نقلا عن الاهرام30/10/07 هناك قاعدة تقول إن الحرف التقليدية واليدوية هي وليدة الاحتياج العملي الذي يترجم في وظيفة نفعية في المجتمع فإذا توقفت أو تضاءلت هذه الوظيفة ضعفت الحرفة واختفي المنتج منها وهو ما ينطبق علي كل الحرف اليدوية والبيئية القديمة باستثناءات بسيطة مثل ما يستمر منها بعد تحوله إلي أغراض جديدة كالديكور والزينة. ومن هذه الحرف المشغولات النحاسية التي كانت في الفترات السابقة تستخدم في صناعة أدوات الطعام والشراب والكئوس والمباخر إضافة إلي الأسرة والنوافذ والأضرحة وأهلة المآذن والفوانيس ولكن ما هي الاستخدامات الحالية لهذه الصناعة الفريدة؟ وماذا يقول أصحابها؟ صابر رمضان أحد الأسطوات من صناع هذه المشغولات النحاسية يقول: لم تعد هذه الحرفة مربحة أو كافية لمتطلبات المعيشة خصوصا بالنسبة للصناع علي ما فيها من شقاء وتعب ولذلك فقد انصرف الشباب والصبية عن تعلمها ولم يبق سوي من لا يتقن أي مهنة غيرها وأنا شخصيا لو كان في يدي حرفة أخري لتركتها!! ولكني الآن لا أدري أين أذهب لو تركتها!! ويؤكد عبدالجواد محمود أن اندثار هذه المهنة وضعفها بدأ مع بداية التسعينيات بسبب حوادث الإرهاب الذي وصل قمته عام1997 بحادث تفجيرات الأقصر وضرب عددا من المواسم السياحية. وأدي إلي توقف بيع المشغولات النحاسية فضلا عن ارتفاع سعر النحاس نفسه الذي كان حتي عام1992 سعر الكيلو منه14 جنيها وصل اليوم إلي53 جنيها وهو ما أدي إلي ارتفاع سعر منتجاتنا فتراجعت حركة البيع. ويكشف رضا محمد أحمد أحد باعة هذه المشغولات بمنطقة الحسين عن أن ندرة النحاس الخام تزامنت مع فتح أبواب السوق في مصر علي مصراعيها للمنتجات الصينية المقلدة فتراجعت مبيعات منتجاتنا المصرية منه بنسبة50% مقارنة بالمبيعات قبل5 سنوات مضت ولم يبق لنا سوي السائح أو المشتري المصري الذي يقدر قيمتها.. وهم قليلون. أما سعد الحداد أحد الصناع فيقول: لقد تأثرنا بحادثة تفجيرات الأزهر الأخيرة خصوصا انه قد تم منع السياح من التجوال في منطقة النحاسين والجمالية حيث الورش والباعة خوفا علي أرواحهم. فخسرنا السائحين الذين كانوا بمثابة قدرة شرائية تساعدنا علي مواصلة الإنتاج فضلا عن امتناع الآباء عن تعليم أولادهم هذه الحرفة ولذلك فقد بدأت أعداد الورش تتناقص حتي لم يبق سوي25 ورشة تقريبا. وهو ما يؤكده حزنا الفنان والناقد التشكيلي عز الدين نجيب مدير عام الحرف التقليدية السابق بوزارة الثقافة مضيفا لا أعتقد أن عدد الباقين من هؤلاء الأسطوات المهرة يتجاوز المائة في مصر يتركزون في منطقتي الجمالية والدرب الأحمر. وعن المشروع الذي عمل مديرا له وتعليم الصبية وما خرج منهم قال: حاولنا إعادة هذا النشاط الذي بدأته وزارة الثقافة في عهد الدكتور ثروت عكاشة بتدريب جيل جديد ضمن مشروع الحرف التقليدية منذ عام1992 وحتي عام2000. ولكن بعد خروجي للمعاش توقف المشروع وأغلقت وكالة الغوري لترميمها ثم أعيد افتتاح مركز الحرف التقليدية في الفسطاط ولكنه ليس سوي تمثيل رمزي لكل حرفة ولا يزيد عدد المتعلمين فيه من الصبية علي عدد أصابع اليد الواحدة أما الأعجب فهو أنه تم إيقاف الأسطوات الذين كانوا يعلمون الصبية وإحلال مدربين أو خبراء أجانب من انجلترا لتدريب الحرفيين علي الحرف التقليدية المصرية!! وقال إن هذا الإجراء جاء ضمن مشروع اتفاقية مع مؤسسة الأمير تشارلز وهو ما يحتاج إلي تفسير من وزارة الثقافة ومسئوليها للإجابة عن السؤال هل هؤلاء الخبراء الأجانب أكثر دراية بهذه الحرف التقليدية من أسطواتها وصناعة الذين تشربوا بحكم انتمائهم الديني والجغرافي تفاصيل هذه الصناعات الدقيقة وروحها العربية والإسلامية المزيد من التحقيقات