لاجدال ان التجربة التي خاضتها مصر في تفاوضها مع اسرائيل بعد مبادرة زيارة الرئيس الراحل السادات للقدس تحسب للدبلوماسية المصرية وتؤكد التزامها الوطني والقومي. اتسم الموقف المصري في هذه المفاوضات بعدم التنازل أو القبول بالابتزاز الاسرائيلي سانده في ذلك مشروعية ما يطالب به وما حققه زلزال حرب 3791 المجيدة داخل الكيان الاسرائيلي. مفاوضو اسرائيل يحاولون استخدام حجة الأمن من اجل العدوان علي الحقوق المشروعة وهي الاستراتيجية التي قامت عليهاهذه الدولة. هذه المواقف السياسية المصرية تعد سجل فخار لقوة ومتانة الاعتزاز الوطني للقيادة السياسية وللدبلوماسية المصرية. مارست مصر سياسة النفس الطويل رافضة حصول اسرائيل علي اي مكاسب ليس بالنسبة للأراضي المصرية بل ايضا فيما يتعلق بالحقوق الفلسطينية العربية. في هذا الاطار تواصلت الرسائل والشد والجذب وادخال التعديلات . وتصاعدت الخلافات وهو ما أدي الي تدخل الجانب الامريكي في النهاية وحدث نفس الشيء في مفاوضات القدس التي وصلت الي طريق مسدود دفع بوزير الخارجية الامريكية سيروس فانس الي التدخل خاصة بعد ان صدرت التعليمات الي اعضاء اللجنة السياسية برئاسة محمد ابراهيم وزير الخارجية بشد الرحال والعودة الي القاهرة .. وحتي المقترحات الامريكية التي قدمت للخروج من الأزمة كانت ايضا محل اعتراض مصري مما أدي الي تعديلها هي الاخري عدة مرات. كان المناخ العام للمباحثات المصرية الاسرائيلية متوتراً منذ البداية خاصة بعد الخطاب الذي ألقاه رئيس الوزراء مناحم بيجن في حفل عشاء افتتاح اجتماع القدس وردد فيه ترهاته عن اسرائيل المسالمة وحقها في الاحتفاظ بغنائم الحرب!!. ونتيجة لصلابة الموقف المصري واعتراضاته ورفضه لكل المقترحات الاسرائيلية والتعديلات الامريكية خاصة فيما يتعلق بالانسحاب الكامل من الاراضي المصرية وايجاد حل عادل للقضية الفلسطينية فقد كان الوسيط الامريكي مضطراً من خلال لقاءات وزير خارجيته سيروس فانس مع الطرفين المصري والاسرائيلي الي تقديم الجديد من المقترحات والتي لم تلق موافقة مصر. كانت آخر هذه المقترحات والتي قدمت قبل العودة الي القاهرة: تصميم حكومتي مصر واسرائيل علي استمرار جهود التوصل الي تسوية سلمية وفق قرار مجلس الأمن رقم 242. انسحاب اسرائيل من أراض احتلت عام 7691 وان تكون هناك حدود آمنة ومعترف بها لكل الدول. انهاء الحرب واحترام وحدة وسيادة كل دولة واقامة علاقات طبيعية. ويقول ابوالغيط انه علم من اللقاءات التي دعا اليها الوزير ابراهيم كامل ان الرئيس أنور السادات رفض أي مسعي لتأجيل مغادرة الوفد المصري للقدس. ووصف ابوالغيط محمد ابراهيم برباطة الجأش والسيطرة علي اعصابه امام استفزازات اسرائيل. تعليقا علي ذلك قال أحمد ماهر عنه أنه رجل عاقل لا يريد اجهاض الموقف واعطاء فرصة لاسرائيل. واضاف انه وفي ضوء ما يجري فإن طريق التفاوض سيكون طويلا طويلا.. وقبل مغادرة الوفد للقدس جاء سيروس فانس للقاء محمد ابراهيم واخبره بأن هناك تعديلات جديدة سوف تستجيب لوجهة النظر المصرية فيما يتعلق بالانسحاب وبالقضية الفلسطينية. وعدنا الي القاهرة لنصلها في الساعات الاولي من الصباح بعد 06 ساعة من المفاوضات الشاقة. واستمرت الجهود الامريكية بعد ذلك حتي عقدت جلسة مفاوضات مصرية اسرائيلية جديدة في ليدز كاسل ببريطانيا في يوليو 8791 والتي كانت الطريق بعد ذلك الي مفاوضات كامب ديفيد التي عقدت في 5 سبتمبر 8791 وقادها الرئيس الراحل انور السادات وانتهت بمعاهدة السلام والانسحاب الكامل لاسرائيل من كل شبر من الأرض المصرية. وللحديث بقية جلال دويدار [email protected]