منذ تأسيس الدولة الفرعونية ومصر منظمة حربية دقيقة التنظيم، يقوم الكتبة بمراقبة التجنيد وإدارة التعيينات وإسناد الوظائف. وفي كل عصر، كان الملك هو القائد الأعلي للجيش، والقائد النظري للمعارك، ويبدو ذلك واضحا في الرسوم الحربية علي صخور الصحراء التي ترجع لعصور ما قبل التاريخ، فلهذا الجيش نظام عتيق، ولكنه جيش وطني قومي يخضع لأوامر وقوانين دقيقة تفرضها عليه الحكومة، إنهم المحاربون العظماء الذين سيطروا بسهولة علي البر والبحر، ونضيف في هذا القرن ال12 »الجو« ايضا، ونرجع الي العصر القديم لنتأكد من أن الذين ابتكروا علم الادارة، ورفعوا صروح هندسته الي عنان السماء للقادرين كذلك علي تنظيم حياة المحاربين والبلاد، كان الملك »الفرعون« إذا لم يقم بقيادة العمليات الحربية بنفسه فكان يشترك في مجلس الحرب ويسند القيادة العليا للجيش الي »قائد عظيم« وكانت هناك مناطق عسكرية يشرف عليها ضباط مسئولون، كانت الجنود أكثر لياقة في العرض العسكري ومدربين علي أداء الحركات العسكرية بمجرد سماع صوت البوق، فزادت الوحدة التكتيكية في أهمية المعارك والجنود المشتركين في القتال، وكان الجيش يتألف من فرق مشاة وتحت إمرة حامل »لواء« وتنقسم الي أربعة أقسام وتسمي هذه الاقسام بأسماء طنانة ذات عظمة مثل »امنحوتب يضيء كالشمس« و»رمسيس القوي الذراع« وما شابه ذلك، وتتألف المشاة الكثيرة العدد من المصريين الفلاحين الذين اتخذوا الجندية حرفة، ولم يكن الجيش المصري يشن حربا حقيقية في العصور القديمة من أجل الغزو، بل كان يقوم بحملات »للمعاقبة« ومن صفات »المحارب الاعظم« أنه هو الذي يشتبك في المعركة ولا يتقهقر، والقائد الأعلي لجيشه والمقدام في عربته والذي يمسك قوسا ويطلق السهام مباشرة دون ان يخطيء الهدف، الذي يثبت في مكانه والرائع في شجاعته الذي تحمل ذراعه القوية الصولجان والترس، وكان المعتقد ان مصر هي العالم الذي نظمه الخالق الأول عز وجل وأحسن صنعه. وكان الفلاحون الكادحون الأشداء ابناء مصر صالحين لأن يكونوا جنودا مجيدين اذا دربوا علي القتال، وليس من المدهش ان قوما مدربين بمثل هذا التدريب الدقيق باستطاعتهم القيام بأشق الأعمال فكانوا ينقلون كتل الصخر بعد قطعها من المحاجر ولا تزال أسماء وحداتهم منقوشة علي صخور »الاهرام« الي يومنا هذا، لذلك كان النظام العسكري في الميدان صارما، فلم يسمح لأي جندي بأن يضرب جنديا آخر، فالجيش المصري منذ نشأته وهو جيش وطني قومي قام علي سواعد ابناء وطنه مصر منذ سنة 0023ق. م، وهو أول جيش وطني لدولة في التاريخ ويستحق في كل عصر وأوان أن نقول له »تسلم الأيادي« والحديث عن الجيش المصري لم يكتمل.