في هذا الأسبوع، وبنفس الصمت المعهود، أصدر الدكتور علي أبوالمكارم استاذ اللغويات بكلية دار العلوم روايته العاشرة بعنوان »وميض عينيها« وكان قد صدر له من قبل بالترتيب الزمني روايات »الموت عشقا - العاشق ينتظر - أشجان العاشق - الساعة الأخيرة- سفر الغربة - زهر البنفسج - أحلام الكري - علي الهامش - سماء - بغير نجوم« والأمر اللافت للنظر ان روائيا مصريا يصل انتاجه إلي هذا الحجم، ولا يسلط عليه أي ضوء من النقاد أو الاعلام الادبي يعتبر امرا غير عادل علي الاطلاق. صحيح ان علي أبوالمكارم كما أعرفه لا يسعي إلي الشهرة، ولا يحدث حوله ضجيجا اعلاميا كما يفعل غيره ممن لا يمتلكون نفس الموهبة، ولا حجم الانتاج لكن النقاد الحقيقيين في مصر كان الاجدر بهم ان يبحثوا ويفتشوا عن الجيد من الاعمال الأدبية وسط ركام الادب الرديء الذي يروج له أصحابه مستغلين حياءنا في عدم البوح برأينا الصريح فيهم! أما العتاب الاخر فهو موجه للاعلام الادبي الذي تعود القائمون عليه، والمستغلون له علي الكسل والجلوس في مكاتبهم منتظرين ان يذهب اليهم أديب حقيقي جاد، لكي يرجوهم ويتوسل إليهم في الاشارة إلي احد اعماله. ويبقي بعد النقاد المقصرين في مسئوليتهم، والاعلام الأدبي الكسول، ان أشير إلي مسألة الحظ.. أجل فالحظ قد يرفع أدباء ويخفض آخرين، بل انه قد يتسبب في شهرة عمل أدبي واحد ويخمد أعمالا اخري كثيرة. وأذكر في هذا الصدد الرواية الوحيدة التي كتبها الدكتور محمد حسين هيكل عقب عودته من البعثة بعنوان »زينب« فوضعته في مصاف رواد الرواية العربية إلي الأبد، وكذلك الحال بالنسبة لرواية »سارة« للعقاد، فهو لم يكتب غيرها من الروايات، ومع ذلك فانه يذكر بها في تاريخ الادب العربي الحديث. ونفس الأمر من قبل لرواية »حديث عيسي بن هشام« التي كتبها المويلحي.. وهذه كلها أعمال روائية مفردة طارت بسمعة أصحابها لمحالفة الحظ لها، بينما توارت أعمال أخري، ربما كانت أكثر فنية منها. لقد وجدت من جانبي ان القاء نقطة ضوء صغيرة في هذا المقال علي كاتب بلغت أعماله الروائية عشر روايات واحسب أنها جيدة وأصيلة ومتميزة -أمر يستحق التنويه. ولعل ناقدا محترما يتنبه لذلك فيقوم بدراستها وبتبصير القراء بمواطن الجودة فيها، وذلك بدلا من ان تصدق المقولة الشائعة التي تقرر ان الاديب في الشرق.. لا يعرف قدره إلا بعد وفاته.