سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الخميس 23 مايو 2024    الأرصاد: انخفاض مؤقت بدرجات الحرارة الجمعة والسبت المقبلين    «المنيا» ضمن أفضل الجامعات في تصنيف «التايمز العالمي» للجامعات الناشئة 2024    «الضرائب» تدعم الممولين فنيا لتسهيل استخدام منظومة الإيصال الإلكتروني    محمود محيي الدين: تراجع معدلات النمو الاقتصادي العالمي أكثر من 3.4%    ارتفاع البورصة 0.56% في مستهل تداولات جلسة ختام الأسبوع    فيديو المجندات المحتجزات لدى الفصائل في غزة يحرج نتنياهو.. لماذا أُعيد نشره؟    عضو ب«النواب» يرد على تقرير CNN: مصر تواصل العمل لتحقيق السلام في المنطقة    الاحتلال الإسرائيلي يقتحم مستشفى العودة في جباليا    جدول ترتيب الدوري المصري قبل مباراة الزمالك ومودرن فيوتشر.. موقف الأهلي    أخبار الأهلي: حقيقة مفاوضات الأهلي مع حارس مرمي جديد    رئيس جامعة المنيا يفتتح مهرجان حصاد «نوعية» في نسخته الأولى    مصرع شخص وإصابة آخر إثر تصادم سيارتين بسوهاج    الداخلية تضبط 484 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة وسحب 1356 رخصة خلال 24 ساعة    وفد المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض يزور مستشفى شرم الشيخ    «الصحة»: المرأة الحامل أكثر عرضة للإصابة بفيروس نقص المناعة البشري HIV    مصر مع فلسطين والسلام فى مواجهة جرائم نتنياهو وأكاذيب CNN    البحث عن "جنى" آخر ضحايا غرق ميكروباص أبو غالب بمنشأة القناطر    بدء نظر طعن المتهمين على أحكام قضية ولاية السودان بعد قليل    تشابي ألونسو: لم نكن في يومنا ولدينا فرصة للفوز بكأس ألمانيا    رئيس مياه سوهاج يتفقد مشروعات الصرف الصحى بمركز طما بقيمة 188 مليون    الرعاية الصحية تعلن نجاح اعتماد مستشفيى طابا وسانت كاترين بجنوب سيناء    تداول 15 الف طن بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الخميس    دفن جثمان الرئيس الإيراني الراحل في مدينة مشهد اليوم    سويلم يلتقي وزير المياه السنغالي لبحث تعزيز التعاون بين البلدين    رفض يغششه .. القبض على طالب بالشهادة الإعدادية لشروعه في قتل زميله    "سكران طينة".. فيديو صادم ل أحمد الفيشاوي يثير الجدل    نوادي المسرح معمل التأسيس، في العدد الجديد من «مسرحنا»    أول تعليق من دانا حمدان على حادث شقيقتها مي سليم.. ماذا قالت؟    إيرادات فيلم «تاني تاني» لغادة عبد الرازق تحقق 54 ألف جنيه في يوم    فضل الأعمال التي تعادل ثواب الحج والعمرة في الإسلام    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-5-2024    الجريدة الرسمية تنشر قرارين جمهوريين للرئيس السيسي (تفاصيل)    جهاد جريشة يعلق على خطأ محمود البنا في لقاء الحدود والترسانة    موسم الحج.. إجراءات عاجلة من السعودية بشأن تأشيرات الزيارة بداية من اليوم    "علق نفسه في سقف الأوضة".. نزيل بفندق شعبي ينهي حياته في الأقصر    "محاط بالحمقى".. رسالة غامضة من محمد صلاح تثير الجدل    طلاب الشهادة الإعدادية بكفر الشيخ يؤدون آخر أيام الامتحانات اليوم    رحيل نجم الزمالك عن الفريق: يتقاضى 900 ألف دولار سنويا    نشرة «المصري اليوم» الصباحية..قلق في الأهلي بسبب إصابة نجم الفريق قبل مواجهة الترجي.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم قبل ساعات من اجتماع البنك المركزي.. الأرصاد تحذر من طقس اليوم الخميس 23 مايو 2024    اللعب للزمالك.. تريزيجيه يحسم الجدل: لن ألعب في مصر إلا للأهلي (فيديو)    أول دولة أوروبية تعلن استعدادها لاعتقال نتنياهو.. ما هي؟    سر اللعنة في المقبرة.. أبرز أحداث الحلقة الأخيرة من مسلسل "البيت بيتي 2"    هل يجوز للرجل أداء الحج عن أخته المريضة؟.. «الإفتاء» تجيب    رئيس الزمالك: جوميز مدرب عنيد لا يسمع لأحد    أمين الفتوى: هذا ما يجب فعله يوم عيد الأضحى    عماد الدين حسين: تقرير «CNN» تعمد الإساءة والتضليل حول موقف مصر من المفاوضات    تسجيل ثاني حالة إصابة بأنفلونزا الطيور بين البشر في الولايات المتحدة    ماهي مناسك الحج في يوم النحر؟    وزير الرياضة: نتمنى بطولة السوبر الأفريقي بين قطبي الكرة المصرية    البابا تواضروس يستقبل مسؤول دائرة بالڤاتيكان    محلل سياسي فلسطيني: إسرائيل لن تفلح في إضعاف الدور المصري بحملاتها    محمد الغباري ل"الشاهد": اليهود زاحموا العرب في أرضهم    بقانون يخصخص مستشفيات ويتجاهل الكادر .. مراقبون: الانقلاب يتجه لتصفية القطاع الصحي الحكومي    حظك اليوم| برج الحمل الخميس 23 مايو.. «طاقة كبيرة وحيوية تتمتع بها»    البطريرك مار إغناطيوس يوسف الثالث يونان يلتقي الكهنة والراهبات من الكنيسة السريانية    إبراهيم عيسى يعلق على صورة زوجة محمد صلاح: "عامل نفق في عقل التيار الإسلامي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور علي جمعة: دار الإفتاء رفضت التوريث وتصدير الغاز لإسرائيل في ظل النظام السابق
نشر في صدى البلد يوم 03 - 01 - 2012

أجرى الدكتور علي جمعة، مفتي الديار المصرية، لقاء في جريدة "الأخبار" تحدث فيه عن دور دار الإفتاء في ظل النظام السابق والمواقف التي لم تتوان فيها عن قول الحق ولو كان مرا. وتحدث المفتي عن الوضع الراهن وأزمة الخلاف بين القوى السياسية، مطالبا الجميع بإشاعة ثقافة الحوار والبحث عن نقاط الاتفاق للوصول بمصر لبر الأمان.
وتحدث جمعة عن مقتل الشيخ عماد عفت في أحداث شارع مجلس الوزراء، وقال "ان الشيخ عماد عفت كان أحد أبنائي وتلاميذي النجباء، وكان نموذجًا للابن البار الذي شعرت بالحزن الشديد لفقده، فهو علاوة على أنه ابني الذي لم أنجبه، إلا أنه واحد من أصحاب العلم المقترن بالخلق القويم، ولقد بكيته وكان بكائي عليه بكاءً على المستقبل والبلد وعلى العلم؛ لأنه بموت العالم الأزهري تبكي السماء والأرض، ولقد أثر فيَّ كثيرًا، وذكرني بالآخرة، وأن هذه الدنيا لا ينبغي أن تسود فيها لغة الخلاف بل لا بد من البحث عن المشترك فيما بيننا، والمؤلم في قضية الشيخ عماد أن يقتل على يد أبناء وطنه وهو أمر غير مقبول ولا مفهوم".
وعن الخلاف والخصومة، قال جمعة "وجدت أمرين أولهما أنه ينبغي علينا أن نتحلى بخلق سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم في الصفح والمغفرة، وثانيهما أن نقدم نموذجًا للصفح والعفو لنكون قد بدأنا بأنفسنا في وقت البلاد أحوج فيه إلى نبذ الخلاف والتوحد ولم الشمل، وبالتالي فقد ألغيت كل خصومة وخلعت عباءة الخصومة من أجل أن نبدأ صفحة جديدة، ومن أجل أن أنصح الناس على حق بدأت بنفسي أولاً لكي يلقي كلامي قبولاً لدي السامعين، بعدها أطلقت "مبادرة الوفاق والتصافي" أكدت فيها على أهمية لم الشمل والوصول إلى حالة من الوفاق والتصافي بين المصريين لوقف الفتنة والتصدي للفوضى ومن ثم بناء الدولة الحديثة، وأيضًا الكف عن استخدام لغة التخوين وإثارة القضايا السطحية التي لا طائل ولا منفعة للوطن من ورائها، وقلت ينبغي أن يكون حب مصر قاسمًا مشتركًا بين جميع الأحزاب والقوى السياسية، وأن هذا الحب والانتماء لابد أن يترجم إلى أفعال تصب في الصالح العام، وليس لمصالح حزبية ضيقة، وأيضًا على كل القوى والفئات البحث عن المشترك فيما بينهم، كما طالبت بميثاق شرف إعلامي يبتعد فيه النخبة والمثقفون والمهتمون بالشأن العام عن تبادل الاتهامات دون سند أو دليل وإفساح المجال أمام مؤسسات الدولة المنتخبة لممارسة دورها الفاعل خلال المرحلة المقبلة.

فإلى نص الحوار:
*قوى سياسية عديدة تتخذ الدين وسيلة للضغط النفسي على المواطنين البسطاء لكسب تأييدهم، فهل هذا يعد خلطًا للدين بالسياسة؟ وهل هو مباح شرعًا؟ وهل يمكن أن يشكل خطورة على المجتمع؟
-لا يوجد تعارض بين الدين والسياسة؛ حيث إن كلاًّ منهما يهدف إلى مصلحة البلاد، لكن لا بد من تحديد المصطلحات السياسة، فإذا كان يقصد بها رعاية شئون الأمة في الداخل والخارج، فهذا المعنى يتداخل في الدين فعلاً، البعض يخلط بين السياسة الحزبية والسياسة العامة، ويربط بين الدين والسياسة بمعناها الحزبي، وهذا استغلال للدين لا نقبله لأنه أمر مقيت وإهانة للدين، أما إذا قصدنا السياسة بمعناها العام فينبغي أن يكون الدين هو "السقف" الذي يقف عنده الجميع.
*البعض أفتى بأن اختيار المسلم للمسيحي في الانتخابات حرام شرعًا، بحجة أن المسلم يجب أن يختار من يطبق أحكام الشريعة الإسلامية، فما رأيكم؟
- يجب أن يكون الاختيار مبنيا على الكفاءة والقوة والقدرة على تحقيق مطالب الشعب لا أن يكون قائمًا على العقيدة أو الدين أو النزعات العرقية والقبلية وخلافه، كما أن الشريعة الإسلامية واضحة المعالم ومن يحصر الشريعة الإسلامية في فرع واحد أو في تطبيق الحدود فهو لم يفهم الدين على حقيقته وانه في 95٪ من نصوصه يتكلم عن الأخلاق المرتبطة بالعقيدة، مرض العصر ألا نفهم حقائق الأشياء وأن نقف عند ظواهرها، يعني {يعلمون ظاهرًا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون}، الشريعة الإسلامية أرحب وأوسع من أن نحصرها في أحد فروعها.
*إذا كان الدين سيلعب دورًا في المرحلة المقبلة ففي أي مكان ينبغي أن يكون؟
- يجب أن يتدخل الدين بشكل أساسي كسقف لا نتعداه في التشريع، وهذا ما يطلقون عليه مواد فوق دستورية أي لا ينبغي لأحد أن يتعداها؛ بحيث يكون التشريع في البرلمان أسفل هذا السقف ولا يتعداه، مثال لذلك لو أتى لي شخص وقال شرع لي قانونا يبيح الشذوذ أقول له لا؛ لأني لي سقف لا أتعداه وهو الدين، ولأن الشذوذ حرام في كل دين وفي دين الإسلام، على الرغم من أنه ربما يكون هذا جائزًا في مكان آخر في أمريكا وفي بريطانيا وفي فرنسا لأنهم لم يجعلوا في دساتيرهم سقفًا.

*لماذا لا يظهر دور واضح وفعال لرجال الأزهر في مواجهة الآراء المتطرفة لبعض المتشددين لمنع البلبلة وبيان صحيح الدين السمح المعتدل؟
- المؤسسة الدينية في مصر وعلى رأسها الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية لها تاريخ ناصع في الدفاع عن الدين ونشر الوسطية والتسامح بين الجميع، علاوة على احتضان الفكر المنفتح، وعلماء الأزهر عبر تاريخهم الطويل وميراثهم العظيم كانوا ولا يزالوا لهم دور فاعل في نشر ثقافة الإسلام السمح ووسطيته وفي حماية هوية مصر الدينية، فالأزهر وعلماؤه جزء لا يتجزأ من حركة المجتمع وغير منفصل عن مشاكل الأمة وواقعها.
*التراجع الشديد في نسبة نجاح النساء بالبرلمان هل تعتبره فضيلتكم بداية لتهميش دور المرأة؟
- الإسلام جاء ليقضي على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وأنا ضد كل الدعوات التي تريد تهميش المرأة بأي حال من الأحوال، وتحت أي مسمى من المسميات، فالنساء في الإسلام شقائق الرجال والاختلاف بينهما راعى الطبيعة التكوينية فقط لكل منهما، لكنهما متساوون في الحقوق والواجبات، انطلاقًا من قوله تعالي: {للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن} (النساء: 32)، ولقد أثبت التاريخ الإسلامي أن المرأة صاحبة دور عظيم فهى التي كانت تخرج مع رسول الله صلي الله عليه وسلم في الغزوات تداوي المرضي وتسقي العطشى، وهى أيضًا العالمة التي تربى على علمها جهابذة الأمة وعلماؤها الأفذاذ، فالمرأة كانت ولا تزال تشارك وبقوة في النهضة وبناء الأمم والحضارات.

*البعض يرى أن الأزهر بحاجة إلى إصلاح فما رأي فضيلتكم في تلك الدعوات؟
- هذه الدعوات حق يراد به باطل؛ فالأزهر يمارس عملية الإصلاح منذ أكثر من مائتي عام على يد أبنائه، وإصلاح الأزهر شيء مطلوب على الدوام لكي يقوم بدوره الريادي، والأزهر بالفعل يقوم بعمليات إصلاح فهو دائمًا يصلح نفسه بنفسه، ومن يطالب بإصلاحه فعليه بإصلاح نفسه أولاً، إن الأزهر منظومة شعارها الإصلاح والصلاح، إن نظام الأزهر الشريف قائم على نظام الاختيار فكيف يأتي شخص يريد له أن يقوم على نظام الانتخاب، هو هنا يريد أن يخلط الأمور، إن الأزهر مبني على التعددية الفكرية ويعتمد على الفكر الوسطي المعتدل ويؤمن بالتطور لمواكبة العصر وبالتالي أبناؤنا وأحفادنا سوف يطورونه ويصلحونه على مراحل.
لكن هناك دعوات تختلف حول مذهب الأزهر ما رأي فضيلتكم في ذلك؟
الأزهر أشعري العقيدة مذهبي الفقه صوفي الأخلاق، فالأزهر يعني الوسطية، والعلم، وسيظل الأزهر هكذا لأنه استوفي أركان العملية التعليمية، ومنهجه مبني علي التعددية الفكرية والحرية الملتزمة، ولأنه استعان بمجموعة كبيرة من العلوم المساعدة، ولأنه نافع لمصره ونافع لعصره.
لماذا يشعر الناس دائمًا في مصر أن هناك لونًا من الضغوط السياسية تفرض أحيانًا علي المفتي عند إصدار بعض الفتاوي؟
دار الإفتاء المصرية لم تحاب يومًا النظام الحاكم منذ أن أنشئت عام 1895م، فهي مؤسسة راسخة تولي الإفتاء فيها عبر القرون خيرة العلماء، ولها طريق واضح محدد فيما يتعلق بمصادرها وطرق البحث وشروطه، كما أنها صاحبة عقلية علمية عبر هذه الفترة وما قبلها، لها جذور في التاريخ ولها خبرة إدراك الواقع، لذا فهي لا يمكن أن تهتز لاتباعها منهجًا وسطيًّا، ولأنها مؤسسة لديها قدرة علي إدراك مصالح الناس في مقاصد الشرع، وأيضًا كان لدار الإفتاء في الفترة الأخيرة في ظل النظام السابق موقف من التوريث وتصدير الغاز لإسرائيل؛ حيث رفضت دار الافتاء هاتين القضيتين.

بماذا تفسر فضيلتكم فوز الإسلاميين بأغلبية برلمانية حتي الآن؟ هل هو انعكاس لعودة الناس إلي الدين؟ أم هو حسن تنظيم من بعض هذه الجماعات؟ أم رد فعل في مواجهة مظاهر الفساد الصارخة التي عشناها سنوات طويلة؟ أم هناك تفسيرات أخري؟
صعود قوي سياسية أو تيارات دينية وغير دينية علي الساحة السياسية حاليًا هو أمر طبيعي جدًّا، ونتيجة طبيعية للديمقراطية وحرية التعبير التي تتمتع بها البلاد عقب الثورة، أما موضوع الدين فمصر بلد متدين بطبيعته ولا جديد عليه، والدين يشكل فيها جانبًا مهمًّا، وطالما أن الشعب اختار من يمثله بكامل إرادته علينا أن نترك الفرصة لهذه المؤسسات المنتخبة أن تمارس دورها وتثبت أنها الأفضل من خلال العمل وخدمة الشعب والبلد، وأن تبتعد عن الانشقاق والخلاف والجلوس والحوار سويًّا من أجل بحث وتدارس القضايا التي تنهض بالأمة؛ حتي نستطيع توحيد الكلمة وتحقيق صالح البلاد والعباد، والوصول إلي مشترك فكري ووطني يمكن في إطاره الوصول بمصر إلي بر الأمان.
خوف المثقفين والليبراليين من وصول الإسلاميين للحكم، هل يوجد ما يبرره من وجهة نظر سيادتكم؟
لا أعتقد أن وصول أي تيار إلي الحكم يبعث علي الخوف، ووصول الإسلاميين إلي البرلمان كان بإرادة شعبية، وأنا أري أن يأخذ كل فصيل حقه الدستوري الكامل؛ لكني أطالب كل التيارات التي نجحت في الانتخابات بأن يعملوا من أجل البلد وأن يتحروا العدل، وأن يبتعدوا عن الخلاف والقضايا الهامشية وأن يركزوا علي النقاط والقضايا الجوهرية التي تصب في صالح الوطن، وألا يصل الخلاف في وجهات النظر إلي حد الصدام؛ بل بالعكس يجب أن نبحث عن المشترك بيننا؛ لأنه إذا لم يكن هناك مشترك فإنه لا يمكن حينئذٍ أن نلتقي فيحدث الصدام، لذلك فإنه من أجل الوصول إلي التوافق والاستقرار لا بد من إشاعة ثقافة الحوار بين الجميع، والبحث عن ذلك المشترك الذي به يكون التعاون والانطلاق، واستيعاب التضاد في وجهات النظر.
ماذا عن موقف الإعلام في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ مصر وهل تراه إيجابيًّا أم سلبيًّا؟
نحن نقول للإعلام إن لك مهمة وطنية يجب أن تقوم بها ألا وهي التقريب وليس التفريق، ونريد منه العمل بجاذبية وليس بالاثارة فقط كما أطالب بميثاق شرف إعلامي يبتعد فيه الإعلاميون والنخبة والسياسيون عن تبادل الاتهامات وترويج الشائعات وإثارة روح الفرقة بين أبناء الشعب الواحد والبعد عن إثارة القلاقل والفتن والبحث عن القضايا الجادة التي تصب في صالح الوطن.

كيف تصف المشهد في مصر الآن؟
مصر في هذه الأيام تعيش مرحلة مليئة بالتحديات وهذا الأمر طبيعي، خصوصًا لأننا في مرحلة انتقالية وغالبًا ما يصاحب المراحل الانتقالية بعض الاضطرابات والاختلافات، لكنها سرعان ما تهدأ وتعود إلي الاستقرار والسلام، لكننا في هذه المرحلة بحاجة إلي أفكار ورؤي تسهم في بناء مصر لا في هدمها، وإذا كان هناك من يحاول بث بذور الفتن والقلاقل بين أبناء الوطن الواحد من أجل أن يجهض ثورتهم العظيمة علينا أن نفوت عليه هذه الفرصة بتوحيد الصف والغاية، خاصة في هذه الظروف التي تمر بها الأمة حاليًا؛ حيث يتربص أعداؤها بها ويحاولون فرض روح الشحناء والتفرقة والنزعات الطائفية بين أبناء الدين الواحد؛ لأن الجميع يعلم ما للفتنة من ضرر عظيم علي الأمم والحضارات فهي بالفعل قد أسقطت أممًا وحضارات وأجهضت أحلامًا كان من شأنها أن تسهم في رقي هذه الأمم والحضارات.
كيف تستطيع مصر استعادة توازنها الاقتصادي دون انتظار معونات خارجية لم يتم الوفاء بها, وما هو المطلوب من الشعب ومن الحاكم في هذه المرحلة ؟
تستعيد مصر توازنها من خلال العمل والإيمان بالله سبحانه وتعالي، والعلم والتنمية، والسعي من أجل أن نعمر مصر بسواعد أبنائها بعيدًا عن أي شكل من أشكال التدمير، وتوصيل رسالة الأمل الفسيح إلي الناس، حيث إن كثيراً من الناس محبط وقلق وخائف من المستقبل، لكن قضية الأمل هي التي ستجعل الناس تعود مرة أخري إلي العمل وإلي السعي والاجتهاد، فمصر لديها من الخيرات والموارد والخبرات لكن ذلك لن يتحقق إلا بالعلم والعمل.
ما هي المواصفات التي تتمناها في رئيس مصر القادم ؟
أهم شرطين في رئيس مصر القادم الإخلاص والكفاءة، فالإخلاص يعني حب البلد، وهذا نقيسه من خلال تاريخ هذا الرجل، ومن خلال أعماله وإنجازاته التي نفع بها البلد، والتي سيقدم نفسه للناس من خلالها، والكفاءة يجب أن تظهر في برنامجه الذي سيقدمه للناس ويعرضه عليهم.
وهل وجدت صاحب هذه المواصفات ؟
عالم الدين ينأي بنفسه عن الدخول في السياسة الحزبية، ورأيي الشخصي لا استطيع ان اقوله لاني لو قلته قد يظنه الناس فتوي.

فضيلتكم غير راضٍ عن تعامل الحكومة والمجتمع مع البلطجية ومع أطفال الشوارع, فكيف يمكن استغلال هذه الفئات ؟

المجتمع والحكومات المتعاقبة تقع عليهم المسئولية الكاملة فيما آلت إليه أوضاع هاتين الشريحتين، هؤلاء كانوا في يوم من الأيام مثل أي أحد فينا لكن حدث نوع من التحول في شخصياتهم؛ بحيث تحولوا من الإنسانية إلي مجرد شيء تتحكم فيه شهوته، ويتحكم فيه غيره، لذا فأنا أطالب المجتمع بالعمل علي أن تعود لهؤلاء إنسانيتهم، وإعادة تأهيلهم من جديد ودمجهم في المجتمع والاستفادة منهم وتحويلهم إلي طاقات نافعة بدلاً من أن يكونوا قنابل موقوتة، وإعادة تأهيلهم تحتاج إلي قلب مفعم بالرحمة والحب، وأن نحتويهم بقلوبنا قبل إمكاناتنا المادية والفكرية، لأن هؤلاء فتنة من الله لأمثالنا، سوف يسألنا الله عنهم يوم القيامة عن أي شيء قدمنا لهم وهل قمنا بواجبنا تجاههم أم لا.

هناك خلط واضح بين الدين والتدين في هذه الفترة العصيبة من تاريخ مصر، فكيف تري تأثير ذلك علي المجتمع؟
في البداية لا بد من التفريق بين المصطلحين، فهناك فرق كبير بين علم الدين وبين التدين؛ حيث إن عالم الدين هو الدارس للنصوص الشرعية والواقع وكيفية تطبيق هذه النصوص علي هذا الواقع، بينما الشخص المتدين هو الشخص الذي يؤدي الفروض والطاعات التي فرضها الله عليه، وبالتالي يجب علي الجميع أن يكون متدينًا، لكن عالم الدين هو من يدرس النصوص الشرعية ويمزجها بالواقع لكي يكون حكمه مكتملاً، ونحن في الفترة الأخيرة للأسف شغلنا أنفسنا بقشور الدين، وتركنا الجوهر، فالدين يسعي لمصلحة الناس ودفع آلامهم، وجلب المصالح لهم دون تعارض مع الدين، أو خروج علي ما اتفق عليه المسلمون.

ما تفسير فضيلتكم لاستمرار ظاهرة العنف وروح التخريب والمؤامرة والانفلات الأخلاقي في هذه المرحلة وما الذي يجب علينا فعله لمواجهتها؟
ظاهرة العنف من المشكلات العصيبة التي يجب علي المجتمعات البشرية مواجهتها والقضاء عليها في مهدها قبل بناء حضاراتهم، ولقد كثرت نصوص الكتاب والسنة في ترسيخ فضيلة التسامح والعفو للقضاء علي العنف في دعوة حثيثة للمؤمنين للتخلق بها، ومن أمثلة تلك النصوص أمر الله تعالي نبيه صلي الله عليه وسلم بالصفح، حيث قال: {فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ} (الحجر: 8) وإن ظاهرة العنف مخالفة للشرع الحنيف والتي تعد مخالفة له بكل المقاييس سواء كانت علي المستوي الفردي أو الجماعي فقد أمرنا الإسلام بالرفق في كل الأمور، وعلينا أن نتكاتف جميعًا من أجل تقويم هذه الظاهرة والقضاء عليها نهائيًّا لكي نستطيع بناء حضارة قوية، من خلال الإعداد الجيد والاهتمام بتربية النشء وتأهيل الخارجين عن القانون وإشراك الإعلام في عملية التوعية والإرشاد من أجل الوصول إلي مجتمع آمن يخلو من العنف.
ماذا تقول لشباب الثورة؟
أقول لهم كنتم شرارة البدء بثورة رائعة أعادت للمصريين كرامتهم وحقوقهم وإنسانيتهم المسلوبة لكن عليكم أن تساهموا في بناء الوطن وأنت تنتقلوا من المواقف إلي الأدوار والمهام الجسام، وإيجاد حوار وطني يتسع للجميع، والتركيز في الفترة القادمة علي قضايا الوطن الجسام، وأن نعمل ونتعاون فيما بيننا من أجل النهوض بالوطن.
رسالة توجهها إلي الفائزين في البرلمان الجديد؟
أطالب كل القوي التي نجحت في الانتخابات بإرساء العدل من داخل البرلمان والعمل من أجل الوصول بالوطن إلي بر الأمان وأن يجعلوا مصر أمام أعينهم.
ما الدعوة التي تريد أن تدعو بها لمصر؟
أسأل الله تعالي أن يخرج مصر من أزمتها، وأن يجعلها تستقبل مستقبلها بشيء من الوعي والعمل وبشيء من الأمل.
نقلا عن الاخبار


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.