مع اشراقة شمس اليوم، يكون قد مر علي ثورة الثالث والعشرين من يوليو 25، ستون عاما كاملة، شهدت مصر والمنطقة، والعالم خلالها احداثا جساما علي جميع المستويات الاجتماعية والسياسية، خلقت واقعا جديدا علي الارض تغيرت به موازين القوي وعلاقات الدول، والخريطة السياسية في العالم. وقبل قيام ثورة يوليو، كان الواقع المصري والإقليمي والدولي يختلف في جزئياته وشموله عما هو قائم اليوم،..، وكانت الصورة في الداخل والخارج مغايرة تماما لما هي عليه الآن. ومهما اختلفت الاراء السياسية حول ثورة يوليو وما حققته بالايجاب او السلب، الا ان احدا لا يستطيع ان ينكر علي الاطلاق، انها كانت علامة فارقة في تاريخ الشعب المصري، فرضت واقعا جديدا، امتدت آثاره للمنطقة والعالم، واحدثت متغيرات عديدة وتداعيات كثيرة،...، وخلقت تيارا متدفقا وصاعدا من حركات التحرر ونداءات الاستقلال لم يتوقف عند حدود مصر الجغرافية، بل وصلت اصداؤه الي جميع بقاع العالم. ومهما اختلفت الرؤي حول ثورة يوليو واسبابها ودوافعها، وما انجزته علي ارض الواقع المصري، وما حققته من انتصارات وما نالها من اخفاقات، الا انه لا يوجد خلاف علي الاطلاق بين جميع المؤيدين لها، او الذين اختلفوا معها، علي انها جاءت كضرورة فرضتها الظروف والتطورات السياسية والاجتماعية في مصر، في ظل الرفض الشعبي للاحتلال، والرغبة العارمة في تحقيق السيادة الوطنية، والتطلع الشعبي العام للحرية والاستقلال، وتحقيق العدالة الاجتماعية في ظل حياة ديمقراطية سليمة. وفي هذا الاطار، كان الحرص من جانب القائمين بالثورة، علي صياغة هذه الاهداف في بيان قيامها، بوصفها تتضمن المباديء الستة المعبرة عن ارادة الامة المصرية، والتي اعتبروها دافعا لتحرك الجيش، وسببا لقيام الضباط الاحرار بحركتهم التي تحولت الي ثورة، بعد ان حصلت علي رضا الشعب وموافقة الامة، وقبول جميع المواطنين. وتتفق الاراء بصورة او بأخري، علي ان الثورة استطاعت تحقيق الجزء الاكبر من المباديء الستة الشهيرة التي نادت بها، والتزمت بتحقيقها، فقد قضت علي الاقطاع، وانهت الاستعمار، وحققت الاستقلال، ليس في مصر فقط، بل في اوطان اخري كثيرة، وقضت ايضا علي سيطرة رأس المال علي الحكم، واقامت جيشا وطنيا قويا، وحققت نوعا ليس بالقليل من العدالة الاجتماعية، شمل عموم المواطنين والغالبية العظمي من الشعب الذي اتاحت له التعليم، وسبل الحياة الكريمة،...، ولكنها لم تستطع الن تخطو بجرأة وايجابية علي طريق الديمقراطية. وفي هذا الاطار يري الكثيرون ان الحياة الديمقراطية السليمة، هي الفريضة الغائبة فيما حققته ثورة يوليو، وانها بعدم تحقيقها لتلك الفريضة غاب عنها الكثير، نظرا لان غياب الديمقراطية يتسبب في اوجاع كثيرة وسلبيات عديدة ما كان يمكن ان تحدث علي الاطلاق لو ان هناك تعددية، واحزابا، وحرية رأي، وقبولا للرأي الآخر. »نواصل غدا ان شاء الله«.