لا تفسير لحالة الصمت تجاه ما أثير حول انتشار الفوضي في شوارع القاهرة سوي أن هناك تواطؤا من جانب المسئولين عن المحافظة أو أنهم غير قادرين علي القيام بمسئولياتهم. لا يمكن النظر إلي الموقف علي أنه لوجه الله دائما وانما المؤكد أن ما يجري له ثمنا يدخل ضمن حلقة الفساد التي تئن منها العاصمة. ليس ما أقول اتهاما مطلقاً مغلفا بالتحامل غير العادل وانما ما يعنيه كلامي في شكله العام استمرار الاوضاع علي ماهي عليه في شوارع القاهرة دون ضابط أو التزام بمتطلبات التنظيم. في هذا الاطار كلنا نعلم أن الارصفة والشوارع والميادين اقيمت لخدمة المارة وحركة المرور وليس ابداً بهدف تحويلها الي معارض للبضائع بكافة أنواعها. ولكن ونتيجة للادارة السلبية والتخلي عن المسئولية والقبول بدفع المعلوم مقابل التنازل عن حق الدولة والشعب في هذه المرافق التي تم الاستيلاء عليها . هذا الذي يحدث يشير إلي أن محافظ العاصمة الدكتور عبد العظيم وزير اصبح مغلوب علي أمره امام »المافيا« التي سيطرت علي مقدرات الامور. قد نسمع بأن المحافظ اصدر تعليماته إلي المسئولين عن هذه الاجهزة بتنفيذ القانون وأعادة النظام الي شوارع العاصمة التي يحكمها.. ولكن المصيبة وفقا للواقع الماثل علي الارض أن لا أحد يلتزم بهذه التعليمات ليس في الضواحي البعيدة ولكن وللاسف الشديد في قلب المدينة أيضا وعلي بعد كيلو مترين أو ثلاثة من مبني المحافظة. يحدث هذا كما سبق أن اشرت عند تقاطع شارعي الجلاء مع شارع 62 يوليو وحتي كوبري ابو العلا . ما تشهده هذه المنطقة يتواصل ايضا في منطقة الرويعي التجارية وسط القاهرة والذي لم يعد فيه شارع ولا رصيف لاستخدام المواطنين. قد يكون من بين الحجج والمبررات التي تساق لاستمرار هذا الوضع المأساوي الذي وصلت اليه شوارع وميادين القاهرة.. مراعاة البعد الاجتماعي. هنا أقول للسيد المحافظ هذا الذي يحدث من تشويه وأعمال ضد القانون لا علاقة لها بالبعد الاجتماعي وأن من مسئولياته حفاظاً علي هذه القيم وارتباطها بمتطلبات الأمن العمل علي تخصيص اماكن لاقامة اسواق لهؤلاء الباعة الذين احتلوا الشواع والميادين والارصفة رحمة بالمارة والسكان واصحاب المحلات وحركة المرور التي تعاني من التكدس والاستيلاء غير المشروع . أن عليه أيضا مسئولية إلزام أصحاب المحلات بعدم الاعتداء علي حرم الأرصفة والشوارع وان لا يتعدي عرض البضائع داخل هذه المحلات. لقد حان الوقت يا سيادة المحافظ لفرض الانضباط الغائب في شوارع عاصمة مصر الحضارة والتاريخ والريادة. ان كل ما نطالب به هو النزول للشوارع ومشاهدة ما يجري فيها كي تدركوا أن الصورة أصبحت ابداً لا تليق ولا تتناسب مع قيمة ومكانة مصر. من ناحية أخري فإنني أعتقد انكم تعلمون ان ما تعاني منه القاهرة في مجال النظافة انما يعود أصلا لهذه التجاوزات والسلوكيات غير السوية. أرجو أن تتنبهوا أيها السادة إلي أن الصمت علي هذه الاخطاء يمكن ان يستمر ويتواصل الي ما لا نهاية إذا لم يكن هناك تدخل حاسم بمنع المزيد من التلطيخ لوجه المدينة التي نفتخر جميعاً بالوجود فيها.