لماذا أنزل الله القرآن باللغة العربية، واختار رسوله وأشرف خلقه من العرب، بل جعل اللغة العربية هي لغة أهل الجنة حتي ولو كان من سكانها صينيون وأمريكان؟... هل توقفت مرة لتسأل نفسك وتبحث عن حكمة اختيار الله تعالي للغة العربية لتكون هي لغة القرآن الكريم.. وهل فكرت في معني اختيار الله تعالي للغة العربية لتكون هي لغة أهل الجنة جميعا حتي ولو كان منهم الصينيون والهنود والأمريكان والألمان.. كلهم ستكون لغتهم في الجنة هي اللغة العربية. حتي ان الله تعالي سيخاطبهم ويخاطبونه بلغتنا التي شرفنا الله بالانتساب إليها؟ وهل انتبهت لشرف ان تكون من العرب الذين اختار الله من بينهم أشرف وأحب خلقه إليه محمد بن عبدالله ليكون رسول الله وينقل رسالة السماء إلي أهل الأرض؟ هذا التشريف العظيم للعرب وللغة العربية التي نزل بها كلام الله ألا يفرض علي العرب تكليفا واضحا سيظل باقيا بأنهم سيكونون في طليعة المسئولين عن هذا الدين وتبليغه ونشره في كل الأرض وإلي قيام الساعة؟ الحقيقة التي تدفع علي التأمل أن كل تشريف لابد أن يقابله تكليف. وإذا كان شرفا لنا نحن العرب أن ننتسب إلي اختيار الله تعالي للعرب وللعربية فنظن انفسنا خير أمة واننا أهل الله وخاصته فإنه من الجحود أن يتوقف نظرنا عند هذا الحد فلا نمد أعيننا إلي واجبات هذا الاختيار . وما يفرضه علينا من تكليفات أراها بمثابة «فريضة غائبة» في هذا العالم إلا من رحم ربي، فقد اختار الله العرب لنشر دينه في العالم وكانوا أضعف وأهون أمة في زمنهم حتي ان الفرس والروم وهما القوتان العظميان في هذا الوقت ما كان احدهما يغير علي العرب أو يسعي لاحتلال أراضيهم لفقرهم وهوانهم وتشرذمهم. وقد يفكر البعض من وجهة نظرنا القاصرة انه كان ممكنا لدين الإسلام أن ينتشر ويسود لو اختار الله عظيما من إحدي القوتين رسولا للعالمين. ولكن حكمة الله أرادت ان ينزل القرآن علي رجل من العرب البؤساء تجتمع القلوب عليه ويكلفه الله هو وأصحابه ومن اتبعه إلي يوم الدين لنشر أنوار الهداية في العالم كله ليس في زمنه فقط وإنما إلي يوم القيامة.. وإذا بهؤلاء العرب خلال أعوام قليلة يدكون حصون الكفر والشرك عندما فهموا مهمتهم وعرفوا مقصدهم. ولكن المشكلة اننا صرنا الآن ننظر إلي هذا المجد باعتباره تاريخا نتصفح صفحاته ونحن نتحسر علي ماضينا العظيم وفي داخلنا اعتقاد بأن هذا التاريخ ذهب بغير عودة وأننا عاجزون عن حمل الأمانة التي كلفنا الله تعالي بها وهذه مصيبة كبري.. فالعرب الأوائل لم يكن في ايديهم من أسباب القوة الشيء الكثير ولكن كان معهم تصديق وإيمان لا ينكسر وبهما نجحوا في مهمة إقامة الدين في أنفسهم وأهلهم أولا ثم في العالم كله.. ويبدو أن أعداء الإسلام ادركوا ذلك فراحوا يشغلوننا حتي لا نقيم الدين في انفسنا. فنشروا باطلهم في حياتنا وأذاعوا طريقتهم وملتهم ونثروها بيننا وشغلونا بأنفسنا وصوروا الدنيا المترفة علي انها الجنة التي راح كل منا يسعي إليها ويتوقد للعيش فيها. فنسينا أو تناسينا الهدف والمهمة التي حملناها بعد الرسول والتي أوصانا جميعا بها في حجة الوداع «بلغوا عني ولو آية» فلم نبلغ عنه شيئا.. وهكذا راحت الأرض تخور تحت أقدامنا وأقبلنا علي الدنيا نريد متاعها فنسينا ذكر الله إلا قليلا.. فأنسانا الله انفسنا. المهم الآن ان نعود إلي المربع الأول لنقيم الدين في أنفسنا بحق. وندرك ان الله يوم القيامة لن يسألنا عما جمعناه في هذه الدنيا من أموال ومناصب وتجارات ومساكن ولكن عما أقمناه من الدين في حياتنا وحياة الناس من حولنا.. سيدرك كل إنسان حجم ما فرط فيه من الدين عند الموت.. فما رأيك ان ندرك الآن وفرصة الحياة مازالت ماثلة لنبذل ونأخذ الوجهة الصحيحة. نعم.. الفرصة مازالت ماثلة..