تنفس المصريون الصعداء بعد الإعلان عن توقيع المعارضة وثيقة الأزهر لنبذ العنف ووضع جدول لآلية الحوار الوطني، فما حدث في الأسبوع الماضي جعل الكثير يتساءلون: ألم يكن من مطالب الثوار القصاص ممن قتل الأبرياء في استاد بورسعيد؟ وعندما صدرت احكام رادعة خرج البعض في مظاهرات! وعندما اعلن الرئيس محمد مرسي حالة الطوارئ في مدن القناة حفاظا علي أمنها وبالتالي أمن قناة السويس أهم ممر مائي لعبور السفن المحملة بالبترول لأوروبا وأمريكا، وكان الهدف هو تأمين أي مخاطر قد تتعرض لها القناة من قوي خارجية تبحث عن ذريعة لفرض سيطرتها علي قناة السويس كذلك لقد استغل بعض البلطجية الموقف وبدأت عمليات سطو وترويع لأهالي مدينة السويس، ولكن هذا لم يعجب البعض فخرجوا في مظاهرات وكأن هناك مخططا لرفض أي شيء وكل شيء حتي تنهار الدولة المصرية وهو ما حذر منه وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي، وطوال هذا كله لم يكن من دور لجبهة الإنقاذ الوطني إلا سكب الزيت علي النار وإلقاء خطابات الرفض، رغم أنهم يعلمون جيدا عدم وجود شعبية كبيرة لهم ودعوة الرئاسة لهم للحوار لايعني سوي محاولة الرئاسة للم الشمل حتي ننضوي جميعا تحت سقف هذا الوطن المهدد بمخططات خارجية كشف عن أولها مع ظهور مايعرف "بالكتلة السوداء""البلاك بلوك"والتي تسعي لإثارة الفزع في نفوس المصريين وتدمير كل شيء وسوف تكشف التحقيقات قريبا الأيدي القذرة وراء هذا التنظيم. يبقي الجانب الإيجابي لهذه المواقف العصيبة التي مر بها الوطن وهو سقوط رموز جبهة "الإغراق الوطني"وخسارتهم لكثير من الاحترام الذي كان البعض يكنه لبعضهم فقد ظهر جليا أن هناك عبده مشتاق يكمن داخل كل منهم وان منصب الرئاسة هو الهدف لا سلامة المصريين، وبالطبع هذا في حد ذاته مكسب إيجابي لسقوط أقنعة هؤلاء والظهور الجلي لكراهية هؤلاء لكل ما يتسم بالإسلام هم لا يريدون أناس يؤدون شعائر دينهم ولكن يرغبون في علمانية حقيقية للدولة وعودة سيطرة التيار العلماني علي وسائل الإعلام والصحف القومية ليعيثوا فسادا كما فعل أسلافهم ولكن وجود الدكتور مرسي يعد حائلا قويا أمام تحقيق اوهامهم ولذا فلا مانع لديهم لانهيار الدولة بديلا لحكم الإسلاميين! وفي عرفهم كل قرار رئاسي أو حكومي هو خاطئ وفاشل! ولا يدركون ان غالبية الشعب المصري تبحث عن رخاء اقتصادي هو بإذن الله قادم شرط الاستقرار ووضع من يمولون كل البلطجة من رموز الفساد رهن الاعتقال وكل من يدعو للعنف، مالم تشدد الدولة قبضتها وتضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه بث الفوضي، لن نخرج من هذا المشهد العبثي، فجبهة الإغراق الوطني كما هو معلوم معظم رموزها يملكون إقامات في دول أوروبية بمعني أنه لو غرقت السفينة سيقفزون كالجرذان هربا بحثا عن العيش خارج مصر. وما جري مؤخرا ذكرني بهذه النادرة أرويها لكم لعل وعسي: كان جحا وابنه علي طرفي النقيض في بعض السلوك فكلما أمره أبوه بشيء عارضه قائلاً: وماذا يقول الناس عنا إذا عملناه ؟ وأراد الأب أن يلقن الإبن درساً ينفعه ويجعله ينصرف عن محاولة إرضاء الناس لأن رضا الناس غاية لا تدرك، فركب حماراً وأمر ابنه أن يسير وراءه، ولم يكد الراكب والماشي يمشيان بضع خطوات حتي مرا ببعض النسوة فتصايحن في جحا: ما هذا يا رجل؟ أما في قلبك رحمة تركب أنت وتدع الصغير يجري متعباً من ورائك، فنزل جحا عن الحمار وأمر ابنه بالركوب، فمرا بجماعة من الشيوخ جالسين في الشمس، فدق أحدهما كفاً بكف، ولفت أنظار الباقين إلي هذا الرجل الأحمق الذي يمشي ويدع ابنه يركب، وعلّق علي هذا بقوله: أيها الرجل تمشي وأنت شيخ وتدع الدابة لهذا الولد ؟ وتطمع بعد ذلك بأن تعلمه الحياء والأدب ! قال جحا لابنه : أسمعت، تعال إذاً نركب سوياً، وركبا ومضيا في طريقهما وصادفا جماعة ممن نصح أن نسميهم ( أعضاء الرفق بالحيوان ) فتصايحوا بالرجل وابنه: ألا تتقيان الله في هذا الحيوان الهزيل ؟ أتركبانه ووزن كل منكما أثقل من وزنه..؟ قال جحا وقد نزل وأنزل ابنه: أسمعت ؟ تعال نمشي معا وندع الحمار يمضي أمامنا، حتي نأمن مقالة السوء من الرجال والنساء وأصدقاء الحيوان، ومضيا والحمار أمامهما يمشي، فصادفا طائفة من الخبثاء الظرفاء، فاتخذوا من حالهما مادة للعبث والسخرية، وقالوا: والله ما يحق لهذا الحمار إلا أن يركبكما فتريحاه من وعثاء الطريق، وتمضي القصة وتقول: أن جحا سمع كلام الظرفاء الخبثاء فذهب وابنه إلي شجرة في الطريق فاقتطعا فرعاً قوياً من فروعها وربطا الحمار عليه وحمل جحا طرفاً وحمل ابنه الطرف الآخر، ولم يمضيا علي حالهما خطوات حتي كانت وراءهما زفة من الناس تضحك من هذا المنظر الفريد الذي أنهاه رجال الشرطة حين ساقوا جحا وابنه والحمار إلي مكان يوضع فيه المجانين، وحينها كان علي جحا أن يوضح لابنه خلاصة التجربة التي بلغت غايتها فالتفت إليه يقول: هذا يا بني عاقبة من يسمع إلي القيل والقال، ولا يعمل عملاً إلا لإرضاء الناس، وكان درساً وعاه ابن جحا وحفظه لنا التاريخ.. لا يبقي لنا إلا الدعاء لمصر وأهلها بالسلامة والأمان.