يعد القمح ثاني أهم المحاصيل الإستراتيجية في العالم بعد محصول الأرز ويتراوح إنتاجه بين 602 مليون طن كمتوسط عام سائد وحتي 686 كأعلي محصول عالمي مسجل عام 2008. وتعد الصين هي المنتج الأكبر للقمح في العالم بنسبة 17.4٪ من الإنتاج العالمي تليها الهند 11.9٪ ثم الولاياتالمتحدة 10.2٪ ولكن الأخيرة تعد هي المُصدّر الأول للقمح في العالم نظرا لتعداد سكانها الذي لا يتجاوز 320 مليون نسمة مقارنة بعدد سكان الهند والصين اللذين يمثلان معا أكثر من ثلث عدد سكان العالم ولا يمثل إنتاج مصر من القمح إلا أقل من 1٪ من الإنتاج العالمي. لا يتجاوز حجم المتاح للتجارة العالمية من القمح نسبة 18٪ فقط من حجم الإنتاج العالمي وهو يتراوح بين 110 إلي 140 مليون طن سنويا طبقا لحجم الإنتاج حيث يستهلك الباقي داخل الدول المنتجة له، بالإضافة إلي حفاظ العالم علي مخزون إستراتيجي عالمي يتم اللجوء إليه في سنوات نقص الإنتاج وهو عادة ما يكون في حدود 187 مليون طن ويستخدم لمنع إنفلات الأسعار في الأسواق العالمية في سنوات القحط وإنخفاض المحصول العالمي كما حدث خلال أزمة الغذاء العالمي والتي اجتاحت العالم خلال عامي 2007 و 2008 ووصلت فيها أسعار القمح إلي أرقام قياسية سجلت 470 دولارا للطن بالمقارنة بمتوسط السعر العالمي الذي يتراوح بين 160- 200 دولار للطن فقط في المعدلات الطبيعية للإنتاج. هذا يوضح كيف أنه من الخطورة بمكان الاعتماد علي ما يتوافر من القمح في الأسواق العالمية من فائض استهلاك الدول المنتجه له لأن عدد سكان العالم سوف يصل إلي 9.3 مليار نسمة عام 2050 بالمقارنة بنحو 6.3 مليار نسمة حاليا بزيادة 50٪ يستلزم زيادة إنتاج الغذاء العالمي بنحو 60٪ وزيادة استهلاك المياه العذبة بنحو 25٪ وبالتالي لن يكون هناك فائض من القمح للتجارة العالمية للتصدير للدول المستوردة للقمح والتي عليها زيادة إنتاجها من داخل أراضيها للوصول إلي الحد الآمن من الاكتفاء الذاتي من القمح والذي سوف يصبح عملة نادرة في الأسواق العالمية، إضافة إلي ما يستهلك منه حاليا في إنتاج الإيثانول الحيوي والذي تجاوز 4 ملايين طن حرقتها دول الاتحاد الأوروبي فقط عام 2009 وهو رقم مرشح للتضاعف ثماني مرات حتي عام 2050. تشمل آلية تحديد أسعار القمح والحبوب في البورصات العالمية علي تقسيم العالم إلي ثلاث مجموعات رئيسية وهي مجموعة الدول المصدرة للقمح ثم مجموعة الدول المكتفية ذاتيا منه خاصة تلك الدول كثيفة السكان لأن دخول إحدي هذه الدول الكثيفة السكان والمكتفية ذاتيا كمشتر جديد للقمح يرفع الأسعار بشدة، ثم أخيرا مجموعة الدول المستوردة. تضم المجموعة الأولي الدول الكبري المصدرة للقمح وهي الولاياتالمتحدة وكندا وروسيا وأوكرانيا وفرنسا ودول العملة الموحدة للاتحاد الأوروبي واستراليا والأرجنتين وأحيانا تدخل إنجلترا بكميات صغيرة لا تتجاوز 4 ملايين طن سنويا وكازاخستان وتركيا وألمانيا بكميات أقل لا تشكل ثقلا في بورصات القمح. نقص إنتاجية القمح في بعض من هذه الدول المصدرة يرفع من الأسعار في الأسواق العالمية بسبب نقص المعروض منه ولجوء العالم إلي السحب من المخزون الإستراتيجي العالمي. هذا الإنخفاض يمكن أن يحدث في الدول المصدرة للقمح إما بسبب الظروف المناخية كما هو حادث هذا العام في روسيا (84٪) وأوكرانيا (66٪) وكازاخستان وكندا (23٪) أو بسبب تقلص المساحات المزروعة بقمح الخبز كما حدث هذا العام في الولاياتالمتحدة بسبب إنخفاض أسعار القمح خلال العامين الماضيين بما أدي بالمزارع الأمريكي إلي البحث عن زراعات أخري أكثر ربحية فانخفضت المساحات المزروعة بقمح الخبز بنسبة 30٪ عن مثيلاتها في العام الماضي (هناك نوعان من زراعات القمح وهما قمح الخبز ويسمي القمح اللين Soft Wheat وقمح المخبوزات الراقية والأفرنجية والمكرونة ويسمي القمح الصلد Hard Wheat وهو الأعلي سعرا من قمح الخبز نظرا لارتفاع نسبة البروتين فيه). المجموعة الثانية التي تحدد أسعار القمح في البورصات العالمية هي مجموعة الدول المكتفية ذاتيا من القمح وأغلبها دول كثيفة السكان وتضم دول الصين حيث يمثل المخزون الصيني من القمح نسبة 36٪ من إجمالي المخزون الإستراتيجي العالمي ويكفي للصين أنها قادرة علي إطعام نحو 1300 مليون نسمة دون إستيرادها للقمح. يأتي بعد الصين الهند ثم باكستان وبنجلاديش وإيران وفي حال حدوث إنهيارفي محصول القمح في أحدي هذه الدول ودخولها كمشتر جديد في الأسواق العالمية يسبب ذلك سُعارا في الأسعار كما حدث عام 2008 عندما دخلت الهند كمشتر جديد لكمية 9 ملايين طن من القمح. المجموعة الثالثة وتضم الدول المستوردة للقمح خاصة تلك الدول التي تأتي علي قمة قائمة الدول العشر الكبري المستوردة للقمح أولا ثم دول قائمة الدول العشرين الكبري المستوردة للقمح حيث تأتي مصر »1٪ فقط من الإنتاج العالمي للقمح« علي قمة الدول العشر الكبري المستوردة للقمح بكمية وصلت إلي 10 ملايين طن سنويا خلال العامين الأخيرين أي نحو 70٪ من إجمالي احتياجاتنا من القمح والبالغ 14 مليون طن وذلك بعد أن كنا نستورد 5.5 مليون طن فقط عام 2005 ارتفعت عام 2007 إلي 7.5 مليون طن ثم إلي 10 ملايين طن عامي 2009 وعام 2010 بما يعني حدوث تدهور في إنتاجية القمح المصري. وللحديث بقية ......