بعد قبول الطعن على وضعه ب«قوائم الإرهاب».. هل يحق ل أبوتريكة العودة إلى القاهرة؟    وزير التعليم: حريصون على بذل الجهود لدعم التمكين الحقيقي للأشخاص ذوي القدرات الخاصة    وزير الصحة يشيد بدور التمريض في رعاية مصابي غزة    الحصاد الأسبوعي لوزارة التعاون الدولي.. مشاركات وفعاليات مكثفة (إنفوجراف)    اليوم ختام رايز أب 2024 بحضور رئيس الوزراء    «مستقبل وطن»: إدانة مصر للممارسات الإسرائيلية أمام المحكمة الدولية خطوة لحل القضية    حزب الله: استهدفنا تجمعا لجنود الاحتلال الإسرائيلي في ثكنة راميم بمسيرة هجومية    إجلاء آلاف الأشخاص من خاركيف وسط مخاوف من تطويق الجيش الروسي لها    إعلام عبري: تفكيك كابينت الحرب أقرب من أي وقت مضى    حزب الله يعلن استهداف تجمعا لجنود الاحتلال بثكنة راميم    عودة صابر وغياب الشناوي.. قائمة بيراميدز لمباراة الإسماعيلي في الدوري    «شكرا ماركو».. جماهير بوروسيا دورتموند تودع رويس في مباراته الأخيرة (فيديو)    نجم الترجي السابق ل «المصري اليوم»: إمام عاشور قادر على قلب الطاولة في أي وقت    بوروسيا دورتموند يتفوق على دارمشتات بثنائية في الشوط الأول    قرار مهم من محافظ المنوفية بعد تداول أسئلة مادة العربي للشهادة الإعدادية    هام لطلاب الثانوية العامة.. أجهزة إلكترونية ممنوع دخول لجان الامتحان بها    حبس المتهم بسرقة مبالغ مالية من داخل مسكن في الشيخ زايد    «القومي للمرأة» يشارك في افتتاح مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة    صابرين تؤكد ل«الوطن»: تزوجت المنتج اللبناني عامر الصباح منذ 6 شهور    حكم شراء صك الأضحية بالتقسيط.. علي جمعة يوضح    وزير الصحة: «الذكاء الاصطناعي» لا يمكن أن تقوم بدور الممرضة    جامعة طنطا تقدم الرعاية الطبية ل6 آلاف و616 حالة في 7 قوافل ل«حياة كريمة»    مصرع طفلة دهستها سيارة "لودر" في المرج    بعد الانخفاضات الأخيرة.. أسعار السيارات 2024 في مصر    «الحرية المصري»: مصر لن تتخلى عن مسئولياتها تجاه الشعب الفلسطيني    عاشور: دعم مستمر من القيادة السياسية لبنك المعرفة المصري    السفيرة سها جندي تترأس أول اجتماعات اللجنة العليا للهجرة    تعرف على تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي.. في العناية المركزة    مسؤولو التطوير المؤسسي بهيئة المجتمعات العمرانية يزورون مدينة العلمين الجديدة    وزير الرياضة يترأس لجنة مناقشة رسالة دكتوراه ب"آداب المنصورة"    محافظة القاهرة تنظم رحلة ل120 من ذوي القدرات الخاصة والطلبة المتفوقين لزيارة المناطق السياحية    فيلم فاصل من اللحظات اللذيذة يحتل المرتبة الثالثة في شباك التذاكر    مصر تنافس على لقب بطولة CIB العالم للإسكواش ب3 لاعبين في المباراة النهائية    بعد الخلافات العديدة.. إشبيلية يعلن تجديد عقد نافاس    8 تعليمات مهمة من «النقل» لقائدي القطارات على خطوط السكة الحديد    «المصل واللقاح»: متحور كورونا الجديد سريع الانتشار ويجب اتباع الإجراءات الاحترازية    «الصحة»: وضع خطط عادلة لتوزيع المُكلفين الجدد من الهيئات التمريضية    الأحجار نقلت من أسوان للجيزة.. اكتشاف مفاجأة عن طريقة بناء الأهرامات    أستاذ الطب الوقائي: الإسهال يقتل 1.5 مليون شخص بالعالم سنويا    مفتي الجمهورية: يجوز التبرع للمشروعات الوطنية    جوري بكر تتصدر «جوجل» بعد طلاقها: «استحملت اللي مفيش جبل يستحمله».. ما السبب؟    طلاب الإعدادية الأزهرية يؤدون امتحاني اللغة العربية والهندسة بالمنيا دون شكاوى    محافظ المنيا: استقبال القمح مستمر.. وتوريد 238 ألف طن ل"التموين"    أبرزهم رامي جمال وعمرو عبدالعزيز..نجوم الفن يدعمون الفنان جلال الزكي بعد أزمته الأخيرة    نهائي أبطال إفريقيا.. 3 لاعبين "ملوك الأسيست "في الأهلي والترجي "تعرف عليهم"    موناكو ينافس عملاق تركيا لضم عبدالمنعم من الأهلي    جهود قطاع أمن المنافذ بوزارة الداخلية خلال 24 ساعة فى مواجهة جرائم التهريب ومخالفات الإجراءات الجمركية    وزير الري يلتقي سفير دولة بيرو لبحث تعزيز التعاون بين البلدين في مجال المياه    25 صورة ترصد.. النيابة العامة تُجري تفتيشًا لمركز إصلاح وتأهيل 15 مايو    "الإسكان": غدا.. بدء تسليم أراضي بيت الوطن بالعبور    مسئولو التطوير المؤسسي ب"المجتمعات العمرانية" يزورون مدينة العلمين الجديدة (صور)    خبيرة فلك تبشر الأبراج الترابية والهوائية لهذا السبب    ما حكم الرقية بالقرآن الكريم؟.. دار الإفتاء تحسم الجدل: ينبغي الحذر من الدجالين    الفصائل الفلسطينية تعلن قتل 15 جنديا إسرائيليا فى حى التنور برفح جنوبى غزة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 18-5-2024    حادث عصام صاصا.. اعرف جواز دفع الدية في حالات القتل الخطأ من الناحية الشرعية    المستشار الأمني للرئيس بايدن يزور السعودية وإسرائيل لإجراء محادثات    الأرصاد: طقس الغد شديد الحرارة نهارا معتدل ليلا على أغلب الأنحاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جودته احد اشهر ادباء المانيا .. ترك إرثا ادبيا و ثقافيا ضخما للمكتبة العالمية
نشر في إيجي برس يوم 14 - 09 - 2011

يوهان فولفجانج جوته هو أحد اشهر أدباء ألمانيا المتميزين، والذي ترك إرثاً أدبيا وثقافياً ضخماً للمكتبة الألمانية والعالمية، وكان له بالغ الأثر في الحياة الشعرية والأدبية والفلسفية، ومازال التاريخ الأدبي يتذكره بأعماله الخالدة التي مازالت أرفف المكتبات في العالم تقتنيها كواحدة من ثرواتها، وقد تنوع أدب جوته ما بين الرواية والكتابة المسرحية والشعر وأبدع في كل منهم، واهتم بالثقافة والأدب الشرقي واطلع على العديد من الكتب فكان واسع الأفق مقبلاً على العلم، متعمقاً في دراساته.
ونظراً للمكانة الأدبية التي مثلها جوته تم إطلاق اسمه على أشهر معهد لنشر الثقافة الألمانية في شتى أنحاء العالم وهو "معهد جوته" والذي يعد المركز الثقافي الوحيد لجمهورية ألمانيا الاتحادية الذي يمتد نشاطه على مستوى العالم، كما نحتت له عدد من التماثيل.
النشأة
ولد جوته في الثامن والعشرين من أغسطس عام 1749م بمدينة فرانكفورت بألمانيا، كان والداه ميسورين الحال، والده هو يوهان كاسبار جوته، وكان جده يعمل حائكاً أما جدته فكانت تملك فندقاً، وهو الأمر الذي جعل العائلة في سعة من العيش.
عمل والدي جوته جاهدين من أجل أن يحصل ابنهما على قدر وافر من العلم، وكان والده يرجوا أن يتبوأ ولده مناصب عالية في الدول، وبالفعل حقق جوته أملهما فتدرج في مراحل التعليم المختلفة حتى درس المحاماة وتخرج من كلية الحقوق، وعلى الرغم من دراسة جوته للحقوق إلا أن ميوله وعشقه كان للأدب فكان متأملاً للأشياء من حوله واصفاً لها في جمل رقيقة معبرة.
الإبحار في فكر جوته
لم يكن جوته مجرد شاعراً عادياً يسجل خواطره وأفكاره من خلال قصائده الشعرية، وكتبه الأدبية، بل مال إلى التبحر في مختلف العلوم، فأنكب دارساً العلوم والفنون المختلفة مثل الرياضة والرسم والشعر والموسيقى والتصوير، كما قام بدراسة النبات والطب والهندسة والحقوق والسياسة.
وعكف على تعلم اللغات وساعده والده في ذلك فدرس كل من اللاتينية، اليونانية، الإيطالية، الفرنسية، الإنجليزية والعبرية، كما سعى جوته نحو التعرف على ثقافات أخرى فتعمق في الأدب الشرقي فأطلع على الأدب الصيني والفارسي والعربي، بالإضافة لتعمقه في الفكر الإسلامي، ولم يكتف جوته في مجمل إطلاعه على الثقافة العربية على الشعر العربي فقط بل أطلع على كتب النحو والصرف متلهفاً وساعياً نحو المعرفة، كل هذه الأمور أهلته لان يكون شاعراً متمكن واسع الثقافة مطلع على العديد من العلوم.
نظرة في حياته
في عام 1759 وعندما كان جوته في العاشرة من عمره قام الفرنسيون باحتلال مدينة فرانكفورت، وقام أحد الضباط الفرنسيون باحتلال منزل عائلة جوته، مما ترك اثر بالغ في نفسيته، وفي سن السادسة عشر قام والده بإلحاقه بكلية الحقوق جامعة "ليبسك"، ولم تكن ميول جوته تتوافق كثيراً مع دراسة الحقوق فلم يحقق بها الكثير من النجاح فقد كان الأدب هو عشقه الأول، وعلى الرغم من ذلك أكمل دراسته بها.
وأثناء فترة دراسته بجامعة "ليبسك" جاءت أولى قصص الحب في حياة جوته فأحب فتاه عرفت باسم آنا كاترين شونكويف كانت ابنة رجل يمتلك حانة كان جوته يتردد عليها، وهناك رآها وهام بها حباً حتى انه ذكرها في العديد من قصائده الأدبية في هذه الفترة مطلقاً عليها اسم "آنيت"، ولكن لم تستمر قصة الحب هذه كثيراً فما كادت الفتاة تقابل حبه بحب مثله حتى أنصرف عنها.
وفي جامعة "ليبسك" نظم جوته العديد من القصائد والروايات الأدبية من أهمها المأساة الموسومة "بمزاج المحبين" والتي قام فيها بتوضيح الأسباب التي جعلته يترك محبوبته الأولى، ومأساة " الشركاء في الجريمة" والتي عرض فيها العادات السيئة التي كانت منتشرة في الأسر في ذلك الوقت بمدينة "ليبسك" وغيرها من باقي المدن الألمانية، وفي عام 1767م قام بنشر مجموعة من أشعاره بعنوان"آنيت" .
في عام 1768م عاد جوته إلى فرانكفورت تاركاً جامعة "ليبسك" قبل أن يتم دراسته بها نظراً لمحنة مرضية مر بها، حيث أصيب بنزيف حاد أضعفه نظراً لقيامه ببذل مجهود شاق في الدراسة، فلزم فراش المرض لفترة كبيرة، وأثناء فترة مرضه هذه قام بالإطلاع على كتب الفلسفة والسحر والتنجيم والكيمياء، وكان لإحدى صديقات والدته أثر كبير في نفسه فقد كانت سيدة متدينة، وجهت تفكير جوته نحو الروحانيات، فأصبح جوته بعد فترة من المتصوفين.
جوته في ستراسبورج
بعد أن أسترد جوته صحته قام والده بإرساله إلى جامعة "ستراسبورج" من أجل إكمال تعليمه في الحقوق، وعلى الرغم من أن مدينة ستراسبورج كانت تحت السيطرة الفرنسية إلا أنها كانت تتمتع بالصبغة الألمانية والتي تشبعت بها روح جوتة وانعكست على أعماله بعد ذلك.
كانت كل مرحلة في حياة جوته لها أثارها وإنجازاتها ففي أثناء تواجده في ستراسبورج قام بجمع المادة اللازمة لكتابة روايته "جوتس فون برليخنجن" هذه الرواية التي حققت الكثير من الضجة عند ظهورها نظراً لكونها خرجت عن الروح السائدة عند الأدباء في هذه الفترة والتي كان الأدب الفرنسي مسيطراً عليها، واعتبرت دائرة المعارف البريطانية رواية جوته بمثابة فتح جديد في عالم الأدب الألماني، وعلى الرغم من هذا رأي عدد من النقاد أن هذه الرواية لم ترتقي إلى مستوى روايات جوته الأخرى مثل "فاوست" و"ولهلم مايستر" وغيرها وان أهميتها تأتي من كونها قد أدخلت فكر وأسلوب جديد على الأدب الألماني السائد في هذه الفترة فقط.
حصل جوته على إجازته في القانون عام 1771م، وعاد مرة أخرى إلى مسقط رأسه ليمارس مهنة المحاماة، وبعد ذلك انتقل إلي "فتزلار" وهي مقر المحاكم الإمبراطورية ومحكمة الاستئناف العليا، وذلك حتى يقوم بالتمرن على أعمال المحاماة، وأثناء ذلك تعرف جوته على الكثير القضاة ورجال السلطة، وتوطدت صلته بهم.
آلام فرتر
لهذه الرواية قصة مؤثرة في حياة جوته والتي أبدعها عقب تعرضه لمأساة غرامية، ففي "فتزلار" كان الحب الثاني في حياة جوته بانتظاره، فهناك تعرف على فتاة تدعى شارلوت، أحبها جوته كثيراً، ولكنها كانت خطيبة أحد أصدقائه، وتألم في حبه لها، فقام بتخليد هذا الحب في روايته الشهيرة "فرتر" والتي تعد واحدة من أهم روايات جوته وأكثرها انتشاراً، وعبر من خلالها عن تجربته الشخصية من خلال بطل الرواية ولكن البطل أقدم على الانتحار في النهاية، وقد حازت هذه الرواية على إعجاب الشباب وتعاطفوا مع ألم العاشق فرتر.
كانت الفترة الواقعة بين أعوام 1771 و 1775م فترة هامة في تاريخ جوته الأدبي فأنتج بها أشهر رواياته نذكر منها: "جوتس، كلافيجو، آلام فرتر، ستيلا، جوتر، واروين" والعديد من المؤلفات الأدبية الأخرى، مما جعله يرتقي سريعاً بين الأدباء الألمان، وفاقت شهرته وتجاوزت حدود ألمانيا.
جوته والدوق
في عام 1774م تعرف جوته على "كارل أوجست" دوق فيمار بمدينة "كالسر" بمقاطعة بادن، فقام بدعوته لزيارة فيمار وبعد عام تقابلا مرة أخرى في فرانكفورت فدعاه ثانية لزيارة فيمار، وبالفعل لبى جوته الدعوة وذهب إليها في 7 نوفمبر عام 1775م، وقد توطدت علاقة كل من الدوق وجوته فأصبحا صديقين حميمين، وقام بتعينه في أحد مناصب الدولة، وكانت فيمار على الرغم من كونها دوقية صغيرة فقيرة ومعظم أهلها من الفلاحين، إلا أنها كانت قبلة لرجال الفن والأدب والعلم.
ومما شجع جوته على البقاء في فيمار الدوقة إماليا والدة الدوق، والتي كانت من المهتمين بالأدب والموسيقى، فرحبت بجوته واستضافته، وكان قصر الدوق مركزاً أدبياً يلتقي فيه العديد من العلماء والأدباء والشعراء، وكانت بداية فترة إقامة جوته بفيمار فترة ركود أدبي بالنسبة له فلم يخرج أي مؤلف له في هذه الفترة، ولكنه قال أن هذه الفترة كانت فترة إعداد لإبراز مؤلف جديد.
العمل في حياة جوته
كان منصب جوته الذي قام الدوق بتعينه به يدر عليه مبلغاً مالياً مرتفعاً، فكثر حوله الحاقدين ولكن لم يأبه الدوق بكل هذا وتوطدت علاقته بجوته كثيراً وقام بمنحه منزلاً فخماً على ضفاف احد الأنهار ليمكث به.
وقد عكف جوته خلال عشر سنوات على دراسة شئون الدولة والتفاني في عمله، وعمل على الاهتمام بالفنون والعلوم المختلفة والارتقاء بها، كما قام بتنظيم مدينة فيمار وتجميلها وتحسينها وإصلاح الحدائق والزراعة بها، وتنظيم النواحي الحربية والمالية وتنفيذ مختلف الأعمال التي تعود بالنفع في النهاية على الدولة، وقد بذل جوته الكثير من الجهد في سبيل ذلك.
ولم تمر هذه الفترة في حياة جوته دون أن يقدم بها أعمال أدبية مميزة فقدم العديد من الروايات والتي قدم بعض منها على مسرح فيمار ، وكانت من ضمن الروايات التي قدمها في هذه الفترة رواية" انتصار العواطف".
في إيطاليا
في عام 1786 قام جوته بالسفر إلى إيطاليا ومكث هناك أكثر من عام ونصف، وكانت هذه الرحلة بمثابة فترة راحة واستجمام لجوته الذي انبهر بالسحر والجمال الإيطالي، فتعمق في حضارتها وسحرها وقام بإبداع عدد من أجود وأفضل رواياته التمثيلية مثل "افيجينيا، ايجمونت، ناسو"، وقد اعتبر جوته رحلته لإيطاليا أفضل شيء حدث له في حياته.
عقب عودة جوته إلى فيمار قام الفرنسيون بقيادة بونابرت باحتلالها، وقد كان هناك لقاء بين كل من جوته ونابليون وقد ترك جوته أثر طيب في نابليون الذي أبدى إعجابه الشديد بشخصيته وقال عنه عقب انصرافه "هذا إنسان"، ومن الجانب الأخر تعاطف جوته مع نابليون عندما بدأ نفوذه في الاضمحلال في أواخر عهده عام 1813م، مما جعل البعض يشكك في وطنيته.
تمثال يجمع كل من شيلر وجوته
من الشخصيات التي أثرت في حياة جوته الشاعر الألماني والكاتب المسرحي الكبير "شيلر" والذي ارتبط مع جوته بصداقة قوية، ترفع كل منهم بها على المنافسات والأحقاد التي قد تنشأ بين الشعراء والأدباء الكبار، وعلى الرغم من محاولات البعض للإيقاع بينهما إلا أن هذا لم يحدث وظل الاثنان في علاقة وطيدة حتى جاءت وفاة "شيلر" عام 1805م، فنعاه جوته وكتب إلى أحد أصدقائه يقول " إنني قد فقدت نصف حياتي" وهي الجملة التي تعبر عن المكانة التي كان يحتلها شيلر في حياة جوته، كما قال شيلر أن صداقته لجوته أهم حدث في حياته.
اتجاهه الأدبي
كان جوته يميل في اتجاهه الأدبي إلى منهج "العاصفة والتيار" وكان هذا هو التيار السائد في هذا العصر والذي وقف في مواجهة تيار أخر عرف ب "عصر التنوير" أو عصر الدليل المادي، هذا التيار الذي كان يعمل العقل في كل النواحي، ولا يؤمن بوجود أي شيء إلا إذا كان هناك دليل مادي على وجوده، بينما كان منهج العاصفة والتيار منهج متجدد مفعم بروح الشباب رافضاً وضع أي قيود على المشاعر والأحاسيس، مؤمناً بحرية التعبير.
ثم ما لبث جوته في مرحلة أخرى من حياته أن تحول إلي "الكلاسيكية" والتي تسير على نهج الحضارة الرومانية اليونانية القديمة.
مؤلفاته
تنوعت مؤلفات جوته بين الرواية والقصيدة والمسرحية نذكر من مؤلفاته: ألام الشاب فرتر، من المسرحيات نذكر نزوة عاشق، المتواطئون، جوتس فون برليخنجن ذو اليد الحديدية، كلافيجو، ايجمونت، شتيلا، إفيجينا في تاورس، توركواتو تاسو، ومن قصائده بروميتيوس، فاوست "ملحمة شعرية من جزأين"، المرثيات الرومانية، وسيرة ذاتية بعنوان من حياتي..الشعر والحقيقة، الرحلة الإيطالية، الأنساب المختارة كما قدم واحدة من أروع أعماله وهي " الديوان الغربي والشرقي" والذي ظهر فيه تأثره بالفكر العربي والفارسي والإسلامي، ولعل جوته هو أول شاعر أوروبي يقوم بتأليف ديوان عن الغرب والشرق مجسداً قيم التسامح والتفاهم بين الحضارتين، هذا بالإضافة للعديد من المؤلفات القيمة الأخرى.
علاقته بالإسلام
عرف جوته باحترامه وتقديره للإسلام كدين يحمل الكثير من القيم العظيمة، وكان من المهتمين بالإسلام والقرآن الكريم، وبسيرة الرسول "عليه الصلاة والسلام"، فأهتم بالإطلاع على المؤلفات التي صدرت عن الإسلام والشرق، والتي نذكر منها الترجمة الألمانية للقرآن الكريم، المعجم التاريخي، المكتبة الشرقية، الديانة المحمدية، حياة محمد، كنوز الشرق كل هذه الكتب كانت لمستشرقين ومفكرين أجانب وشكلت إحدى المراحل الهامة لجوته للتعرف على الإسلام ورسوله.
وكان ل "هيردر" الفيلسوف الألماني العظيم تأثير بالغ على فكر جوته حيث كان أول من أرشده للإطلاع على الشعر العربي والقرآن الكريم، وكان هيردر فيلسوف ألماني ذا تأثير كبير على الحضارة الألمانية، وفيلسوف اللغة والتي نظر لها على أنها أساس هام لاحترام الفروق الثقافية بين الحضارات، كما كان من أكبر الأدباء المنصفين للإسلام وهو ما أوضحه من خلال كتابه " أفكار حول فلسفة تاريخ الإنسان" وقام فيه بالإطراء على شخص الرسول الكريم "محمد" صلى الله عليه وسلم، كما أوضح إعجابه بتعاليم الدين الإسلامي.
وقد أنعكس فكر هيردر على جوته فأهتم جوته بالشعر والقيم العربية المتمثلة في العزة والكرامة ومعاني الشرف والتي كان يستشفها من خلال الملاحم والوقائع الشعرية، فأطلع على دواوين السعدي، وحافظ الشيرازي، والفردوسي.
وقد بدأت علاقة جوته بالقرآن الكريم من خلال لقائه مع هيردر بمدينة ستراسبورج عام 1770م، حيث قام بالإطلاع على نسخ مترجمة من القرآن، وقد أعجب به جوته كثيراً وتمعن في معانيه ومفرداته، فجاءت كتاباته متأثرة بالآيات القرآنية، كما قام باقتباس بعض منها وأوردها في أشعاره، وقام بوصف القرآن بأنه "كتاب الكتب".
ومما قالته "كاترينا مومزن" أستاذة الأدب الاجتماعي عنه "إن جوته أعجب بالإسلام ولفت نظره مبدأ التوحيد .. تلك العقيدة التي تدعو إلى الانقياد لله الواحد، والدعوة إلى تحرر الإنسان من كل صنوف العبودية الدنيوية"
إضافة لذلك أطلع جوته على السيرة النبوية، وكان معجباً بشخصية الرسول نظرا لما قام به من تأسيس الفكر والدين الإسلامي، وانه لم يقصر حياته على مجرد بث التعاليم الدينية، وانه استخدم في توصيل رسالته ودعوته وسائل كفاح دنيوية.
وقد ظهر إعجابه الشديد بالدين الإسلامي وبالرسول الكريم من خلال أشعاره، وأعماله الأدبية والتي نذكر منها "تراجيديا محمد" هذا الكتاب الذي أنقسم إلى فصلين الأول تحدث فيه عن بعثة محمد صلى الله عليه وسلم، أما الفصل الثاني فقام بتصوير معاناة الرسول أثناء تبليغه الرسالة وما قساه من المشركين خلال ذلك.
كما اختص جوته الرسول محمد "صلى الله عليه وسلم" بقصيدة مدح طويلة، مشبهه بالنهر العظيم الذي يجر معه الجداول والسواقي في طريقه إلي البحر، كما قام بكتابة مسرحية أيضا عن الرسول ولكنها لم تكتمل نظراً لوفاة جوته، وقد وجد بعض المخطوطات لهذه المسرحية والتي عمد فيها إلي التأكيد على أن محمد صلى الله عليه وسلم، جاء بأفكار جديدة لنشر الإسلام وروح المساواة والإخاء في العالم.
ومما قاله في الإسلام في ديوانه الشعري الديوان الشرقي " إذا كان الإسلام معناه أن نسلم أمرنا لله، فعلى الإسلام نعيش ونموت جميعاً".
هل أسلم جوته؟
ظل هذا السؤال حائراً شاغلاً لبال الكثيرين هل أسلم جوته؟ وربما رجع هذا لشغف جوته بالدين الإسلامي والقرآن الكريم والرسول "محمد"، ودراسته للشريعة الإسلامية وتعمقه بها، ومما قالته أستاذة الأدب الألماني كاترينا مومزن " إن علاقة جوته بالإسلام ونبيه الكريم ظاهرة مدعاة للدهشة في حياته، فكل الشواهد تدل على أنه في أعماقه شديد الاهتمام بالإسلام، وان جوته كان يحفظ عشرات من آيات القرآن الكريم"، وفي سؤال لها حول ما إذا كان جوته قد أسلم، قالت : إن إعجاب جوته بالإسلام لا يعني بالضرورة أنه اعتنقه وترى أن جوته كان يكن تعاطفاً للإسلام ولكنها تنفي أن يكون قد تحول إليه".
اللغة العربية في حياة جوته
مما قاله جوته في وصفه للغة العربية" ربما لم يحدث في أي لغة هذا القدر من الانسجام بين الروح والكلمة والخط مثلما حدث في اللغة العربية ، وانه تناسق غريب في ظل جسد واحد"، وقد عكف جوته على دراسة الشريعة الإسلامية دراسة متعمقة، وأطلع على الأشعار والملاحم العربية وتأثر بعدد من الشعراء مثل المتنبي، وقام بإدراج بعض من ملامح أشعاره في روايته "فاوست"، كما تأثر بأبي تمام، والمعلقات فقام بترجمة عدد منها إلى اللغة الألمانية عام 1783م بمساعدة معلمه "هيردر"، وقرأ لفحول الشعراء مثل أمرؤ القيس، طرفة بن العبد، عنترة بن شداد، زهير بن أبي سلمى وغيرهم، وكانت للأشعار والمفردات العربية تأثير بالغ على أشعار وأدب جوته.
الوفاة
جاءت وفاة جوته في الثاني والعشرين من مارس 1832م بفيمار، وهو في الثانية والثمانين من عمره، وذلك بعد أن أثرى المكتبة الألمانية والعالمية بالعديد من المؤلفات الأدبية القيمة، وقد كان لجوته أثراً كبيراً في الحياة الأدبية في عصره الأمر الذي أهله لأن يظل التاريخ يردد اسمه كواحد من أعظم الأدباء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.