نقيب الصحفيين: قرار الأوقاف بمنع تصوير الجنازات يعتدي على الدستور والقانون    بالصور.. توريد 300 ألف طن قمح إلى صوامع الوادي الجديد    لابيد: حكومة نتنياهو ستسقط ودولة إسرائيل ستنهض    علي السيد: الإعلام الإسرائيلى يروج أكاذيب عن مصر لإحداث بلبلة    تأزم موقف "أبها موسيماني" في الدوري السعودي بالسقوط بخماسية أمام الأهلي    «قلبي سيبقى في الأنفيلد دائمًا».. كلوب يُودع جمهور ليفربول بكلمات مؤئرة    نانت الفرنسي يستبعد مصطفى محمد من مباراة موناكو لرفضه ارتداء هذا القميص    اجتماع عاصف بين لابورتا وتشافي في برشلونة    نوران جوهر تتوج ببطولة CIB العالمية للإسكواش    بسبب الحر.. حريق يلتهم 3 حظائر ماشية بالمنوفية (صور)    رقصة رومانسية بين سامح يسري وابنته من حفل زفافها    أستاذ علوم فضاء تكشف تفاصيل العثور على نهر مفقود بجانب الأهرامات    دنيا وائل: «بحب أتكلم عن الوحدة في الأغاني واستعد لألبوم قريبًا» (فيديو)    تعرف علي حكم وشروط الأضحية 2024.. تفاصيل    «مش ميكروب».. حسام موافي يكشف العلاقة بين البطيخ والإسهال (فيديو)    واشنطن بوست: أوكرانيا تصارع الزمن قبل برد الشتاء لإصلاح شبكة الطاقة المدمرة    تفاصيل مسابقات بطولة البحر المتوسط فى الإسماعيلية بمشاركة 13 دولة    ميلان يتأخر أمام تورينو بثنائية في الشوط الأول بالدوري الإيطالي.. فيديو    فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي.. فيديو    السكة الحديد تعلن تشغيل قطارات إضافية استعدادا للعيد.. تبدأ 10 / 6 / 2024    الاتحاد الأوروبى يدين هجومًا استهدف أجانب فى أفغانستان    مالديف مصر بمرسى علم.. تعيش فيها عروس البحر والدلافين والسلاحف.. شوف الجمال    الإسكان: استكمال رصف محور كليوباترا الرابط بين برج العرب الجديدة والساحل الشمالى    أستاذ قانون عن عدم تقدم العرب بدعوى ضد إسرائيل في "العدل الدولية": تكتيك عربى    مكتب نتنياهو: إذا كان جانتس يفضل المصلحة الوطنية يجيب عن الأسئلة الثلاثة    4 أبراج أساتذة فى حل المشاكل العاطفية.. الجدى والحمل الأبرز    تنفيذ 31 قرار غلق وتشميع لمحال وحضانات ومراكز دروس خصوصية مخالفة    وزارة الحج: دخول السعودية بتأشيرة عمرة لا تمكن حاملها من أداء الحج    اشتباكات بالأيدي بين نواب البرلمان العراقي في جلسة انتخاب رئيس البرلمان    الأطعمة المصنعة السبب..الإفراط في الملح يقتل 10 آلاف شخص في أوروبا يوميا    صحتك بالدنيا.. لطلاب الإعدادية.. هدى أعصابك وزود تركيزك فى فترة الامتحانات بأطعمة مغذية.. وأخطاء غذائية شائعة تجنبها فى الموجة الحارة.. كيف تؤثر درجات الحرارة المرتفعة على قلبك؟.. طرق الوقاية    جامعة طنطا تعالج 6616 حالة بالقرى الأكثر احتياجا ضمن "حياة كريمة"    مطالبة برلمانية بكشف سبب نقص ألبان الأطفال    قبل مناقشته ب«النواب».. «الأطباء» ترسل اعتراضاتها على تأجير المستشفيات لرئيس المجلس    تراجع كبير في أسعار السيارات بالسوق المحلية.. يصل ل500 ألف جنيه    أدعية مستحبة خلال مناسك الحج.. تعرف عليها    رئيسا روسيا وكازاخستان يؤكدان مواصلة تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين    مدير «القاهرة للدراسات الاقتصادية»: الدولة تسعى لزيادة تمكين القطاع الخاص    وزير الأوقاف يوجه الشكر للرئيس السيسي لاهتمامه بعمارة بيوت الله    مهاجم الترجي السابق يوضح ل "مصراوي" نقاط قوة وضعف الأهلي    وزير التعليم: التكنولوجيا يجب أن تساعد وتتكامل مع البرنامج التعليمي    مصير تاليسكا من المشاركة ضد الهلال في نهائي كأس الملك    شركات السياحة تنهي استعدادها لانطلاق رحلات الحج    إطلاق أول صندوق للطوارئ للمصريين بالخارج قريبًا    نموذج إجابة امتحان اللغة العربية للصف الثالث الإعدادي محافظة الجيزة    وزير التعليم ومحافظ بورسعيد يعقدان اجتماعا مع القيادات التعليمية بالمحافظة    «الأوقاف» تفتتح 10 مساجد بعد تجديدها الجمعة المقبلة    هام لطلاب الثانوية العامة.. أجهزة إلكترونية ممنوع دخول لجان الامتحان بها    حبس المتهم بسرقة مبالغ مالية من داخل مسكن في الشيخ زايد    مصرع طفلة دهستها سيارة "لودر" في المرج    فيلم فاصل من اللحظات اللذيذة يحتل المرتبة الثالثة في شباك التذاكر    8 تعليمات مهمة من «النقل» لقائدي القطارات على خطوط السكة الحديد    محافظة القاهرة تنظم رحلة ل120 من ذوي القدرات الخاصة والطلبة المتفوقين لزيارة المناطق السياحية    مفتي الجمهورية: يجوز التبرع للمشروعات الوطنية    جهود قطاع أمن المنافذ بوزارة الداخلية خلال 24 ساعة فى مواجهة جرائم التهريب ومخالفات الإجراءات الجمركية    "الإسكان": غدا.. بدء تسليم أراضي بيت الوطن بالعبور    ما حكم الرقية بالقرآن الكريم؟.. دار الإفتاء تحسم الجدل: ينبغي الحذر من الدجالين    الفصائل الفلسطينية تعلن قتل 15 جنديا إسرائيليا فى حى التنور برفح جنوبى غزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سياسة الأجور وأسعار اللحوم
تحديد الأجور يقلل البطالة
نشر في أخبار مصر يوم 13 - 10 - 2009

"سيد بيه يا سيد بيه كيلو اللحمة بقي بجنيه" هتاف شهير يتذكره الجميع لاسيما وانه تردد أثناء مظاهرات الطلبة في ستينيات القرن الماضي‏،‏ ومنذ ذلك التاريخ‏،‏ أصبح الحديث عن الأجور يرتبط دائما بالحديث عن أسعار اللحوم‏، والغريب في الأمر أنه انتقل من الملعب السياسي إلي الاقتصاد فوجدنا العديد من الخبراء والباحثين يتبنون هذه المقولة‏،‏ وتلك الحسبة وكأنها مسلمة لايأتيها الباطل‏،‏ رغم ما بها من أخطاء كثيرة،‏ فمن البدهيات في علم الاقتصاد أن أسعار السلع تحدد وفقا لظروف العرض والطلب في المجتمع‏ وبعض الأمور الأخري المرتبطة بالسوق‏.‏
وبالتالي قد يتأثر سعر سلعة ما بقرار حكومي‏،‏ مما يؤدي إلي انخفاض أو ارتفاع أسعارها دون السلع الأخري،‏ وخير دليل علي ذلك ما يحدث الآن في سوق الدواجن مثلا نتيجة لانتشار إنفلونزا الطيور‏،‏ وكذلك المنتجات المرتبطة بلحوم الخنزير وغيرها‏.‏
وهو ما يحدث في سوق اللحوم‏،‏ نتيجة لارتباطه بعدة أمور منها أسعار العلف الحيواني،‏ وأوضاع المزارع وغيرها من المتغيرات‏،‏ وعلي سبيل المثال هل لو لسبب أو لآخر انخفضت أسعار اللحوم انخفاضا كبيرا‏،‏ بينما ارتفعت أسعار السلع الأخري بنفس النسبة‏،‏ هل سيكون ذلك أفضل للمواطن؟ إن الإجابة ستكون بالنفي‏،‏ وبالتالي لا يمكن بأي حال من الأحوال ربط الأجور بسعر سلعة معينة بالأسواق أيا كانت هذه السلعة أو قيمتها الغذائية،‏ ولذلك يتعامل علم الاقتصاد مع مسألة الأجور بصورة أكثر شمولا واتساعا‏، ويربط ذلك بالأوضاع المعيشية العامة‏،‏ والمستوي العام للأسعار في المجتمع‏،‏ أي معدل التضخم والإنتاجية‏،‏ وكذلك بعض العناصر التي يجب أن تؤخذ في الاعتبار عند تحديد هذا المستوي‏.‏
وهي‏:‏ احتياجات العمال وعائلاتهم مع مراعاة المستوي العام للأجور في المجتمع‏،‏ وتكاليف المعيشة وإعانات الضمان الاجتماعي ومستويات المعيشة بالنسبة للمجموعات الاجتماعية الأخري،‏ والعوامل الاقتصادية‏،‏ ومنها متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية ومستويات الإنتاجية والرغبة في بلوغ مستوي مرتفع من العمالة والحفاظ عليه‏،‏ هنا لابد من التأكيد علي ضرورة ألا يقتصر النظر إلي الأجور باعتبارها مجرد عنصر من عناصر التكاليف فحسب‏،‏ بل يجب أن يتعداه ليشمل النظر إليها باعتبارها مصدر الدخل الأساسي لقطاع عريض من المجتمع‏،‏ إذ تمثل زيادة الأجور أهم الطرق التي تستطيع بها الحكومات ضمان الحد الأدني من مستويات المعيشة اللائق لقطاعات لا بأس بها من السكان‏،‏ خاصة أن الأجور تعد المصدر الأساسي للإنفاق الاستهلاكي لقطاع عريض من المجتمع،‏ وبالتالي فهي تسهم في إنعاش الاقتصاد القومي‏،‏ وذلك في ضوء الميل المرتفع للاستهلاك لدي هذه الشريحة‏.‏
وهنا تجدر الإشارة إلي أن المناقشات الدائرة حول الحد الأدني للأجور تركز علي تأثيرها علي عملية إعادة هيكلة الاقتصاديات التي تمر بمرحلة تحول‏،‏ إذ يري البعض أن فرض حد أدني للأجور يؤدي إلي الإبطاء من عمليات تصحيح الأجور النسبية في المجتمع‏،‏ وإلي تشويه إشارات السوق خلال العملية الانتقالية،‏ وخير معبر لوجهة النظر هذه تقرير الحرية الاقتصادية في العالم‏،‏ والذي يري أن وضع حد أدني للأجور هو تعد علي الحرية الاقتصادية لأصحاب الأعمال‏،‏ الأمر الذي يقلل من الحوافز الخاصة بسوق العمل‏،‏ ويحد من التوسع في استخدام المزيد من العمالة‏،‏ وبالتالي يري هؤلاء أنه ينبغي علي الدولة أن تسمح لقوي السوق بتحديد الأجور حتي تتفادي المزيد من البطالة‏.‏
وللرد علي هذه الانتقادات نري أن أسواق العمل تختلف عن الأسواق الأخري نظرا لما تتسم به من خصوصية تكمن في كونها أسواقا غير تنافسية بصفة عامة‏،‏ بل قد تتسم بعدم التساوي في القوي بين أصحاب الأعمال والعمال‏،‏ ناهيك عن عدم مرونة أسواق العمل وصعوبة القدرة علي الحراك العالمي،‏ وعدم كفاية المعلومات‏،‏ وتولد هذه الظروف نتائج غير عادلة‏،‏ ولا تتسم بالكفاءة‏،‏ خاصة عندما يكون العمال في وضع ضعيف في المساومة‏، مما يجعل أصحاب الأعمال قادرين علي تخفيض الأجور‏،‏ أو إجبار العمال علي العمل في ظروف تتسم بالخطورة أو يمارسون التمييز ضد جماعات بعينها‏.‏
ولما كان الأصل الأساسي لدي الفقراء هو العمل‏،‏ باعتباره السبيل الوحيد أمامهم لكي يتغلبوا علي فقرهم‏،‏ فإن ذلك يعني قبل كل شئ إزالة التمييزات التي تميل لكبت عائدات العمل‏.‏
وبمعني آخر، فإن تدخل الحكومات عموما يحدث عندما تعجز أسواق العمل عن أداء المهام المنوطة بها وذلك إما بسبب القوة غير المتكافئة بالأسواق أو عدم كفاية المعلومات،‏ وتستجيب الحكومات لهذه الأسباب ب3 طرق‏،‏ إما بوضع ترتيبات غير رسمية أو بتمكين النقابات من المساومة باسم العمال أو بالتدخل المباشر عن طريق التشريع‏،‏ كما يجب الحرص علي أن يتم العمل في ظروف تضمن المساواة والحماية،‏ وهو ما تطلق عليه منظمة العمل الدولية العمل اللائق والذي يشترط فيه أن يدر دخلا عادلا وأمانا في مكان العمل وحماية اجتماعية للأسر‏،‏ وآفاقا أفضل للتنمية الذاتية للأفراد وكذلك الاندماج في المجتمع‏،‏ ويمكن للتحول نحو سوق للعمل أقل تشوها وأكثر اتساما بالطابع الرسمي أن يعمل كآلية لتحقيق التكافؤ‏،‏ وهكذا وفي ظل عدم وجود نواقص في السوق‏،‏ مثل التمييز‏،‏ فإن سوق العمل بأجر يضمن حصول العاملين ذوي الإنتاجية المتماثلة والذين يعملون في وظائف متساوية علي أجور مماثلة‏،‏ صحيح أن الأجور تتفاوت فعلا بالنسبة للمهام المختلفة والمحددة بمهن معينة ولكنها لا تعكس الإجابة بصورة مباشرة‏،‏ وتعكس الفروق في الأجور بين الأفراد إلي حد كبير اختلاف ظروف العمل أو اشتراطات الوفة‏،‏ بل حتي مع أخذ هذه الظروف بعين الاعتبار يكون هناك قدر من الاختلاف في الأجور لبعض الأمور الأخري مثل سياسة التمييز في المعاملة أو غير ذلك من أشكال فشل السوق‏.‏
ويتوقف تأثير الحد الأدني للأجور‏،‏ من نتائج إيجابية أو سلبية‏،‏ في قدرته علي التأثير علي فرص العمل والإنتاجية‏،‏ وبمعني آخر فإن سياسات الحد الأدني للأجور يجب أن تتسم بالكفاءة والمرونة‏،‏ أي أن تحديدا لمستوي معين كحد أدني للأجر يجب أن يتمتع بقدر عال من المرونة عبر أنواع العمل بما يلائم مختلف مرونات العرض والطلب علي العمل،‏ وهذا لن يتحقق إلا عندما تكون أسواق المنتجات تنافسية‏،‏ وكذلك عندما تتوافر لترتيبات التفاوض الجماعية والمؤسسية‏،‏ المرونة الكافية في التعامل مع مختلف الظروف‏،‏ ناهيك عن ضرورة ضمان الالتزام بقوانين العمل وتنظيماته وتوفير التأمين ضد الصدمات‏.‏
وتأتي أهمية هذه المسألة في ضوء الواقع المعيشي‏،‏ الذي أضحت فيه أسواق العمل غير الرسمية تلعب دورا مهما في هذا المجال‏،‏ خاصة أن هذه الاشتراطات لا تطبق إلا علي القطاع الرسمي‏.‏
وتدلنا الإحصاءات المصرية علي أن الوضع الراهن لا يمكن أن يستمر إلا إذا تعاملنا معه من منظور تنموي‏،‏ وذلك بالعمل علي زيادة الأجور والمرتبات وإعادة النظر في الحوافز وبدلات العمل،‏ وضرورة العمل علي وضع حد أدني حقيقي للأجور،‏ يتناسب مع مستويات المعيشة‏،‏ ويتحرك سنويا وفقا لمعدلات التضخم‏.‏
نقلا عن صحيفة الأهرام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.