45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الجمعة 17 مايو 2024    مدفعية الاحتلال تستهدف محيط مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة    طائرات الاحتلال تطلق النيران بشكل مكثف على مناطق متفرقة في مخيم جباليا    قلق في إسرائيل بعد إعلان أمريكا التخلي عنها.. ماذا يحدث؟    غدا.. بدء امتحانات الفصل الدراسي الثاني للشهادة الإعدادية في البحر الأحمر    استئناف الرحلات والأنشطة البحرية والغطس في الغردقة بعد تحسن الأحوال الجوية    «الأرصاد» تكشف طقس الأيام المقبلة.. موجة حارة وارتفاع درجات الحرارة    الإثنين.. المركز القومي للسينما يقيم فعاليات نادي سينما المرأة    باسم سمرة يروج لفيلمه الجديد «اللعب مع العيال»: «انتظروني في عيد الاضحى»    دعاء تسهيل الامتحان.. «اللهم أجعل الصعب سهلا وافتح علينا فتوح العارفين»    فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة.. نور بين الجمعتين    يوسف زيدان: «تكوين» امتداد لمسيرة الطهطاوي ومحفوظ في مواجهة «حراس التناحة»    موعد مباراة ضمك والفيحاء في الدوري السعودي    عاجل - حالة الطقس اليوم.. الأرصاد تعلن تفاصيل درجات الحرارة في محافظة أسيوط والصغرى تصل ل22 درجة    «قضايا اغتصاب واعتداء».. بسمة وهبة تفضح «أوبر» بالصوت والصورة (فيديو)    بسبب زيادة حوادث الطرق.. الأبرياء يدفعون ثمن جرائم جنون السرعة    بسبب عدم انتظام الدوري| «خناقة» الأندية المصرية على البطولات الإفريقية !    الاستخبارات العسكرية الروسية: الناتو قدم لأوكرانيا 800 دبابة وأكثر من 30 ألف مسيرة    النمسا تتوعد بمكافحة الفساد ومنع إساءة استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي    سعر الفراخ البيضاء.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية الجمعة 17 مايو 2024    شريف الشوباشي: أرفض الدولة الدينية والخلافة الإسلامية    لبلبة: عادل إمام أحلى إنسان في حياتي (فيديو)    بركات: الأهلي أفضل فنيا من الترجي.. والخطيب أسطورة    وقوع زلازل عنيفة بدءا من اليوم: تستمر حتى 23 مايو    أضرار السكريات،على الأطفال    بعد قفزة مفاجئة.. سعر الذهب والسبائك بالمصنعية اليوم الجمعة 17 مايو 2024 بالصاغة    الذكاء الاصطناعى.. ثورة تكنولوجية في أيدى المجرمين الجدد    مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17 مايو 2024    من أجل بطاقة السوبر.. ماذا يحتاج برشلونة لضمان وصافة الدوري الإسباني؟    هل يشارك لاعب الزمالك في نهائي الكونفدرالية بعد وفاة والده؟    ملف يلا كورة.. موقف شيكابالا من النهائي.. رسائل الأهلي.. وشكاوى ضد الحكام    شبانة يهاجم اتحاد الكرة: «بيستغفلنا وعايز يدي الدوري ل بيراميدز»    يوسف زيدان يهاجم داعية يروج لزواج القاصرات باسم الدين: «عايزنها ظلمة»    تحرك جديد.. سعر الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 17 مايو 2024 بالمصانع والأسواق    محافظ جنوب سيناء ووزيرة البيئة يوقعان بروتوكول أعمال تطوير مدخل منطقة أبو جالوم بنويبع    برج الجدى.. حظك اليوم الجمعة 17 مايو: "جوائز بانتظارك"    أحمد السقا يكشف عن مفاجأة لأول مرة: "عندي أخت بالتبني اسمها ندى"    «واجبنا تجاه المنافع المشتركة والأماكن والمرافق العامة» .. موضوع خطبة اليوم الجمعة    " بكري ": كل ما يتردد حول إبراهيم العرجاني شائعات ليس لها أساس من الصحة    فصائل عراقية تعلن استهدف موقع إسرائيلي حيوي في إيلات بواسطة الطيران المسير    بعد اختفائه 12 يومًا.. العثور على جثة الطفل أدهم في بالوعة صرف بالإسكندرية    محافظ الغربية: تقديم الخدمات الطبية اللائقة للمرضى في مستشفيات المحافظة    طارق مصطفى: استغللنا المساحات للاستفادة من غيابات المصري في الدفاع    براميل متفجرة.. صحفية فلسطينية تكشف جرائم إسرائيل في غزة    تركيب المستوى الأول من وعاء الاحتواء الداخلي بمفاعل محطة الضبعة النووية    الدراسة بجامعة القاهرة والشهادة من هامبورج.. تفاصيل ماجستير القانون والاقتصاد بالمنطقة العربية    براتب 1140 يورو.. رابط وخطوات التقديم على وظائف اليونان لراغبي العمل بالخارج    كارثة تهدد السودان بسبب سد النهضة.. تفاصيل    شروط الحصول على المعاش المبكر للمتقاعدين 2024    ترقب المسلمين لإجازة عيد الأضحى وموسم الحج لعام 2024    في خدمتك| تعرف على موعد تشغيل قطارات العلاوة الخاصة بعيد الأضحى المبارك    لا عملتها ولا بحبها.. يوسف زيدان يعلق على "مناظرة بحيري ورشدي"    كلمت طليقى من وراء زوجي.. هل علي ذنب؟ أمين الفتوى يجيب    المظهر العصري والأناقة.. هل جرَّبت سيارة hyundai elantra 2024 1.6L Smart Plus؟    عاجل - واشنطن: مقترح القمة العربية قد يضر بجهود هزيمة حماس    طريقة عمل بيكاتا بالشامبينيون: وصفة شهية لوجبة لذيذة    للحفاظ على مينا الأسنان.. تجنب تناول هذه الفواكه والعصائر    تنظم مستويات السكر وتدعم صحة العظام.. أبرز فوائد بذور البطيخ وطريقة تحميصها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. رمسيس عوض المفكر الكبير وحديث عن الجمهورية الثانية:
العسكر والإخوان وجهان لعملة واحدة .. غير مقبولة
نشر في الأخبار يوم 19 - 06 - 2012


د. رمسىس عوض اثناء حواره مع » الأخبار«
المثقفون يتحملون مسئولية صنع ديكتاتورية مبارك
مبارك لم يقرأ گتابا
ونگبة مصر في مثقفيها
أكد ان هناك مخططا لإجهاض الثورة منذ ان بدأت.. وان فعل الثورة الوحيد هو القيام بالثورة..وقال نحن في حاجة إلي ثائر متدين من نوعية مارتن لوثر (مسلم) يستطيع فك رق المجتمعات الإسلامية من الجهل والظلام والتخلف لأننا مازلنا نعيش في القرون الوسطي من الناحية الفكرية وأن النكبة الكبري جاءت علي ايدي مثقفينا.. هكذا بدأ رمسيس عوض حواره مع »الاخبار« عن الجمهورية الثانية.
سألناه عن عصابات مبارك الثقافية والبلطجة الفكرية وعن طريق الخلاص وصنع نهضة حديثة والتعامل الناجع مع الفتنة الطائفية ومعسكرات النازي ولماذا فشلنا في تكوين لوبي عربي في بلاد الغرب والعديد من التساؤلات في هذا الحوار المهم..!
هو مصري صميم رغم ثقافته الأجنبية وتخصصه كأستاذ للأدب الانجليزي..أنه د.رمسيس عوض أحد رموز الفكر والثقافة المصرية.. تميزه بالصمت والبعد عن الأضواء ربما لأنه يفضل العمل الجاد والتحدث عن طريق ترجماته وكتبه الغزيرة .. يري البعض ان ابتعاده عن وسائل الاعلام في العهد السابق كان حفاظا علي شرفه المهني والعلمي فهو لم يسير في جوقة المثقفين الذين تملقوا النظام وتغنوا بمنجزاته..ولم يدخر وسعا في سبيل اعلاء قيمة العقل وثقافته الجادة والحريات العامة التي تصنع مجتمعا متجانسا بترجمة العديد من عيون الفكر الأجنبي وبما يرسم لنا طريق التقدم والنماء..قدم لنا اكثر من سبعين كتابا مترجما أثرت المكتبة العربية .
أغلب ترجماته ومؤلفاته في الدفاع عن الحريات العامة وضد مهاجمة محاكم التفتيش والرقابة علي العقل وحريته.. والعديد من القضايا التي تمس الثقافة الجادة والتي تفتقر اليها الثقافة العربية .. وتؤصل ترجماته للدولة المدنية وحقوق الإنسان.. وفي النهاية تأتي أهمية الحوار معه لكونه مثقفا جادا عاصر أربعة أنظمة منذ العصر الملكي إلي عصر عبد الناصر والسادات ومبارك .. وفي انتظار الجمهورية الثانية.
كيف تري المشهد الثقافي لو تولي الفريق شفيق في الجمهورية الثانية؟
كل كتبي وترجماتي عن حرية الفكر والتعبير.. ولذلك انا الد اعداء حكم العسكر.. ومع الحكم العسكري لا حرية رأي ولا تعبير.. وشفيق يمثل حكم العسكر..وهي مصيبة كبري ان يتولي العسكر أمور البلاد مرة أخري بعد تجربة مريرة معهم.. وكارثة ثقافية مؤكدة لو عادوا لحكم البلاد وسوف تكون نهاية للبعث الثقافي..وتنتظرنا حياة محبطة وكآبة وشعارات جوفاء عشناها من قبل.. فنحن جربنا العسكر واكتوينا بناره.. العسكر كما عرفته عدو للكتاب والثقافة الجادة ويحيي ثقافة الاناشيد الحماسية في تمجيده..ومازلنا نتذكر عبارة جوبلز مساعد هتلر:كلما سمعت عن مثقف تحسست مسدسي.
مستقبل الثقافة
وإذا تولي الاخوان الجمهورية الثانية كيف تتخيل حال الثقافة في وجودهم؟
اظن أن الحال لن يكون بأفضل عن حكم العسكر . ولن تكون الحياة الثقافية مختلفة كثيرا عما هي عليه في وجود العسكر من ضياع وتوهان ثقافي وقتل لحرية الابداع والتفكير وخنق لحرية التعبير.. لكن في هذا الحالة بسند أصولي متعصب يملك رؤية واحدة لافكاك منها ولا نقاش.. وستكون الصورة أبشع من حكم العسكر.. ومن يعارضهم سيكون كافرا وخارجا عن الملة ويحق عليه القول.. المشهد فظيع في حال تمكن الاخوان ولا أستطيع تخيله..!
هل شعرت بالارتياح بعد الحكم علي مبارك؟
علي الاقل لم أشعر بأن القاضي خان اوراق القضية التي أمامه..فلابد أن نعلم ان القاضي يحكم بما بين يديه من أوراق .. وفي رأيي كان من الأفضل ان يتولي الثورة الشعب ويبدأ في محاكمات ثورية فورا ويقتص ممن افسد حياته لعقود..لكن الشعب المصري اظن لا يستطيع ذلك.. فليس به دموية علي المستوي الجمعي.. لكن دمويته علي المستوي الفردي.. والغضب الجماعي الذي يؤدي لاسالة دماء ليست من طبعه..!
فلا يميل المصريون لذلك كفعل جماعي.. والدليل مثلا حين خرجت مظاهرة اثناء ثورة يناير حاشدة لبيت الرئيس مليئة بالغضب لم يفكر أحد في دخول القصر والقبض علي مبارك.. إنها الرهبة المترسخة من آلاف السنين نحو الحاكم الفرعون.. وكان بين أيديهم ان يقبضوا عليه.. واللحظة كانت مواتية..ولم يفعلوا ذلك..!
ويبدو فعلا أن هناك مخططا لإجهاض الثورة منذ ان بدأت.. واظن ان فعل الثورة الوحيد هو القيام بالثورة..وكل المليونيات بعد ذلك رد فعل للاحداث فقط.. المشهد منذ البداية ملئ بالتناقضات الغريبة مثلا لماذا سكتوا عن عصام شرف وهو القادم من قلب النظام السابق من لجنة السياسات ؟! ولم ينتظروا علي الجنزوري يوما وخرجوا عليه فورا.. وكان النظام السابق غير راض عنه ؟!.. بل وانتظروا علي عصام شرف سنة كاملة.. وكل ما فعله عصام شرف وهو رئيس للوزراء بعد الثورة هو اجهاض الثورة وإبعادها عن مسارها الحقيقي.
تغيير الفكر
هل تري اننا بثقافتنا الحالية مهيأون لصنع نهضة حديثة؟
لو استوفينا شروط النهضة الحديثة وحاولنا تغيير الأفكار واستيعاب التكنولوجيات الحديثة يمكن لنا النهوض ثانية.. ونهضتنا القديمة أيام الفراعنة مازالت تبهر العالم .. وقد حاولنا النهوض في العصر الحديث لكن بشكل متقطع اي نخطو خطوة ثم نعود خطوتين الي الخلف .. وأظن السبب في ذلك راجع إلي وجود قوي رجعية تسعي حثيثا للقضاء علي أي تقدم قد تحققه مصر..ثم تعمد ايجاد مفاهيم خاطئة للدين وراء الارتداد المستمر الي الخلف فضلا عن أن النهضة تُهدد مصالح قطاعات كبيرة من الناس تتمثل في رجال الدين وغيرهم من المنتفعين من الأنظمة القديمة البالية.. لذلك نحن في حاجة الي ثائر متدين من نوعية مارتن لوثر (مسلم) يستطيع فك رق المجتمعات الإسلامية من الجهل والظلام والتخلف.
ومثلا استطاع محمد علي تحديث مصر وعاونه رفاعة الطهطاوي في إزالة غشاوة الجهل عن أعين المصريين..لكن تآمرت الدول الاجنبية عليه وعلي هذه النهضة التي حاولت الامتداد خارج مصر والحقت الهزيمة به حتي لا ينشئ امبراطورية مصرية تهدد الغرب في مصالحه..ومع ذلك نجد أسبابا للرجوع للخلف ناتجة عن عوامل داخلية فبعد النهضة المعرفية العظيمة التي أسسها الطهطاوي رأينا خديوي جاهلا ينفيه الي السودان حيث عمل مدرسا بإحدي المدارس بعد تجريده من ممتلكاته.
نهضة لم تتحقق
لكن ثورة يوليو 52 قضت علي حكم الملكية وأعادت مصر للمصريين ..فلماذا لم تتحقق النهضة؟
ما حدث هو العكس.. فحكم العسكر تسبب في تراجع مصر وصنع ما نحن فيه من تخلف .. ومنذ قيام الانقلاب العسكري علي يد جمال عبد الناصر عام 1952م وضباطه الأحرار وهم حاقدون علي طبقة الإقطاع المصري والرأسمالية المصرية المعاصرة التي توحشت في عهد حسني مبارك..واختلفت الحياة في مصر بعد استيلائهم عليها.. حتي مفهوم الليبرالية أختلف.. فقبل ثورة 52 تصدت للدفاع عن الليبرالية طليعة شريفة تمثلت في طه حسين وأحمد لطفي السيد والعقاد وسلامة موسي وكانت مخلصة في دعوتها الي نهضة مصر من الناحية الثقافية.
وما إن جاء جمال عبد الناصر حتي بدأ يمارس عمليات الاقصاء للمفكرين الذين لا يروقون له، أمثال الفقيه الدستوري الدكتور السنهوري ولويس عوض وغيرهم, ومن الغريب أن حكم عبد الناصر الشمولي عرف نهضة ثقافية مؤقتة ظهرت في عقد الستينات ثم ما لبثت أن انقشعت.
ومازلنا نذكر ماسمي بعملية تطهير الجامعة والزج باساتذة جامعات في السجون والمعتقلات..من هنا تخوف المثفقون وبداوا في ممالأة السلطة خوفا من بطشها ورغبة في عطاياها .. وحاليا لا يوجد أي مشروع للنهضة .. فما زلنا نعيش في القرون الوسطي من الناحية الفكرية .. ومن المفارقة أن المصري اليوم يستخدم أحدث ما وصل إليه التقدم التكنولوجي مثل الكمبيوتر في حين أنه لا يزال يعيش بعقلية القرون الوسطي.. ولايزال عدد كبير منهم يعتقدون في السحر والشعوذة والخزعبلات رغم استخدامهم لأحدث ما أنتجته العلوم والتكنولوجيا .
عصابات ثقافية
وماذا عن الثقافة في عصر مبارك؟
عصر مبارك حدث ولا حرج..اظن انه رئيس لم يقرأ كتابا.. وتمادي في سياسية سلفيه عبد الناصر والسادات, وشكل - دون خجل أو حياء - عصابات ثقافية لا تزال تعيث في الأرض فسادا إلي يومنا الراهن.. فهي تشكل اللجان وتمنح الجوائز وتنصب هذا أو ذاك وصيا علي الثقافة.. هذه العصابات الجديدة تدعو إلي الليبرالية, والليبرالية منهم براء.. فهم يدعون أنهم حماة الإبداع والفكر الحر.. بينما هم مجموعة من اللصوص وقطاع الطرق قاموا بخدمة نظام رأسمالي متوحش رغم ادعائهم اليسارية أحيانا والاشتراكية والليبرالية أحيانا أخري.. ولأن الناس عرفوهم علي حقيقتهم لم يصدقوهم وانفضوا عنهم وقرروا التصويت - في الانتخابات الأخيرة- لصالح جماعات مُعادية للحداثة والتقدم.. كان نظام مبارك يمعن في اضطهادها دون مبررات مشروعة.. والتاريخ يعلمنا أن غلاة المسيحيين أغلقوا المسارح عندما وصلوا الي سدة الحكم في بريطانيا في القرن التاسع عشر.
قلت كثيرا ان نكبة مصر في مثقفيها..لماذا؟
النكبة الكبري جاءت علي أيدي المثقفين.. فهم أكبر كارثة علي مصر وشعبها ..فالجاهل معذور لأنه فاتته فرص التنوير والتعليم.. لكن مثقفينا متعمدون افساد المجتمع وواعون بما يفعلون انهم يبيعون كلاما للناس دون فعل حقيقي يبرهن علي نزاهتهم الثقافية.. وهي محنة الليبرالية ظهرت علي مثقفي السلطة في النظام السابق أقوالهم لا تناسب افعالهم .. فهم منتفعون من النظام السابق وحرصوا علي الابقاء عليه وهم اكبر نكبة علي مصر..! للأسف لقد كان المثقفون المصريون قبل الحرب العالمية الثانية يقومون بدور في ايقاظ الوعي لدي المجتمع ويساهمون في تقدمه بل وقيادة حركة التنوير كان هناك طه حسين وأحمد لطفي السيد وسلامة موسي وغيرهم. أما الطبقة المثقفة التي نشأت في ظل نظام الحكم العسكر في مصر فإنها لا تخرج عن كونها حفنة من الأشرار وقاطعي الطرق والمنافقين الذين لا يتمتعون بأي قدر من العزة أو الكرامة وهم علي استعداد لبيع أنفسهم لكل حاكم يدفع الثمن..وأضاعوا الشعب معهم وأعطوا صورة زائفة عن المثقفين..وأقول بكل ثقة كلنا شركاء في صنع مبارك والمثقفون يتحملون المسئولية الأعظم في صنع ديكتاتوريته.. ويمكننا أن نغفر للجاهل تصرفاته الطائشة وغير المحسوبة لكن فئة المثقفين هي أسوأ طبقات المجتمع وهي المسئولة عما نحن فيه من انحطاط.
هل الحالة الذهنية والثقافية بعد ثورة25 يناير مستعدة لفعل النهضة؟
للأسف حدث تراجع للحالة الذهنية.. أبان الثورة كانت الشعارات في منتهي النبل من الشباب..وكان تفكيرهم مدنيا بعيدا عن الصبغة الدينية الاصولية ..وحدث له انتكاسة..وطفح علي السطح الفكر الاصولي المناهض للفعل الثوري.. وأعتقد أن المفاهيم الخاطئة للدين هي السبب الحقيقي وراء الارتداد المستمر الي الخلف.. فضلا عن أن النهضة تُهدد مصالح قطاعات كبيرة من الناس تتمثل في رجال الدين وغيرهم من المنتفعين من الأنظمة القديمة البالية..لأن الفكر الاصولي متجذر فينا ..!
ولاحظ ان هذه اول مرة مصري منذ سبعة آلاف سنة يثور علي حاكمه بهذا الشكل..ولابد ان يكون الانفلات غير طبيعي منه وهذا ما نلاحظه في الشارع وكأننا خرجنا فجأة من كهف كنا نعيش فيه سنوات طويلة فنغمض عيوننا من الضوء..وهذه الانطلاقة مخيفة.. ويكون السؤال من يستطيع ان يلم هذا الانفلات..؟ولابد ان نأخذ في اعتبارنا انه يستحيل عدم وجود سلطة تحكم البلاد..والخوف ان تكون السلطة القادمة اشد قوة من الانفلات ..هذا السيناريو موجود..واظن الناس بدات تضيق بهذا الانفلات..وهذاممكن ان يدفعها إلي مساندة اي قوة تبطش به..!
يعني تري قصورا لا يمكن معه قيام نهضة؟
مثلا اليس أدل علي ذلك ما نسمعه في ميادين مصر من المطالبة برحيل المجلس العسكري..ارحل ارحل ..ولم يسألوا انفسهم اذا رحل المجلس العسكري في ظل عدم وجود مؤسسات بالمرة كيف يمكن للمجتمع ان يستمر ؟ وكيف يمكن له ان يسير..؟لا توجد خطط بديلة..شعارات وطنية لا تملك الوقوف علي أرض الواقع التصور الحقيقي للفعل الثوري لابد له من دراسة شعاراته وتكون قابلة للتنفيذ وعقلانية وشرعية حتي لو كانت شرعية ثورية..!
أما هتافات" أرحل.. أرحل" دون وجود سلطة مدنية حقيقية فهذا كلام في الهواء من قبيل التهويش الثوري..هذه معادلة لا استطيع ان افهمها وكأنهم لايدرون انهم يغرقون..لا توجد رؤية للأسف لحقيقة الوضع.
البلطجة الفكرية
الا توجد اسباب اخري لتخلفنا؟
بالتأكيد الأسباب كثيرة..واظن ان هناك سببا اسميه البلطجة ..والبلطجة التي اقصدها ليست البلطجة التي نعرفها وتظهر في المشاجرات والخطف والسلب .. ولكن ما أقصده البلطجة الفكرية.. وتظهر عند اصحاب الفكر الاصولي الذين يريدون فرض عقيدتهم بالقوة كما عند الشيوعيين والمتدينين الأصوليين فنجدهم يستخدمون القوة والبطش والقتل ضد معارضيهم وقتل المعارضين فكريا لهم وفي مصر حوادثهم معروفة..!
فنحن نفتقد فضيلة كبري وهي فضيلة "الشك في النفس" بمعني اننا ندافع عن قناعاتنا وما نؤمن به ولكن مع درجة من الشك واستعدادا لتغيير هذه القناعات والايمانات لو ظهر ما هو افضل منها او ظهر زيفها..نحن نرفض تغيير قناعاتنا وما نراه صحيحا..نحن نتصور ان الحقيقة تظهر مرة واحدة لنا وتبقي دائما حقيقة .. هذا ضد كل نواميس الطبيعة.. الحقيقة متغيرة بتغير وتجدد المعطيات .. القناعات الفاشية التي تفرض بالقوة لا تساعد في تقدم وحضارة ونهضة..لابد من التخلي عن البلطجة بكل اشكالها وخاصة البلطجة الفكرية..قيمة اي إنسان أو مفكر ومثقف انه يحمل افكارا ومعتقدات مستعد للتخلي عنها اذا ظهرت له حقائق جديدة تخالف مايراه..ما نحمله حقيقة تحتمل الخطأ.
بثقافتك التي تعمقت في دراسة الشخصية الغربية كيف تجد علاقة الانسان الغربي بالدين؟
البعض يعتقد انه لا يوجد متدينون في البلاد الغربية وهؤلاء واهمون تماما .. هناك متدينون لكنهم اختاروا ان يعيشوا في ظل نظام مدني أي فصلوا ما بين الدين والسياسة .. فالسياسة بطبيعتها شيء قذر وهذا معروف ولنقرأ كتاب "الأمير" لميكافيللي وهو الكتاب الأهم للحكام والزعماء .. وهو صاحب نظرية "الغاية تبرر الوسيلة" بمعني افعل ما تشاء من ألاعيب وحيل وأكاذيب حتي تصل إلي غرضك.. وأي سياسي يفهم هذا ويعمل بهذا الدستور وخلط الدين بالسياسة عملية في منتهي الخطورة للوصول إلي الحكم.
الفتنة الطائفية
هل تري ان الفتنة الطائفية مازلت بذورها متقدة في الحياة المصرية؟
نعم مازالت..والنظام السابق كان له مصلحة مباشرة في اشعال الفتنة الطائفية..ومبارك بوجه خاص استفاد من اشعال نار الفتنة..لكني عشت سنوات في العصر الملكي واري إن الأقليات الدينية سواء كان من يهود أو الأقباط كانت تعيش في جو يختلف كثيرا عن مناخ الفتنة الذي نعيشه الآن ولعلها احدي منجزات ثورة يوليو 1952..!
وحاليا صعود تيار الدين السياسي يخيف..وهذا البلد الامين لن يهدأ إلا اذا جاء واحد مسلم مستنير سياسي يصلح الاوضاع وينشر الطمأنينة...كما أري انه اذا كنا نريد التخفيف من الطائفية فلابد أن يرفع رجال الدين المسلمون والمسيحيون أو المتحدثون باسم الدين أيديهم عن البلاد والعباد وأن يقتصر عملهم علي الدعوة وفعل الخير..وتسويد فكر المواطنة..
عصور الظلام
لو اردنا وضع الفترة التي نعيشها حاليا في سلسلة تطور اوربا ووصولها للنهضة الحالية في أي عصر نحيا؟!
نحن نعيش في عصور الظلام ..في القرون الوسطي التي لم نكن نعرفها للأسف ولم نعشها مثل أروبا..وهي العصور الظلامية التي يحكم فيها الناس عن طريق مفهوم خاص للدين..مفهوم جماعة معينة ورؤية معينة للدين وليس المفهوم الحقيقي للدين الذي يعلي من قيمة الانسان والعقل المستنير ويشجع الانسان علي الابداع والنظر في ملكوت السموات والأرض نظرة علمية وليست نظرة تعجيزية كما ينتهجها بعض دعاة الدين.
هل ننتظر بعد ثورة يناير اقبالا علي القراءة والثقافة؟
لااظن.. الشعب المصري بطبيعته غير محب اصلا للقراءة..فالقراءة ليست عادة..علي خلاف ما تجده في اوربا تجد الفتاة معلقة يديها في المترو وفي اليد الاخري كتابا.. وما نحن فيه بعد الثورة حاليا لا يشجع اصلا علي القراءة..والثقافة تحتاج حدا أدني للمعيشة والاستقرار ونحن نفتقر لهما..فلا تنتظر من شخص لا يوجد لديه هذا الحد الادني ان يقرأ ويتثقف.
وأظن المثقفون حاليا مازالوا يقومون بنفس الدور وأكثرهم من المتحولين ممن كانوا من انصار مبارك ومستعدون للالتفاف حول النظام القادم والدفاع عنه..لو حاولت انت كصحفي استحضار كلمات المثقفين ايام مبارك وتصريحات بعضهم حاليا فتجد العجب العجاب.. وستعرف حقيقة مثقفينا فعلا..وأظن انه صدر كتاب عن الثقافة الجماهيرية عن المثقفين وكلماتهم عن تعظيم دور مبارك الثقافي وحرياته وما صرحوا به بعد الثورة من نعت مبارك وعصره بكل اوصاف التخلف..وللأسف اختفي الكتاب سريعا..ولا اظن اختفاؤه جاء صدفة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.