بدأ العام الدراسي الجديد وجولة جديدة لأصحاب المهنة المقدسة في بناء الإنسان المصري وصناعة المستقبل الذي هو أولادنا..أما صاحب المهمة فهو المدرس ومعه الوالدان ،وبدون شك يحمل كل واحد منا ذكريات شكلت تكوينه واتجاهاته وربما غيرت مستقبله تماما سواء في المدرسة أوالبيت ،واسمحوا لي أن أشرككم معي هذه القصة: وقفت معلمة الصف الخامس وقالت لتلاميذها:إنني أحبكم جميعا وهي تستثني في نفسها تلميذا اسمه تيدي..فملابسه دائماً متسخة.. مستواه الدراسي متدن..كئيب ومنطو علي نفسه،وكانت تجد متعة في تصحيح أوراقه بقلم أحمر لتضع عليها علامات x بخط عريض وكتابة عبارة راسب! ذات يوم كانت تراجع سجلات التلاميذ ووصلت لملف تيدي،وفوجئت بمافيه.. كتب عنه معلم الصف الأول:تيدي ذكي موهوب ومنظم ويؤدي عمله بعناية..وكتب معلم الصف الثاني:تيدي تلميذ نجيب ومحبوب ولكنه منزعج بسبب إصابة والدته بمرض السرطان..أما معلم الصف الثالث فكتب:لقد كان لوفاة أمه تأثير سلبي شديد عليه..لقد بذل أقصي ما يملك من جهد لكن والده لم يكن مهتما به..وكتب معلم الصف الرابع:تيدي تلميذ منطو علي نفسه ولا يبدي الرغبة في الدراسة وليس لديه أصدقاء وينام أثناء الحصة! هنا أدركت المعلمة تومسون المشكلة وشعرت بالخجل من نفسها.. وتأزم موقفها عندما أحضر التلاميذ لهاهدايا عيد الميلاد ملفوفة بأشرطة جميلة ما عدا تيدي ،فقد كانت هديته ملفوفة بكيس بلاستيكي،وتألمت عندما ضحك التلاميذ علي هديته لأنها عقد من ماسات ناقصة الأحجار وزجاجة عطر ربعها مملوء فقط،وتوقفواعن ضحكهم عندما عبرت المعلمة عن إعجابها بجمال العقد ورائحة العطر وشكرته بحرارة، وارتدت العقد ثم وضعت شيئا من العطر،ويومها انتظرها تيدي خارج الفصل وقال لها:إن رائحتك اليوم مثل رائحة والدتي،وهنا انفجرت المعلمه بالبكاء فقدأحضر تيدي لها عطر والدته ووجد فيها رائحة أمه الراحلة !! منذ ذلك اليوم أولت اهتماما خاصا به وبدأ عقله يستعيد نشاطه،وبنهاية السنة أصبح تيدي أكثر التلاميذ تميزا ثم وجدت بعدها المعلمة عند باب مكتبها خطابا من تيدي يقول لها فيه:»أنت أفضل معلمة قابلتها في حياتي».. وذهبت إليه في الفصل وقالت له:»وأنت الذي علمني كيف أكون معلمة جيدة»..وبعد عدة سنوات فوجئت المعلمة بدعوة من كلية الطب لحضور حفل تخرج الدفعة الجديدة موقعة باسم»ابنك تيدي»..وحضرت الحفل بالفعل وهي ترتدي ذات العقد وتفوح منها رائحة ذاك العطر! إنها حكاية من حكايات أصحاب المهمة المقدسة..حكاية تيدي ستودارد صاحب مركز»ستودارد لعلاج السرطان»وأشهر أطباء العالم في هذا المجال! كلمة في نفسي: إللي علي راسه بطحة.. يحسس علي راس غيره !