الأخبار 26/12/2007 لا يمكن وصف ما أحاط بانهيار عمارة الاسكندرية سوي أنه تجسيد لأقصي حالات التسيب وأعلي معدلات الاهمال في الحفاظ علي أرواح المواطنين. ليس مقبولا بأي حال تبرير هذه الكارثة بعدم تنفيذ القرارات الصادرة بتنكيس واخلاء العمارة. ليس من تفسير لذلك سوي انه تقصير بيٌن وخطير من جانب أجهزة المحافظة والحي في القيام بواجباتها ومسئولياتها. إن ما حدث يعكس حالة عدم المبالاة السائدة بين المسئولين في أجهزة المحليات والتي يعود جانب أساسي منها للفساد المستشري إلي درجة التوحش. وفقا للتصريحات الصادرة فإن ملابسات الحادث تقود إلي أن هناك تراخي في الاجراءات وفي القوانين التي تتعامل مع أوجه القصور والاهمال والتسيب وهو ما يؤدي إلي مثل هذه الكوارث التي تتكرر من وقت لآخر لتحتل مساحة هائلة من حياتنا اليومية. لقد تعودنا أن يكون رد فعلنا علي هذه المصائب.. الصراخ والعويل وكما هائلا من التصريحات الصحفية بالاضافة إلي اجراء التحقيقات التي تنتهي إلي لا شيء ودون مواجهة حاسمة للأسباب الحقيقية . الجانب الاكبر منها يتركز في تقاعس الأجهزة المسئولة عن القيام بواجباتها. من المؤكد أنه لو قام كل مسئول في هذه الأجهزة بمسئوليات وظيفته بما يرضي الله وضميره لما تكررت هذه الفواجع المؤلمة. كيف بالله يسمح لأصحاب هذه العمارة بتعليتها دون أن تكون هناك دراسة هندسية جدية لإمكاناتها الإنشائية وقدرتها علي تحمل هذه الأحمال البنائية الجديدة؟ وكيف تسمح الادارة الهندسية بالحي بعمليات هدم في الطابق الأول دون شهادة هندسية سليمة وشفافية تسمح بذلك؟ الغريب بل والمثير ان تنشر الصحف أمس علي لسان الدكتورة أميمة صلاح الدين رئيس الجهاز الفني لأعمال البناء بوزارة الاسكان ان العمارة المنهارة قد تم بناؤها منذ 25 عاما بدون ترخيص وصدر بشأنها قرار إزالة عام 1982 وقرارات بالترميم عام 1999 وعام 2002 ولكن لم يتم تنفيذ أي منها!! هل هذا يمكن أن يحدث في أي دولة تديرها مؤسسات وتحكمها قوانين؟ أين دور هذه المؤسسات ولماذا تتعطل القوانين التي يأتي علي رأس أهدافها الحفاظ علي أرواح المواطنين؟ليس خافيا علي أحد وجود اخطاء ومقومات فساد سواء في عمل هذه المؤسسات أو في عملية تطبيق هذه القوانين وأحكامها. ألا تدعونا كثافة هذه الكوارث التي تدهمنا من وقت لآخر إلي جدية البحث عما هو ورائها وما قد يترتب عليها من آثار سلبية تهدد كل جوانب حياتنا. لاجدال أن غياب الحسم والحزم في مواجهة نواقصنا الأخلاقية والضميرية بالاضافة الي انعدام الانضباط هو من أسباب تكرار مصائبنا وكوارثنا. لا خروج من هذا النفق المظلم الا بانزال عقاب الله الشديد علي من اتسم سلوكه بالفساد والاجرام اذا كنا حقا نسعي الي تجنب الكثير من الشرور التي تدمي القلوب.