لعل من أهم ابرز مطالب ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011م تحقيق العدالة الناجزة بين المواطنين رغم ذلك فقد انتهي ما يقرب من ثلاثة أعوام ولم نر عدالة ناجزه بل مازالت كل القضايا التي رفعت منذ تلك الثورة متداولة بالمحاكم ، أو حصل المتهمين فيها علي براءات لعدم قيام جهات التحقيق باستيفاء أدلة الإدانة قبل تقديمهم للمحاكمة . ولعل دستور 2012م المعطل قام بإضافة اختصاصات لهيئة قضايا الدوله بهدف التيسير علي المواطنين والمساهمة في تحقيق العدالة الناجزة وقبل ان تقوم السلطة التشريعية بتعديل قانون قضايا الدولة بتنظيم اختصاصاتها الجديدة تم تعطيل الدستور من القائمين علي شئون البلاد وتم تشكيل لجنة قانونية من عشرة أعضاء وإذ بهذه اللجنة يصر أعضائها من جهتي القضاء العادي ومجلس الدولة علي سلب اختصاصات قضايا الدولة والتي من بينها بأن قامت لجنة التعديلات باغتصاب اختصاص صياغة العقود التي تكون الدولة طرفا فيها والتي كانت ستقضي علي المشكلة من جذورها لإسنادها الصياغة القانونية للمختصين بدلا من اللجوء إليها لاحقا لمراجعتها أو للمحاكم للفصل في صحتها ونفاذها من عدمه،وذلك لكون مستشار قضايا الدولة هو من يمثل الوزراء والجهات الإدارية بصفتها وهو من يمثلهم بصفاتهم أمام القضاء فبدلا من أن تتلافي لجنة التعديلات الدستورية ما غضت اللجنة التأسيسية لدستور 2012 بصرها عنه من قاعدة أن من يفتي يدافع عن فتواه بوصفه من يمثل الجهات الإدارية طالبة الفتاوي وكونه عمل أصيل لهيئة قضايا الدولة المنشئة عام 1875م كأول هيئة قضائية بمصر نبت من رحمها باقي الهيئات القضائية بعد ذلك فكيف يكون القاضي بمجلس الدولة مفتيأ للسلطة التنفيذية وكاتبا للعقود التي تبرمها الدولة ثم يجلس علي منصة القضاء ينظر المنازعات المتعلقة بهذه العقود والفتاوي وهو أمر يتنافي مع الواقع والقانون والعرف بل مخالفا للشرع فلا يجوز لمن يفتي أن يقضي في ذات الموضوع الذي سبق وان آفتي به. ولا يوجد في قوانين العالم ما ينيط بأحدي المحاكم الاختصاص بإبرام عقود جهة الإدارة وبمقابل ثم معاودة الفصل في مدي مشروعيتها فالمفترض أن من يفتي يدافع عن فتواه ويمثلها عن جهات الاختصاص ويتعين أن يقتصر دور مجلس الدولة علي الفصل في المنازعات الإدارية وألا ينشغل بمشاركة جهات الإدارة في دورها التنفيذي أو التشريعي وان يترك ذلك الدور لقضايا الدولة لأنها هي الهيئة القضائية التي تنوب عن الدولة أمام المحاكم وهي الأقدر بان تدافع عن قراراتها أو عقودها أو تشريعاتها وهذا ليس انتقاصا من قضاة مجلس الدولة الأجلاء ولكن دعما للعدالة الناجزة في المنازعات الإدارية وان يخصص قضاة المجلس جل وقتهم للفصل في تلك المنازعات آذ أن مشاركتهم في عمل جهات الإدارة. سواء بالإفتاء أو مراجعة العقود أو مراجعة صياغة التشريعات يخلق نوعا من أسباب عدم صلاحيتهم للفصل في هذه المنازعات عملا بالقواعد العامة في التقاضي آذ أن مشاركة القاضي في العمل تجعله غير صالح في الفصل فيما يثور بشأنه من منازعات وهو ذات ما قرره قانون المرافعات المدنية والتجارية بنص المادة 146 التي حددت حالات عدم صلاحية القاضي لنظر الدعوي وهنا يصبح خصم وحكم بنفس الوقت في فتواه وتشريعاته. ولتعلم لجنة التعديلات الدستورية أن أي انتقاص أو تقصير لحق مستشاري قضايا الدولة في ملاحقة الفساد وحماية المال العام الذي هو مال الشعب المصري ما هو إلا عوده للخلف ولن يكتب لهذا العمل النجاح لأنه لن يكون معبرا عن أرادة الشعب المصري الذي وافق بأغلبية ثلثي من شاركوا بالتصويت علي اختصاصات قضايا الدولة بالدستور المعطل،وعلينا أن نقوم بإعلاء مصلحة البلد وتوحيد الصفوف للوصول بدولتنا الديمقراطية الحديثة التي من أولويتها دولة القانون في ظل العدالة الناجزة. وليكتب التاريخ للجنة التعديلات أنها لم تبتغ سوي وجه الله تعالي وصالح هذا الوطن وإنها لم تتصف بالجحود لمصر وأنها لم تنظر لأية مصالح شخصية أو تغليب لجهة قضائية علي أخري داعيا الله أن يوفقهم لما فيه الخير والسداد لمصرنا الحبيبة وشعبها العظيم.