من حسن حظي ، انني عملت في معظم صحف مصر الحزبية والمستقلة وحتي الصحف الخليجية ، بالاضافة الي بيتي العريق طبعا " الاخبار ". و عرفت خلال مسيرتي المهنية المتنوعة ، كتابا وصحفيين من اصحاب المقام الرفيع في عالم الكتابة . اسماء كبيرة في بلاط صاحبة الجلالة ، يتسم اصحابها بدماثة الخلق والموهبة الفطرية والقدرة علي العطاء المتميز والمبهر في اي مكان يعملون به ، ناهيك عن تمتعهم بقدرة هائلة علي حب الاخرين وتشجيعهم خاصة من الاجيال الشابة التي عملت بالقرب منهم . وكم اتمني ان يسعفني العمر لاعداد كتاب يلقي الضوء علي كتيبة الاساتذة في عالم الصحافة امثال مصطفي شردي وجمال بدوي وجمال الشرقاوي وعباس الطرابيلي وجلال عيسي ووجيه ابو ذكري ونادية العسقلاني وغيرهم الكثير ممن عرفتهم عن قرب واكتشفت فيهم جوانب انسانية رائعة لايعرفها سوي من عمل معهم . لقد استحق هؤلاء لقب الاستاذية لا لتميزهم المهني فقط ، وانما لحرصهم علي تبني اي موهبة شابة ، بتشجيعها وتقديم النصح اليها، دون اي تعال او استعراض للتفوق المهني ، وهو امر فريد في مهنة تعج بالصراعات والضرب تحت الحزام حتي اصبح وجود الاستاذ المعلم يكاد يكون نادرا في بلاط صاحبة الجلالة حاليا . كان الاستاذ الكبير جمال الشرقاوي بابتسامته الخجولة وصوته الهادئ لايفوته الاشادة بأي شاب ممن عايشوه ، يقدم عملا صحفيا متميزا سواء كان خبرا او تحقيقا ، ويغلف اشادته بنصيحة تنعكس في اداء وعرض افضل لاعمال الشاب التالية . كان نجما في عالم التحقيقات الصحفية وأظنه الوحيد الذي نجح باقتدار في دمج فني التحقيق والحوار بشكل سلس يجعل القارئ يستمتع بحيوية التحقيق ويعيش اجواءه. رحمك الله ايها الفارس الموهوب وجزاك خيرا قدر ماقدمت لي ولغيري من تشجيع وثناء ونصح ، لتبقي رغم رحيلك، مثلا وقدوة وعلامة مضيئة في تاريخ الصحافة المصرية والعربية.