المدارس اليابانية تعلن موعد مقابلات الطلاب الجدد    نتيجة الصف الرابع الابتدائي الترم الثاني في جميع المحافظات عبر بوابة التعليم الأساسي 2024    تعرف على أدوار القديس فرنسيس في الرهبانيات    تراجع سعر الذهب اليوم في السعودية وعيار 21 الآن ببداية تعاملات السبت 25 مايو 2024    خبير اقتصادي: الحرب بالنسبة لأصحاب القضية تتطلب التضحية بالنمو الاقتصادي    وليد عبدالعزيز يكتب: المقاطعة أهم أسلحة مواجهة الغلاء.. «المُستهلك سيد السوق»    محافظ الغربية: إزالة 8 حالات تعدي ومخالفات بناء بالغربية| صور    فلسطين.. قوات الاحتلال تقتحم مدينة قلقيلية وتداهم منازل المواطنين    ضياء رشوان: الاعتراف بالدولة الفلسطينية دون مفاوضات نموذج طرحته مصر وبدأ يجتاح العالم    «شيء يضحك».. عمرو أديب عن نشر إسرائيل صورة محمد شبانة    عمرو أديب عن نهائي دوري أبطال إفريقيا: عاوزين الأهلي يكمل دستة الجاتوه    6 نهائيات.. جدول مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة    بولونيا يودع مدربه بهزيمة مفاجئة أمام جنوب بالدوري الإيطالي    الأرصاد تحذر من ارتفاع شديد في درجات الحرارة: يشبه الموجة الماضية    رابط نتيجة الشهادة الإعدادية بالقاهرة، اعرف نتيجتك بسرعة الترم الثاني من هنا    مصرع طفل دهسته سيارة في القليوبية    مع انطلاقها.. متى تنتهي امتحانات الدبلومات الفنية 2024؟    مصرع طفل غرق في حمام سباحة مركز شباب بالقليوبية    بعد واقعة معدية أبو غالب.. برلماني يطالب بإنشاء كباري لتفادي الحوادث    إصابة 16 شخصًا في انقلاب أتوبيس عمال بطريق الأدبية - السويس    حبس فتاة «بلوجر» بتهمة الزنا في حلوان    علاء مرسي يقبل يد محمد هنيدي في عقد قران ابنته (صور)    أول تعليق من مخرج فيلم «رفعت عيني للسما» بعد فوزه بجائزة مهرجان كان    فالفيردي: ويليامز لعب لمدة عامين وفي قدمه قطعة زجاج    رفع اللقب في اللقطة الأخيرة.. بونجاح يتوج مع السد ب كأس أمير قطر    سيطرة إيطالية على التشكيلة المثالية للدوري الأوروبي    إنبي: محمد صلاح وراء رغبتنا في عدم انتقال حمدي وحواش للقطبين    سعر الفراخ البيضاء والأمهات والبيض بالأسواق فى بداية الأسبوع السبت 25 مايو 2024    واشنطن تعلن إرسال مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا ب275 مليون دولار    مجلس الأمن يدعو إلى حماية العاملين في المجال الإنساني    تركيا تدعو الأمم المتحدة للضغط على إسرائيل بعد قرار محكمة العدل    محمد شبانة يعلن مقاضاة إسرائيل بسبب «صورته».. وعمرو أديب: «دي فيها مليون شيكل» (فيديو)    عمدة برلين يدافع عن الإجراءات الصارمة التي اتخذتها الشرطة ضد متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين    أبو هشيمة يعلن مد فترة استقبال الأفكار بمسابقة START UP POWER لنهاية يونيو    تصل ل10 آلاف جنيه.. بشرى سارة بشأن انخفاض أسعار الأضاحي    سعر البصل والطماطم والخضروات في الأسواق بداية الأسبوع السبت 25 مايو 2024    جيرونا ينهي موسمه باكتساح غرناطة.. وصراع مشتعل على الهداف    حظك اليوم برج الحوت السبت 25-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    العصبية خسرتني كتير.. أبرز تصريحات أحمد العوضي مع عمرو الليثي    حدث بالفن| نجوم الفن في عقد قران ابنة علاء مرسي أول ظهور ل محمد عبده بعد إصابته بالسرطان    الفيلم السعودي "نورة" يحصل على "تنويه خاص" من مهرجان كان السينمائي    الفنان أحمد عبد الوهاب يحتفل بعقد قران شقيقته بحضور نجوم الفن (صور)    حجاج صينيون يضعون علامات على رؤوسهم أثناء دخول الحرم المكي.. ما القصة؟    مؤسس طب الحالات الحرجة: أسعار الخدمات في المستشفيات الخاصة ارتفعت 500% ولا توجد شفقة    أبو بكر القاضي: قانون"تأجير المستشفيات" يُهدد استقرار الاطقم الطبية    تكوين: لن نخوض مناظرات عقائدية تخص أي ديانة فهذا ليس في صميم أهدافنا    5 أعراض تدل على الإصابة بأمراض القلب    هل تعشق البطيخ.. احذر تناوله في هذا الوقت    15 درجة.. حسام موافي يوضح أخطر مراحل الغيبوبة    أعضاء القافلة الدعوية بالفيوم يؤكدون: أعمال الحج مبنية على حسن الاتباع وعلى الحاج أن يتعلم أحكامه قبل السفر    الوضع الكارثى بكليات الحقوق «2»    قوافل جامعة المنوفية تفحص 1153 مريضا بقريتي شرانيس ومنيل جويدة    متي يحل علينا وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024؟    المفتي يرد على مزاعم عدم وجود شواهد أثرية تؤكد وجود الرسل    من صفات المتقين.. المفتي: الشريعة قائمة على الرحمة والسماحة (تفاصيل)    التعليم العالي: جهود مكثفة لتقديم تدريبات عملية لطلاب الجامعات بالمراكز البحثية    الإفتاء: الترجي والحلف بالنبي وآل البيت والكعبة جائز شرعًا في هذه الحالة    وزير الري: إفريقيا قدمت رؤية مشتركة لتحقيق مستقبل آمن للمياه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخبير الاقتصادي والوزير السابق د.سلطان أبوعلي في حوار مع الاخبار
العدالة الاجتماعية شرط أساسي لتحقيق التنمية الاقتصادية
نشر في الأخبار يوم 16 - 07 - 2014


العبث الحزبى حالياً لايساهم فى حل مشاكل الناس
2٪ معدل النمو الآن ويجب رفعه إلي 10٪ لمدة 20 عاماً
الأحزاب لا تملك الكفاءات والخبرات القادرة علي حل مشاكلنا الاقتصادية
لأول مرة.. أصبح لدينا قيادات تبدأ بنفسها باعتبارها قدوة للناس
المصارحة والمكاشفة أسلوب الحكومة الآن لمواجهة المشاكل
رفع الدعم عن الطاقة يساهم في تغيير السلوكيات
لا صوت يعلو فوق صوت مشاكلنا الاقتصادية الحالية.. والعثور علي حلول مناسبة لها.. هذا الحوار مع الخبير الاقتصادي الوزير الأسبق د. سلطان أبوعلي يعتبر أن الخروج الآمن من هذه الأزمة الاقتصادية - ونحن قادرون علي ذلك بإذن الله - هو نقطة الانطلاق إلي غد أفضل. ورغم ان د. سلطان ابو علي دائما ما يتحدث عن الاقتصاد وقضاياه، إلا أنه كثيرا ما يربطه بالسياسة والأحوال العامة وثقافة الناس. فإلي التفاصيل..
ما المستجدات التي طرأت علي المجتمع المصري بعد القرارات الأخيرة الخاصة برفع جانب من الدعم عن الطاقة؟!
- لنبدأ من تاريخ مشكلة الدعم ومتي نشأت؟ ثم المردود الايجابي لهذه القرارات داخليا وخارجيا وعلي المستويين القريب والبعيد. وأيضا موقف الحكومة الحالية من كل ذلك؟ وهل وفقت في التعامل مع هذه المشاكل أم لا؟ بحيث استطاعت أن تجنب البلاد ما حدث في بلاد أخري علي إثر ارتفاع الأسعار. بالاضافة إلي ضرورة الحديث عن كيفية تأهيل المواطن وإعداده لكي يتقبل المزيد من هذه القرارات الصعبة علي طريق التحسن والوصول إلي الأفضل من منطلق ضرورة احساسه بوجود خطر يهدد الوطن.
وبأي هذه الموضوعات نبدأ الحديث؟!
- دائما أنظر إلي كل هذه الموضوعات من زوايا ثلاث، خاصة في ظل الأوضاع العامة السائدة في مصر حاليا.. و هي التنمية السياسية والثقافية والسلوكيات ثم نأتي إلي موضوع مشاكل الاقتصاد.
إذن كل هذه الزوايا هي بمثابة حزمة واحدة ومن ثم لا يمكن الحديث عنها بشكل متفرق؟!
- نعم.. وبالنسبة للتنمية السياسية فالمعروف أن خارطة المستقبل تتضمن ثلاثة استحقاقات تم منها خطوتان وهما الدستور والرئاسة ولا يتبقي لنا إلا الاستحقاق الثالث وهو البرلمان. وهي خطوة مهمة جدا.
لماذا؟!
- لأن ما يحدث الآن علي الساحة السياسية أنا لست راضيا عنه لأنه من المفترض وفي ظل التطور السياسي الذي نتقدم من خلاله لابد أن يقوم علي الديمقراطية والتعددية الحزبية. والأحزاب الحالية يكتنفها الآن ظاهرتان غير صحيحتين الأولي هذا العدد الكبير منها والذي يقترب من مائة حزب وهذا أمر في تصوري يعتبر نوعا من العبث لأنها بعيدة كلية عن الاتجاهات السياسية المتعارف عليها.
وهل هذا العبث الحزبي له علاقة بما نمر به في مصر الآن؟!
- لا.. ليس له علاقة بذلك. وإنما هو نتاج الكبت السياسي في الأنظمة السابقة.
وهل لو كانت لدينا أحزاب فاعلة لساهمت في حل المشاكل الاقتصادية أم ماذا؟!
- هذه بالضبط هي النقطة الثانية ، حيث إن اغلب هذه الأحزاب لا تملك الكفاءات القادرة علي حل المشاكل الاقتصادية لأن أغلبها أحزاب كرتونية. ومع ذلك فهناك عدد قليل من هذه الأحزاب والتي التفتت لمثل هذه القضايا الاقتصادية لما تملكه من فكر واضح. لكن أغلب هذه الأحزاب تتواجد في الشارع من أجل تحقيق مصالحها الشخصية والتي تتبلور فقط في الفوز في الانتخابات. وهناك شروط سياسية لابد من وجودها من أجل ضمان فاعلية الأحزاب ومشاركتها في القضايا الوطنية وحل مشاكل المجتمع بما تملكه من كوادر وطنية وخبرات يمكن أن تحقق لها هذه المشاركة في مختلف نواحي الحياة.. وهنا يبرز سؤال علي جانب كبير من الأهمية ويرتبط بالانتخابات البرلمانية القادمة باعتبارها الاستحقاق الثالث في خريطة المستقبل.. وهو كيف ستكون طبيعة هذه الانتخابات بحيث نأتي ببرلمان يمثل كل طوائف الشعب تمثيلا جيدا.. ويساهم في حل هذه المشاكل.
دور الأحزاب
وما الدور الذي يجب أن تقوم به الأحزاب حاليا للمساهمة في حل المشاكل الاقتصادية؟!
- انه دور مهم جدا.. وسيتضح تأثيره وملامحه بعد تشكيل البرلمان القادم، خاصة أنه ستعرض عليه كل القوانين التي صدرت من قبل تشكيله.. فإما أن يقبلها أو يعدلها أو يرفضها، كما أن وجود تشريعات تخدم الاقتصاد لايمكن أن تتواجد إلا إذا جاء البرلمان القادم علي مستوي المسئولية. وانا أخشي ألا يكون البرلمان القادم علي المستوي الذي نتمناه. الملامح الحالية توحي بذلك.. فلم نر إلي الآن الاهتمام بمشاكل الناس ومشاكل الوطن. ولكن كله يدور في فلك تحالفات تهدف إلي كسب المزيد من المقاعد فقط. وأنا أري أن هذه التحالفات ليست في صالح الحياة الديمقراطية.
إذن أنت تعارض ما يتم حاليا بشأن هذه التحالفات التي تهدف إلي الوصول لبرلمان؟!
- أولا علينا أن نتساءل ما هي سياسة الدولة.. وأنت تعرف أن هناك العديد من السلطات داخل الدولة ومن المفترض أن يكون هناك فصل فيما بينها مع وجود أيضا تعاون يؤدي إلي التقدم. والفترة القادمة ستشهد وجود حكومة مشكلة من الأغلبية.. ومن المتوقع أن يكون هناك نوع من الائتلاف بين هذه الأحزاب.. وأنا أتوقع أن الأغلبية التي ستنجح ستكون من المستقلين.
وهل تتوقع أن يكون داخل البرلمان القادم خبراء في الاقتصاد للمساهمة في حل هذه المشاكل؟!
- هذه مسئولية الأحزاب.. بحيث يجب عليها الدفع فعلا بمثل هذه الخبرات التي تتمكن من المساهمة في حل هذه القضايا. وليس علي المستوي الاقتصادي فقط بل وفي مختلف مجالات الحياة.
مساهمة البرلمان
وهل من الممكن أن يساهم البرلمان القادم في دفع البلد إلي الأمام؟!
- هذا ما يجب عليه فعلا. وليس هو فقط، بل هذا الهدف لابد أن يكون محور اهتمام الجميع داخل المجتمع. خاصة في ظل هذه الظروف الحرجة والتي تحتاج إلي مساهمة الجميع بقيادة رئيس الجمهورية دون استبعاد أحد مادام هناك التزام بالقانون.
وماذا أيضا؟!
- ولا ننسي أن تحدثك عن الجانب الثاني وهو الخاص بالثقافة والسلوكيات. حيث ان التقدم في المجتمع وفي جميع المجالات يحتاج سلوكيات مواتية للتنمية. هذه السلوكيات تنحصر في ضرورة العمل الجاد.
وهل نحن لا نملك مثل هذه الثقافة؟!
- نعم.. إنها ثقافة مازالت غائبة عنا.. وإن شئت فقل إنها ثقافة ليست شائعة لدي الغالبية. وللأسف فإن السائد بيننا الآن هو الحصول علي مزايا بدون عمل!! إلي جانب ذلك هناك أيضا غياب ثقافة الادخار وانتشار ثقافة التبذير. وهي تنعكس علي جوانب عديدة في حياتنا الاقتصادية. ودعني أضرب لك مثالا علي أهمية هذا الادخار فالنمور الآسيوية وغيرها تدخر 22٪ أو أكثر من الدخل القومي لها. ومن ثم تستطيع توجيهه للاستثمار الأمثل.
وماذا عن عائدات الادخار؟!
- إننا ندخر 15٪ فقط.
ومن المسئول عن ذلك؟!
- نحن جميعا.. الشعب والحكومة.. مع أن ديننا الحنيف يحضنا علي عدم التبذير. وعلي المستوي القومي نجد أن نسبة الادخار وصلت كما قلت إلي 15٪ ونحتاج أن ترتفع هذه النسبة علي الأقل إلي 30٪.
وهل أسباب ذلك نقص الثقافة أم الفقر أم هناك أسباب أخري؟!
- إنه ليس الفقر.. ولكن السبب غياب السلوكيات الاجتماعية الصحيحة.. النمور الآسيوية وصلت إلي هذه النسبة العالية رغم ان متوسط الدخل لدي أفرادها كان أقل من عندنا، كما أن أحد أسباب تدني الادخار أيضا هو ارتفاع عجز الموازنة العامة.
ثقافة السلوكيات
وهل نقص ثقافة السلوكيات الاجتماعية له علاقة بالتعليم؟!
- إنه يرتبط بالتعليم فعلا، وكذلك يرتبط بدور الدولة. حيث يجب ألا تقتصر نظرتنا علي الثقافة علي أنها الاهتمام بالكتاب والمتاحف رغم أنها أشياء جيدة ولكن لابد من أن يسود هذه الثقافة مبادئ جديدة مثل قبول الآخر والتسامح والادخار وعدم التبذير وخلافه.
عندما نتوقف معك عند منعطف الحديث الاقتصادي كمحطة أخيرة في هذا الحوار.. نسألك عن تاريخ المشكلة التي أصبحنا نعاني منها الآن؟!
- المسألة تراكمية.. ومع ذلك نستطيع أن نقول انها بدأت منذ أواسط الستينيات.. وكان بها صعود وهبوط حيث لم تكن تسير في اتجاه واحد. ويمكن بالضبط عندما تركنا ما كنا نسميه بالخطط الخمسية سواء الأولي أو الثانية والتي كان يطبقها عبدالناصر الذي كان يسعي دائما إلي مضاعفة الناتج المحلي وبالتالي الدخل القومي. مرة كل عشر سنوات بشرط أن يصل معدل النمو 7٪ سنويا.
وما هو معدل النمو في مصر الآن؟!
- يصل إلي 2٪ فقط وهذا معدل ضعيف رغم أننا كنا في وضع أحسن من ماليزيا حتي عام 1981 حيث كان دخل الفرد حوالي 600 دولار في الشهر في حين كان في ماليزيا 250 دولارا فقط!! أما الآن فمتوسط دخل الفرد في مصر 2500 دولار، أما في ماليزيا الآن فهو حوالي 15 ألف دولار. ولم يصلوا إلي هذه النسبة إلا بالعمل الجاد والمفيد. ولكي تتغير الأحوال الاقتصادية في مصر إلي الأحسن بما يعود علي مستوي معيشة المواطن، ونحن قادرون علي ذلك فإننا نحتاج إلي أن ننمو سنويا بمعدل 9 أو10٪ سنويا وبصورة مستمرة لمدة عقدين من الزمان. وهذا يمكن أن يحدث دون اللجوء إلي الاقتراض لأن امكانياتنا الاقتصادية ومواردنا المحلية تسمح بذلك. أذكر ان متوسط معدل النمو السنوي في الفترة من عام 1974 حتي عام 1983 كان 9٫4٪ سنويا.
ردود الأفعال
وبالنسبة للاجراءات الأخيرة والمرتبطة برفع الدعم عن الطاقة.. فهل تجد أن هناك مردودا ايجابيا لها سواء بالداخل أو بالخارج؟!
- هذه المسألة يجب أن ننظر إليها في اطار عام بعض الشيء.. حيث إنني أيدت وأعجبت بما قام به الرئيس السيسي عندما أعاد الموازنة الأخيرة لمجلس الوزراء مرة أخري. لأنه اكتشف ان بها عجزاً قدره 290 مليار جنيه. وهذا معناه أن النفقات بلغت 800 مليار جنيه والايرادات حوالي 500 مليار، كما أن معناه وجود عجز يقدر ب300 مليار. وهذا يتسبب في غياب العدالة الاجتماعية ومشاكل أخري كثيرة. وليس المهم هذا الرقم بل ضرورة أن ننظر إليها بخصوص نسبتها إلي الناتج المحلي، وهو بذلك يقدر بنسبة 15٪ من الناتج المحلي. وهو عجز كبير جدا لأن العجز الذي يجب أن نصل إليه يجب ألا يزيد علي 3٪ فقط. ونحن قادرون علي ذلك أيضا. من هنا أري ضرورة أن ننظر إلي كل ذلك. حيث بدأنا أولي خطوات تخفيض هذا العجز برفع الدعم عن الطاقة بمقدار 30٪ فقط. وهذا أحد الاثار الايجابية لهذه القرارات. حيث سيساهم في تخفيض الأسعار وتحقيق العدالة الاجتماعية التي يجب أن تكون هدف أية قرارات تتخذها الحكومة. لأنه لا يمكن أن نصل إلي تنمية اقتصادية حقيقية إلا في ظل تحقيق عدالة اجتماعية حقيقية.
وكيف لا يؤثر كل ذلك علي ارتفاع الأسعار؟!
- عندما تريد تقليل هذا العجز بدون التأثير علي الحياة الاقتصادية يجب خفض النفقات وزيادة الايرادات.
وكيف يمكن تحقيق ذلك؟!
- عندما أعاد الرئيس الموازنة إلي الحكومة.. رأيت ان ال800 مليار المرفوضة كنفقات عبارة عن 200 مليار أجورا ومرتبات و200 دعم و200 مدفوعات فوائد وديون و200 مليار لأشياء أخري. أما بالنسبة للبند الخاص بالأجور فقد بدأنا تحديد الحدبن الأعلي والأدني للأجر للعاملين بالحكومة والقطاع الخاص، وأكد رئيس الجمهورية انه لااستثناء في ذلك الأمر والحد الأعلي يصل إلي 42 ألف جنيه وهو رقم طيب ومناسب ويجب أن يلتزم به الجميع لأنه وطننا ويجب أن نساهم فيه. ولو طبق هذا الحد تطبيقا سليما علي الجميع ونحن نملك آلية هذا التطبيق سوف نخفض ما يقرب من 10٪ من بند الأجور أي ما يوازي نحو 20 مليار جنيه. وهذا أول البنود.. أما البند الثاني وهو الخاص بالدعم.. والذي يبلغ 200 مليار جنيه والذي يجب أن يكون العبء فيه علي القادر وليس علي الفقير لتحقيق العدالة الاجتماعية. وفي هذا البند تم تخفيض دعم الطاقة بنسبة 30٪ حيث سيتم رفعه نهائيا خلال 3 سنوات. وقد وفر للميزانية 40 مليار جنيه. وهذا شيء جيد. وأنا هنا أؤكد ان رفع هذا الدعم ليس بالضرورة أن يؤثر علي رفع الأسعار.
وكيف؟!
- لأنه لابد أن يكون للحكومة دور ايجابي خاصة في مراقبة الصناعات وكيفية استخدام الطاقة كصناعة الأسمنت والأسمدة وخلافه مع تحديد هامش ربح معين ومتفق عليه. وفي هذا السياق أقول لك ان طن الأسمنت بعد رفع دعم الطاقة وتحديد هامش الربح يجب ألا يزيد سعره علي 550 جنيها. وهو يباع قبل هذا القرار ب800 جنيه!!
وهذا الاجراء هل لا يعني تدخل الحكومة في تسعير المواد؟!
- تدخل الحكومة ضروري.. وأساسي ولا يتعارض مع النظام الاقتصادي.. لأنني أري ان النظام الاقتصادي الذي يجب أن نتبعه هو نظام السوق الاجتماعي والذي لابد أن نحافظ فيه علي مصلحة المجتمع. وهذا ليس كسراً لنظام السوق لأن مثل هذه الاجراءات تتبع في دول أوروبية كثيرة مثل إنجلترا وأمريكا وفرنسا. وللأسف بعض أصحاب المصالح العليا يريدون أن يرهبوا الحكومة، وهذه مغالطة. لانه يجب في مثل هذه الحالات أن تصدر الحكومة قرارات لتجميد الأسعار لمدة 6 أشهر حتي تنضبط الأمور داخل المجتمع. وما قلته لك عن الصناعات الثقيلة ينطبق كذلك علي وسائل النقل بين المحافظات حيث نشر الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء دراسة مهمة وقيمة بعد صدور قرارات رفع الدعم أشار فيه إلي أن التكلفة المفترضة ترتبط بالضرورة بحالة المركبة.. فإذا كانت متهالكة تصل نسبة الزيادة إلي 13٫5٪ فقط. أي ان تعريفة الركوب التي تقدر بجنيه واحد يضاف إليها 13٫5٪ قرش، ولكن ماذا حدث؟! لقد رفعوا السعر إلي اثنين جنيه وثلاثة جنيهات!! وهذا لا يصح. من هنا لابد أن تتدخل الحكومة وتلزم أصحاب هذه المركبات بالتسعيرة العادلة.
الحكومة تحاول
وهل يوجد تقصير من جانب الحكومة في هذا الاتجاه؟!
- الحكومة الحالية تحاول خاصة في مثل هذا الانفلات.. وأنت تري رئيس الحكومة حاليا ينزل ومعه العديد من الوزراء والمحافظين إلي الشارع. ولكن هنا يبرز غياب دور السلوكيات وأيضا غياب دور الأفراد الذين يجب ألا يفرطوا في حقوقهم وألا يعطوا الفرصة للآخرين لاستغلالهم. وهناك مع ضرورة اللجوء لترشيد الاستهلاك حتي في استخدام المركبات الخاصة أو العامة.
وهل هناك آثار ايجابية أخري يمكن أن نلحظها بعد تخفيض دعم الطاقة؟!
- طبعا. لأن السعر المنخفض يؤدي إلي المزيد من الهدر والفاقد نظرا لعدم الحرص في الاستهلاك. وعلي المستوي القومي حيث يصل معدل النمو إلي 2٪ فقط فيجب في المقابل ألا يتعدي استخدامنا للطاقة أيضا نسبة ال2٪. إذن رفع هذا الدعم يدفعنا لضرورة أن نراقب ونلاحظ ونحاسب انفسنا علي استخدامنا للطاقة حتي لا يتعدي نسبة نمو الناتج المحلي. وهذه نقطة نظام لابد أن تأخذ بها الحكومة وأما علي مستوي الأفراد فإن ارتفاع ثمن البنزين علي سبيل المثال ليس بالضرورة يسبب عبئا علي المواطن.. خاصة إذا ما نظرنا إلي كمية السيارات الموجودة لدينا في الشارع والتي تهيم علي وجهها بلا هدف، ولذلك أعتقد أننا لو قمنا بعمل احصاء لنسبة السيارات التي بها راكب واحد فقط نجد انها تصل إلي نسبة 50٪ من العدد. ولذلك علي الناس أن تعتاد علي عدة أشياء في مقدمتها استخدام المواصلات العامة خاصة في ظل وجود مواصلات عامة الآن جيدة. كما لابد أن نتعود علي المشي ثم ركوب الدراجات وهكذا. وأيضا من الآثار الجيدة لما حدث هو تغيير سلوك الحكومة التي أصبحت تتحدث مع المواطن وتشرح له. وذلك بخلاف ما كان يحدث عندنا في الماضي حيث كان القرار الحكومي ينزل علي رقبة المواطن كالسيف. كما كنا نستخدم ألفاظا لم تكن تعبر عن الحقيقة مثل لفظ تحريك الأسعار وخلافه. وهذا سلوك جديد وطيب لأنه يقوم علي مبدأ المكاشفة والمصارحة لأن المصداقية هي أساس كل شيء الآن. من هنا أقولك ان علاقة الحكومة بالمواطن الآن تغيرت.. كما أصبح لدينا -لأول مرة - قيادات تبدأ بنفسها باعتبارها قدوة للناس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.