فان جوخ.. صاحب لوحة » زهرة الخشخاش« - متعددة السرقة - لو علم أثناء حياته أن له لوحة قد بيعت بما يوازي »خمسين دولاراً« من الفرنكات لسقط مغشيا عليه في إحدي حانات باريس أو مواخير امستردام حيث كان يقضي معظم وقته في عراك ومشاحنات مع صديقه اللدود (بول جوجان) - لقد كان.. جوخ يعرض لوحاته في شوارع باريس وعلي ضفاف السين عله يحصل علي قوت يوم أي بضع فرنكات.. وعندما يعجز في ذلك يذهب مساءً إلي أحد البقالين الذي يعطف عليه.. فيعرض عليه إحدي لوحاته مقابل قطعتي خبز وجبن وزجاجة من النبيذ الردئ.. فيأخذ الرجل اللوحة ويضعها في مخزن المحل لتمر السنون والعقود ويكشف النقاب عن هذا المخزن حيث لوحات فان جوخ وجوجان لتباع بملايين الدولارات ويتحول احفاد البقال إلي أثرياء.. بعد أن عاش ومات صاحباها فقرا وجوعا. الفنان جوخ.. ولد في الأراضي الواطئة وهي ما تعرف الان بهولندا وبلجيكا ولوكسمبرج وقد كان ينظر اليهم علي أنهم »فلاحو أوروبا« نظراً لعدم تحضرهم قياسا للفرنسيين والانجليز.. وعندما ظهرت مواهبة الفنية سافر إلي باريس حيث الحركة الفنية التشكيلية والأدبية في أوج زهوتها خلال أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين.. وهناك التقي بشباب الفنانين الذين تحولوا بعد ذلك إلي رواد للحركة التشكيلية العالمية من أمثال بول سيزان - جورج براك - جوستاف كوربيه.. أدوار مانيه وبابلو بيكاسو.. وغيرهم.. لكن كان جوخ أتعسهم حظا خلال حياته المضطربة التي عاشها في حواري وأزقة العاصمة الصاخبة باريس.. ما جاء تعريف لمن رسم اللوحة.. فماذا عن مالكها.. إنه أحد هواة الفن عموماً وذواق للفن التشكيلي بوجه خاص جمع خلال حياته أندر اللوحات وأجمل المنحوتات ذات الشهرة العالمية وبخاصة الفرنسية منها.. أنه محمد محمود خليل باشا الذي تحول قصره الذي شيده علي نيل الجيزة في غضون 5191 - إلي متحف كبير بعد وفاته في عام 2691 بناء علي وصيته.. لقد حوي المتحف عند افتتاحه عام 5691 علي نحو »ثلثمائة« عمل فني لكبار فناني القرن التاسع عشر في فرنسا.. وغيرهم من مصوري ونحاتي القرن العشرين.. ان محتويات هذا المتحف تقدر باكثر من مليار جنيه بالقياس التجاري.. اما العارفون بقيمة الأعمال المقتناه ومؤرخو الفن فيرون أنها لا تقدر بثمن. لقد وضعت هذه الثروة الفنية وغيرها مما تحتويه متاحفنا الفنية والاثرية والتاريخية من أعمال تكاد تفوق ما تملكه البشرية بأكملها.. وضعت بين أيدي من لا يملكون عادة المقومات الفكرية والفنية والثقافية والادارية الموازية لما يتولون حراسته.. وهنا قلت ما شئت؟!! ملاحظة.. لنحو خمسين عاما عاشها صاحب »متحف خليل وحرمه« بين جدران قصره منذ انشائه عام 5191 - وحتي وفاته عام 2691 سرقة واحدة وعندما تحول القصر الي متحف مفروض انه محصن بأحدث وسائل التقنية الحديثة في عصر »الهاي تكنولوجي«.. فماذا حدث ؟!! كاتب المقال : أستاذ بجامعة حلوان