إن المرأة من الرجل والرجل من المرأة بمنزلة الأعضاء من الجسم، فالرأس والجسد لا غني لأحدهما عن الآخر، ومن ينكر فضل المرأة كأم تسهر علي أبنائها ليلاً وترعاهم نهاراً، وزوجة تقوم علي طاعة زوجها وعمارة بيتها، وأخت تشارك أخاها لقبه وتفرح لفرحه وتغتم لهمه، وابنة ترعي والدها المسن في أخريات أيامه، إنها المرأة.. ربيع الحياة في خريف أيامها، وبستان الجمال في صحراء الوحشة، وإشراقة النور في ليل الهموم وظلام الأحزان. إن للمرأة حقوقاً، وعليها واجبات، شأنها شأن الرجل، ومبدأ المساواة ليس وليد اليوم أو الأمس، بل هو منذ أكثر من 14 قرناً حيث قرر الإسلام المساواة بين الناس جميعاً دون تفرقة، وكرم الجنس البشري علي جميع المخلوقات، وحين نقول «الجنس البشري» فالمقصود هنا النوعان، حيث ساوي الإسلام بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات والتكاليف، بل أمرنا بالإحسان إلي النساء، فقد ورد في الحديث الشريف: «استوصوا بالنساء خيراً» وأيضاً: «إنما النساء شقائق الرجال» وإن التاريخ ليذكر بكل فخر دور المرأة الريادي، فكم سجل لها من بطولات وإبداعات، وكم من نماذج مشرفة كانت المرأة صاحبة السبق والتفرد، وعلي سبيل المثال السيدة خديجة وذات النطاقين أسماء بنت أبي بكر وأميمة بنت قيس التي اشتركت في غزوة خيبر، وشجرة الدر التي أخفت نبأ وفاة زوجها الملك الصالح أيوب حتي لا تختل صفوف الجيش وتهزم البلاد، وفي عصرنا الحديث هدي شعراوي التي ناضلت بمشاركتها في ثورة 1919، وصفية زغلول التي حاربت الاستعمار وأعلنت مقاطعة البضائع الانجليزية، ومنيرة ثابت عميدة الصحفيات في عام 1942 وغيرهن الكثير. إن حقوق الرجل والمرأة كما يقول الإمام محمد عبده حقوق متبادلة وأنهما أكفاء، وهما متماثلان في الحقوق والأعمال، كما أنهما متماثلان في الذات والإحساس والشعور والعقل، وقد قال عنها رفاعة الطهطاوي رائد النهضة في العصر الحديث: يجب أن تتعاطي المرأة من الأشغال ما يتعاطاه الرجل علي قدر قوتها وطاقتها، فالعمل يصون المرأة ويقربها من الفضيلة، وإذا كانت البطالة مذمومة في حق الرجل، فهي في حق النساء مذمَّة. ولعل من نافلة القول أن نجزم بأن الواقع الذي نعيشه اليوم يتطلب تكاتف الجميع الرجل والمرأة معاً في بناء مستقبل الأمة ونهضتها، فلا غني لأحدهما عن الآخر، فكم نتمني ونحن في مرحلة جديدة أن تنال المرأة ما تستحقه باعتبارها »نصف المجتمع«.