علي الحايك أثناء تفقد أحد المصانع المدمرة تبدأ مع كل هدنة جديدة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي حسابات المكسب والخسارة علي كل الأصعدة في محاولة من الجهات الرسمية لإعطاء نظرة شاملة عن حجم الخسائر والدمار الذي لحق بجميع القطاعات، ورغم أن خسارة البشر وانتهاك البراءة في غزة لا تساويها أية خسارة، بدأت المؤسسات الفلسطينية الرسمية وغير الرسمية في جولات ميدانية لتقييم الأوضاع في كل مناطق غزة لحصر الخسائر الإقتصادية.ووفقا لخبراء إقتصاد وحقوقيون فإن التقديرات الأولية للخسائر الاقتصادية في غزة تتجاوز الخمسة مليارات دولار. وكي تتضح الصورة أكثر تحدثت مع علي الحايك رئيس الآتحاد العام للصناعات الفلسطينية الذي كان يتفقد أحد المصانع المدمرة في غزة وأشار إلي أن إسرائيل استهدفت في عدوانها الإقتصاد الفلسطيني بالدرجة الأولي وهناك دمار شامل أصاب هذا الاقتصاد نتيجة تدمير معظم المصانع الفلسطينية. ودمرت إسرائيل المنشآت الصناعية التي لم تستهدف في الحربين السابقتين علي القطاع حيث تم تدمير 1700 منشأة اقتصادية.ويقول الحايك أنهم في اليوم الأول للتهدئة رصدوا أرقاما هائلة من المنشآت المدمرة ومنها 450 منشأة صناعية فقط دمرت تدميرا كليا وهناك 600 منشأة حرفية صغيرة دمرت تدميرا جزئيا. منها 21 مصنعا غذائيا و10 مصانع للملابس والمنطقة الصناعية بأكملها في بيت حانون. ويتجلي حجم الكارثة في أن الوضع الاقتصادي في قطاع غزة قبل الحرب كان في وضع إحتضار نتيجة الحصار وعدم سماح الجانب الإسرائيلي بإدخال المواد الخام ومواد البناء والآلات والأدوات بالإضافة لمنع الغزاويين من تصدير منتجاتهم حتي للضفة الغربية والقدس وهو وضع صعب للغاية. وأضاف بأن هذا العدوان لو حل علي دولة كبري لدمرها تماما، فما بالكم بالنتيجة عندما يكون عدوان علي شعب أعزل محاصر منذ سنوات. وحول أهم الصناعات التي تأثرت بالعدوان الإسرائيلي يؤكد الحايك أنه لا يوجد مصنع لم يسلم من الاعتداءات فقد تأثرت الصناعات الإنشائية والصناعات الغذائية وضربت المصانع الكبري وكأن تسونامي قد ضرب غزة. فدمرت الصناعات الهندسة والخشبية والورقية والغذائية والكيميائية والبلاستيكية.بالإضافة لتشريد 500 ألف شخص من شرق غزة لغربها والأخطار التي ترتبت علي ذلك إجتماعيا وإقتصاديا كثيرة. وشدد علي أنه لن يكون هناك إعمار في غزة في ظل إستمرار الحصار وإغلاق 6 معابر وتحكم إسرائيل فيما يمر للقطاع عبر معبر كرم أبو سالم. ويشير:"يجب أن يستوعب العالم أن غزة مدمرة وبحاجة لكميات هائلة من المواد كي تعود لصناعاتها الحياة فنحن في كارثة إنسانية وإقتصادية حقيقية. ويحكي محمد التلباني صاحب مصانع العودة للحلويات والذي تلقي صدمة تدمير مصنعه بالكامل فيقول: " أنشئ المصنع منذ 40 عاما وامتلئت متاجر غزة بمنتجاته من الحلويات والمخبوزات وكان يعمل به 600 عامل، قصف المصنع في غارة إسرائيلية دمرت مبانيه الستة وتبلغ قيمة الخسائر المبدئية نحو 1.3 مليون دولار ويحتاج 20 مليون دولار كي أعيد بناؤه من جديد". ثم كان حديثي مع جمال جراد عضو الاتحاد العام لنقابات العمال ورئيس نقابة النقل العام عن أوضاع العمال في غزة.فقال:" أغلقت المعابر منذ بدء الحصار في وجه العمال الذين كانوا يذهبون للعمل في أراضي الخط الأخضر وهي الأراضي العربية المحتلة وأصبحت الحياة بالغة الصعوبة مع كل عدوان حيث دمرت بيوت العمال والمنشآت وزادت نسبة البطالة التي كانت 40% قبل العدوان واتوقع ارتفاعها إلي 60 % الآن. ونحن نسعي خلال وقت التهدئة لحصر أعداد العمال الذين استشهدوا واصيبوا لوضع تقرير شامل للجهات الرسمية. وأناشد مصر الشقيقة الكبري التعجيل بفتح معبر رفح كما اطالب بضرورة فتح الميناء الذي سيستوعب عمالا كثيرين ودراسة إمكانية أن تفتح مصر معبرا تجاريا لعبور الشاحنات والسيارات لتخفيف معاناة الفلسطينيين في غزة لأن عدونا واحد". وفي النهاية لا يمكن إغفال أحد أهم الحرف الموجودة في القطاع وهي الصيد، لذا كان حديثي مع نزار عياش نقيب الصيادين في غزة الذي قال:"توقف الصيد تماما في غزة منذ بدء العدوان الإسرائيلي حيث منع الصيادين البالغ عددهم 50 ألفا من الصيد في بحر غزة وهذه خسارة كبيرة لهذا القطاع كما أن هناك خسائر مباشرة لممتلكات الصيادين من معدات ومراكب تقدر حتي الآن بنحو 80 مليون دولار. وقبل الحصار علي غزة كان القطاع ينتج 4 آلاف طن سنويا ويمثل 4% من الإقتصاد الفلسطيني وبعد الحصار أصبحنا ننتج 1500 طن فقط وهي كمية لا تكفي الإستهلاك المحلي". وكما أكد الجميع علي شراسة العدوان الإسرائيلي هذه المرة اتفق معهم عياش في الرأي مشيرا إلي أن القطاع تكبد خسائر هائلة علي كل المستويات حتي شواطئ غزة لم تسلم من الغارات الإسرائيلية التي دمرت 30 غرفة علي البحر بما فيها من ماكينات وآلات ولنشات ومراكب وفي الوسطي وخان يونس قتل وأصيب عدد كبير من الصيادين. وأضاف أن إسرائيل تعمدت في عدوانها تدمير البنية التحتية لغزة من أجل تركيع الشعب الفلسطيني.