نجح العلماء في المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية (سيرن) في احداث تصادمات بين جسيمات بطاقة قياسية بغية محاكاة الظروف التي اعقبت الانفجار العظيم الذي نشأ عنه الكون منذ 13.7 مليار عام. ولدي بدء التجربة أمس الأول تعالت صيحات الاستحسان من 80 عالما ومهندسا في سيرن في غرفة المراقبة بالمجمع البحثي المترامي الاطراف الواقع في منطقة الحدود السويسرية الفرنسية المشتركة قرب جنيف وعلي عمق مائة متر تحت الارض. وظهرت علي شاشات عملاقة في سيرن صور ملونة للتصادمات التي تجري في قلب المصادم بالمختبر الاوروبي لفيزياء الجسيمات. وقال رولف-ديتر هوير المدير العام لسيرن متحدثا علي دائرة تلفزيونية مغلقة من طوكيو إن هذه التصادمات - التي تمثل حتي الان ذروة التجربة التي تكلفت عشرة مليارات فرنك سويسري (9.4 مليار دولار) والتي تستغرق فترات متناهية الصغر وبسرعة تكاد تقترب من سرعة الضوء وستستمر لسنوات ايذانا بخطوة عملاقة في علوم الفيزياء تمثل انطلاقة هائلة للبشرية. وتتضمن اضخم تجربة علمية في العالم احداث تصادم بين حزمتي جسيمات من البروتونات تسيران في اتجاهين متقابلين في مسار بيضاوي داخل نفق طول محيطه 27 كيلومترا في مصادم الهدرونات الكبير وبكم طاقة يصل الي 3.5 تريليون الكترون فولت في الاتجاه الواحد لمحاكاة الظروف التي اعقبت الانفجار العظيم. ومصادم الهدرونات الكبير هو مجمع ضخم من المغناطيسات الحلقية العملاقة والاجهزة الالكترونية المعقدة والحاسبات وتكلف انشاؤه عشرة مليارات دولار ويصل عمره الافتراضي الي 20 عاما. والالكترون فولت هي وحدة لقياس الطاقة وتعادل كمية طاقة الحركة التي يكتسبها الكترون وحيد حر الحركة عند تسريعه بواسطة جهد كهربائي ساكن قيمته واحد فولت في الفراغ. ويعكف عشرة آلاف من العلماء في شتي ارجاء العالم خلال الاشهر والسنوات القادمة علي رصد وتحليل الكم الهائل من المعلومات المستقاة من التجربة وذلك عبر شبكة كمبيوتر لإماطة اللثام عن طلاسم كونية منها منشأ النجوم والكواكب والمجرات وماهية المادة المعتمة غير المرئية.