أعاد الهجوم علي الفنانة الهام شاهين.. أجواء مقتل فرج فودة.. ومحاولة اغتيال نجيب محفوظ.. وخطف الشيخ الذهبي واعدامه.. ومحاولات اغتيال حسن أبوباشا والنبوي اسماعيل والزميل مكرم محمد احمد.. ومصرع رفعت المحجوب.. والتي سجلت كلها تحت لافتة »الارهاب باسم الدين«! هذه المرة.. لم تكن الهام شاهين.. سوي رمز للحرب ضد القوة الناعمة لبلدنا.. وهي الفن والابداع والثقافة.. من اجل اهدار الدور الرائد الذي لعبته القوة الناعمة للوطن العظيم الذي ننتمي اليه في محيطنا العربي والاسلامي لسنوات طويلة.. وبالتالي فإن الهجوم علي الهام شاهين لم يكن يمت للدين.. ولا للاسلام بأدني صلة.. وكانت الهام شاهين.. هي الرمز للحرب ضد قوانا الناعمة علي المستويات السياسية والعلمية والسلوكية والاقتصادية وهي الحرب التي نواجهها هذه الأيام بشراسة لم نعرفها من قبل. نحن نواجه حرب استنزاف يومية في المبالغات ازاء ردود العمل التي تتسم بالحدة والعنف.. وتخريب الممتلكات العامة.. والاعتداء علي السفارات الاجنبية وتهديد العاملين بها.. كما حدث للسفارة الامريكية بسبب الفيلم المسيء للرسول عليه الصلاة والسلام.. وكما يتوقع ان يحدث للسفارة الفرنسية.. بسبب نشر احدي المجلات الفرنسية رسوماً تسيء للرسول عليه السلام. واللافت للانتباه ان بعض القنوات الفضائية التي ترفع الشعارات الدينية.. هي التي تقود الحرب ضد القوي الناعمة.. وهي التي تشعل نيران الغضب والدعوة للانتقام والثأر.. ودعوة الشباب الطائش لاحراق المنشآت العامة والصدام مع قوات الأمن.. واقتحام السفارات.. وازهاق الارواح.. اي دعوة الجماهير الغاضبة للانتقام من انفسنا.. واظهار الانسان المسلم بانه مصدر كل الشرور.. من قتل ونهب وتخريب. وكانت النتيجة ما نواجهه هذه الأيام.. من دعوات في العديد من عواصم العالم.. وفي مقدمتها واشنطن لوقف المساعدات والمعونات التي كان يقدمها دافع الضرائب الاجنبي لولاة الامور في بلدنا من اجل تحسين الاوضاع والخروج من المآزق.. المشكلة ان ارباب العمائم الصغيرة الذين يساهمون في الحرب ضد قوانا الناعمة يستخدمون الآيات القرآنية.. في غير محلها.. ويتلاعبون بالفتاوي التي تدعم حججهم.. وهم يدركون انهم عندما يستخدمون سلاح الدين فانهم يمارسون اقصي درجات العنف او الارهاب باسم الدين.. وانهم يساهمون.. عن جهل.. في الحرب ضد الاسلام.. وضد انفسنا! اعود لموضوعنا فأقول.. ان القضاء علي الفن في مصر.. من اجل »خلخلة« المجتمع و»زلزلة« القيم السائدة هو اهدار للقوي الناعمة التي اعتمدت عليها مصر طوال تاريخها الحديث وهي التي جعلت بلدنا.. بمثابة الجسر الذي تنطلق منه خيوط الابداع في ربوع العالم العربي.. ولم تكن الهام شاهين.. سوي الرمز لهذه الحرب. لقد وحد صوت أم كلثوم الأمة العربية.. ووحد الشعوب العربية.. في الوقت الذي لاحت فيه جذور الخلافات السياسية وكان صوت أم كلثوم يدوي في العواصم العربية.. رغم اختلاف الاجتهادات علي المستوي السياسي.. ومن ثم فإن القضية التي اثارها صاحب العمامة الصغيرة في إحدي الفضائيات المغمورة.. واللغة الهابطة التي استخدمها.. لا تعد مجرد حلقة في الهجوم علي الاسلام.. وليست موجهة لتشويه صورة الاسلام في الداخل والخارج فحسب.. وانما كانت تتعلق بالقوة الناعمة لبلدنا وهي قوة الابداع.. وهي القوة المؤثرة علي العديد من الملفات السياسية.. وفي مقدمتها ملفات الاقتصاد والاستثمار والسياحة.. وعلاقات النظام السياسي الجديد في مصر.. بالضمير الكوني والثقافة الكونية المعاصرة. فالقضية ليست دينية.. ولا يتعين بحث جوانبها بين رجال الدين وانما هي قضية سياسية.. وليس سرا ان نقول ان الهدف الاول من الهجوم علي الهام شاهين يستهدف الاطاحة بنصيب الفن المصري علي ساحة الفضائيات.. والصراع علي عرض المسلسلات والبرامج.. والتنافس بين الشركات العملاقة في قطاعات التسويق والاعلانات. وعلمتنا التجارب ان العالم السفلي مشحون بمثل هذه الممارسات علي المستوي السياسي ايضا.. والمؤسف في الموضوع ان العامل المشترك في الحالتين هو استخدام أرباب العمائم الصغيرة للترويج لأفكار محددة يتم التخطيط لها في العالم السفلي في مقابل مكافآت وعمولات تتسم بالسخاء.. ولذلك فإن استخدام الدين في مثل هذه الصراعات بات من الممارسات الشائعة.. لسبب بسيط هو ان الدين يدخل القلب بسرعة ومباشرة.. وقد كشفت مستندات المخابرات الاجنبية في السنوات الاخيرة عن مبالغ تم دفعها قبيل الغزو الامريكي للعراق.. لتمرير مشاركة الدول الاسلامية في الحرب الامريكية ضد العراق! ومن ثم فقد كانت الدعوة التي وجهها الرئيس الدكتور مرسي لعدد من رموز الفن في مصر.. ضرورية للتأكيد علي الموقف الرسمي للنظام الجديد في مصر.. تجاه الفنون بصفة عامة.. وتجاه الاتهامات التي وجهها احد ارباب العمائم الصغيرة للفنانة الهام شاهين. وان العداء للفن لا يمثل سياسة الدولة الجديدة.. ولا يعبر عن تحول ما في تعامل الحكومة مع الفنون.. ومع مواكبة العصر الذي نعيشه. كانت ضرورية للتأكيد علي ان دولة الاسلام في مصر.. لا تحارب الفن.. ولا تحتقره.. ولا تزدريه وان الهجوم الذي شنه احد ارباب العمائم الصغيرة علي الهام شاهين.. هو فصل جديد من الحرب ضد الاسلام والتي يجري تمويلها باموال ألد الاعداء للاسلام وقد كان اجتماع الرئيس مرسي برموز الفن.. ضروريا للدفاع عن قوانا الناعمة.. والمحافظة علي الجمال والكمال في مواجهة القبح والعنف.. واحراق المنشآت العامة!