاً حين تبني عمليات ارهابية في العراقوسوريا وليبيا. الغريب أن هذه المعلومات ظلت محفوظة ضمن الوثائق السرية للقوات الأمريكية ولم يكشف عنها النقاب سوي الأسبوع الماضي فقط. وما يلفت النظر ان سنة ميلاد البغدادي محيت من الوثائق لكن التقديرات تقول ان عمره يبلغ حوالي 43 سنة. كما ان تلك المعلومات المنشورة لم تلق الضوء علي نقطة التحول التي نقلت البغدادي من مجرد موظف إداري مغمورالي التشدد الفكري وحولته إلي زعيم أكبر تنظيم ارهابي يهدد العالم بأسره يضم تحت إمرته جيشاً ب30 ألف مقاتل، أكثر من ذلك ان ظروف اعتقال البغدادي غير مذكورة في الوثائق التي نشرتها القوات المسلحة الأمريكية لكن كل ما ورد هو ان اعتقاله تم في إطار الحجز المدني ولأسباب أمنية ! وعلي الرغم من سماح الجيش بإعطاء الوثائق لموقع بزنس إنسايدر في إطار حق تدفق المعلومات إلا ان الوثائق خلت عمداً من أسماء أقارب البغدادي التي كانت واردة فيها فضلاً عن محو بعض المعلومات التفصيلية الأخري. ويبقي الغموض يغلف علاقة البغدادي بالمحتل الأمريكي لبلاده طيلة فترة احتجازه، كما يغلف ظروف علاقته بالمتشددين الدينيين، فلا نعرف متي حدث له هذا التحول الفكري؟ وعلي يد من؟ وأين تلقي تدريبه العسكري؟ الندم ونبوءة القذافي الغريب ان الولاياتالمتحدة لم تبد أي مشاعر للندم وهي ترصد امريكا جائزة قدرها مليون دولار لمن يدلي بمعلومات تساعد في القبض عليه، بينما كان الرجل رهن يمينها قبل عشر سنوات ولو صدقنا ما تسربه من وثائق فقد كانت هي التي فرطت فيه. أما الأوروبيون فإنهم لا يخفون ندمهم لاستخفافهم بنبوءة الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي الذي حذرهم في بداية ما يسمي بالانتفاضة الليبية من انتشار نفوذ تنظيم القاعدة ووصوله إلي نقطة الخطر الجغرافي بالقرب من الحدود الأوروبية. ويتذكر المراقبون wحين جلس القذافي في قصر الرئاسة بطرابلس في مارس 2011 وتواترت التقاريرمن سرت إلي مصراتة عن جيشه العظيم بفصائله المنتشرة والممتدة. وفي قلب معركته مع التحالف الدولي الذي تكتل لإسقاطه، قام هو ليبعث برسائله إلي العالم ويحذر أوروبا بأن التحالف المناهض له لن يسقط بلاده في قبضة تجار الديموقراطية الذين يتشدقون بها ولكن بلده الغني بالنفط سوف يسقط في يد داعش والقاعدة وساعتها ستنجر المنطقة كلها الممتدة حتي اسرائيل إلي الفوضي وان علي المجتمع الدولي الحيلولة دون سقوط ليبيا وشمال افريقيا تحت سيطرة بن لادن. لكن اوروبا لم تهتم وتمادت في خطتها. ظهير أمني ويقول الكاتب الإسرائيلي ايال لهمان ان ثمة قليلا من الأسباب التي تدعو اوروربا للتراجع عن موقفها من القذافي فقد كان في رأيها سفاحاً مجنوناً يقتل الشباب ويأمر باحتجاز النساء وفتيات المدارس لاغتصابهن. لكن في الوقت نفسه لم يكن ينبغي علي اوروبا تناسي ان القذافي في ليبيا مع مبارك في مصر وبن علي في تونس شكلوا قطاعاً أمنياً يوفر الهدوء والاستقرار لإيطاليا ومالطا واسبانيا في جنوب اوروبا وأن نبوءة القذافي تحققت في نهاية الأمر. فقد حول تنظيم داعش ليبيا إلي قاعدة متقدمة تقترب كثيرا من حافة أوروربا بمسافة لا تزيد علي 300كم ويمتلك الصواريخ التي كانت بحوزة القذافي، ويحلم بالرد علي الحملات الصليبية بل لا يخفي أن هدفه القادم هو روما. وكان البغدادي قد صرح قائلاً: "ان الصليبيين عملاء لليهود وستبقي ثورتهم وانتفاضتهم حتي يصلوا إلي روما بعون الله". ويضيف الكاتب ان وسائل التنظيم الإرهابي من أجل تحقيق أهدافه هي إغراق السفن والاستحواذ علي اللاجئين والقيام بعمليات في العمق البري.وان تنظيم الجهاد الإسلامي استطاع خلال السنوات الأربع الماضية خلق قواعد له في سيناءوتونس، كما ان أعلامه ترفرف طيلة الشهور الماضية في ليبيا حسبما يردد مواطنو طرابلس والمدن الكبري الشرقية ووفقاً لما ظهر في صور استعراض القوة التي بثها التنظيم مؤخراً من هناك. الانتقام ل «بن لادن» في تقرير منشور في مجلة دابق المنسوبة لتنظيم داعش ظهرت بوضوح الأهداف الخفية للتنظيم من خلال صورة لبوابة ميدان سان پيتر بالُڤاتيكان وعليها علم التنظيم. ومن خلال التعليقات المصاحبة للصور التي بثها التنظيم بعد جريمة قتل المصريين الواحد وعشرين في ليبيا خاصة التعليق المصاحب لصورة الدم في البحر والذي جاء فيه : " انتم الصليبيون ألقيتم بن لادن في البحر ونحن سنملأ البحر بدمائكم " وكأن جريمة قتل المصريين الأقباط انتقام من مسيحيي الغرب!! وأعلنوا تماماً مثلما حذر القذافي من قبل " ها أنتم رأيتمونا في سوريا والآن نحن علي مشارف روما. السؤال الذي يطرح نفسه بقوة حالياً هو : هل يتخلي الأوروبيون عن ترددهم وهم يرون داعش واقفاً جنوبيايطاليا علي بعد 300 كم من بوابة الدخول إلي الاتحاد الأوروبي؟ وهل يتشجعون من جسارة الرد المصري علي إرهاب التنظيم.