نفر من الحر الي المكيفات فلا تجدي وإلي المثلجات فلا تروي..جباهنا كواها الحر وجلودنا شوتها الرطوبة. لم تفلح نصائح الاطباء وخبراء التغذية في مواجهة الحر مع الصيام. تعالوا نفكر خارج الصندوق كما فعل الدكتور عادل باناعمة بجامعة ام القري إذ يدعو الي تبريد حرارة الجو بالعبادات بدلا من الاقتصار فقط علي المكيفات والمثلجات.لا تستغربوا فطاعة الله وعبادته برد يرطب قلب المسلم وجسده. اليست الطاعة هي التي حولت نار ابراهيم لتكون بردا وسلاما. ألم تسمعوا الكثير من عبارات الصالحين عن برد اليقين وثلج الهداية.وتبدأ عبادات تبريد حرارة الجو اللافحة بعبادة الاتعاظ والتدبر فاذا كانت حرارة الدنيا بهذا الشكل فكيف يكون حر جهنم؟.قال رسول الله صلي الله عليه وسلم::ناركم هذه التي يوقد ابن ادم جزء من سبعين جزءا من حر جهنم". ويأتي بعد ذلك عبادة سقاية العطشي.فقد غفر الله لبغي من بني اسرائيل حين سقت كلبا تدلي لسانه من العطش، فكيف يكون الحال بمن يسقي انسانا. رأيت رجلا ساعة الافطار في هجير مدينة 6 اكتوبر يطلب من باعة المياه المثلجة ان يقدموها مجانا للمارة الصائمين ويقوم هو بدفع ثمنها. ورأيت آخر يمر علي مبردات المياه المعطلة او المكهربة التي قد تصعق من يشرب منها ويقوم بإصلاحها. وكان منظرا مؤثرا حين قام رجل مسن بتوزيع الماء المثلج والتمر علي عمال البناء في القاهرةالجديدة خلال ايام انقطاع المياه. وبجانب سقاية العطشي، ما أجملها عبادة إظلال الناس بزرع شجرة او مد مظلة في أماكن تجمعهم كمحطات الاتوبيسات او أن يظل أحد سكان عمارته بظل ظليل. من فعل ذلك أوشك ان يظله الله يوم القيامة يوم تدنو الشمس من الناس فتكون علي بعد ميل. ووسط هذا الهجير لا ننسي بالطبع ترطيب الجسد بكثرة الوضوء . وقد سبق بلال الي الجنة بحرصه علي مداومة الوضوء وصلاة ركعتين به. ولا يجب ان يتبرم احد من الصوم في ظل هذا الحر الرهيب، ففي حديث ابي موسي أنهم كانوا علي ظهر سفينة فسمعوا هاتفا يهتف: قفوا أخبركم بقضاء قضاه الله تعالي علي نفسه أن من أعطش نفسه لله في يوم حار يرويه يوم القيامة ، قال ابو بردة: فكان موسي لا يمر عليه يوم حار الا صامه". أعتقد أن كل من صام منا الايام العشرة الاوائل (حتي الان) ايمانا واحتسابا في ظل هذا الهجير، سيلقي هذا الجزاء يوم القيامة. ومن أعلي عبادات ترطيب حرارة الجو قضاء حوائج الناس فالموظف الذي ييسر علي الناس مصالحهم دون لعبة دوخيني يالمونة علي المكاتب او فوت علينا بكرة ، لا بد وان يفرج الله كربه.عن ابن عمر: أحب الأعمال الي الله سرور تدخله علي مسلم او تكشف عنه كربة او تطرد عنه جوعا او تقضي عنه دينا". وقد يقول البعض وكيف يمكن ان نلتزم بكل هذه العبادات الصيفية ونحن لا نستطيع ان نتحكم في أعصابنا او نضبط انفعالاتنا، يرد الدكتور باناعمة بأن الحر فرصة للتعود علي ضبط النفس وعبادة الحلم والعفو والصفح وكف الاذي . واخيرا فإن القرآن هو أنيسك ومؤنسك في هذا القيظ الشديد، ارتو من آياته واشرب من معانيه وتحصن بأوامره وإلتزم بنواهيه، تجد نسائم الهواء العليل تغلف أجواءك. جرب هذه العبادات فلن تخسر شيئا ، فالمكيفات تكسر الجسم والمثلجات تهشهش العظام ، أما كل هذه العبادات فلا بد ان ترطب الجو وتلطف حر الدنيا وتنجيك من هجير الآخرة.