إذا كان »عبدالناصر« قد أمر باعتقال »إحسان عبدالقدوس« عام 1954 فهو نفسه أي الرئيس الراحل عبدالناصر الذي وقف إلي جانبه، و حماه من كل الذين تربصوا بكاتبنا الكبير وحاولوا النيل منه. ليس هذا كلامي.. وإنما جاء ذلك في شهادة »إحسان« التي استمع إليها الزميل د.مصطفي عبدالغني، ونشرها في كتابه: »الشهادات الأخيرة- المثقفون وثورة يوليو«. قال إحسان عبدالقدوس في شهادته إنه يستطيع أن يؤكد أنه ظل وإلي آخر أيام عبدالناصر في حمايته بشكل شخصي. كانت هناك وجهات نظر لمسئولين حاولوا اعتقاله أكثر من مرة. وبالفعل تم إيقافه في إحداها عن العمل. وفي مرة أخري.. وجد من يمنعه من دخول دار »روزاليوسف« التي يملكها! ويضيف »إحسان« قائلاً: »تعرضت مراراً لهذه المضايقات.. لكنني كنت أكتشف في كل مرة أن جمال عبدالناصر لم يكن يدري بالضبط ما كان يحدث لي، وكان بمجرد أن يعلم يأمر علي الفور بأن يتركوني. وهكذا.. كان عبدالناصر ينقذني كثيراً من مؤامرات تحاك حولي وضدي ولا أعرف عنها شيئاً«. المحاور الدءوب د.مصطفي عبدالغني طالب »إحسان« بأمثلة علي ما يقول، فأجاب كاتبنا الكبير: [الرقيب العسكري آنذاك أحمد أنور كان قد قبض عليّ عام 1955 وأدخلني السجن. وكان وزير الداخلية وقتذاك هو زكريا محيي الدين، الذي اتصل بأحمد أنور للإفراج عني، لكنه رفض! اضطر زكريا محيي الدين أن يبلغ عبدالناصر بما فعله أحمد أنور معي، فإذ بعبد الناصر يطلب الاتصال بي تليفونياً من داخل مكتب مدير السجن الحربي أحمد أنور وفي حضوره شخصياً. حرص عبدالناصر في تلك المكالمة علي أن يطيب خاطري، ويعتذر لي اعتذاراً شديداً، قائلاً:»أعمل إيه يا إحسان؟ أنا لم أعلم بالقبض عليك إلاّ الآن فقط. و بما أنك في السجن الحربي الآن فمعي عبدالحكيم عامر وزير الدفاع و سوف يتكلم معك ليعتذر لك نيابة عن الجيش كله«. وبالفعل .. اعتذر لي عبدالحكيم عامر، وعدت بعدها إلي بيتي، ومكتبي، بعد أن أبعدت عنهما لمدة ثلاث ساعات داخل زنزانة في سجن أحمد أنور!]. ومن »الخاص« إلي »العام«.. سُئل إحسان عبدالقدوس: »هل كان عبدالناصر كما يبدو صاحب اتجاه ديمقراطي استمر بالفعل حتي عام1954؟« فأجاب »إحسان« عن سؤال محاوره د.مصطفي عبدالغني قائلاً إنه يعتقد أن عبدالناصر كانت تسيطر عليه فكرة الاحتفاظ باستمرارية الثورة وتحمله مسئولياتها المباشرة في الحكم. .. و للحديث بقية.