معتز شكرى الرقم سبعة محظوظ بين الأرقام، فالسموات سبع، والأرضون سبع، وأيام الأسبوع سبعة، ودرجات السلم الموسيقي سبع، وألوان الطيف سبعة. وفي التراث الشعبي نسمع عن خلاصة السبع حبوب، وعن البحور السبعة، وعن رحلات السندباد السبع. وللرقم سبعة حظ في التاريخ أيضا، فهناك عجائب الدنيا السبع، وحرب السنوات السبع. وعندنا في مصر السبع سواقي، ويحدثنا المقريزي في خططه عن »السبع خوخ« و»السبع قاعات«. ومن أشهر هذه »السبعات« علي الإطلاق »السبع بنات«. ففي الإسكندرية شارع شهير يحمل اسم »شارع السبع بنات« يربط بين القباري والمنشية، وهو الآن مقصد لمن يريد شراء الأدوات الكهربائية. وتوجد أماكن أخري في مصر تحمل هذا الاسم أيضا، بعضها شوارع أو ميادين أو مستشفيات، إلخ. ومع أن أصل التسمية يبدو غامضا، إلا أن بعض الباحثين، ومنهم الكاتب الراحل الأستاذ محمد فهمي عبد اللطيف، ذكروا قصة هذه التسمية، وأوضحوا أنها راجعة إلي دير في الصحراء حمل هذا الاسم لأنه كانت تقيم فيه سبع راهبات في زمن الاضطهاد غالبا، وكانت لهن قصة قديمة تحولت إلي أسطورة شعبية، فأطلق الناس اسم "السبع بنات" علي عدد من الأماكن، تخليدا لهن. ولكن هذا ليس كل شيء، فهناك أشياء أخري تدل عليها هذه العبارة لا علاقة لها بهؤلاء الراهبات. فهناك أثر إسلامي يسمي »أضرحة السبع بنات« يقع في السهل الممتد جنوب خرائب الفسطاط، وهي من الأضرحة المبكرة في العمارة الإسلامية. ويقول الدكتور عبد الرحمن زكي إنها بنيت لسبعة أشخاص من أسرة المغربي الذي قتله الحاكم بأمر الله سنة 400 هجرية، ولم يبق منها سوي أربعة أضرحة صغيرة، تقع علي مسافة من ضريح الإمام الليث. ولكن مازال في الجعبة الكثير! فهناك »سبع بنات« أخريات ورد ذكرها في تاريخ مصر، وبالذات في أوائل مارس من عام 1772م أثناء حكم علي بك الكبير، ولا تخلو القصة من طرافة. كان محمد بك أبو الذهب نائب علي بك الكبير ويدين له بالولاء، وقاد له كثيرا من الحملات ضد خصومه. إلا أن علي بك أرهقه وأرهق رجاله وأرادهم أن يظلوا بعيدين عن أهليهم يفتحون له البلاد ويخوضون الحروب الشرسة في ظروف صعبة. فتمرد أبو الذهب علي سيده ووقع بينهما نزاع. ووصلت الأخبار إلي مصر بانضمام الكثيرين إلي صفوف محمد بك أبو الذهب، فعند ذلك - كما يحكي الجبرتي - نزل بعلي بيك من القهر والغيظ ما لا يوصف، وشرع في تشهيل تجريدة عظيمة وأميرها إسماعيل بيك، واحتفل بها احتفالا كثيرا، وأمر بجمع أصناف العساكر واجتهد في تنجيز أمرها في أسرع وقت. وفي مارس 1772، سافروا برا وبحرا، ولكن إسماعيل بيك غير رأيه وانضم بمن معه من الجموع إلي محمد بيك وصاروا حزبا واحدا،ورجع الذين لم يميلوا وهم القليل إلي مصر. فعند ذلك اشتد الأمر بعلي بيك، ولاحت علي دولته لوائح الزوال، وكاد يموت من الغيظ والقهر. وقلد سبعة قواد جدد ولكنهم كما يقول الجبرتي "مزلقون"، أي متزينون ناعمون، فسماهم أهل مصر السبع بنات! لم يستطع أولاد البلد في مصر - بما عرف عنهم من السخرية- أن يمسكوا أنفسهم من التهكم بالقواد السبعة المرفهين الذين عينهم علي بك الكبير لقيادة حملته ضد محمد بك أبو الذهب، والشعب يعرف عنهم عدم صلاحيتهم لأمور الحرب والقتال. وكان تقدير المصريين صائبا ونظرهم بعيدا، فقد دارت المعركة وانهزم فيها جيش »السبع بنات«!