تتعلق الأنظار حول قرار وكالة موديز العالمية للتصنيف الائتماني، المقرر صدوره غدا الجمعة، بخصوص الجدارة الائتمانية للاقتصاد المصري، فيما تتوقع بنوك استثمار محلية تحسن التصنيف درجة واحدة، ليتحول إلى B2 مقارنة بمستواه الحالي عند B3 ، مستندين في ذلك إلى التحسن المعلن في المؤشرات المالية للعام المالي المنتهي، وثمار برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تعكف الحكومة المصرية على تنفيذه. اتجهت الحكومة المصرية لتطبيق برنامج إصلاح اقتصادى واسع النطاق، لإعادة التوازن للاقتصاد الكلى، وتعزيز المالية العامة، وبدأت الجولة الأولى منه العام المالى الماضي 2016 – 2017، عبر تحرير سعر الصرف، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة، وخفض دعم الكهرباء والطاقة، وبدأت المرحلة الثانية مطلع العام المالي الحالي في يوليو 2017. ومن المتوقع أن يثمر التراجع الكبير فى مدفوعات الدعم التى تقدمها الحكومة للوقود، والغذاء، في ظل البرنامج الإصلاحي عن ارتفاع الإيرادات، مع تحسن الناتج المحلى الإجمالى الحقيقى، ما يدفع العجز المالي إلى هبوط مستمر، خلال الأعوام المالية المقبلة. وبحسب البيانات الأولية المعلنة من وزارة المالية عن العام المالي المنتهي 2016 – 2017، فقد ارتفعت معدلات نمو الناتج الاقتصادي الأولي إلى 4.1%، وهو ما يتجاوز النسب السابقة المتوقعة من صندوق النقد الدولي عند 3.5% . وتراجع العجز الكلي للموازنة أيضا خلال العام المالي الماضي إلى مستويات 10.8 % من الناتج المحلي، مقارنة بمستويات 12.5% العام السابق له، صاحب ذلك انخفاضا بالعجز الأولى إلى 1.8% في 2016 – 2017، مقارنة بنسب 3.5% العام السابق، وفقا للبيانات الأولية المعلنة من وزارة المالية. قال رامي عرابي، محلل الاقتصاد الكلي ببنك استثمار فاروس، إن تحسن النشاط الاقتصادي، وتراجع عجز الموازنة، وتراجع الضغوط الخارجية جميعها عوامل تدعم ترقية التصنيف الائتماني لمصر، في تقرير موديز بعد غدا، إلى B2 . وأشار إلى أن تحسن التصنيف الائتماني لمصر سيساهم في تعزيز ثقة المستثمرين المحليين والأجانب في الاقتصاد المصري، وزيادة تدفقات الاستثمار في أدوات الدخل الثابت، والبورصة. ولفت إلى أن معدلات النمو الاقتصادي المحققة العام المالي الماضي، تتجاوز توقعات فاروس السابقة المقدرة ب 3.8%، وكذلك توقعات صندوق النقد الدولي عند 3.5% . ورجح تحسن النمو الاقتصادي تدريجيا خلال العامين المقبلين ليعود إلى معدلاته السابقة المتساوية مع قبل عام 2011، ليصل إلى نحو 6% خلال العام المالي 2019 – 20120. وأكد أنه رغم التوقعات بأن تستغرق عملية إصلاح المالية العامة في مصر فترة طويلة، إلا أن الإجراءات الإصلاحية التي تطبقها الحكومة حاليا تؤكد التزامها بالوصول إلى معدلات عجز أدنى، وأكثر استدامة. يتوقع بنك استثمار فاروس تراجع العجز الكلي للموازنة خلال العام المالي الحالي، إلى مستويات 10.2%، والعجز الأولي إلى -0.1%، ويعد ذلك أدنى من مستهدفات الحكومة المقدرة ب 9% . وأشار إلى تدني المخاطر الخارجية بدعم من تحسن ميزان المدفوعات مؤخرا، وارتفاع احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي، لافتا أيضا إلى وصول التدفقات الأجنبية في الربع الثالث من العام المالي الماضي 2016 – 2017، إلى أعلى معدلاتها منذ عام 2011. وارتفع احتياطي النقد الأجنبي لمصر في يوليو الماضي إلى أعلى مستوياته منذ أحداث عام 2011، مسجلا 36.036 مليار دولار بدعم من حصول مصر على قرابة 4 مليارات دولار، من إجمالي قرض بقيمة 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولى العام الماضى، يُعول عليه لكسب ثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري. وقال البنك المركزي في بيان: "هذه هي المرة الأولى التي يتجاوز فيها الاحتياطي الأجنبي المستوى المحقق منذ نهاية ديسمبر 2010 حين بلغ 36.005 مليار دولار". إلا أن محلل الاقتصاد الكلي بفاروس، أشار في الوقت نفسه إلى أن البيئة التضخمية الحالية ستمثل عنصر ضغط على التوقعات الاقتصادية الإيجابية. ومنذ قرار الحكومة يتحرير سعر الصرف، تشهد نسب التضخم المحلية ارتفاعات متتالية سجلت أعلى معدلاتها في يوليو الماضي – موعد بدء الحكومة المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادي- عند 35.26 %، وفقاً لمؤشر البنك المركزي المصري، والذي يستبعد السلع الغذائية بسبب التقلبات الحادة في أسعارها. ورجح أحمد حافظ، رئيس قسم البحوث ببنك استثمار أتش سي، تحسن التصنيف الائتماني لمصر بدعم من المؤشرات الإيجابية للعام المالي المنتهي، وتوقعات ارتفاع معدلات النمو العام المالي الحالي، وتراجع عجز الموازنة في ظل مواصلة الحكومة تطبيق برنامجها للإصلاح الاقتصادي . ورفعت أتش سي تقديراتها لمعدلات النمو المحلي العام المالي الحالي إلى 4.4%، مقارنة بنسب 4% سابقا، مع استمرار الارتفاع إلى مستويات 4.9% العام المقبل مدفوعا بتعافي الاستهلاك الخاص، مع تراجع التضخم وانخفاض نسب البطالة. ورجح أحمد عبدالنبي، المحلل الاستراتيجي بمركز بحوث شركة مباشر إنترناشيونال تحريك "موديز" للتصنيف الائتماني لمصر من B3 حاليا، إلى B2 بدعم النتائج الإيجابية للعام المالي المنتهي على صعيد معدلات النمو، وعجز الموازنة، وتحسن ميزان المدفوعات. وتوقع استمرار تحسن هذه المؤشرات العام المالي الجاري مع استمرار الحكومة في برنامجها للإصلاح الاقتصادي، إلا أنه يرى في الوقت نفسه أن زيادة قيمة احتياطي النقد الأجنبي مؤخرا، تعد أمرا سلبيا لاعتماده على القروض الخارجية، والتي وصلت إلى معدلات غير مسبوقة، وهو ما قد يضع أعباء إضافية على الموازنة العامة قد تؤدي لزيادة نسب العجز. كان مركز أبحاث مباشر قد رفع توقعاته لعجز الموازنة خلال العام المالي الحالي، من 418 مليار جنيه (10.1% من الناتج المحلي الإجمالي) إلى حوالي 431 مليار جنيه (10.5% من الناتج المحلي الإجمالي)، مع تزايد مدفوعات الفوائد، مستندا في ذلك إلى ترجيحات تشير إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة سيستمر حتى 2018. وذكرت وكالة بلومبرج، فى تقرير سابق لها في مايو الماضي، أن موديز حددت مستوى B2 للتصنيف الائتمانى لمصر، بشكل غير رسمى لمدة 3 أشهر، وهو تصنيف أعلى بدرجة واحدة من التصنيف الرسمى الحالى.