حققت الجهود التنموية للسلطنة خلال العقود الأربعة الماضية من عمر النهضة المباركة التي قادها السلطان قابوس بن سعيد انجازات واسعة وملموسة علي مختلف الأصعدة والمجالات نتيجة لتوفر بيئة استثمارية جاذبة حيث يعتبر الاستثمار احد المحددات الأساسية للنمو . وفي ظل العولمة وثورة المعلومات والاتصالات والتقدم التكنولوجي في مجال فنون الإدارة ازدادت أهمية الدور الذي يضطلع به الاستثمار في نمو وتقدم الدول . وتشجيعاً لرأس المال المحلي والاجنبي قامت السلطنة بإدخال تحسينات واسعة في الأطر التنظيمية والقانونية المنظمة لنشاط القطاع الخاص وفي ضوء ذلك تعززت القدرة التنافسية للسلطنة بتشجيع رأس المال المحلي واجتذاب رأس المال الاجنبي وانعكس ذلك في ارتفاع معدلات الاستثمار في البلاد حيث تشير الإحصاءات المتوفرة إلي حدوث نمو مطرد للاستثمارات المحلية والأجنبية في السلطنة خاصة وأن رفع معدلات الاستثمار المرتبط بجودة البيئة الاستثمارية يساعد في دعم الاقتصاد الوطني بإضافة مقومات جديدة قائمة علي المعرفة والإبداع والابتكار لرفع الإنتاجية والتنافسية بالإضافة إلي مقوماته الحالية المستندة علي استغلال الموارد الطبيعية والموقع الجغرافي الاستراتيجي . ان التحسن الذي طرا في البيئة الاستثمارية للسلطنة من شأنه أن يدعم الاقتصاد الوطني ويؤهله لتوسيع القاعدة الاقتصادية وتنويعها وتنميتها وتطوير القطاع الخاص وزيادة فرص العمل لقوة العمل الوطنية والارتقاء بمستوي الإنتاجية في كافة القطاعات وعلي وجه الخصوص القطاعات غير النفطية. وتظهر وجهة نظر المؤسسات الدولية ان جهود تطوير البيئة الاستثمارية في السلطنة أثمرت عن نتائج ايجابية حسبما ورد في تقارير المؤسسات والوكالات الدولية حيث اوضح تقرير التنمية البشرية لعام 2010م الصادر عن الأممالمتحدة حصول السلطنة علي المركز الأول من بين 135 دولة من حيث سرعة معدل التنمية البشرية خلال العقود الأربعة الماضية ويعزي التقرير تتويج السلطنة بالمركز الأول إلي الانجازات الكبيرة التي حققتها في مجالات الصحة والتعليم حيث أوضح التقرير أن " مصدر هذا التقدم ليس إيرادات النفط والغاز كما قد يفترض" وإنما هو نتيجة للانجازات الكبيرة التي حققتها السلطنة في الصحة والتعليم أي في البعدين غير المرتبطين بالدخل من دليل التنمية البشرية. كما أن منظمة الأممالمتحدة رفعت تصنيف السلطنة في تقاريرها للتنمية البشرية منذ عام 2006م إلي مجموعة الدول ذات التنمية البشرية العالية أخذة في الاعتبار ما تم أحداثه من نقلة نوعية في مجالات الرعاية الصحية والتعليمية والدخل وصنفت لجنة النمو والتنمية التابعة للبنك الدولي السلطنة ضمن الثلاثة عشر دولة التي حققت نموا متواصلاً وبأعلي المعدلات خلال فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية وفي ضوء هذه المعدلات العالية للنمو رفع البنك الدولي تصنيف السلطنة من شريحة الدول ذات الدخل المتوسط العالي إلي مجموعة الدول ذات الدخل المرتفع. وأظهر تقرير ممارسة أنشطة الأعمال 2011 الصادر عن مؤسسة التمويل الدولية والبنك الدولي في نوفمبر 2010م أن السلطنة نجحت في تحسين ترتيبها العالمي بواقع ثمان مراتب لتحصل علي المرتبة 57 عالميا في سهولة ممارسة نشاطات الأعمال بالمقارنة بالمرتبة 65 في عام 2010م وذلك من بين 183 دولة شملها التقرير . واشار تقرير التنافسية الصادر عن معهد التنمية الإدارية ( أي ام دي ) بسويسرا الي ان الاقتصاد العماني أحرزا تقدما كبيرا في ترتيب درجة التنافسية في تقرير التنافسية لعام 2009م حيث قفز من المرتبة 31 في عام 2004 من بين 61 دولة مشمولة في التقرير إلي المرتبة 15 في عام 2009م من بين 58 دولة مشمولة في التقرير ويعزي ذلك إلي تحسن ترتيب السلطنة في جميع المؤشرات الرئيسية الأربعة ففي مجال الأداء الاقتصادي ارتفعت السلطنة من المرتبة 26 في عام 2004م إلي المرتبة 19 في عام 2009م وفي الكفاءة الحكومية من المرتبة 7 إلي المرتبة 3 وفي كفاءة قطاع الأعمال من المرتبة 40 إلي المرتبة 19 وفي البنية التحتية من المرتبة 42 إلي المرتبة 35 في عام 2006م . ويرجع التقرير التحسن في مجال الأداء الاقتصادي إلي عوامل عدة أبرزها الأداء القوي للاقتصاد الوطني حيث حصلت السلطنة علي المرتبة الثالثة في مجال الكفاءة الحكومية ويمكن للسلطنة إحراز المزيد من التقدم في هذا المجال من خلال تطوير الأطر الخاصة بجذب الاستثمارات الدولية وهو الأمر الذي تعمل علية السلطنة من خلال تطوير القوانين المتعلقة بالاستثمار. وفي مجال الكفاءة الحكومية تعتبر السلطنة من ابرز الدول علي هذا الصعيد حيث أحرزت كما اشرنا أعلاه المرتبة الثالثة ضمن مجموعة ال 58 دولة ولم تسبقها سوي سنغافورة وهونج كونج حيث أحرزت السلطنة المرتبة الأولي في إطار السياسات المالية والمرتبة الثانية في المالية العامة ويعني ذلك أن الاقتصاد العماني والسياسات الحكومية تتسم بالانسجام والشفافية وهي أمور ينبغي المحافظة عليها .. ومن جانب آخر يعزي التقرير تحسن ترتيب تنافسية قطاع الأعمال في السلطنة إلي التحسن الذي تم في مجال فعالية الأداء والإنتاجية والربحية ويتضح من التقرير إمكانية إحراز السلطنة المزيد من التقدم في هذا المجال من خلال معالجة العوامل المرتبطة بزيادة إنتاجية ورفع كفاءة إدارة قطاع الإعمال . وفيما يتعلق بمؤشر البنية الأساسية حققت السلطنة مرتبة متقدمة في مجال تطوير وتخطيط وتنمية البنية الأساسية والانفاق علي هذه الجوانب الطرق والمطارات والموانئ حيث حصلت علي المرتبة الثامنة من بين 58 دولة مشمولة في التقرير ويوضح تقرير عام 2009م أن السلطنة كانت ضمن مجموعة تضم فرنسا واسبانيا في عام 2004م إلا أنها في عام 2009م تفوقت علي هاتين الدولتين لتنتقل إلي مجموعة الثلث الأعلي لدول العالم الأكثر تنافسية كما يشير التقرير إلي أن السلطنة تمتلك العديد من المقومات التي ستساهم في تحسين وضعيتها التنافسية عالميا. ويوضح التقرير الدولي للتنافسية الصادر عن المنتدي الاقتصادي العالمي في 2010 إلي أن ترتيب السلطنة سجل تراجعا طفيفاً من المرتبة 38 من بين 134 دولة مشمولة في تقرير عام 2009م إلي المرتبة 41 من بين 133 دولة مشمولة في تقرير 2010م وقد جاء ذلك في ظل تراجع ترتيب السلطنة في معيار الابتكار والتجويد من المرتبة 48 في عام 2009 إلي المرتبة 52 في عام 2010م إما المعيارين الآخرين فقد طرأ عليهم تحسن حيث جاء ترتيب السلطنة في معيار المتطلبات الأساسية في المرتبة 25 مقابل المرتبة 31 في تقرير عام 2009م وكذلك معيار تعزيز الكفاءة إلي المرتبة 53 مقابل المرتبة 61 في عام 2009م حيث تصدرت سنغافورة هذا التصنيف الدولي تليها كلا من هونكونج ثم الدنمارك ثم السويد ثم سويسرا ثم نيوزيلندا ثم النرويج ثم كندا.