الحمة القلاعية..وبريطانيا اكبر المتضررين انفلونزا الطيور..فيروس اسيوي انفلونزا الخنازير..ولطمة جديدة للتجارة العالمية أعدت التقرير: ياسمين سنبل في الوقت الذي تتعالى فيه الانتقادات ضد الدول التي تتبع اجراءات حمائية، ظهر فيروس انفلونزا الخنازير ليزيد خسائر الاقتصاد العالمي العليل، ولينضم الى قائمة الاوبئة والامراض التي تسببت في عرقلة اتفاقيات تجارية بين البلدان، والتي دائما ما تقصد البلدان الاكثر تقدما وتضرب اقتصاداتها بقوة. جنون البقر في بادىء الامر ظهر مرض "جنون البقر" - اعتلال الدماغ الإسفنجي- في بريطانيا عام 1995، وادى الى ذبح 6.5 مليون من رؤوس الماشية، ووفاة أكثر 27 شخصا. في اعقاب ذلك، سارعت عدة بلدان لفرض قيود على واردات اللحوم من بريطانيا، مما تسبب في تكبد المملكة خسائر كبيرة تخطت 80 مليار دولار. ولكن الامر لم يقف عند هذا الحد، بل ان الوباء امتد من بريطانيا الى اوروبا ومنها الى الولاياتالمتحدةالامريكية. فحظرت كندا وارداتها من البرازيل لفترة لم تتعد الشهر بسبب مخاوف تتعلق بجنون البقر ، ثم تبعتها الولاياتالمتحدةوالمكسيك شريكا كندا في اتفاقية التجارة الحرة لامريكا الشمالية (نافتا). وعقب ظهور اول حالة في الولاياتالمتحدة ، حظرت اليابان -اكبر مستورد للحوم البقر الامريكية - والتي تبلغ 240،000 طن بحوالي1.4 مليار دولار - استيراد اللحوم الامريكية، وتبعتها كوريا الجنوبية، والصين، وكوريا الشمالية، وسنغافورة، وكندا و65 دولة اخرى، الامر الذي اعتبر ضربة قاسية لصناعة اللحوم الأمريكية التي تبلغ قيمتها 27 مليار دولار. اعدمت بريطانيا 6.5 مليون من رؤوس الماشية لديها وبعد ان كانت كندا ضمن الدول التي منعت اللحوم الامريكية انضمت الى قائمة الدول المصابة بالفيروس، ليطالها ما طال امريكا وبريطانيا من حظر للحومها البقرية، وخاصة من قبل كوريا الجنوبية - التي تعد رابع أكبر دولة مستورده للحوم الأبقارالكندية- مما تسسب في خسائر فادحة ، للبلد التي كانت صادراتها من اللحوم عام 2002 تقدر بنحو 16 ألفا و400 طن بقيمة 37.4 مليون دولار. وبالرغم من انهاء الحظر في بعض الدول ، الا ان القرار ما يزال ساري حتى الان في دول مثل كوريا الجنوبية، حيث تجرى في الوقت الحالي مفاوضات ثنائية بعد ان تقدمت كندا بطلب إلى منظمة التجارة العالمية لمراجعة الحظر الذي تفرضه كوريا الشمالية على اللحوم الكندية. وفي عام 2006 اكدت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة ان حالات الإصابة بمرض جنون البقر في مختلف أرجاء العالم في طريقها الى التضاؤل، مع تراجع الاصابة بالوباء حوالي 50 % مقارنة بالأعوام الثلاثة الأخيرة. ودللت على ذلك، بان مرض جنون البقر تسبب في نفوق 474 حيوانا في عام 2005، مقابل 878 حالة في عام 2004 و 1646 حالة في عام 2003، بالاضافة الى عشرات الألوف من الحيوانات في عام 1992في مختلف أرجاء العالم. الحمة القلاعية..وبريطانيا اكبر المتضررين الحمى القلاعية كبدت بريطانيا 30 مليار دولار وفي فبراير / شباط 2001 اطل علينا وباء اخر وهو الحمة القلاعية - المعروف بأبو لسان- قادما من بريطانيا، ثم امتد الى فرنسا -التي اعدمت50 الف حيوان، والارجنتين- احد اكبر مصدري اللحوم- وتفشي في دول كثيرة بالاتحاد الاوروبي، مما ادى الى تجميد صادرات اللحوم الى عشرات الدول الاخرى. وفي مقدمة الدول التي حظرت استيراد اللحوم من الاتحاد الاوروبي، الولاياتالمتحدةالامريكية - مما أثر على تجارة يقدر حجمها بنحو 278 مليون دولار. ثم اعلنت بعض دول شمال افريقيا، ووسط اوروبا ايضا تقييد وارداتها من الحبوب من بريطانيا، وربما من دول اخرى من الاتحاد الاوروبي مثل فرنسا بسبب مخاوف تتعلق بالحمى القلاعية. وتعد بريطانيا اكثر الدول تضررا جراء هذا المرض - الذي كبدها اكثر من 30 مليار دولار- نتيجة زيادة عدد الدول التي فرضت حظراً على منتجاتها الحيوانية. وانتقل الفيروس الى الصين وتايوان، وتركيا، وايران، وباكستان، ولم تكن الدول العربية بمأمن منه ، فقد داهم المرض بعضها مثل مصر، البحرين، والكويت، ولبنان - التي تقدر خسائرها ب 15 مليون دولار سنويا- ، فضلا عن السعودية، والعراق. وفي اجراء احترازي، فرضت الكويت حظراً مؤقتا على استيراد اللحوم البقرية من الصين،عدا اللحوم المشفاة، وايضا اللحوم البريطانية والتي رفعت الحظر عنها مؤخرا. كما حذت الامارات العربية حذو نظيرتها الخليجية، ومنعت استيراد اللحوم ومنتجات الالبان المصرية، ولكن بعد مفاوضات صرح المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة المصري في 18 من مايو/ايار 2009 ان الامارات قررت رفع الحظر الذى كان مفروضا على دخول منتجات الألبان المصرية إلى السوق الإماراتية. وفي 9 مايو/ايار 2009 أقرّت اللجنة الأوروبية المختصة بالحمّى القلاعية، لدى منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، خطة لمكافحة المرض عربياً بعد انتشاره في 14 دولة عربية، وتهدف هذه الخطة الى التخلص منه نهائياً في حدود عام 2020 لدى هذه المجموعة من البلدان. انفلونزا الطيور..فيروس اسيوي وفي الوقت الذي اكتسبت فيه اللحوم البيضاء متمثلة في الدجاج والاسماك ثقة المستهلكين الذين اصابهم الزعر من الامراض السالف ذكرها التي اصابت اللحوم الحمراء داهم العالم خلال عامي 2006/2005 فيروس انفلونزا الطيور " اتش 5 إن 1 " قادما من دول جنوب شرق آسيا ، وتكبد بسببه الاقتصاد الآسيوي أكثر من 60 مليار دولار. وتسبب المرض - الذي انتشر في 62 بلدا - في اعدام ونفوق ما لايقل عن 200 مليون طائر حول العالم - من اصل 10 مليار طائر- ، فضلا عن 407 اصابة بشرية، و 254 وفاة حتى 20 مارس 2009. H5N1 قضى على 200 مليون طائر وحال تفشي " اتش 5 إن 1 " في بعض البلدان، اتجهت دول لحظر استيراد الدواجن، فأعلنت المفوضية الأوروبية تعليق جميع الواردات التركية من الدواجن الحية أو ريش الطيور بعد ظهور حالة في احدى مزارعها. واتبعت دول الخليج خطى المفوضية الاوروبية، وحظرت استيراد منتجات الدواجن دول شرق آسيا، وبعض دول أمريكا اللاتينية، وايضاً بعض الدول الافريقية التي سرعان ما انتقل الى بعضها الوباء مثل مصر، ونيجيريا، والنيجر، والكاميرون، وحسبماذكرت احصاءات منظمة الصحة العالمية فأن 60 بلداً في آسيا وأوروبا وإفريقيا قد تضررت بإنفلونزا الطيور منذ عام 2003 . وتسبب حظر الصادرات في اضرار كبيرة لصناعة الدواجن بجنوب شرق اسيا - التي تمثل نحو ربع التجارة العالمية للدواجن- وبالاخص تايلاند حيث تعتمد هذه الصناعة اعتماداً شديداً على التجارة ، ففي عام 2003 شكلت صادرات الدواجن من تايلاند ما يقرب من 7 % من تجارة لحوم الدواجن العالمية، وبصادرات بلغت قيمتها نحو مليار دولار. وفي اثر سلبي ل" اتش 5 إن 1 "، تراجع اقبال المستهلكين على الدواجن، وهو الامر الذي من شانه ان يهدد الامن الغذائي خاصة لمحدودي الدخل الذين يعتمدون على الدواجن والبيض كمصدر للبروتين غير مكلف. ولمكافحة الفيروس جمعت منظمة الصحة العالمية تبرعات وصل حجمها الى 261 مليار دولار حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2008 . انفلونزا الخنازير..ولطمة جديدة للتجارة العالمية انفلونزا الخنازير تهديد جديد للاقتصاد الامريكي العليل مؤخرا، داهم العالم فيروس انفلونزا الخنازير " H1N1 " الذي اكتشف اولا في المكسيك ثم امتد الى الولاياتالمتحدةوكندا واسبانيا ودول اخرى، واصاب 938 شخصا، واودى بحياة 79 شخصا في 33 بلدا - حسبما احصاءات منظمة الصحة العالمية-. ودفع تفشي " H1N1 " دولا عديدة الى اتخاذ اجراءات حمائية تجاه واردتها من البورك، مما اثار احتمال ان يضيف المرض لطمة اخرى للتجارة العالمية المتعثرة من خلال تطبيق سياسات للحماية التجارية. فحظرت الصين -وهي أكبر مستهلك للحوم الخنزير في العالم- واردات الخنازير الحية ولحومها من المكسيك وولايات تكساس وكاليفورنيا وكانساس الامريكية. واتبعت روسيا خطى نظيرتها الاسيوية ومنعت استيراد لحوم الخنزير من المكسيك - بؤرة تفشي المرض- ومن الولاياتالمتحدة ، كما حظرت الامارات العربية المتحدة استيراد منتجات الخنازير من المكسيكوالولاياتالمتحدة. وتعد أمريكا اكثر الدول تضررا من هذه الاجراءات الحمائية، حيث تستحوذ على 75% من صادرات لحوم الخنازير وتصدرها الى 103 دولة في مقدمتهم كنداوالمكسيكواليابان، وقدرت صادرتها من البورك عام 2007 بأكثر من 300 مليون دولار، ولكنها ارجأت تقدير حجم الخسائر التي سيخلفها الفيروس للبلاد. اما المكسيك- كبري الموردين- كشفت عن تكبدها خسائر جراء تفشي مرض انفلونزا الخنازير بلغت حتى الان حوالي 2.3 مليار دولار، مما تسبب في تراجع الاقتصاد الوطني بمعدل 0.3% ، . اتفاقية "نافتا" تواجه انتقادات حادة وفي الآونة الأخيرة مع تفشي فيروس" انفلونزا الخنازير"، ظهر على السطح موجة من الانتقادات لاتفاقية "نافتا" للتجارة الحرة تتهم فيه المزارع الامريكية، التي انتشرت بالمكسيك عقب الاتفاقية بانها وراء انتقال الوباء الى الاراضي اللاتينية، لغياب الرقابة والاهمال. وساقت احد المواقع اللاتينية مثلا بشركة " كاول رانشيس" بالمكسيك - التابعة ل"سميث فيلد كبرى شركات انتاج لحوم الخنازير في العالم - والتي تذبح 800 الف راس في العام، الا انها تفتقر وجود محطة معالجة مياه للصرف الصحي، وهو الامر الذي يهدد بانتشار اوبئة. وعلى الجانب الاخر ايضاً، ظهرت مطالب باغلاق الحدود مع المكسيك، الا ان الرئيس الامريكي باراك اوباما رفض هذا الاختيار، قائلا "إغلاق الحدود الدولية في حالة الطوارئ الحالية وسيكون رد فعل مبالغ فيه." يذكر ان الولاياتالمتحدة وقعت مع وكنداوالمكسيك اتفاقية تجارة حرة "نافتا" عام 1994، بموجبها خفضت الاخيرة التعريفة الجمركية على واردات اللحوم الامريكية بنسبة 25%. ووفقا لغرفة التجارة الامريكية ، فان حجم الصادرات الامريكية الى المكسيك بين عامي 1993 و 2007 زاد 228 % ليصل الى 137 مليار دولار في عام 2007 ، كما صعدت الواردات من المكسيك بنسبة 444% الى 210 مليار دولار. اما حصيلة التجارة الثلاثية بين كنداوالولاياتالمتحدةوالمكسيك في عام 2007 فقد بلغت قيمتها الاجمالية 945 مليار دولار، والتي تترجم الى 2.6 مليار دولار في مجال التجارة في كل يوم تقريبا. ويعد اغلاق الحدود هزيمة مدوية لاتفاقيات التجارة الحرة التي تربط اقتصادات كنداوالولاياتالمتحدة، والمكسيك المتشابكة للغاية والمعتمدة على بعضها البعض. من جهتها، تتوقع منظمة التجارة العالمية ان يتسبب الفيروس في خسائر كبيرة لمبيعات لحم الخنزير، والذي تبلغ قيمة تجارته العالمية نحو 25 مليار دولار سنويا، ويعد الاتحاد الاوروبي، والولاياتالمتحدة، وكندا، والبرازيل اكبر مصدريه، بينما تمثل اليابان، والاتحاد الاوروبي، وروسيا، والمكسيك اكبر المستوردين. جدير بالذكر ان قواعد منظمة التجارة العالمية تتيح للدول تعليق الواردات الغذائية لاسباب الصحة والسلامة لكن يتعين عليها ان تخطر الدول الاخرى من خلال المنظمة، حيث تستمر الامراض والاوبئة في تدمير جميع الاتفاقيات.