أتعجب غاية العجب ممن يطالبون المفتي الجديد - وجميعهم علماء وأساتذة بالأزهر الشريف - بالتصدي لفوضي الفتاوي وبالذات تلك التي تحرض علي القتل، وكأن المفتي الجديد يمتلك عصا سحرية يستطيع أن يجبر بها هواة الفتوي في الفضائيات أن يغلقوا أفواههم ويكفوا عن الفتوي بغير علم. وحتي لوحدث هذا فبماذا يفيد ومنبع الفتاوي المضللة مفتوح علي مصراعيه.. ألم يستند أستاذ الأزهر في فتواه الأخيرة بقتل المعارضين للحاكم بعد بيعته، إلي ما وصفه بأنه حديث شريف منسوب إلي الرسول صلي الله عليه وسلم ؟ ألم يستشهد به حيث ضمه صحيح البخاري اعتمادا علي أنه ذو سند صحيح، ومن قبله ببضعة أشهر استشهد شيخ آخر كان يقدم نفسه للناس بأنه من علماء الأزهر الشريف بنفس الحديث في الحكم أيضا بجواز قتل المعارضين للحاكم بعد البيعة ؟ إلاّ أن الأزهر سارع بنفي انتساب هذا الشيخ له.. إذن أيها الأساتذة الأفاضل قبل أن تطالبوا المفتي الجديد بالتصدي للفتاوي التي تحرض علي القتل، عليكم أولا بسد منبع تلك الفتاوي، أي تطهير كتب الصحاح وبالذات البخاري ومسلم، مما هومنسوب للنبي صلي الله عليه وسلم وفي نفس الوقت يخالف القرآن الكريم بشكل فادح وفاضح، كيف يستطيع المفتي أن يتصدي لفوضي الفتاوي وفي كل بيت مسلم نسخة من كتب الصحاح التي تحتوي علي عشرات الأحاديث المنسوبة ظلما للنبي صلي الله عليه وسلم.. وللأسف تمثل المنبع الرئيسي للفتاوي المضللة.. والمدهش أنه مطلوب من كل مسلم أن يصدق كل ما جاء في كتب الصحاح وإلاّ يكون إيمانه منقوصا أومنكرا للسنة الشريفة.. ألا تحتوي كتب الصحاح علي الحديث الزاعم بقتل معارضي الحاكم ؟ ألا تحتوي كتب الصحاح علي حديث إرضاع الكبير خمس رضعات مشبعات لاستيفاء شرط التحريم من الرضاعة (شفتوا مسخرة أكتر من كده ؟).. ألا تحتوي كتب الصحاح علي قتل المرتد عن الاسلام برغم خلوالقرآن الكريم كله من أي إشارة لهذا الحكم من قريب أومن بعيد ؟ فكم من آية في القرآن ترك فيها الله سبحانه وتعالي للإنسان كامل الحرية في الايمان أوالكفر.. وكم آية ذكرت أن الله هوفقط الذي سيحاسب الناس في الآخرة بما فيهم المرتدون ولم يوكّل أحدا غيره بهذه المهمة لا في الدنيا ولا في الآخرة.. ألا تحتوي كتب الصحاح علي أن المعوذتين ليستا من القرآن وأن ابن مسعود كان يحكهما من المصحف.. وغير ذلك مما لا يتسع المجال لحصره ويخالف القرآن مخالفة صريحة.. من نصدّق ؟ ما جاء في تلك الكتب أم ما جاء في القرآن ؟ للأسف هناك من لا يزالون يعبدون أصناما فكرية تم تسويقها جهلا عبر التاريخ علي أنها سنة والسنة منها براء ولا سامح الله أبدا أولي الأمر الذين يتفرجون علي هذه الإساءة المتواصلة للرسول صلي الله عليه وسلم ولسنته المطهرة ولا يحركون ساكنا (وإن كثيرا ليضلون بأهوائهم بغير علم إن ربك هوأعلم بالمعتدين).