يجب الاعتراف أن اخطاء جسيمة ارتكبت خلال الاربعين عاما الاخيرة فيما يتصل بالعلاقات المصرية - الاثيوبية، طبقا لتقاليد الدولة المصرية منذ أقدم العصور كان حكام مصر شديدي الحرص علي العلاقات الجيدة مع دول منابع النيل خاصة الحبشة »الاسم القديم لاثيوبيا ويقتصر علي قوميتين فقط الامهرية وتشكل الاغلبية الحاكمة والتيجري، ثم جري ضم اقاليم أخري تماثل اضعاف مساحة الحبشة وأصبحت الدولة تعرف باثيوبيا وهي دولة قديمة عريقة، شعبها عريق ويعتبر الاماهرة انفسهم احفاد الملك سليمان بعد زواجه من بلقيس ملكة اليمن، ويشكل هذا البعد أساسا اسطوريا للعلاقة الخاصة باليهود عموما واسرائيل خصوصا، وقد تم تهجير يهود الحبشة المعروفين بالفلاشا في عملية شهيرة خلال سبعينات القرن الماضي اسهم فيها الرئيس السابق جعفر النميري بمساندة سياسية وعملية. في مصادر التاريخ المصري يبدو حرص حكام مصر علي العلاقة الطيبة مع حكام الحبشة، خاصة انهم يعتنقون نفس المذهب الارثوذكسي وكانوا اتباع الكنيسة القبطية المصرية قبل ان يقع خلاف بسبب دير السلطان في القدس، استقلت بعده الكنيسة الحبشية وكان بطريركها يعين من بابا الاقباط في مصر، ومازال المذهب نفسه عماد الكنيسة هناك، ولان المنطلقات واحدة كان حكام مصر يضعون الكنيسة المصرية كعنصر ايجابي في توطيد العلاقات أو حل المشاكل عند وقوع توتر، وفي بدائع الزهور نقرأ عن ارسال سلاطين المماليك لوفود إلي الحبشة تتضمن أقباطا لتحسين الصلات، في ولاية الرئيس السادات جري تغير نوعي خطير في الصلات التاريخية عندما اتخذ موقفا معاديا للنظام اليساري بقيادة هايلي مانجستو مبريام، وأدي هذا إلي سوء العلاقات، نلاحظ ان الرئيس جمال عبدالناصر الثوري بطبيعته ومواقفه لم يتخذ موقفا مضادا للامبراطور هيلاسلاسي وحرص علي العلاقات الجيدة به واستقبله في مصر بحفاوة اكثر من مرة، في عهد الرئيس الاسبق مبارك تدهورت العلاقات بعد محاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها والمنطلقة من معسكرات القاعدة بالسودان، وجرت محاولات للتدخل في اثيوبيا زادت الموقف تعقيدا وأصبح الآن أشد صعوبة بعد الشروع فعلا في بناء سد النهضة الذي يهدد مصر بمجاعة مائية لم تعرفها في تاريخها الطويل وحتي الآن لا يبدو أن الوعي بخطورة الموقف الذي سنواجهه بعد شهور معدودات قائما، ماذا عن تفاصيل الخطر؟ هذا ما يجب توضيحه.