نقلا عن : الاهرام المسائى 30/06/07 علم المصري القديم البشرية أن القراءة والكتابة ضرورة لحياة الإنسان كما الماء والهواء, وأنه بفضل الكتابة استطاعت الحضارات المصرية والبابلية والآشورية القديمة أن تحفظ للاجيال المقبلة ما قدمته تلك الحضارات من علوم وفنون وابتكارات. و في هذا المعني الذي لاتخطئه العيون, تتجدد الدعوة إلي القراءة التي ترعاها سنويا السيدة سوزان مبارك, خاصة وأن القراءة وسيلة للمعرفة والعلم والتأمل والحياة. وليس هناك شك في أن الشعوب والأمم التي تقرأ وتكتب أمم لا تموت أبدا ولا يتعرض تاريخها وماضيها للعبث من هذا أو ذاك كما أنها تتمتع بقدرات ابنائها الذين يستطيعون بالقراءة والعلم فهم التاريخ والوعي بدروسه. وقد أكدت السيدة سوزان مبارك هذا في كلمتها خلال الإعلان عن بدء الحملة القومية للقراءة للجميع في دورتها الجديدة التي ترفع شعار القراءة للحياة باعتبار أن الثقافة هي القاطرة الأولي للتقدم والنهوض بالمجتمع. ولأن الشعوب والأمم تستند إلي رصيدها الحضاري والثقافي كأساس للتقدم فلم يكن من الممكن لوطن عظيم كمصر بكل ما لديها من تراث حضاري أن تتخلف عن ركب الثورة المعرفية, خاصة وأننا نعيش عصر العلم والتكنولوجيا. ومن المؤكد أن مصر لم تشهد طوال تاريخها مشروعا استهدف تحقيق العدالة الثقافية, وتوزيع الثروات الفكرية والمعرفية بين الناس بالقدر والأسلوب الذي حققه مشروع مكتبة الأسرة حيث تم إصدار ما يزيد علي40 مليون نسخة كتاب ونشر ما يزيد علي ألف عنوان من أروع الاصدارات. هكذا أضافت مكتبة الأسرة لمشروع القراءة للجميع وأعادت للكاتب دوره وللكتاب مكانته وللناشر حماسه بل إنها أعادت للمكتبة وطنا.. من عرب المحمدي إلي محافظات ومدن وقري ومدارس مصر. ومن هنا يأتي مهرجان القراءة للجميع بمثابة دعوة لتقدم المجتمع من خلال الاطلاع والاستفادة من كل ما قدمته الثقافة المصرية من أعمال وكذلك التعرف علي ماقدمته الثقافات الأخري من أفكار وقيم وابتكارات واختراعات. المهم أن مصر الغنية بأبنائها هي اليوم أمام فرصة واعدة لاستثمار مناخ الحرية الذي تعيشه من أجل تفجير الطاقات الايجابية الكامنة في مجتمعنا وتلك هي عالمية الثقافة التي تحترم التنوع والتعدد, وتعلي من قيم التسامح والعدالة والسلام. وفي هذا الإطار ايضا سيظل المشروع الثقافي المصري مشروعا للنهضة والتقدم بشرط أن يواكب ما يشهده عالمنا من فرص وتحديات خصوصا أن الاستثمار في الثقافة هو من أهم أوجه استثمار رأس المال الإنساني والاجتماعي فائدة وقيمة. لذلك فإن الدعوة لكي تصبح القراءة سلوكا ومنهجا في حياتنا فان الحياة حياة الناس ذاتها تصبح مادة للبهجة والتسامح. والحقيقة أن الحملة القومية للقراءة للجميع نجحت في أن تجتذب إليها كل فئات المجتمع من مختلف الأعمار والطبقات لأنها اختارت الإنسان المصري هدفا وعنوانا لها.