بعد تعيين السيسي 4 أعضاء بمجلس الأمناء.. 5 أهداف للتحالف الوطني للعمل الأهلي (تعرف عليها)    وزير الري: احتياجات مصر المائية 114 مليار متر مكعب ومواردنا محدودة    سعر الدولار مقابل الجنيه المصري في البنوك اليوم السبت 8-6-2024    الزراعة: تنفيذ 37 مشروعا قوميا لتطوير وتحديث جميع القطاعات    تعزيز التعاون الاقتصادي يتصدر المباحثات المصرية الأذربيجية بالقاهرة    أسعار الخضروات والفاكهة اليوم السبت 8-6-2024 في سوق العبور    إطلاق حملات بيطرية للكشف على الأضاحي بشوادر وأسواق شمال سيناء    «التضامن»: تبكير صرف معاش تكافل وكرامة لشهر يونيو 2024    فتح باب تلقي طلبات توفيق أوضاع المتعاملين مع شركة الوادي الأخضر و6 أكتوبر الزراعية    «الصحة الفلسطينية» تطالب بتوفير مولدات كهرباء في مستشفيات غزة    بعد قرار الأمم المتحدة.. ما هي القائمة السوداء التي وُضعت فيها إسرائيل؟    روسيا: منظومات الدفاع الجوي تدمر 25 طائرة مسيرة أوكرانية فوق 7 مناطق    نجم الأهلي يوجه رسالة قوية إلى محمد الشناوي    اليوم.. طقس شديد الحرارة نهارا على أغلب الأنحاء والعظمي بالقاهرة 39 درجة    انتظام امتحان الثانوية الأزهرية بشمال سيناء بدون شكاوى    السكة الحديد تُجري تعديلات جديدة على القطارات وتعلن تفاصيل التأخيرات    السعودية تعلن موعد إجازة عيد الأضحى 2024 للقطاعين الخاص وغير الربحي    التصريح بدفن جثة سائق انتحر شنقا بسبب ترك زوجته المنزل    نشرة مرور "الفجر".. انتظام بمحاور وميادين القاهرة والجيزة    كيفية توزيع الأضحية وشروطها وفق دار الإفتاء المصرية    كيف تستعد وزارة الصحة لاحتفالات عيد الأضحى والعطلات الصيفية؟    إحالة 7 أطباء للتحقيقات خلال جولة مفاجئة للطب العلاجي في أسيوط    أسعار البيض اليوم السبت 8 يونيو    حاكم دونيتسك الروسية: القوات الأوكرانية تكثف قصف المقاطعة بأسلحة بعيدة المدى    بعد حادث وفاته..7 معلومات عن رائد الفضاء الأمريكي ويليام أندرس    وزيرة خارجية إندونيسيا تبحث مع سفير مصر بجاكرتا تعزيز التعاون    الحكومة تتلقي 147 ألف شكوى خلال شهر في جميع القطاعات    الأهلى يخوض مباراة وديه اليوم استعدادا لمباريات الدوري    مصطفى شلبي: "بتكسف أشوف ترتيب الزمالك في الدوري المصري"    عقوبة إفشاء الأسرار الخاصة في القانون    «الصحة» تستعد لموسم المصايف بتكثيف الأنشطة الوقائية في المدن الساحلية    الجيش الأمريكي يدمر خمس مسيرات حوثية وصاروخين وزورق في اليمن    مواعيد مباريات اليوم السبت 8 يونيو 2024 والقنوات الناقلة    القاهرة الإخبارية: قوات الاحتلال استهدفت مدرسة للأونروا الليلة الماضية غرب غزة    من جديد.. نيللي كريم تثير الجدل بإطلالة جريئة بعد إنفصالها (صور)    مواعيد مباريات يورو 2024.. مواجهات نارية منتظرة في بطولة أمم أوروبا    مصافحة شيرين لعمرو دياب وغناء أحمد عز ويسرا.. لقطات من زفاف ابنة محمد السعدي    «اهدى علينا شوية».. رسالة خاصة من تركي آل الشيخ ل رضا عبد العال    الفرق بين التكبير المطلق والمقيد.. أيهما يسن في عشر ذي الحجة؟    "المهن الموسيقية" تهدد مسلم بالشطب والتجميد.. تفاصيل    فريد زهران: ثورة 25 يناير كشفت حجم الفراغ السياسي المروع    دعاء ثاني أيام العشر من ذي الحجة.. «اللهم ارزقني حسن الإيمان»    كريم محمود عبدالعزيز يشارك جمهوره صورة من محور يحمل اسم والده الراحل    إبراهيم حسن يكشف كواليس حديثه مع إمام عاشور بعد لقطته "المثيرة للجدل"    نجيب ساويرس ل ياسمين عز بعد حديثها عن محمد صلاح: «إنتي جايه اشتغلي إيه؟»    حاول قتلها، زوجة "سفاح التجمع" تنهار على الهواء وتروي تفاصيل صادمة عن تصرفاته معها (فيديو)    مفاجأة.. مكملات زيت السمك تزيد من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية    بعد الزيادة الأخيرة.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي الجديدة وكيفية تجديدها من المنزل    الإفتاء: الحج غير واجب لغير المستطيع ولا يوجب عليه الاستدانة من أجله    طبق الأسبوع| من مطبخ الشيف هبة راشد.. طريقة عمل الجلاش باللحم والجبنة    بالأسماء.. إصابة 7 أشخاص في حادث تصادم ميكروباص وملاكي على طريق جمصة بالدقهلية    إصابة 5 أشخاص بحالات تسمم بعد تناول سندوتشات حواوشى بالمحلة    موعد أذان الفجر بمدن ومحافظات مصر في ثاني أيام ذى الحجة    نيجيريا تتعادل مع جنوب أفريقيا 1 - 1 فى تصفيات كأس العالم    حظك اليوم برج الأسد السبت 8-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    فريد زهران: ثورة 25 يناير كشفت حجم الفراغ السياسي المروع ولم تكن هناك قيادة واضحة للثورة    فريد زهران ل«الشاهد»: ثورة 1952 مستمدة من الفكر السوفيتي وبناءً عليه تم حل الأحزاب ودمج الاتحاد القومي والاشتراكي معًا    منتخب مصر الأولمبي يفوز على كوت ديفوار بهدف ميسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محنة اللغة العربية

لقد هالني وأزعجني ما تواترت عليه التعليقات منذ صدور حكم محكمة الجنايات في قضية القرن تعقيبا علي الكلمة التي قدم بها رئيس المحكمة المستشار أحمد رفعت لمنطوق الحكم.
فبدأت بكلمة في صحيفة الأهرام للكاتب الصحفي يوسف القعيد عبر فيها عن استيائه وألمه البالغ لما شاع في تلك الكلمة من أخطاء نحوية تكاد لا تسلم منها عبارة واحدة من رفع المجرور أو نصب المرفوع فضلا عن اللحن في آيات القرآن الكريم علي نحو لا يليق بمكانة القضاء الرفيعة، ثم تلاه تعليق تليفزيوني للصحفي إبراهيم عيسي حدد فيه مواقع الخطأ وذكر وجه الصواب في كل منها ، ثم قرأت تعليقا آخر للإعلامي التليفزيوني أحمد منصور نحا نفس المنحي في تعداد المواقع التي أصابها العوار من كلمة رئيس المحكمة.
وبتاريخ 01/6/2102 قرأت مقالا للكاتب الكبير الأستاذ أحمد طه النقر بصحيفة الأخبار عنوانه " المنصة تغتال اللغة العربية!! " والمقال قطعة أدبية رفيعة المستوي، رائعة الدلالة عن مدي الأسي الذي عاناه كاتبه من سماع هذه الكلمة بما شاع فيها من لحن في قواعد النحو الأولية التي لا تخفي علي طالب بالمرحلة الإعدادية من التعليم الأساسي.
وأنا مع هؤلاء جميعا فيما انتابهم من حسرة وألم لما سمعوه ، خاصة وقد وقع من قاض جليل بينه وبين انتهاء صلته بمنصة القضاء أيام قليلة ، بعد رحلة طويلة شرف فيها بالجلوس إلي تلك المنصة وكان أداؤه القضائي فيها مشرفا ومذكورا بكل خير.
ذلك أن القاضي منوط به في معرض إقامة العدل بين الناس ، أن يتوسل إلي ذلك بتطبيق حكم القانون تطبيقا سليما، ووسيلته في التعبير عن مراده في هذا المجال هي اللغة العربية، وللغة قانونها وهو "علم النحو"، فينبغي عليه أن يحترم هذا القانون، خاصة في السهل الميسر من الأمور: الفاعل والمفعول، والجار والمجرور، والصفة والموصوف، وأدوات نصب الفعل وجزمه، وعلامة جزم الفعل الصحيح والمعتل الآخر، ونصب المثني وجمع المذكر السالم وجزمهما، وعلامة نصب جمع المؤنث السالم، وفي ذات الوقت أعذره إذا أخطأ في العسير من القواعد كالاختصاص والندبة والاستغاثة.
ولكني أعزو شيوع الأخطاء في السهل الميسر من الأمور إلي أن المتحدث حين يتحدث يقذف بالكلمة قذفا، دون أن يحدد مرماها ومستقرها، لينزل عليها القاعدة النحوية الصحيحة ، ولو أنه أعمل التفكير قبل أن يتكلم لما وقع في الخطأ.
ولعل ما أثار السامعين في كلمة رئيس المحكمة، أنهم متأثرون في حكمهم عليها ، بأن القاضي قمة عالية، وقامة شامخة، وإذا وقع الخطأ من إنسان، يزنه الناس بميزان النسبية، ويقدرون فداحته أو تفاهته بقدر من صدر منه، فالحكماء يقولون: "كذبة الأمير بلقاء"، "وهفوة الكبير خطيئة"، "وحسنات الأبرار سيئات المقربين".
وإني وإن كنت أري أن ما وقع فيه رئيس المحكمة، يقع فيه كبار القادة والوزراء وكثير من خطباء المساجد وعلماء الأزهر ووسائل الإعلام مرئية ومسموعة ، ومقروءة ، والصحف في كل يوم تزخر بالأخطاء النحوية الفاحشة ، إلا أن خطأ هؤلاء جميعا ، لا يبلغ فداحة هذا الخطأ إذا وقع من القاضي ، صاحب المقام الرفيع ، وهو يعتلي المنصة العالية ، وكلمته حكم.
لقد قال مسلمة بن عبد الملك: "اللحن في الكلام أقبح من الجدري في الوجه" . وقال عبد الملك بن مروان: "اللحن في الكلام أقبح من التفتيق في الثوب النفيس ". وقال الشاعر:
النحو يبسط من لسان الألكَنِ
والمرء تكرمه إذا لم يلُحنِ
وإذا طلبت من العلوم أجلها
فأجلها منها مقيم الألسن
إن لحنة في آية قرآنية قد تنحدر بمن وقعت منه إلي هاوية الكفر والعياذ بالله، ففي الآية الثانية من سورة التوبة " وأذان من الله ورسوله إلي الناس يوم الحج الأكبر أن الله بريء من المشركين ورسوله". وقد وردت كلمة ورسوله مرفوعة لأن مؤداها: أن رسول الله بريء من المشركين كبراءة الله سبحانه وتعالي منهم . فإذا لحن القارئ في كلمة "ورسوله " وقرأها بكسر اللام كان مؤداها أن الرسول معطوف علي المشركين وأن الله بريء منه والعياذ بالله. هذه واحدة.
وواقعة أخري وقعت في عهد أحد خلفاء بني أمية ، إذ بلغه أن أحد شعراء الخوارج الذين ينازعونهم السلطان، قال بيتا من الشعر أسند فيه الخلافة إلي زعيم من زعماء الخوارج منازعا في ذلك بني أمية حيث قال:
ومنا صهيب والقطين وقعنب
ومنا أميرُ المؤمنين شبيب
فاستدعاه الخليفة وواجهه بإسناده إمارة المؤمنين لشبيب أحد زعماء الخوارج وأمر بقطع رقبته ، فاعترض الشاعر وقال للخليفة الأموي، علي رسلك يا أمير المؤمنين ما قلتها علي هذا الوجه ولكني قلت:
ومنا صهيب والقطين وقعنب
ومنا أميرَ المؤمنين شبيب
وقرأ كلمة " أمير المؤمنين " منصوبة فأصبحت منادي بأداة نداء محذوفة، والنداء موجه للخليفة الأموي بما يمتنع معه منازعته في أمر الخلافة، فأمر بإخلاء سبيله.
وهكذا فإن اللحن في كلمة واحدة قد يؤدي إلي الكفر، وتغيير ضبط كلمة واحدة قد تنجو به رقبة من حد السيف.
يا قوم: إن لغتنا العربية لا تستحق منا أن نغتالها بكثرة اللحن في قواعدها، وهي ليست معجزة، فقد تعلمناها ونحن في المدارس في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن العشرين أيام أن كان التعليم تعليما، وقد أسدي إليها وإلينا أساتذتنا من خريجي مدرسة دار العلوم العليا قبل أن تصبح كلية جامعية ، فضلا كبيرا، حيث أن اللغة العربية لمن تكن تدرس إلا في المرحلتين الابتدائية والثانوية ثم نتوجه إلي الكليات الجامعية المختلفة عملية ونظرية، ونتخرج أدباء أو أطباء أو مهندسين أو أصحاب تخصصات مختلفة، ولكن نشترك جميعا في إتقان قواعد اللغة واستغلالها في التعبير تعبيرا صحيحا عما نريد، لا يختلف في ذلك الطبيب عن المهندس عن الأديب عن الضابط في الجيش أو الشرطة.
فهل يعود ذلك الماضي المجيد؟ أرجو أن يعود قريبا، وإذن ستبلغ سعادتي مداها لإحياء لغة القرآن الكريم، واستقامة لساننا كطليعة للأمة العربية، وما ذلك علي الله بعزيز.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.