د. محمد السعدنى «تحديات الأرض والثقافة والتفاهم مع العالم العربي»، كان هو عنوان مؤتمر المنظمة العربية الأمريكية للتربية والثقافة والحوار «ARAMFO» في كازابلانكا، وباعتباري ضيف الشرف علي المؤتمر كما شرحت لكم في الأسبوع الماضي، كان علي أن ألقي كلمة افتتاحية، وهكذا تحدثت: إن التحدي الأكبر الذي تواجهه بلداننا في العالم العربي هو أنتم، حكوماتكم، سياساتكم، تدخلاتكم بكل حجم الأنانية المفرطة والهيمنة والتعالي، لقد دأبتم علي لعب دور محركي الدمي الكبار وعلي مسرح العالم ودوله أن يستجيبوا لكم ويرقصوا علي همزات أصابعكم وكيفما كانت توجهاتكم. لم أكن معداً نفسي لمثل هذا الحديث في جلسة الافتتاح وكان قراري أن أضمنه محاضرتي في الجلسة الثانية لكن أمام حجم الأحداث الضاغطة والمصاحبة لإنعقاد المؤتمر كان لابد أن أصارحكم القول أننا جميعاً شرقاً وغربا، شمالاً وجنوبا علينا إيجاد وسائل جديدة صادقة وموضوعية من أجل تفاهم متبادل وإيجاد قواسم مشتركة تاريخية وثقافية وسياسية من أجل التعايش والتعاون وترسيخ قيم إنسانية دفعها جشع الغرب ومؤامراته بعيداً عن أولويات العلاقات الدولية، مما يستوجب العمل لإيجاد نقطة توازن تساعدنا جميعاً علي التفاهم والتسامح والتعاون وتقبل الآخر، وأحسب أن نقطة البداية هي العمل المشترك لكل قوي الحرية والعدالة والاستنارة في العالم كله من أجل نظام عالمي جديد يجعل من مفاهيم العولمة جسراً للإخاء والمساواة. نظام يرسخ لقيم الجدية والاحترام وليس إهانة العقل والسخرية كما فعلت بريطانيا بالأمس وبتشجيع من الولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد الأوروبي في تقديم فاصل من الفكاهة البليدة وثقل الظل وتحدي كل المعاني الأخلاقية بالإصرار علي ترشيح وتولي إسرائيلي نائباً للجنة الرابعة للأمم المتحدة، في سابقة لا تنتقص من قيمة ومعني المنظمة الدولية وإنما تحولها إلي فاصل من المسخرة والكارتون. إسرائيلي نائباً للجنة تصفية الاحتلال والفصل العنصري!؟ ويحشد لتأييد القرار في الجمعية العامة للأمم المتحدة 79 دولة ذلك لأن الولاياتالمتحدةالأمريكية تريد ذلك. الدولة الاستعمارية الوحيدة الباقية علي وجه الأرض هي المسئولة الآن عن مكافحة الاحتلال؟ أي تهريج وسخافة يقدمهما الغرب بهذا العمل الرخيص الصادم، ثم تتحدثون معنا عن التحديات والتفاهم. ياسادة أكبر تحد هو صمتكم عن مثل هذه التصرفات غير المسئولة من حكوماتكم ومؤسساتكم، وانظروا كيف تتعامل الولاياتالمتحدةالأمريكية مع منطقتنا العربية التي تريد تقسيمها في سايكس بيكو جديدة وظالمة لشرق أوسط جديد تحرقه الطائفية، ومالم يستطع مستر أوباما تحقيقه بتحالفه وتواطئه مع إرهاب الإخوان المسلمين يحاول تحقيقه اليوم بتحريك ISIS داعش لتكريس الاقتتال الشيعي السني الكردي السوري العراقي الإيراني. ولايزال السيد الأمريكي غاضباً لأن مصر قالت لا، وأصرت علي العمل من أجل مستقبلها ومستقبل العالم العربي موحداً ومستقلاً، لاتفتأ الإدارة تتحرش بمصر والسيسي وتبعث برسائل لاتليق بدولة عظمي. ونحن لايزعجنا أن يكون تمثيل أمريكا متدنياً في احتفال تنصيب السيسي الذي تحول رمزاً لوطن لايقبل المصريون المساس به، وعليكم أن تسائلوا حكوماتكم لمصلحة من إشعال المنطقة العربية كلها في ساعات قبل زيارة كيري للقاهرة في محاولة لتطويق المحور الناشئ: القاهرةالرياض الذي مثله زيارة العاهل السعودي للقاهرة. وكأن واشنطن تبعث برسالة مفادها أن الإرهاب الذي تتحدث مصر عن مقاومته، نحن ندعمه، وفي ساعات تحتل داعش الموصل وتكريت، والنصرة تلعب في سوريا والحوثيين علي المعبر الحدودي بين اليمن والسعودية، انفجارات في مصر وبيروت، ماهي الرسالة وما هو الهدف، وأمام شغف الأمريكان استطردت في الحديث.