تتفق الآراء بصورة أو بأخري، علي أن ثورة يوليو 2591 استطاعت تحقيق الجزء الأكبر من المبادئ الستة الشهيرة، التي نادت بها، والتزمت بتحقيقها، فقد قضت علي الاقطاع، وأنهت الاستعمار، وحققت الاستقلال، وقضت علي سيطرة رأس المال علي الحكم، وأقامت جيشا وطنياً قوياً، وحققت نوعا، ليس قليلا، من العدالة الاجتماعية،..، ولكنها لم تستطع أن تخطو بجرأة وإيجابية علي طريق الديمقراطية. ويري الكثيرون أن الحياة الديمقراطية السليمة، هي الفريضة الغائبة فيما حققته الثورة، وأنها بعدم تحقيقها لتلك الفريضة غاب عنها الكثير، نظراً لأن غياب الديمقراطية، تسبب في أوجاع كثيرة، وسلبيات كثيرة، وما كان يمكن أن تحدث علي الإطلاق لو أن هناك تعددية وأحزاباً، وحرية رأي، وقبولا للرأي الآخر. وبينما يري البعض الآخر، أن الضرورة اقتضت من الثورة ورجالها، تأجيل البدء في تطبيق الديمقراطية، نظراً لظروف المواجهة والحروب التي اضطرت لخوضها، علي كل الجبهات الداخلية والخارجية، وما كان يتطلبه ذلك من توحيد للصف والكلمة في مواجهة كل تلك التحديات،..، وأن الظروف والملابسات حتمت عليهم تأجيل الأخذ بالديمقراطية، وتطبيق التعددية في الرأي والرؤية. وسواء أخذنا بهذا الرأي أو ذاك، فإننا أمام حقيقة مؤكدة تقول: إن الثورة المصرية في يوليو 2591، جاءت تعبيراً عن إرادة الشعب، وأنها استمدت شرعيتها من التفافه حولها، وسعيها لتحقيق آماله وطموحاته، في الحرية، والاستقلال، والسيادة الوطنية، وتطلعه للعدالة الاجتماعية، وحلمه في ممارسة الديمقراطية السليمة،..، وأنها سعت بالفعل لتحقيق تلك الآمال والطموحات، وعملت علي الوفاء بها، وخاضت في ذلك حروبا طاحنة ضد الاستعمار والرجعية، وحققت الكثير، وأخفقت في البعض منها. وهناك حقيقة أخري مؤكدة، وهي أن كل انتصارات ثورة يوليو، وكل انتكاساتها، وجميع ايجابياتها وسلبياتها، جاءت في إطار السعي لتحقيق هذه الأهداف، وهذه الآمال، في ظل تحديات جسيمة، وحروب مريرة،..، وأن الحكم لثورة يوليو أو عليها يجب أن يضع في اعتباره شمولية الصورة، وجميع الزوايا. ولكن، يجب أن يوضع في الاعتبار دائما أن من حق الأجيال الجديدة أن تعرف كل الحقائق، وأن تعلم جميع الأمور المتصلة بالثورة ورجالها ومواقفها وأحداثها،..، خاصة وأن كل تلك الحقائق والأحداث هي تاريخ مصر الذي يجب أن يكون معلوماً لهذه الأجيال. محمد بركات [email protected]