تفاصيل لقاء وزير العمل بمُمثلي شركات إلحاق عِمالة موسم حج 2024    بدء مراسم حفل تنصيب الرئيس الروسي في الكرملين    «زعيم الأغلبية» يدين الهجمات الوحشية للقوات الإسرائيلية على رفح الفلسطينية    ترحيل مجدي شطة لمصلحة الطب الشرعي لإجراء تحليل مخدرات    على طريقة الشيف عظيمة.. حضري بسكويت اليانسون في المنزل    بدء تطبيق نظام رقمنة أعمال شهادات الإيداع الدولية «GDR»    قبل بدء فصل الصيف.. موعد انخفاض أسعار الاجهزة الكهربائية وتوقعات السوق (الشعبة توضح)    رئيس النيابة الإدارية ومحافظ الإسكندرية يضعان حجر الأساس لنادي الهيئة البحري بالمحافظة (صور)    «تعليم المنيا» تعلن جاهزيتها لامتحانات الفصل الدراسي الثاني بصفوف النقل    وزير الدفاع البريطاني يطلع البرلمان على الهجوم السيبراني على قاعدة بيانات أفراد القوات المسلحة    الرئيس الصيني يتعهد ب"عدم نيسان" قصف الناتو للسفارة الصينية في بلجراد    هالر: لم نأت إلى باريس كسائحين    سعر اليورو مقابل الجنيه اليوم الثلاثاء 7-5-2024 بالبنوك    9 أيام إجازة متواصلة.. موعد عيد الأضحى 2024    بعد تصدرها الترند.. مواعيد إعادة عرض حلقة ياسمين عبد العزيز في «صاحبة السعادة»    نجمة البوب العالمية دوا ليبا تصدر ألبومها المنتظر "التفاؤل الجذري"    كيف يقوم العبد المسلم بشكر ربه على نعمِه الكثيرة؟..د.عصام الروبي يوضح    رئيس "دينية الشيوخ": تعليم وتعلم اللغات يمهد لمقاصد شرعية كريمة    البورصة المصرية تربح 11.9 مليار جنيه في ختام تعاملات الثلاثاء    أسباب انتكاسات الأطفال بعد الشفاء من المرض    للأمهات.. أخطاء تجنبي فعلها إذا تعرض طفلك لحروق الجلد    وزير الصحة: المستشفيات المصرية تمتلك إمكانيات ضخمة تمكنها من تقديم أفضل الخدمات الطبية    انطلاق الأعمال التحضيرية للدورة ال32 من اللجنة العليا المشتركة المصرية الأردنية    ضبط متهم بالاستيلاء على بيانات بطاقات الدفع الإلكتروني الخاصة بأهالي المنيا    وزير الري يتابع موقف المشروعات المائية وتدبير الأراضي لتنفيذ مشروعات خدمية بمراكز المبادرة الرئاسية "حياة كريمة"    وزير العمل يلتقي مُمثلي شركات إلحاق عِمالة موسم حج 2024    الأوقاف: أسماء المرشحين للكشف الطبي للتعاقد على وظيفة إمام وخطيب ب إعلان 2023    تأجيل محاكمة المتهمة بقت ل زوجها في أوسيم إلى 2 يونيو    نصائح مهمة لطلاب ثانوي قبل دخول الامتحان.. «التابلت مش هيفصل أبدا»    برلماني: الاستجابة للمقترح المصري طوق النجاة لوقف نزيف الدم    75 رغبة لطلاب الثانوية العامة.. هل يتغير عدد الرغبات بتنسيق الجامعات 2024؟    هل يشبه حورية البحر أم الطاووس؟.. جدل بسبب فستان هذه النجمة في حفل met gala 2024    9 عروض مسرحية مجانية لقصور الثقافة بالغربية والبحيرة    بأمريكا.. وائل كفوري ونوال الزغبي يحييان حفلاً غنائيًا    بعد الإنجاز الأخير.. سام مرسي يتحدث عن مستقبله مع منتخب مصر    المشاكل بيونايتد كبيرة.. تن هاج يعلق على مستوى فريقه بعد الهزيمة القاسية بالدوري    بحضور مجلس النقابة.. محمود بدر يعلن تخوفه من أي تعديلات بقانون الصحفيين    مسؤول إسرائيلي: اجتياح رفح يهدف للضغط على حماس    الأمم المتحدة: العمليات العسكرية المكثفة ستجلب مزيدا من الموت واليأس ل 700 ألف امرأة وفتاة في رفح    3 ظواهر جوية تضرب البلاد.. الأرصاد تكشف حالة الطقس على المحافظات    بكتيريا وتسمم ونزلة معوية حادة.. «الصحة» تحذر من أضرار الفسيخ والرنجة وتوجه رسالة مهمة للمواطنين (تفاصيل)    عادات وتقاليد.. أهل الطفلة جانيت يكشفون سر طباعة صورتها على تيشرتات (فيديو)    مصرع سيدة دهسًا تحت عجلات قطار بسمالوط في المنيا    «تعليم القاهرة»: انتهاء طباعة امتحانات نهاية العام الدراسي لصفوف النقل.. وتبدأ غدًا    جمهور السينما ينفق رقم ضخم لمشاهدة فيلم السرب في 6 أيام فقط.. (تفاصيل)    انطلاق فعاليات مهرجان المسرح الجامعي للعروض المسرحية الطويلة بجامعة القاهرة    سعر الأرز اليوم الثلاثاء 7-5-2024 في الأسواق    اقوى رد من محمود الهواري على منكرين وجود الله    "تم عرضه".. ميدو يفجر مفاجأة بشأن رفض الزمالك التعاقد مع معلول    المتحف القومي للحضارة يحتفل بعيد شم النسيم ضمن مبادرة «طبلية مصر»    تفاصيل نارية.. تدخل الكبار لحل أزمة أفشة ومارسيل كولر    كيفية صلاة الصبح لمن فاته الفجر وحكم أدائها بعد شروق الشمس    عبد الجليل: استمرارية الانتصارات مهمة للزمالك في الموسم الحالي    لاعب نهضة بركان السابق: نريد تعويض خسارة لقب الكونفدرالية أمام الزمالك    أجمل دعاء تبدأ به يومك .. واظب عليه قبل مغادرة المنزل    اللواء سيد الجابري: مصر مستمرة في تقديم كل أوجه الدعم الممكنة للفلسطينيين    شكر خاص.. حسين لبيب يوجه رسالة للاعبات الطائرة بعد حصد بطولة أفريقيا    يوسف الحسيني: إبراهيم العرجاني له دور وطني لا ينسى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدبلوماسي محمد إدريس سفير مصر في أثيوبيا
ملف مياه النيل ليس بعيدا عن السياسة
نشر في الأخبار يوم 16 - 08 - 2012


محمد إدرىس اثناء حواره مع »الأخبار«
الأفارقة ظنوا أننا نتعالي عليهم لعدم حضورنا المؤتمرات الأفريقية
الابتعاد عن التهويل والتهوين يضمن لنا كوب ماء دائما من نهر النيل
حتما سوف تصيبك حالة من السعادة وسط ما نمر به اليوم وكل ساعة من تغييرات غير متوقعة.. خاصة عندما تقابل شخصية مصرية علي درجة عالية من الفكر والثقافة تدخل إلي قلبك الطمأنينة بحديثها عن المستقبل القريب والبعيد وما ينتظر مصر بلدنا الحبيب من تقدم وتألق في علاقاتها الخارجية وهو ما سوف نراه في الأفق قريبا..
ولقد لعبت الصدفة دورها في إتمام هذه المقابلة خاصة بالنسبة لي إذ فوجئت بالأديب الكبير جمال الغيطاني يخبرني بأنه كان سوف يتصل بي، من أجل اجراء حوار مهم مع السفير المصري الدبلوماسي القدير محمد ادريس سفير مصر في اثيوبيا. الموجود حاليا في القاهرة لقضاء إجازة قصيرة. ونظرا لمعرفتي باهتمامات الأديب الكبير وهمومه الخاصة بالمياه ومشكلتها مع دول المصب، بل واهتمامنا كذلك بهذه القضية فقد سعينا للقاء سيادة السفير، بعد مكالمة تليفونية قصيرة، وفي النادي الدبلوماسي جري هذا الحوار بكل تفاصيله فتعالوا نستمع لكل هذه التفاصيل.
رغم أنني أعرف ان وجودك كسفير لمصر في أثيوبيا يمكن ان يحل لنا طلاسم بعض المواقف التي نسمع عنها.. ومع ذلك لا أحب أن أبدأ معك هذا الحوار بداية ساخنة وبالتالي اسألك في هذا السياق وبهدوء، هل تم اختيارك في هذا المنصب لان لك علاقة بموضوع المياه؟!
ليس في هذا الملف تحديدا وبشكل مباشر، ولكن عملي السابق في وفد مصر في الأمم المتحدة في نيويورك وبطبيعة الحال فإن العمل بالأمم المتحدة له ارتباطات وجوانب متعددة لانه يتناول جوانب كثيرة، تبدأ من الأمور السياسية إلي الأمور الاقتصادية والخاصة بالصحة والتعليم، وانت كما تعلم فان الأمم المتحدة تتعامل مع جميع الموضوعات. وبالتالي بشكل أو بآخر فإن العمل هناك له ارتباط وله صلة بملفات متعددة في قطاع عريض من ملفات الحياة المتنوعة.
أنت والمياه
وهل عندما تم اختيارك من ستة أشهر في هذا المنصب تم تكليفك بشكل خاص بملف المياه ومعالجته مع أثيوبيا.. أم كان هذا الملف جزءا من بين اهتماماتك الأخري في إطار هذا المنصب؟!
طبعا هذه المهمة في هذا التوقيت، اعتبرها مهمة وطنية وعلي قدر عال من الأهمية والحساسية، خاصة بالنسبة للعمل في اثيوبيا باعتبارها دولة تربطنا بها مصالح استراتيجية وحيوية، ولنا ايضا معها روابط تاريخية مستمرة، والفترة التي عملت بها في هذا المنصب هي الفترة التي أعقبت ثورة 52 يناير.. وهي الفترة التي تميزت بادراك كبير علي المستوي الشعبي والرسمي لأهمية علاقاتنا مع افريقيا ككل وليس فقط مع اثيوبيا أو دول حوض النيل بل بأهمية علاقات مصر مع محيطها واسرتها الافريقية، وبالطبع في هذا الإطار هناك خصوصية وأهمية لعلاقاتنا مع دول حوض النيل وبشكل أخص مع دولة أثيوبيا.
وما هي الأوراق التي أعددتها أو تعدها حاليا بشأن ملف المياه، والدفاع عن حق مصر بخصوص نصيبها في نهر النيل؟!
هذا الملف تعرض وما يزال يتعرض لقدر كبير من التهويل والتهوين، والحقيقة تقع بين هذا وذاك وبالتالي علينا ان ننظر إلي هذا الملف بعيدا عن التهويل أو التهوين.
التهويل والتهوين
نريد مزيداً من التوضيح؟! فماذا تقول؟!
اعتقد ان الجزء الذي يقع بين أمور أخري عديدة ترتبط به وتؤثر فيه وتتأثر به، وبالتالي فلا يمكن ان تحدث اختراقا لملف المياه بمعزل عن مجمل العلاقات مع الدولة أو الدول المعنية أو بمعني آخر انه من غير المتصور ان يتحرك ملف المياه وينطلق بشكل ايجابي بمعزل عن وجود علاقات سياسية ايجابية وعلاقات اقتصادية وتجارية واستثمارية متنامية وبمعزل عن العلاقات الثقافية التي ترتبط بين الشعوب وتساهم في تصحيح المفاهيم.. وبالتالي فانني اتصور ان من يظن ان هذا الملف يمكن تحريكه بمعزل عن هذه الروافد كلها فإنه يجانبه الصواب، وبالتالي فإن المهم ان تكون هناك ملفات أخري إلي جانب وجود مناخ سياسي ايجابي مع الدولة المعنية، هذا المناخ يسمح بالحوار وتبادل الآراء والتشاور وتبادل الزيارات علي أعلي مستوي إلي جانب ضرورة ان يكون هناك علاقات اقتصادية وتجارية تؤسس لمصالح بين البلدين وهذا هو التصور الذي نتحرك من خلاله الآن، ايضا هناك الملف الثقافي والذي اعتبره من الملفات المهمة جدا وبالذات بين دول مثل اثيوبيا وعلاقتها بمصر، لان البلدين يملكان تراثا حضاريا كبيرا، إلي جانب التواصل الديني بين الشعبين سواء التواصل الإسلامي المسيحي أو المسيحي المسيحي أو الاسلامي الإسلامي، إذا هناك علاقات عديدة ونحن نسعي الآن ومنذ الفترة الماضية إلي التحرك علي مساراتها المختلفة، من أجل بناء علاقات تقوم علي ثقة وتفاهم وتحقيق مصلحة مشتركة بين الطرفين.
تحرك علي مسارين
سيادة السفير نريد ان يتسع صدرك اكثر لما هو آت من أسئلة خاصة ما يتعلق منها بملف المياه.. ولذلك أسألك أين وصل ملف المياه حتي هذه اللحظة؟!
هذا الملف الآن وخاصة في أعقاب ثورة 52 يناير، كان هناك تأكيد علي أهمية وخصوصية البلد الأفريقي في علاقات مصر الخارجية، وفي هذا السياق كان هناك تحرك علي مسارين، الأول مسار شعبي والاخر مسار رسمي، المسار الشعبي حمل رسالة للتأكيد علي اهمية التواصل مع دول حوض النيل والدول الافريقية ومع اثيوبيا، وكما تعرف فقد تمت في هذا الإطار زيارات شعبية ناجحة لعدد من الدول الافريقية ودول حوض النيل ومنها اثيوبيا وتواكب مع ذلك ايضا زيارات علي المستوي الرسمي، وهذه الزيارات أظهرت انه كانت هناك وعلي مدي العقود الثلاثة حالة من الفتور في التواصل علي هذين المستويين.. وفي اعقاب الزيارة التي قام بها الوفد الشعبي تمت زيارات علي مستوي رئاسة الوزراء.
تبادل الزيارات
وبطبيعة الحال فإن هذه الزيارات سوف يكون لها دورها المطلوب؟!
بالتأكيد وتم تبادل الزيارات واللقاءات ايضا علي مستوي وزراء الخارجية ودار حوار سياسي بين البلدين وبالطبع كان لوزير الري ايضا نصيب من هذه الزيارات الذي قام بزيارات متعددة الي هناك، وكان لهذه الزيارات مجتمعة تأثير ايجابي في تبادل الآراء من خلال حوار صريح ومباشر من أجل تحريك الملفات مع خلق مناخ ايجابي جديد من الحوار والتواصل وبناء الثقة بين الطرفين، تواكب مع ذلك ايضا زيارات كثيرة قامت بها وفود من رجال الأعمال والمستثمرين بهدف توثيق العلاقات وانت تعرف ان لنا الآن مشاريع استثمارية هناك.. وهذا مسار مهم جدا حيث يلاقي هؤلاء المستثمرون العناية الواجبة هناك، وصولا إلي الزيارة التي قام بها الرئيس مرسي إلي أديس أبابا لحضور مؤتمر القمة الافريقية الذي عقد أيضا هناك، هذا التواصل الأعلي مهم في الإطار الافريقي لأنه في هذا الإطار نجد ان البعد الشخصي مهم والعلاقات المباشرة وخلق جو من الثقة ايضا مهم. وفي الماضي كان لعدم حضورنا لمثل هذه المؤتمرات المرتبطة بالقمة جانبان سلبيان أولهما انه يعطي رسالة خاطئة باننا لا نهتم ولا نعطي الأولوية للقارة الافريقية ومن ثم فيه قدر من الابتعاد يستشعره الأخوة الافارقة بأنه نوع من التعالي. والجانب الآخر هو ان يجعلنا بعيدين عن القرار الافريقي والرؤية الافريقية وعندما نكون بعيدين فنحن نصبح أيضا بعيدين عن التأثير علي القرارات المستقبلية والتي تتم وغير ملمين ومدركين لتفاصيلها وأبعادها ولذلك هذا التواصل علي مستوي القمة مهم ونرجو ان يستمر.
وما رأيك فيما يتردد من أحاديث عن خطورة هذا الملف؟!
الآن وفي هذا السياق الذي أشرت إليه ومن خلال الفترة الماضية، يوجد تطورات مهمة اولها انه تم تشكيل لجنة من الخبراء لتقييم الآثار الفنية لسد النهضة الاثيوبية وهذه الآثار تحتاج إلي دراسة فنية.
وهل تم بالفعل تشكيل هذه اللجنة؟!
تم بالفعل تشكيلها وهي تضم خبراء وطنيين ودوليين وقد بدأت منذ شهر نوفمبر الماضي تمارس عملها.. وهي تضم تمثيلا مصريا وسودانيا وأثيوبيا وأيضا استشاريون دوليون متخصصون في مجالات اتفقت هذه الدول علي نوعية هذه المجالات وعلي هؤلاء الخبراء.. ونأمل ان تنتهي هذه اللجنة من أعمالها في أقرب وقت ممكن وهذا هو التحرك الذي نسعي إليه من أجل ان يفيد الجميع.
توصيات اللجنة
وهل في تصورك لو أن هذه اللجنة قد أصدرت توصيات فيما يخص مياه النيل لصالح مصر.. فهل سوف تقبلها أثيوبيا؟!
هذه ليست لجنة تحكيم ولكنها لجنة لدراسة وتقييم الآثار الفنية لهذا المشروع، وبطبيعة الحال عندما تكون هناك مثل هذه اللجنة والتي تحظي بدعم القيادات السياسية في الدول الثلاث ويشارك فيها خبراء استشاريون دوليون، بالتالي عندما تصل إلي توصيات وإلي رؤية فمن المؤكد ان ما سوف تصل إليه لابد ان يؤخذ في الاعتبار وان يكون لها قيمتها وتأثيرها، أما الجزء الآخر في هذا السياق فهو يتعلق بما أعلنه الجانب الاثيوبي من تأجيل التصديق علي اتفاقية حوض النيل لحين استكمال المرحلة الانتقالية في مصر، ووجود حكومة ورئيس منتخب وهنا لابد وان اشير إلي ان الجانب الاثيوبي لم يقل إنه يتراجع عن التوقيع علي هذه الاتفاقية ولكن ووفقا لرؤية الجانب الافريقي فإن في هذه الفترة التي تمر بها مصر في مرحلة جديدة يحتاج الوضع الجديد في مصر إلي وقت لتدبر ودراسة هذا الأمر وتشكيل موقف إزاء هذه الاتفاقية، وبالتالي يظل لكل طرف موقفه داخل دول حوض النيل إضافة إلي كل من مصر والسودان.. وهناك حوار جاد ومستمر بين مصر والسودان وبين بقية دول المنبع من أجل الوصول إلي رؤية مشتركة تحقق مصلحة كل الأطراف. وهذا ينطلق من مفهوم ضرورة ان يكون هذا النهر مساحة التقاء وتعاون وليس تنازع وخلاف وان هذه القضايا وفي هذا العصر قد أصبحت قضايا مشتركة وبالتالي لا يمكن التعامل معها من طرف واحد.
وهل تطرق هذا الاهتمام لمعالجة الفاقد المائي من هذا النهر العظيم؟!
هناك فاقد مائي رهيب بالفعل، وأريد ان اقولك في هذا السياق ان ما يتم استغلاله من مياه نهر النيل علي مستوي القارة يصل فقط إلي 5٪ فإذا ما قلنا ان هذا النهر رصيده السنوي من المياه ما يقرب من 0061 مليار متر مكعب فان المفقود منه ما يقرب من 59٪ من ايراد النهر وهذا يجعلنا ألا نركز فقط في مساحة هذا الرصيد المحدود ونختلف عليه ولكن علينا ان نفكر في كيفية الاستفادة من هذا المهدر من النهر والحفاظ عليه والعمل علي الاستفادة منه لمصلحة كل دول الحوض وشعوبها.
رسالة طمأنينة
أريدك ان تبعث رسالة تطمئن فيها من خلال كلماتها الناس بشأن موضوع المياه.. فماذا تقول في هذه الرسالة؟!
أقول إننا يجب ان نتعامل مع هذا الموضوع بمنهج علمي وبمنهج موضوعي وبثقة.. نحن لنا مواقف تنبع من حرصنا علي مصلحة هذا الشعب.. وفي نفس الوقت يجب ايضا ان نكون مدركين ان هناك أطرافاً أخري لها مصالح ولها مواقف وبالتالي يجب علينا ان نبحث عن المساحة المشتركة التي تحقق مصلحتنا ومصالح الآخرين دون تعارض ودون ان يجور طرف علي مصالح الطرف الآخر، ولكن في الوقت نفسه يجب الا نتعامل مع الأمور بشكل انطباعي ولكن ان نتعامل مع الأمور من خلال تقييم الخبراء ورؤية الفنيين والمختصين لانها من الموضوعات التي لا يمكن التعامل معها بشكل تخيلي أو انطباعي.. وانا اعتقد ان ذلك هو الشئ الايجابي الذي يحدث حاليا وذلك من خلال الحوار المباشر بين الأطراف المعنية.
الحوار المفقود
وهل معني ذلك ان الحوار الذي أشرت إليه آنفا كان مفقودا من قبل؟!
من قبل لم يكن مثل هذا الحوار قائما بين مصر واثيوبيا خاصة علي هذه الدرجة التي تتم الآن.. لان الاجواء السياسية السلبية لم تكن تساعد علي وجود هذا الحوار وعلي نموه وتطوره.. وبالتالي فإنه الآن وفي ظل الأجواء السياسية الحالية هو أفضل، ويمكن لهذا الحوار ان ينطلق وان يسير وان يتطور وان يستمر لانه وبدون الحوار يصعب اكتشاف مناطق الالتقاء.
وهل يمكن في هذا السياق ان نقول انه بالحوار نضمن استمرار وجود كوب ماء من نهر النيل وبلا انقطاع؟!
نقول بالحوار والتفاهم والتعاون، بالاضافة إلي العلم أو المنهج العلمي وفي نفس الوقت ضرورة ان نبتعد عن التهويل والتهوين، بالاضافة إلي ضرورة ألا تكون علاقاتنا مع افريقيا هي علاقة موسمية ومراسمية.
وكيف يتم ذلك؟!
يجب ألا ان تقتصر العلاقات علي مناسبات والتقاط صور تذكارية ولكن يجب ان تقوم علي ادراك وتفاعل بأن هذه الدول يربطنا بها تاريخ مشترك وتجارب مهمة وهوية أصيلة وفي نفس الوقت يربطنا بها مصير مشترك لانها دول تمثل لنا أهمية اقتصادية واستراتيجية وأهمية سياسية ومائية.. وبالتالي فإن لنا تاريخا ومصيرا مشتركا مع هذه الدول.
وهل ما تحدثنا عنه هو في أجندتك الخاصة من أجل السعي نحو تنفيذه؟!
هذا صحيح
أجواء سياسية أفضل
وماذا حققت من خطوات علي هذا الطريق؟!
لقد بدأت هذه المهمة منذ شهور فقط.. ولكن اعتقد أن في الفترة الماضية شهدت تقدما ايجابيا علي عدة مسارات، أولا: هناك أجواء سياسية أفضل ومناخ سياسي ايجابي بين البلدين وقد تجلي ذلك في اللقاءات التي تجمع بين الطرفين سواء علي المستوي الشعبي أو الحكومي والرسمي ورجال الاعمال. وفي كل هذه اللقاءات هناك حديث دائم عن المصلحة المشتركة وعن وجود مناطق عديدة للفائدة المتبادلة للبلدين وللشعبين وأهمية التواصل وأهمية الاستفادة من كل هذه الفرص المشتركة، لقد تم في هذا السياق ايضا اطلاق حوار سياسي علي مستوي وزراء الخارجية في البلدين وهذا الحوار يستمر لمدة ستة أشهر ويتناول قضايا مهمة ثنائية واقليمية. بالاضافة إلي زيارات عديدة لوفود من رجال الأعمال المصريين ووفود أخري متعددة.
وكم تبلغ الاستثمارات المصرية في أثيوبيا الآن؟!
الاستثمارات المصرية في أثيوبيا حاليا في حدود 2 مليار دولار وهناك ترحيب وتشجيع مادام التحرك في مجال الاستثمار يتم وفق قوانين البلد.
إسرائيل في أثيوبيا
وماذا عن إسرائيل.. خاصة في مجال الاستثمارات؟
طبعا هناك مستثمرون اسرائيليون ولكن ليسوا الأغلبية.. ودعني أقولك ان الحديث عن البعد الاسرائيلي هنا لابد ان يبتعد ايضا عن التهويل والتهوين.
وما رأيك في ما يقال بشأن وجود دور اسرائيلي خطير يهدد الأمن المائي في مصر؟ وما حقيقة هذا الكلام؟!
أنا اعتقد انه في البداية أنك إذا ما تركت فراغا يملأه الآخرون. ونحن في افريقيا وفي فترة ما تركنا الساحة مفتوحة وبالتالي يجب ألا نلوم الآخرين الذين تحركوا لملء هذا الفراغ والعلاقات بين الدول تقوم علي مصالح فإذا كانت الدول الافريقية لها مصلحة وإذا كانت اسرائيل لها مصلحة فسوف يتحركون في هذا الاتجاه ومن أجل تلبية هذه المصالح، وبالتالي علينا في هذا السياق ان يشغلنا أكثر وان نركز اكثر علي ما نفعله نحن لا ما يفعله الآخرون. ولا اعتقد ان من يعش في اثيوبيا سيجد وكما يتصور البعض هناك حضورا طاغيا من الجانب الاسرائيلي. وبالتالي من يعيش بها لن يجد هذا صحيحا، صحيح هناك علاقات ومصالح وهناك تحرك متبادل لتنمية هذه المصالح وهذه العلاقات.
إذن أفهم من حديثك أن اسرائيل ليس لها علاقة بملف المياه.. فهل هذا صحيح؟ وخاصة ما يتعلق بدورها في إقامة سد النهضة؟!
أنا اقول مجددا انه لا يجب ان يكون هذا هو شاغلنا ولكن شاغلنا يجب ان يكون بما يجب ان نفعله نحن.. وان نخلق شبكة من المصالح المتبادلة مع اثيوبيا ودول حوض النيل وكل الدول الافريقية. ونحن الطرف الأصيل في هذه المنطقة بحكم التاريخ والجغرافيا والهوية والمصالح، وكما قلت لك من قبل اننا إذا ما تركنا الفراغ فسوف يملأه الآخرون.. وهناك بطبيعة الحال فرق كبير بين الحضور فقط والحضور المؤثر.. وهذا لا يأتي إلا بادراكنا لتضاريس الواقع السياسي والاقتصادي الموجود في هذه الدول للوصول إلي صيغة تحقق المصلحة المشتركة وبكفاءة وعلي أرض الواقع.
المصلحة المشتركة
وماذا عن الخطوات التي تتم حاليا لتحقيق المصلحة المشتركة بين مصر وأثيوبيا؟!
هناك تحرك علي جميع المسارات.. هناك مشروعات اقتصادية مشتركة بين الجانبين وأغلبها علي مستوي القطاع الخاص والمستوي الحكومي. وهناك فكرة لانشاء منطقة صناعية مصرية في اثيوبيا في الشمال وهناك تعاون فني في مجالات عديدة منها علي سبيل المثال المجال الطبي وهذا مجال مهم، لأن الجانب المصري لديه خبرات طبية متميزة وهذا بدأ بالفعل.
وكيف يستقبل المواطن في اثيوبيا خطوات هذا التعاون المشترك بين البلدين؟
نحن الآن نحاول ان ننشئ صورة جديدة.. حيث اصبحنا نتعامل مع واقع كانت فيه ترسبات كثيرة، حيث وعلي مدي سنوات قد ترسبت بعض المفاهيم الخاطئة وبعض الرؤي الخاطئة.. كما هناك قدرا من سوء الفهم كان قائما.. وهذا كما تعرف لن يتغير في يوم وليلة ولكن نحن نعمل وباستمرار علي تغيير هذه المفاهيم وهذه الرؤي لتوصيل صورة حقيقية تقوم علي أن مصر شريك في هذه الدول من أجل التنمية والمستقبل وانت تعرف اننا كنا شريك لكل دول افريقيا في حركات التحرر من الاستعمار ولذلك كانت الأفرقانية وقتها تقوم علي جبهة موحدة ضد الاستعمار وكان لمصر دورها الفاعل في هذه الجبهة، الآن يجب ان ننشأ افريقانية جديدة تقوم علي المشاركة في التنمية وان تكون مصر شريكا لهذه الدول في هذه التنمية.
وماذا عن العلاقات الثقافية المتبادلة بين البلدين؟!
ان السفارة المصرية هناك تهتم بالبعد الثقافي والفكري في العلاقات بين البلدين نظرا لتحقيق التواصل بين الشعبين من خلال الزيارات والندوات المتبادلة وهي تهدف جميعها الي ايجاد نوع من الفهم المشترك بين الشعبين ووضع العلاقات بين البلدين علي أسس ومفاهيم جديدة ومتطورة وايجابية، حيث ان المثقفين لدي كل طرف لهم دور مهم في صناعة الرؤية المستقبلية داخل المجتمع ولذلك من المهم ان يكون هناك تواصل بين المثقفين والمفكرين في البلدين.. وهذا التواصل بدأ بالفعل.. كما يجري الآن الاعداد لاقامة أسبوع ثقافي اثيوبي في مصر خلال الربع الأخير من هذا العام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.