تباين مؤشرات البورصات الخليجية قبيل بيانات التضخم الأمريكية    محافظ بورسعيد يبحث مع رئيس «تعمير سيناء» آخر مستجدات مشروعات التعاون المشتركة    وزير الخارجية يتوجه إلى البحرين في إطار الإعداد للقمة العربية    وزير التعليم يحضر مناقشة رسالة دكتوراه لمدير مدرسة في جنوب سيناء لتعميم المدارس التكنولوجية    خطتان.. مصراوي يكشف أسماء الثلاثي فوق السن المنضمين للمنتخب الأولمبي في أولمبياد باريس    سيارات بايك الصينية تعود إلى مصر عبر بوابة وكيل جديد    سفير واشنطن لدى إسرائيل ينفي تغير العلاقة بين الجانبين    برلماني: السياسات المالية والضريبية تُسهم في تعزيز التنمية الاقتصادية وجذب الاستثمارات الأجنبية    مؤتمر حسام حسن: الكرة المصرية في أصعب مرحلة في تاريخها.. ونتراجع أمام المنافسين    لاعب برشلونة السابق يحتال على ناديه الروماني    انطلاق فعاليات المُلتقى التوظيفي الأول بجامعة طيبة التكنولوجية    عربات الزهور تستعد لانطلاق موكبها خلال احتفالات الربيع في الإسماعيلية (صور)    حفظ التحقيق في حريق داخل مسجد تاريخي ببولاق أبو العلا    حجز إعادة محاكمة المتهم بتزوير أوراق لتسفير عناصر الإرهاب للخارج للحكم    ميريت عمر الحريري تكشف تفاصيل إصابتها بالسرطان وكيف عالجت نفسها بالفن (فيديو)    السيسي يوجه رسالة عاجلة للمصريين بشأن المياه    بالصور.. المركز القومي للسينما يقيم فعاليات نادي السينما المستقلة بالقاهرة    المفتي للحجاج: ادعو لمصر وأولياء أمر البلاد ليعم الخير    مدير التأمين الصحي بالشرقية يعقد اجتماعا لمكافحة العدوى    «التعليم» تنبه على الطلاب المصريين في الخارج بسرعة تحميل ملفات التقييم    لماذا سميت الأشهر الحرم بهذا الاسم؟.. الأزهر للفتوى يوضح    إطلاق منظومة التقاضي الإلكتروني في محاكم مجلس الدولة غدا    رئيس جامعة قناة السويس يتفقد كلية طب الأسنان (صور)    وزيرة التضامن تشارك في أعمال المنتدى الدولي لريادة الأعمال ومبادرة العيش باستقلالية بالبحرين    موجة احتجاجات تعصف بوزراء الاحتلال في ذكرى «اليوم الوطني لضحايا معارك إسرائيل» (تفاصيل)    قمة مرتقبة بين رئيس كوريا الجنوبية ورئيس وزراء كمبوديا لبحث التعاون المشترك    ما هو موعد عيد الاضحى 2024 في الجزائر؟    تقديم معهد معاوني الأمن 2024.. الشروط ورابط التقديم    تعليم البحيرة: 196 ألف طالب وطالبة يؤدون امتحانات الشهادة الإعدادية وأولى وثانية ثانوي    إطلاق مشروع تطوير "عواصم المحافظات" لتوفير وحدات سكنية حضرية بالتقسيط ودون فوائد    تنطلق السبت المقبل.. قصر ثقافة قنا يشهد 16 عرضا مسرحيا لمحافظات الصعيد    هل ويست هام قادر على إيقاف مانشستر سيتي؟ رد ساخر من ديفيد مويس    وزير الرياضة: حريصون على فتح آفاق للتعاون وتبادل الخبرات مع مختلف دول العالم    مناظرة بين إسلام بحيري وعبد الله رشدي يديرها عمرو أديب.. قريبا    ما حكم عدم الوفاء بالنذر؟.. الإفتاء توضح    وزير الرى: احتياجات مصر المائية تبلغ 114 مليار متر مكعب سنويا    الرعاية الصحية: لدينا 13 ألف كادر تمريضي بمحافظات التأمين الصحي الشامل    الرئيس السيسي يوجه بتعديل اسم محطة "الحمام" لتحلية المياه    خلال 12 يوم عرض بالسينمات.. فيلم السرب يتجاوز ال24 مليون جنيه    توقعات برج العقرب من يوم 13 إلى 18 مايو 2024: أرباح مالية غير متوقعة    وزير الثقافة الفلسطيني السابق: موشي ديان هو أكبر سارق آثار في التاريخ    جامعة طيبة التكنولوجية تنظم المُلتقى التوظيفي الأول بمشاركة 50 شركة ومؤسسة صناعية    بدءا من 10 يونيو.. السكة الحديد تشغل قطارات إضافية استعدادا لعيد الأضحى    افتتاح مبنى مجمع النيابات الإدارية بسوهاج وتدشين منظومة التحول الرقمي    تشمل 13 وزيرًا.. تعرف على تشكيل الحكومة الجديدة في الكويت    التحليل الفني لمؤشرات البورصة المصرية اليوم الاثنين 13 مايو 2024    ختام ناجح لبطولة كأس مصر فرق للشطرنج بعدد قياسي من المشاركين    شعبة الأدوية توجه نداء عاجلا لمجلس الوزراء: نقص غير مسبوق في الأدوية وزيادة المهربة    إنشاء مراكز تميز لأمراض القلب والأورام ومكتبة قومية للأمراض    وزير الإسكان يتفقد سير العمل بمشروع سد «جوليوس نيريري» الكهرومائية بتنزانيا    رئيس الغرفة التجارية: سوق ليبيا واعد ونسعى لتسهيل حركة الاستثمار    تداول 15 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة و806 شاحنات بموانئ البحر الأحمر    اليوم.. «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية في ديرمواس ضمن «حياة كريمة»    تعرف على الحالة المرورية بالقاهرة والجيزة    فضل الأشهر الحرم في الإسلام: مواسم العبادة والتقرب إلى الله    أرتيتا يثني على لاعبي أرسنال    الأقصر تتسلم شارة وعلم عاصمة الثقافة الرياضية العربية للعام 2024    "أوتشا": مقتل 27 مدنيًا وإصابة 130 في إقليم دارفور بغربي السودان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات الآخبار
وحين تجف شفاه القمر!
نشر في الأخبار يوم 01 - 07 - 2012


اسماعيل النقيب
اشتقت الي النغم الجميل وإلي ايام عشتها بالطرب وأنا استمع الي الحان قادمة من السماء لملحنين ومطربين رحلوا بأجسادهم عن عالمنا
بينما كنت افتش في اوراقي القديمة وقعت عيناي علي قصيدة جميلة. لابنتي الشاعرة الكبيرة- الان- عزه بدر وقتها كانت فتاة صغيرة.. مليئة بالبراءة المحببة ولها ضفيرة طويلة كتبت عنها ابنتي اميرة قصيدة- كما اسمتها- تقول لها فيها »قصي ضفيرتك التي يجلس عليها الشعراء« وضحكنا طويلا علي هذا الوصف وتناقلناه من باب التندر.. المهم أنه بعد قراءاتي للقصيدة وإعجابي الشديد بها اردت ان اشرككم معي في المتعة ويبدو اننا في الفترة القادمة سنعيش علي صندوق الذكريات.. تقول عزه التي اختارت لقصيدتها عنوان »وحين تجف شفاه القمر!«
بهذا المساء لونت ثغري.. قلت:
أزدهرت
وزوجت قلبي لهذا الحزن وقلت الوطن؟
فأي نهير سيرضي بكفي
وأي العصافير تسكن صوتي؟
فلا برج لي
ولا قمح لي
ولا قطرة من شفاه القمر
فكل الذين احبوك تمرا
أحبوك مريم
فعاقرت خمرا
وجادلت في الحب شرقا وغربا
وقلت السنابل تغتال شعرك
وان حقول البنفسج تذوي علي مقلتيك يطاول رأسك
هام الشجر.. هاصرت فأسا
يضايق رسغك طوق القمر، تثنيت شمسا
وقلت النخيل يواعد نهرا بنهديك سرا
وأنك تخشين تمرا
يصاحب صدرك قسرا
فأشرعت قلبي لنخلك سعفا
وتوتا وجنسا
وضاجعت هوذا
الي اي سيف تطاول رأسي
الي اي رمح يرجع اسمي؟.. ضمخت شعرك
مسحت رجلي وقلت التقينا
بحبل وسرة؟ وقلت انتظرتك..، نهدا لجرة
فألقي بصخرك في العين ابصر
فكل رصاص المحبة
يروي الا رصاصك في الصدر يسكر!!.
اشتقت الي النغم الجميل وإلي ايام عشتها بالطرب وأنا استمع الي الحان قادمة من السماء لملحنين ومطربين رحلوا بأجسادهم عن عالمنا ولكن ألحانهم مازالت موجودة بيننا تعيدنا الي زمن جميل عشناه في وسط كل هذا الصخب الذي خيم علي قلوبنا وعقولنا..
فجأة قفز الي ذاكرتي هذا الفنان العظيم الحاضر.. الغائب.. بليغ حمدي وتداعت الذكريات.. بليغ حمدي.. هو مني القريب دائما أنا البعيد، بليغ حمدي هو النغم الشارد دائما في سماء المدائن وفي اسماع البشر..
بليغ حمدي كنت دائما اخشي يوما ان تنادي عليه الموسيقي.. ولا تجده!! وجاء ذلك اليوم الذي ننادي عليه جميعا ولا نجده!! وارتدت الموسيقي ثوب الحداد.. بليغ حمدي الذي سطع في سمائنا كالشهاب.. وبكي عليه الجمال وأهل الحب والليل والفن الجميل.. وهو الذي اعطي للموسيقي عشقه الابدي - حياته وروحه- وكل نبضات قلبه حتي توحد فيها واصبحت النغمات هي بليغ وبليغ هو النغمات.. لقد ظل يعطيها من جسده النحيل حتي خبا ضوء القنديل!. وأنا هنات استعيد الذكريات مع بليغ بالحب وكأني اطالب كل من احسوا بالسعادة والجمال الراقي حين يسمعون نغماته ان يترحموا عليه هو وكل من اسعدنا وادخل الهناء علي قلوبنا في وقت يعز علينا فيه الهناء.
أنا وبليغ حمدي لم نكن اصدقاء.. ولكنني كنت احبه.. أنا وبليغ حمدي لم يهجر اي منا الاخر.. ولكنه كان له مجاله الخاص جدا.. وأنا لي مجالي العام!! لم نكن ننادي علي بعضنا.. ولكنه كان دائما في خاطري.. لم يكن يتصل بي.. ولكنه كان دائما القريب.. وأنا البعيد.. وهو الفنان.. وأنا المتلقي بكل الحب فنه.. وهذا يكفيه ويكفيني ومع ذلك اذا التقينا صدفة.. تكون حرارة لقائنا.. واقبال بعضنا علي بعض كما لو كنا صديقين. لم يعرفا ابدا معني الغياب!.. وكنت دائما أحمله في ذاكرتي طيفا جميلا منذ ان التقينا اول مرة.. دون سابق ترتيب لذلك اللقاء.. ولا سابق معرفة!.
البداية.. كامل الشناوي!!
كانت البداية كامل الشناوي.. وكانت النهاية الموت. وبينهما عمرنا كله! كان ذلك في احدي ليالي الصيف.. وكنت في مطلع العشرين من العمر.. وفي بداية العمل الصحفي.. وفي بداية علاقتي بكامل الشناوي رئيس التحرير يوم ان طلبني الي لقائه.. وذهبت اليه تسبقني فرحتي بلقائه!!..
وكان مكانه المختار للسهر.. وهو »تراس« فندق سميراميس القديم علي النيل!.. هذه الليلة من ليالي كامل الشناوي.. هو المتحدث الجميل كعادته.. وحوله كوكبة من اللامعين من اهل العلم والصحافة والشعر والادب والكلام!.
وفجأة في ثلث الليل الاخير.. وفد علينا شاب ليس وسيما.. ولكن فيه جاذبية غامضة.. هذا الشاب نحيل.. له »كرش صغير« متوسط الطول شكله يدل علي ان فيه صعلكة نحبها.. وكان مع هذا الشاب الذي لا أعرفه فتاة جميلة.. شديدة الجاذبية. شديدة الاناقة.. شديدة البساطة.. وكل منهما يرتدي ملابس صيفية بسيطة!!
فجأة توقف كامل الشناوي عن »الحكي« وهلل لمقدم هذا الشاب. وقدم هذا الشاب الفتاة التي معه الي كامل بيه كما كنا نسميه.. قائلا له: هذه خطيبتي »أمنية« يا كامل بيه.. جئت لانها تريد ان تراك.. ودعاهما كامل بيه للجلوس.. ولكن الشاب اعتذر ومضي مع خطيبته. ولم يلح كامل بيه في طلب جلوسهما.. المعني واضح.. كامل البيه الكريم جدا.. الذي يدعو الناس جميعا الي مجلسه.. ويكون كل فرد في ضيافته. لم يلح في طلب اي شيء لهذا الشاب.. لان خطيبته معه.. ومن الافضل لهما.. ان يقضيا وقتهما الجميل بالحب معا.. لا يشاركهما في حبهما احد!!
هذا هو المعني الذي فهمته. ولكن من يا تري هذا الشاب الغامض البسيط الذي يلقي كل هذه الحفاوة من سيد الجالسين.. وامام المحدثين والشعراء والظرفاء والصحفيين.. كامل الشناوي؟!.
لم يكمل كامل الشناوي. ما كان يرويه من ذكريات.. وطرائف ونوادر وحكايات.. فهو يقص علينا اجمل القصص.. ونحن له سامعون!. وكنت اريد لو اكمل كامل الشناوي حكايته عن واحد اسمع اسمه لأول مرة.. وكان شهيرا في زمانه. ويعرفه كامل الشناوي.. وكان صديقا له.. ويروي
عنه حكايه جعلتنا ننسي الدنيا من الضحك.. كان كامل بيه يروي عن »عمر عمر« المحامي المشهور.. والذي صار نقيبا للمحامين!!.
ياريت يا كامل بيه تكمل الحكاية!! ولكني لم اجرؤ علي هذا الطلب.. فهو الكبير. وانا الصغير!! وحدثنا كامل الشناوي عن ذلك الشاب فقال.. هذا الشاب هو امل مصر في الموسيقي!!.. يالهوي.. الكلمة كبيرة جدا.. أمل مصر مرة واحدة!
وأين السنباطي وعبدالوهاب.. وزكريا احمد.. ومحمد القصبجي؟!.. اين هذا الشاب من هؤلاء؟!.. ومن هو يا تري؟! وتهيأت للاستماع الي كلام كامل بيه.. وبكل الاهتمام.. وكدت انسي ما كان يرويه كامل بيه من حكاية عمر عمر نقيب المحامين« لان شهادة كامل بيه الكبير لهذا الشاب تعني الكثير.
لان كامل الشناوي في حياتنا هو البشير.. وانما يبشر بكل ما هو جديد من المواهب في جميع المجالات.. من كتابة.. وموسيقي وشعر وغناء!! وكان اللقب الذي اشتهر به كامل الشناوي بالاضافة الي انه شاعر.. وصحفي.. وكاتب.. وكريم.. ومتحدث.. ومثقف.. واعظم ظرفاء عصره..
كان يشتهر كامل بيه بأنه القاعدة التي اطلقت كل المواهب لتأخذ مداراتها بين النجوم والكواكب!. وكان كامل بيه مشهورا بأن لديه حاسة تكشف الموهبة.. وتراها قادمة.. ويشم ريحها ولو علي بعد الف ميل!
اذن عندما يقول كامل بيه شاهدا لهذا الشاب المجهول بليغ حمدي انه امل مصر فهذه الشهادة ستصبح حقيقة مؤكدة.. لان السوابق تؤكد ذلك وليس عبدالحليم حافظ عنا ببعيد.. عندما تنبأ له كامل الشناوي.. وشهد له.. وكان ما كان من امر عبدالحليم حافظ!! وغيره الكثير والكثير!! فلنستمع الي بقية شهادة كامل الشناوي في الفتي بليغ حمدي!.
قال كامل الشناوي: هذا الشاب هو الفن بعينه.. ولا شيء سوي ذلك.. هو طالب فاشل في كلية الحقوق.. ويحاول ان يدرس الموسيقي!!.
وصاحب صوت جميل. وتقدم للاذاعة مطربا.. ولكن لن يكون له شأن في عالم الغناء أو الطرب.. علي الرغم من ان الاذاعة قد أجازته مطربا!
ولكنني اراه ملحنا.. وصاحب موهبة موسيقية اصيلة. وسيكون بليغ حمدي صاحب النغمة المصرية الخالصة.. وهو الامل في تخليص موسيقانا من الجمل الموسيقية المسروقة.. في اداء الحان كبار الملحنين. بليغ حمدي يؤلف موسيقي مصرية خالصة.. لم يظهر فيها اي اثر لكل المؤثرات التي تأثرت بها موسيقانا.. واثرتها في نفس الوقت..
موسيقي بليغ حمدي هي الموسيقي المصرية.. وهي ليست امتدادا لالحان الموشحات والادوار.. ولا الجمل الموسيقية الغربية التي تسللت الي موسيقانا الشرقية ووافدة الينا من الغرب عن طريق السيمفونيات.. والسوناتا.. والرستال المعزوف علي البيانو لكبار الموسيقيين الاوروبين القدماء أو المعاصرين!!
بليغ حمدي قام بتلحين كلمات مصرية بسيطة تجري علي ألسنتنا جميعا ولا ننتبه اليها.. مثل »وقفلت السكة تاني« وكان يشير الي اغنية التليفون التي غنتها شادية.
كامل الشناوي ما يزال يحدثنا عن بليغ حمدي ويقول: هذا الشاب يريد ان يكون مطربا.. ولكن صديقه مؤلف الاغاني الشاب.. المحاسب غير المعروف عبدالوهاب محمد الف اغنية جميلة في بساطتها اسمها »التليفون« وقال لنا كامل الشناوي كلماتها.. فقال ذلك الشاب الذي يريد ان يكون مصريا بتلحينها. فصارت لحنا جميلا. وسوف تغنيها المطربة شادية قريبا!!.
وقد حدث وقرأت مقالا لانيس منصور رئيس مجلة الجيل وقتها عن الشاعر غير المعروف في حينها عبدالوهاب محمد.. ونشر كلمات الاغنية الجميلة في بساطتها.. واذيعت الاغنية في الراديو.. وتلقتها الناس.. واصبحت علي كل لسان.
وانتشرت انتشارا سريعا في وقت قياسي.. وعرف الناس لاول مرة بليغ حمدي الملحن.. ولم يسمع عنه احد شيئا في مجال الغناء!! واقتنع به شامخ الموسيقي الشهير ورئيس لجنتها في الاذاعة المصرية محمد حسن الشجاعي..
ووافق علي بليغ حمدي ملحنا بعد الموافقة عليه مغنيا!! وقتها اصبحنا في شبه اقتناع كامل ببليغ حمدي.. وان مكانة عالية وقمة شامخة جدا تنتظره.. والسبب في ذلك هو التاريخ المعاصر!! كيف؟!.
فهذا مجال حديث قادم..
السنباطي وعبدالوهاب
تاريخنا المعاصر حدثنا عن بليغ حمدي ومكانته العالية التي تنتظره.. دون ان نسمع له اغنية واحدة.. وان كانت الاذاعة أجازته!.. ولكن اغنية التليفون التي لحنها كانت البداية.. ولكن ما اكثر البدايات.. وبعدها خابت الظنون!! ولكن ماذا قال التاريخ المعاصر بما يجعلنا نري المكانة القادمة العالية لبليغ حمدي الملحن.
تاريخنا المعاصر نراه مسموعا.. ولا نقرأه.. ولسنا في حاجة لان نقرأه.. فهذا هو رياض السنباطي الكبير جدا.. صاحب صوت جميل في اغنية اله الكون ذات اللحن البديع.. ولكنه بقي خالدا كملحن.. ونسيه الناس كمطرب
وهذا هو عبدالوهاب.. توقف عن الغناء.. ومضي في التلحين وصار من مفاخر موسيقانا.. وايضا محمد الموجي صاحب صوت طروب.. ومع ذلك لم يبق منه الا موسيقاه الجميلة.. والحانه الشجية!.
وايضا الشيخ سيد مكاوي.. صاحب صوت رخيم.. ولكن موسيقاه لها عذوبتها وجمالها.. وخصوصيتها التي غطت علي مشروع الصوت فيه!! وايضا الشيخ زكريا احمد يغني يا صلاة الزين.. والورد جميل. ولكن اين ذلك من الحانه لام كلثوم في أهل الهوي ياليل فاتوا مضاجعهم.. وحبيب قلبي وافاني في معاده.. وحبيبي يسعد اوقاته.. والاهات.. والاولة في الغرام!! اذن بليغ حمدي سيكون حلقة في السلسلة الذهبية للملحنين الذين غابت اصواتهم.. وبقيت الحانهم!!
المفاجأة الكبري!
ولم تمض شهور قليلة علي اغنية التليفون وشادية وعبدالوهاب محمد وبليغ حمدي.. حتي سمعنا ذلك الخبر المدوي جدا.. هذا الخبر هو ان أم كلثوم كوكب الشرق.. المعجزة الفريدة المتفردة.. والظاهرة الطبيعية في عالمنا.. أم كلثوم بكل ما تمثله من عظمة علي عظمة ياست.. ستشدو بأغنية من تلحين ذلك الشاب الغامض الصغير.. المجهول.. اللي طالع في المقدر جديد الذي اسمه بليغ حمدي!!
وقامت قيامه اهل الصنعة.. وأهل الكار.. وقالوا كثيرا كيف تضحي ام كلثوم.. وتغامر.. وتقامر وتغني لملحن صغير اسمه بليغ حمدي.. واين هو من السنباطي.. وزكريا احمد؟!.. أم كلثوم ستغني من كلمات الشاعر غير المعروف عبدالوهاب محمد.. واين هو من احمد رامي؟!
وكان الرد عند الفاهمين هو: ان ام كلثوم لا تغامر ولا تقامر.. ولكن هي احسن الناس في فهم فنها.. ولا تضحي به.. ولن تغامر به.. ولكنها تريد ان تطوره.. وتجدده.. ولا تقف به عند المرحلة التي وصلت اليها!!.. مع ملاحظة ان عبدالوهاب لم يلحن لام كلثوم.. إلا انت عمري في عام 4691 وكانت الاغنية التي يلحنها بليغ حمدي لام كلثوم من شعر عبدالوهاب محمد هي أغنية »حب ايه اللي انت جاي تقول عليه.. انت عارف قبله معني الحب ايه« وثبتت الرؤيا.. وغنت ام كلثوم من ألحان بليغ حمدي.. من كلمات عبدالوهاب محمد!!
وهنا جلس بليغ حمدي علي القمة العالية التي كانت تنتظره!! ورآها كامل الشناوي قبل ان يراها احد.. قبل ان يراها بليغ حمدي نفسه!! ومضي بليغ حمدي الي الشاطيء الاخر من الحياة.. وما يزال هو ساكنا هذه القمة بما قدم من جميل ما قدم من تأليف مرسي جميل عزيز والابنودي وغناء محمد رشدي ووردة.. وسميرة سعيد وعفاف راضي.. والكثير من أهل اصواتنا الجميلة في تاريخ الغناء!!.
وواصل مسيرته مع أم كلثوم ولحن لها روائعها وروائعه من اللحن المصري الطروب.. وكنا نسمع ونقرأ الفاتحة لكامل الشناوي الذي تنبأ وبشر بهذه الموهبة الفريدة!! اما انا فيكفيني منه في عمري كله رائعته التي تشدو بها شادية وتقول فيها غاب القمر يا ابن عمي يا اللا روحني.. والنسمة اخر الليل بتفوت وتجرحني!!.
سبحان الله
الاثنين:
كل ما في الوجود يدعونا للتسبيح لله تبارك وتعالي.. ولكن احيانا ما تصيب الانسان الغفلة.. ويكون من الغافلين عن ذكر الله!.. ولذلك استعاذ الرسول صلي الله عليه وسلم من ذلك.. ونبهنا الي اهمية ذكر الله كما نبهنا القرآن الكريم واذكر ربك اذا نسيت.
في هذا الصباح.. كالعادة فرشت سجادة الصلاة ارضية البيت الشهير بقصر الكلاملك.. ولما كانت الارضية رخامية نظيفة.. لاحظت وجود خطوط غريبة في تشكيلات هندسية بديعة.. اذن لا يمكن ان يكون ذلك.. نوعا من عدم النظافة لحقت بالرخام.. ولكنني عندما انحنيت افرد السجادة. وجدت جيوشا.. من النمل.. مليارات من النمل لا تعد.. ولا تحصي.. وهذا البيت لاعلاقة له بالنمل ولم الحظ طوال حياتي وجود نملة واحدة.. فيه وكيف يكون ذلك.. لان النمل اذا جاء هياخد مقلب.. فهذا مكان للقراءة او الكتابة او الكلام او لقاء الاصدقاء وليس فيه طعام.. المشروب الاجباري فيه هو الشاي.. ولكنني اكتشفت ان هذه الجيوش الجرارة جاءت لمجرد وجود قطعة من حلاوة مولد النبي علي الأرض.
والقطعة التي وقعت ليست قطعة ولا حاجة.. مجرد »فتفوته« لا تري بالعين المجرد! ولكن ما ان وقعت هذه الفتفوته حتي جاءت هذه الجيوش النملية.. في طوابير منظمة من الشمال والجنوب والشرق والغرب.. ودائرة في الوسط. ولا تشذ نملة عن الطابور سبحان الله العظيم..
من اين جاءت هذه الجحافل النملية. واين تقع معسكراتها!؟ ومن ابلغها بان هناك فتقوتة من الحلوي وقعت علي الارض؟! وما هي كيفية صدور البيان للتحرك.. ومن هو القائد والمنظم.. والذي يعطي الاوامر بان يكون الطابور بهذا النظام.
وان كل نملة في مكانها من الطابور. جلست اتأمل حركة النمل الدائبة.. وسعيها المستمر الي فتقوتة الحلوي وتمنيت علي الله ان يكون لي ملك النبي سليمان عليه السلام الذي علمه ربه منطق الطير.. ولغة الحشرات.. ومن بينها النمل!! وتمنيت ان اعرف ماذا يقول النمل.. وهم امة مثلنا.. تسبح ربها بلغتها.. ولكن لا نفهم لغتهم.
استولت علي تفكيري فكرة المعرفة.. كيف عرف النمل ان هذا البيت لاطعام فيه.. فلم يقم بزيارته قبل الان. ،حتي توهمت ان النظافة جعلت النمل لا يعرف بيتي.. ولم اكن اعرف ان بيتي مثل بيت واحد بخيل وصفه احد الشعراء القدامي بقوله له بيت يجوع السوس فيه وهذه اشارة ان البيت لا يوجد به شيء حتي الخشب.
حتي يأكل منه السوس.. وهذا دليل علي شدة البخل عند صاحب البيت!!.
اذن فالنمل كان يعرف قبل ذلك انه لا أمل.. وعندما وقعت فتفوتة الحلوي جاء النمل مثل قوات التحالف التي حررت الكويت! اقول ايه.. واعيد ايه..، ليس امامي الا ان اقول:
»سبحان ربي العظيم«.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.