هل من قبل المصادفة أن يتقدم في يوم واحد الرئيس محمد مرسي رئيس الجمهورية والمرشد العام للإخوان المسلمين محمد بديع ببلاغين مختلفين ولكنهما يصبان في إتجاه واحد ضد الإعلام. الرئيس مرسي يتقدم بدعوتين قضائيتين ضد مؤسسات إعلامية وصحفية بسبب السب والقذف بألفاظ يعاقب عليها القانون في حق الرئيس الذي نشرته المؤسسات الصحفية والإعلامية بالإضافة لإتخاذ إجراءات قانونية أخري لإختلاق بعض وسائل الإعلام أخباراً غير صحيحة عن الرئيس من بينها حوار صحفي لم يدل به ولم يتحدث فيه في نفس الوقت وفي نفس اليوم.. وعلي جانب آخر يتقدم المرشد العام للإخوان المسلمين ببلاغ للنائب العام ضد كل من وزير الإعلام ورئيس إتحاد الإذاعة والتليفزيون ورئيس قطاع الأخبار ورئيس إدارة روزاليوسف ورئيس تحريرها لنشرهم كما جاء في البلاغ أخباراً كاذبة عن سوء قصد من شأنها دس الفتنة بين المواطنين وهو ما أتراه محامي المرشد العام بأنهم ارتكبوا مخالفات يعاقب عليها القانون وتمثل جريمة مكتملة الأركان !! وتخرج عن إطار حرية الرأي ووصف البلاغ أن النشر بهذه الطريقة يمثل إمتهاناً بقيم الصحافة الحرة ويمثل سباً وقذفاً في حق جماعة الإخوان المسلمين ومرشدهم العام. هل كان البلاغان من قبيل المصادفة أن يتم تقديمهما في يوم واحد !! هل كان هناك تنسيق في تقديمهما ما بين القصر الرئاسي والمقطم.. ثم هل ضاق كل من الرئيس مرسي والمرشد العام بالإعلام والصحافة لدرجة أن يتقدما الإثنان ببلاغين في نفس اليوم. أعرف أن الدكتور مرسي وقتما كان عضواً في مجلس الشعب أنه كان يقف ليدافع عن حرية الصحافة والصحفيين والإعلام بشكل عام ويطالب بمزيد من هذه الحرية وكان ينادي أيضاً بألا يتم معاقبة الإعلاميين بجريمة الحبس حتي لو نشروا أخباراً غير صحيحة وكثيراً ما كان المدافع الأول عن الإعلام في ظل الهجوم الذي كان يشنه بعض نواب الحزب الوطني علي الإعلام عندما ينشر خبر لا يعجبهم أو يكشف حقيقة أشياء هم يحاولون إختفائها وكثيراً ما كان يصب هذا الهجوم نحو صحف المعارضة ولم تكن المستقلة قد ظهرت بعد وكان يقف مرسي في المقدمة ومعه نواب المعارضة ليدافعوا عن الصحافة ويرفضون أي إجراء قضائي ضد الإعلاميين والصحفيين، ما ذكرته سجلته مضابط جلسات مجلس الشعب ويمكن الرجوع إليها.. تذكرت ذلك وأنا أقرأ البلاغات التي تقدم بها الرئيس مرسي نحو الإعلاميين وإندهشت!! ماذا حدث ولماذا هذا التغير وهل إختلاف المناصب والأماكن يمكن أن يؤدي إلي وجود خصومة بين صاحب المنصب والإعلام.. فلا أتصور أن الذي كان يدافع عن حرية الإعلام ويحاول صد أي هجوم ضد وسائل الإعلام في الماضي هو الذي يتقدم الآن ببلاغ ضد الإعلام وحريته.. أمر غريب وغير مفهوم وأتصور أنه (نرفزة صيام) إذا جاز إستخدام هذا التعبير. هذه السطور ليست دفاعاً عن الإعلام أو حرية الصحافة أو عن الزملاء الذين نشروا أخباراً وصفها بلاغا الرئيس والمرشد بأنهما كذب وسب وقذف في حقهما، إنما هي دفاع عن مبدأ أراه قد تغير بتغير المناصب والأزمنة فأصبح المدافع بالأمس عن حرية الإعلام والصحافة والمنتقد للبلاغات التي تبلغ ضدهما هو اليوم الذي يتقدم ببلاغات ضدهما في محاولة لتقييد حريتهما. هنا يبرز سؤال وهو ماذا سيكون الموقف لو صدر حكم بحبس أي إعلامي في هذين البلاغين خاصة وأن النصوص الجائرة التي تكبل وتقيد حرية الإعلام والصحافة في مصر لا تزال قائمة ولم تلغ فيصبح صدور حكم بالحبس علي أي إعلامي أمر وارد، تري في هذه الحالة ما هو الموقف بالنسبة للدكتور مرسي رئيس الجمهورية والدكتور بديع المرشد العام.. لقد ناديتم بالحرية حتي ولو كان فيها تجاوز، عليكم يا من ناديتم بها ورضيتم من أجلها أن تتحملوا توابع الحرية وفوضيتها في بعض الأحيان وألا يضيق صدركما بهذه الحرية التي طلبتم بها بهذه السرعة.. إن مصر في حاجة إلي مزيد من الحرية وليس مزيد من القمع الذي كان يمارسه العهد السابق.